استوردنا كعرب ومسلمين من دول أميركا اللاتينية منهاجية الأنظمة العسكرية القمعية، وأضفنا إليها كإبداع طاغوتي عربي فريد ظاهرة المقابر الجماعية والهزائم العسكرية وإشعال الحروب الأهلية بين مكونات الأوطان، ومسميات مضحكة مثل «القائد الضرورة» و«النكبة» واختها الشقيقة «النكسة» وأمهم «أم المعارك» وخالتهم «أم الحواسم»، وبقية عائلة «أم الهزائم» الشهيرة.
***
ما لم نستورده منهم العناية الشديدة بالبيئة والجبال والأنهار والبحيرات، وبالمدن التي هي أقرب للمدن الأوروبية في جمالها واتساع ونظافة شوارعها والعناية بمبانيها القديمة التي تلفت الأنظار بأصباغها الزاهية الجديدة، تماما كما تلفت الأنظار مباني عواصم حضارتنا العربية بوشاحها الغباري الأدعم ونقابها الكربوني الأسود.
ومواصلاتهم العامة غاية في النظام والنظافة فلا «شعبطة» ولا جري خلفها، ولا تحمل فوق سقفها ضعف ما تحمل داخلها، وتكاسيهم جديدة ومكيفة وبالعداد ولا يجعلك سائقها تلف لمدة ساعتين للوصول لمشوار الدقيقتين، كما يحدث في عواصم بلداننا المعطاءة، وما يحتل مساحات كبيرة من مدنهم هو الحدائق الغناء الخضراء لا تجمعات الذباب والقاذورات المسماة العشوائيات ولا يقل مستوى محلاتهم التجارية عن مثيلاتها في أوروبا والولايات المتحدة.
***
آخر محطة: (1) من الظلم بمكان أن تتساوى دول أميركا اللاتينية مثل البرازيل والأرجنتين وتشيلي التي تسمى بدول العالم الثالث مع عواصم حواضرنا التي تصح تسميتها بدول العالم الثالث.. بعد المائة!