لم أفهم من التصريحات الحكومية عن استعدادات الدولة لتداعيات الضربة الأميركية المحتملة ضد نظام بشار غير أنها نوع من البهرجة السياسية لن تقدم ولن تؤخر شيئاً على الأرض، فما هي استعداداتنا في الكويت وكيف نتصورها غير مزيد من العسكر لحماية المنشآت، أو توقيف السيارات في الشوارع العامة لتفتيش هويات خلق الله على الطريقة "الفتاحية" (نسبة إلى اللواء عبدالفتاح العلي)، أو "تسفير" بعض المقيمين ومنع زيارات آخرين لأي شبهات حول مواقف دولهم، أما غير ذلك فلا أتصور أن في عقل السلطة الحصيفة جديداً يمكن أن تضيفه إلى استعداداتها الكبرى، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه، وياليت سلطتنا تعرف قدر نفسها.
ما يظهر بصورة قاطعة من تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومن أقوال رئيسه أوباما أن الضربة المتوقعة لن تطيح نظام بشار، ولن تكون حاسمة في تغيير ميزان القوى لمصلحة المعارضة السورية المفتتة. هي صفعة تأديب لنظام بشار الذي ارتكب جرائم إبادة جماعية ضد شعبه، وهي محاولة لجره نحو طاولة المفاوضات من ناحية أخرى، وهي تأكيد وتذكير بالهيبة الأميركية التي تآكلت كثيراً في عهد أوباما المتردد، مثلما كتب عدد من المحللين الغربيين. الضربة لن تكون مجدية ما لم تُصِبْ مفاصل القوة لنظام الأسد، كما قرر ديفيد غاردنر في "الفايننشال تايمز" مع الإبقاء على قدر ثابت من تماسك الجيش السوري، حتى لا يكون مصير سورية مثل مصير العراق بعد أن حل بريمر الجيش العراقي، وترك العراق نهباً لحروب الطوائف والتفجيرات الانتحارية للباحثين عن الخلافة الإسلامية في الدنيا والمتطلعين إلى بنات الحور العين في الآخرة.
هنا يمكن التوقف مع ما "كان" يجب فعله من السلطة قبل حديث اليوم عن "استعدادات" الهيبة للدولة، فقد كانت المساعدات والدعم المادي والتطوع الجهادي تجرى بصورة علنية في الكويت للجماعات المتطرفة المرتبطة مع تنظيم القاعدة مثل جبهة النصرة وغيرها من الجماعات الغارقة في تصفيات دموية ضد العلويين والطائفة المسيحية السورية وإقامة مسالخ متنقلة للمختلفين معها من السُّنَّة، حتى أصبح بالإمكان أن نخشى أن يكون حال الأبرياء في سورية كالمستجير من رمضاء الأسد بنار جبهة النصرة ومن هم على شاكلتها، فماذا فعلت السلطة الكويتية في ذلك الوقت؟! لم تفعل شيئاً، كانت مشغولة بمراسيم الضرورة وملاحقة المعارضة الداخلية، وفي ما بعد، رقصت فرحاً بعد الإطاحة بنظام مرسي الشرعي، وسارعت إلى الدعم المالي للنظام العسكري في ثوبه الجديد، متناسية أن مثل "الاعتدال" النسبي للإخوان الذين تمت الإطاحة بهم يمكن أن يكون "مصدة" واقعية للتطرف الديني في المنطقة… وأن التطرف الطائفي والهوس الديني خرجا من الخيم الثلاث المتمثلة في الجهل الثقافي والبؤس الاقتصادي وأنظمة حكم عسكرية مستبدة، فهل تصورت حكومتنا، ومعها بعض حكومات دول الخليج، مثل ذلك السيناريو، أم أنها كانت مهمومة بوضع خطط قبر التغيرات السياسية في المنطقة؟!… فعن أي استعدادات تتحدث حكومتنا اليوم؟!… "يحليلكم"!
الشهر: سبتمبر 2013
الحل في العلمانية
“>
تتزايد يوما عن يوم مشاكلنا، ومنذ نصف قرن على الأقل، من دون توقف محليا او على مستوى المنطقة، ولا يبدو أن أحدا لديه بصيص أمل بأن الوضع سيتحسن في القريب العاجل! ولو نظرنا بقليل من العمق لوجدنا ان جهلنا وتعصبنا سبب غالبية هذه المشاكل، وهما اللذان جرا القوى الأخرى للتدخل في أمورنا أو مساعدتنا في حلها، ومؤتمر العقير وغيرها من المؤتمرات خير شاهد! والمؤسف أن نجد أن التعصب الديني لعب دائما دورا بارزا في خلق غالبية مشاكلنا. وبالتالي فإن أول خطوة للتقليل من حجم وكم مشاكلنا تكمن في فصل الدين عن الدولة، فكل فريق اليوم يعتقد أنه الأفضل، إما لأنه الأغلبية، والحق معه، أو لأنه أقلية، وعليه الدفاع عن حقوقه، إن باللجوء للصراع المسلح أو بالاستعانة بقوى خارجية، التي بإمكانها مساعدته!
يقول الكاتب العراقي عادل حبه، إن العلمانية مفردة مشتقة من كلمة «سكولوم» اللاتينية، وتعني الدنيا والحياة الدنيوية، أو الحياة على الأرض. ولقد استخدم تعبير العلمانية لأول مرة في عام 1648 في معاهدة «ويستفاليا» الأوروبية، التي تم على اثرها انتقال ملكية أراضي الكنيسة لسلطة المجتمع المدني. ومنذ يومها اعتمد واضعو دستور الولايات المتحدة الأميركية، بعد استقلالها عن بريطانيا. كما سارت فرنسا، منذ ثورتها عام 1789، على مبدأ العلمانية، ولا تزال. كما استُخد.مت مفردة «لائيزم»، أي الدنيوية، في الصراع الذي خاضه الشعب الفرنسي في القرن 19 من أجل الفصل بين المجتمع المدني والمجتمع الديني. ويعتبر كلا المفهومين الآن، أي العلمانية واللائية، مفهوماً حقوقياً وتشريعياً وسياسياً واحداً. وأصبحت العلمانية جزءاً مهماً من أركان الديموقراطية والحرية، بل هي جزء لا يتجزأ من الاثنتين. ففكرة العلمانية أكدت أن تشكيل الحكومة والتشريع وسن القوانين هي حق الشعب الذي لا ينازعه فيه أحد. ولم يعد للتشبث بالدين أو بأي حجة أخرى غير إرادة الشعب وخياره أي تأثير في الحكم طبقاً لمفهوم العلمانية. ومكنت الديموقراطية، التي تحققت على مراحل في أوروبا والولايات المتحدة، العلمانيين من تحديث مختلف مؤسسات الدولة القضائية والتعليمية، وأضفوا عليها هوية غير دينية وأبعدوا سلطة الكنيسة عن هذه المؤسسات. وهذا ما لعب دوراً مؤثراً في تطوير العملية الديموقراطية وترسيخها في هذا الجزء من العالم. وبناء على هذا المفهوم لا يمكن اعتبار أي نظام دكتاتوري قمعي، بمجرد إعلانه فصل الدين عن الدولة، نظاماً علمانياً ولائياً. فالأنظمة الفاشية التي استقرت في أوروبا في النصف الأول من القرن العشرين وعشرات الانقلابات العسكرية التي جرت في بلدان العالم الثالث، ومنها العراق، رغم أنها كانت انظمة غير دينية، وأحياناً معادية للدين، إلاّ أنها كانت أنظمة اعتمدت ايديولوجيا معادية للديموقراطية ولا يمكن اعتبارها بالتالي انظمة علمانية. فالعلمانية لا تعني العداء للدين وإلغاءه، ولا تحرم المواطن من حرية الايمان والعقيدة ولا تفرض قسراً ايديولوجية بعينها على المجتمع، على خلاف الأنظمة الفاشية والدكتاتورية. ومن هنا نجد أن العلمانية هي الحل الأمثل والحاسم لممارسة الحرية الدينية وحرية المعتقد، لأنها تضمن أمن الأفراد في المجتمع وحريتهم بغض النظر عن دينهم ومذهبهم. فالعلمانية تحد من طموح وسلوك أي تيار ديني أو مذهبي لفرض رؤياه وفكره وسلطته على الآخرين، أو التمييز أو القهر ضد اتباع التيارات الدينية أو المذهبية الأخرى بذريعة الأكثرية التي يتمتع بها هذا التيار أو المكون الديني أو المذهبي في المجتمع. والغريب أو ربما المضحك أن الجماعات الدينية المتطرفة لدينا تطالب نظام الحكم في إيران بعدم فرض رؤاه وفكره على الأقليات غير الشيعية، ولكنها لا تمانع في قيام أنظمتها بفرض رؤاها على أتباع الأقليات لديها، ومنهم الشيعة، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
إنها الحرب على الإسلام
قد يظن البعض ان ما يجري اليوم على الساحة الدولية هو مواجهة بين تيار وتيار مضاد، ولتقريب المعنى قد يُظَن ان المواجهة في مصر اليوم بين تيار الاخوان المسلمين وبين حكومة العسكر! وأريد أن أؤكد ان ما نراه اليوم هو مواجهة شرسة من حكومات جائرة تدعمها تيارات علمانية وتوجهات ليبرالية ضد الدين الاسلامي والفكرة الاسلامية والتوجه الاسلامي، وما محاولة تصويره بانه مواجهة بين تيارات وحكومات مدنية وبين تيار الاخوان المسلمين الا محاولة لتحجيم الموضوع وحصره في اطار حزبي ضيق يقصد منه منع عالمية القضية وانتشارها الاقليمي، الذي ان حدث فسيخرج الامر عن نطاق السيطرة. وما احداث مصر الا حلقة من سلسلة طويلة في مشروع مواجهة الاسلام ومحاربته في جميع الاحوال.
لقد شاهد العالم أجمع عبر قناة «الجزيرة» الملايين التي طلعت في جمعة الحسم الاخيرة والتي غاب عنهم قادة الاخوان المسلمين، ولكن الشعب المصري المتدين وجميع التيارات المحافظة شاركوا بقوة في جميع الميادين، وبالملايين. ومع هذا، تمت مواجهة المحتجين بقوة وعنف من قبل الجيش والشرطة، مما يؤكد ان الفكرة الاسلامية والتوجه الديني هما اللذان تتم مواجهتهما في مصر اليوم. ولعل اوضح دليل على ما نقول ما أعلنته سلطة الانقلاب على لسان لجنة تعديل الدستور المعطل من انه تم تغيير عدد من المواد التي تتحدث عن الدين والتوجه العام للدولة وتأكيد علمانية مصر! كما سمعنا ما قاله عدد من قادة الانقلاب العسكري ومناصريهم من ان مظاهر الاسلام لن نشاهدها بعد اليوم في مصر! وهذا ما يحدث اليوم، حيث القتل والسجن والمطاردة على الهوية وعلى الشكل والهيئة! والذي يتابع كتابات العلمانيين يجدها تعبر عن فرحتهم بانتهاء عصر الدولة الدينية بعد القضاء على الاخوان! ولعل الحملة الاعلامية الكبيرة التي بدأتها اسرائيل بالامس في اوروبا واميركا والتي اعلنت اسرائيل انها تهدف الى تسويق الانقلاب العسكري وتسويق شخصية الفريق السيسي وحشد التأييد لدعم حكومة الانقلاب والتحذير من ان عودة الاخوان للحكم تعني عودة الاسلام السياسي، وهو ما تخاف منه اسرائيل، كل هذا يؤكد على ان الحرب التي نشاهدها اليوم هي حرب على الدين وليست حربا بين تيارين او فصيلين.
والحرب على الاسلام ليست محصورة في مصر، بل انها بدأت بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، بعد الحادث الارهابي في نيويورك، واخذت اكثر من شكل وفق الظرف السياسي والزمان والمكان، وكانت واضحة في مناطق وضبابية في اخرى، ومع كل حدث ارهابي تستغل اميركا وتوابعها هذا الحدث وتبدأ بمواصلة فصول الحرب على الاسلام تحت ذريعة ملاحقة الارهابيين الذين اجرموا في حقها، ونتمنى ألا نشاهد هذه المسرحية تتكرر في سوريا، حيث تابع الجميع الانتصارات التي حققها المجاهدون هناك، وبداية انهيار المؤسسة العسكرية للعلويين. ومع اننا كنا نرغب في تدخل القوات الدولية لحماية الشعب السوري منذ بداية الثورة السورية الا ان التدخل هذه المرة لن يكون تحت غطاء الامم المتحدة بل تحت غطاء البيت الابيض الذي رأى ان المجاهدين اصبحوا قاب قوسين او ادنى من النصر، مما يقلق اميركا واوروبا وحلفاءهم في الخليج. وجاءت حادثة ضرب الغوطة بالكيماوي لتقول «جاك يا مهنا ما تتمنى»! فهي اذاً فرصة للقضاء على المجاهدين وضرب قواتهم وتضييع انتصارهم كما فعلوا في اكثر من مكان في العالم اخيراً. ولعل الحديث اليوم عن ضربة سريعة ومحدودة لقوات بشار وفرض حل سياسي للازمة يتعهد فيه بشار بعدم الترشح لأكبر دليل على ما نقول.
أما عندنا في الخليج فالبعض يحاول ان يشعل هذه الحرب على الدين بحجة الحرب على الاخوان واجتثاثهم! فبدأوا يطالبون بإيقاف الخطباء ومنع العمل الخيري وتقييد الحريات ومنع الكلمة الحرة وتسخير أبواقهم الاعلامية لتشويه صورة الاخيار وتلفيق الاكاذيب إليهم. ولعل آخر هذه الاكاذيب ما نشرته صحيفتهم المسماة «خلف الكواليس» من اوراق تدعي تمويل الخلية الاخوانية الى كاتب هذا المقال! ولم يفوّت زميلنا الخبير الاقتصادي الفلتة هذه الفرصة فأخذ يغمز ويلمز بالخبر ويحث ويستعجل الحكومة بالرد والتعليق. وأريد ان أطمئنه ان الخبر ملفق وعار عن الصحة كتعري صاحبه الذي كتبه من الاخلاق والمصداقية. ولو أرادت الحكومة ان ترد على تلفيقات الصحف واكاذيبها «لأصبح كل مثقال بدينار»، وسيظهر الحق قريبا وستعلنه المحاكم وليس الحكومة باذن الله. «إ.نَّ الَّذ.ينَ أَجْرَمُوا كَانُوا م.نَ الَّذ.ينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإ.ذَا مَرُّوا ب.ه.مْ يَتَغَامَزُونَ * وَإ.ذَا انقَلَبُوا إ.لَى أَهْل.ه.مْ انقَلَبُوا فَك.ه.ينَ * وَإ.ذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إ.نَّ هَؤُلاَء. لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْس.لُوا عَلَيْه.مْ حَاف.ظ.ينَ * فَالْيَوْمَ الَّذ.ينَ آمَنُوا م.نَ الْكُفَّار. يَضْحَكُونَ * عَلَى الأَرَائ.ك. يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوّ.بَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ» صدق الله العظيم (المطففين: 29 – 36).
الديمقراطية البريطانية والأمريكية .. والحالة الكويتية
خلال اليومان الماضيان شهدنا تجربتان رائعتان لمعنى الديمقراطية الحقيقية، الأولى كانت بريطانية، والثانية وهي قادمة في الطريق بنكهة أمريكية، وكلا التجربتان مرتبطتان بملف واحد وهو الملف السوري وجريمة نظامه باستخدام الكيماوي ضد شعبه.
مجلس العموم البريطاني رفض باكثرية ضئيلة قرار رئيس الوزراء ديفيد كاميرون المشاركة في توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري، وقال كاميرون بعد إعلان نتيجة التصويت “اتضح لي ان البرلمان البريطاني، الذي يمثل آراء الشعب البريطاني، لا يريد تدخلا عسكريا بريطانيا. لقد اخذت علما بهذا الامر والحكومة ستتصرف بناء عليه”.
ولعل من الأهمية هنا ذكر أن 30 نائبا من حزب المحافظون الذي يتزعمه كاميرون صوتوا ضد التدخل، وهو ما قلب النتيجة الى رفض المشاركة، إذ صوت ضدها 285 نائبا مقابل 272 ايدوها.
أما التجربة الأمريكية، فهي ما أعلنه الرئيس باراك أوباما بقوله “ساطلب موافقة ممثلي الاميركيين في الكونغرس على استخدام القوة”، رغم أنه يملك الصلاحية في أخد القرار دون الرجوع للكونغرس، أسوة بما فعله من المشاركة في توجيه ضربة ضد نظام معمر القذافي عام 2011.
نظامان ديمقراطيان مختلفان، الأول برلماني والثاني رئاسي لم تختلف فيهما النتيجة بالالتزام برأي ممثلي الشعب، مهما كانت النتيجة أو أثرها على المصلحة الوطنية الأمنية أو العلاقات الدولية لهما، فكان الاحتكام الى الشعب هو الخيار الوحيد أمامهما بعد أن تعددت المواقف تجاه العمل العسكري.
لنسقط هذين المشهدين على التجربة الكويتية!
لو كان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الصباح، ورفض مجلس الأمة إقرار المشاركة في توجيه ضربه عسكرية للنظام السوري، لانسحب من الجلسة وانسحب خلفه 15 وزيرا، واتجه فورا الى قصر السيف وعقد اجتماعا استثنائيا لمجلس الوزراء.
وبعد الاجتماع يرفع كتاب عدم تعاون مع المجلس، ويحل البرلمان ومن ثم يصدر مرسوم ضرورة بالمشاركة بالضربة العسكرية!
ولو كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما الصباح – ولكن برتبة رئيس الوزراء حتى تتواءم مع الشأن المحلي 🙂 – ، لما فكر أساسا باللجوء الى مجلس الأمة للحصول على الدعم الشعبي والسياسي لمثل تلك الحالات، بل لأقر القانون أو قراره بالمشاركة في الهجمة دون اعتبار لمجلس يمثل الشعب! و”يسطفل” الخمسون نائب ..
الديمقراطية شيء، والايمان بالديمقراطية ونتائجها شيء آخر، في الكويت لدينا الشق الأول ولكننا نفتقد شق الايمان بأن النهج الديمقراطي هو الذي يجب أن يحكم، وأن مجلس الأمة، ممثل الشعب، هو من يجب أن تكون له الكلمة الأخيرة حتى لو عاكست رغبات النظام والسلطة والحكومة.
للأسف، مازلنا ننظر الى ديمقراطية الآخرين بانبهار ونحن من لدينا هذا النظام منذ خمسون عاما، لم تعرف السلطة كيف تحترمه، ولم يعرف الشعب كيف يطوره، ولم يعرف النواب كيف يمارسونه ويطبقوه، لذا سنظل نتابع ديمقراطيات الآخرين باعجاب، وننظر الى تجربتنا الديمقراطية باحتقار.
في الأخير، يدور في عقلي سؤال موجه الى تنظيمات الاسلام السياسي، وخاصة تلك التي لبست ثوب الديمقراطية وعمامة الانسانية مؤخرا، ماذا لو جاء تصويت الكونغرس الأمريكي برفض الضربة العسكرية أسوة بمجلس العموم البريطاني، هل ستحترمون قرار الشعبين؟ أم أنكم ستوجهون سهامكم من جديد الى النظام الديمقراطي؟ وتنتقدون العلمانية والليبرالية؟