ثروة الأمم تقوم على المنجزين من أبنائها، رجالا كانوا أو نساء، شيبا أوشبابا، فامرأة عاملة فاعلة خير من رجل خامل وعاطل، وشيب منجزون يملكون العقل والخبرة والحكمة خير من بعض الشباب الطائشين الساهرين الليل في غير طلب العلم، والنائمين النهار بعيدا عن طلب الرزق.
***
واليوم تودع الكويت قاطبة د.عبدالرحمن حمود السميط الذي هو بحق رجل بأمة، حيث سخّر جل وقته لخدمة الفقراء والمساكين في القارة الأكثر فقرا بالعالم ونعني افريقيا، كما ساهم الفقيد الكبير عبر عمله الخيري العالمي في نشر الدعوة الإسلامية حتى قارب من اسلم على يده الـ11 مليون إنسان، لقد توفي ابوصهيب ليوقظ بموته امة طال امد نومها حتى تكالبت أمم الأرض عليها وعلى ثرواتها بسبب ضعفها وتفرقها.
***
وبالأمس ودعت الكويت شجرة أخرى من أشجار الكويت الوارفة ونعني المربي والوزير السابق المرحوم أنور النوري ابن الداعية ورجل الخير الكبير المرحوم عبدالله النوري وقد كان المرحوم أبومناور رجل حكمة ورأي في أزمان افتقدنا فيها بشدة الحكمة والرأي، زهت وارتقت به المناصب الرفيعة التي تقلدها ولم يرتق او يزه بها رجل بطول قامة الراحل الكبير انور النوري.
***
وكانت قد ودعت الكويت مربيا وإداريا ووزيرا سابقا هو الصديق سليمان عبدالرزاق المطوع الذي امتاز بثقافته الواسعة وقدراته الإدارية المتنوعة وآرائه السياسية الساخرة التي تنتقد برفق لأجل الإصلاح لا التخريب والتي تهدف لتصويب اعوجاج مسارنا، ولا اذكر انني التقيت راحلنا الكبير ابوحسام إلا هاشا باشا مبتسما في زمن الاكفهرار والغضب معلقا على كل ما يحدث من جسام الامور بكلمات قليلة ذات معان كبيرة.
***
فالرحمة والمغفرة للراحلين الثلاثة الكبار ممن اصبحوا عند رب غفور رحيم وباتوا شموسا ونجوما وأقمارا ومعالم على الطريق لن تضل أجيالنا الصاعدة اذا ما ساروا على هديها ومشوا في ركبها، فاللهم ارزق فقداء الكويت الكبار وبناة نهضتها الحديثة الجنة دون حساب واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وان قلب الكويت ليحزن وأعين اهل الكويت لتدمع على فراقهم وإنا لله وإنا إليه راجعون.
***
آخر محطة: ان حزننا وألمنا على الأشجار الكويتية التي تموت واقفة ويبقى ذكرها الطيب على مر الزمن يدفعنا لأن نوصي خيرا بأشجار الكويت الوارفة الباقية ومنها رجل الخير والعلم والأدب عبدالعزيز البابطين مما يتواتر لنا من رجال ثقات لا نشك بهم من معاناة شديدة يتعرض لها ابو سعود كتداعيات للوقف الذي سحب منه دون وجه حق ابان سنوات الظلم والطغيان ومعاداة مصلحة الكويت والرجال المحبين لها، فلازالت الاموال التي اقترضها البابطين وبنى بها الوقف الذي خصص دخله بأكمله لأعمال الخير ولرفعة اسم الكويت وإعلاء راية العروبة والإسلام لم ترجع له فهل من منصف يظهر ان جزاء الإحسان بالإحسان لا بالنكران؟