من اكثر الامور غرابة ان يكذب الانسان امام الناس والاعلام وهو يعلم انه يكذب! بل ويكرر كذبته في كل مناسبة إعلامية! هذا النوع احياناً يكذب بقصد تضليل الآخرين وتشويه الخصوم، واحيانا هو يكرر كلاماً سمعه من غيره وصدقه من دون التثبت من صحته! ومن امثلة ذلك ما ذكره احد المحاضرين بالامس في ندوة مركز دراسات الخليج والجزيرة عندما قال منتقداً الحركة الدستورية الاسلامية انها كانت مسيطرة على وزارة التربية في الكويت طوال العقود الماضية! ومما يؤسف له ان بعض المثقفين يكرر هذه المقولة في كتاباته رغم اننا اثبتنا بطلان هذا الافتراء واكدنا ان كل المسؤولين الذين تناوبوا على وزارة التربية من وزراء ووكلاء لا ينتمون الى الحركة الدستورية بصلة، لا من قريب ولا من بعيد! بل واثبتنا ان معظم الوزراء والوكلاء هم من التيار الليبرالي والذي نعتقد انه سبب تخلف مهنة التعليم والتربية. ومع هذا تجد من يكرر هذا الافتراء الى اليوم، ومن بعض مثقفينا!
ما حدث عندنا يحدث منذ فترة في مصر ام الدنيا، فمنذ اليوم الاول لتسلم محمد مرسي الحكم فيها اتهموه بأخونة الدولة! ومرت هذه الاكذوبة على كثير من الناس، بل وعلى المثقفين منهم، وكان آخرهم الزميل د. محمد المقاطع في مقالته امس في القبس! وأي منصف يعلم جيداً ان مرسي لم يمارس هذا الاسلوب – ولعل هذا كان خطأه الذي قتله – لانه أراد منذ اليوم الاول مشاركة الجميع في بناء الدولة، لذلك عرض المشاركة في مجلس الوزراء على المعارضة التي رفضت، ثم شكل اول مجلس وزراء مكون من ثلاثين وزيراً منهم ثلاثة من الاخوان المسلمين، واعاد تعيين المحافظين السبعة عشر وكان منهم ثلاثة فقط من «الاخوان»، وجاء مجلس الشورى وشكل رؤساء تحرير الصحف الأربع عشرة وليس بينهم واحد من «الاخوان»، حتى انني قرأت «الأهرام» ووجدت فيها عشر مقالات، تسعة منها تشتم الرئيس مرسي! ويكفي للتدليل على ما اقول ان وزارات السيادة تركها للآخرين مثل وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية!
والحقيقة ان هذا التجرد من الانتماء بدعوى ان رئيس مصر لكل المصريين هو الذي ضيّع الرئيس وجعله عارياً أمام خصومه وفي مرمى نيرانهم! بينما المعلوم في الديموقراطيات الحديثة ان اي حزب يفوز بالحكم هو الذي يشكل الحكومة منفردا ما لم يضطر الى تشكيل ائتلاف مع الآخرين في حالة عدم حصوله على اغلبية كافية، وذلك حتى يدير الدولة بانسجام واريحية من دون عرقلة من الآخرين، لكن ما حدث ان خصوم الرئيس اتهموه بهذه التهمة منذ اليوم الاول الى ان تم الانقلاب عليه من العسكر!
الغريب ان التيارات الليبرالية والعلمانية في العالم العربي كشفت عن سوءتها عندما هللت للانقلاب على الشرعية، ويبدو ان الحقد الدفين للاخوان اخرجهم عن اتزانهم وانساهم مبادئهم التي كانوا يخدعون الناس بها، بل وصل بهم العمى السياسي الى ان برروا للعسكر انقلابه وأخذوا يمارسون الكذب السياسي بكل وقاحة، حتى قال قائلهم ان الجيش اعاد الثورة الى اهلها! وتحججوا بالملايين التي أُخرجت للميادين يوم الثلاثين من يونيو والتي فضحهم صاحبهم عكاشة عندما قال ان ستة مليارات من الدولارات صرفت في ذلك اليوم! والدليل على صدقه، وهو كذوب، ان الدعوة الثانية للمليونية للمحافظة على الثورة يوم الاحد الماضي احرجتهم وبينت ان الناس الذين خرجوا بالملايين في ذلك اليوم لن يخرجوا مرة ثانية!
وحتى تزداد جراح التيار الليبرالي عندنا طالبت حركة تمرد الرئيس المؤقت بحل حزب الحرية والعدالة ومنع منتسبيه من ممارسة العمل السياسي مستقبلا! ومع هذا لم ينكر عليهم احد، بالضبط كما حدث عندما اغلق الحاكم العسكري محطات القنوات الفضائية للاسلاميين وزج بالقيادات الاسلامية في السجون منذ اليوم الاول للانقلاب! ولعل ما احرج اتباع بني علمان ان سنة كاملة هي فترة الرئيس مرسي بالحكم لم يتم سجن واحد من خصومه ولم تغلق محطة تلفزيونية واحدة!
***
• بمناسبة شهر رمضان المبارك نتقدم بالتهنئة الى القراء الكرام وعموم الشعب الكويتي والمقيمين بان يجعل الله هذا الشهر شهر خير وبركة ونصرة للامة على اعدائها، وحقن دماء الشعب السوري واعادة كرامته له.. وكل عام وانتم بخير.