محمد الوشيحي

من أبناء الصباحية إلى الأميركان

الصباحية من المدن التي حماها الله وأنجاها من كل الحملات، ولن تجد كتاباً يذكر أن الصباحية سقطت تحت احتلال أو حصار غزاة، أياً كان هؤلاء الغزاة، بدءاً من تيمور لنك الذي أحرق بغداد والبصرة وحلب (أحرق حلب مرتين) وطرابلس ودمشق وغيرها من المدن، وليس انتهاء بالإنكليز الذين استوطنوا الأحمدي والعاصمة الكويت ووارة وغيرها من المدن الهشة.
الصباحية عصية أبية، وهذا ليس بمحض المصادفة، بل لبطولات أبنائها وتضحياتهم، وكنا نجتمع أيام الصبا المبكر نتدارس أحوال العالم خلف فرع الجمعية بالقرب من "مسجد المحنّا"، نتقاسم السيجارة التي لا يستغني عنها الثوار، كالزميل المعلم الكبير غيفارا، ملهمنا ومسهرنا… واكتشفنا أن أميركا تكرهنا، واختلفنا، هل تكره "قبيلة العجمان" أكثر من بقية الطوائف والدول والشعوب، أم تكره "مطير"، أم هي تكره "العوازم"، أم تكره "آل مرة"…؟ الأكيد أنها لا تكره الحضر، ليش؟ لأن الحضر يسافرون إلى أميركا، على ذمة أحد الأصدقاء الذي أقسم لنا على صدق معلومته، والأكيد أيضاً أن كرهها محصور في إحدى القبائل المذكورة، لا شك، وتعد العدة للقضاء عليها… وبالطبع لم يُطرح اسم قبيلة "الظفير"، وبعض القبائل الأخرى، لعدم وجود "ممثل" لها في الاجتماع خلف مسجد المحنّا، لذلك عاشت قبائلهم في مأمن من هجوم الأميركان وخبث رونالد ريغان وحرب النجوم.
كبرنا وتذكرنا أحاديثنا فضحكنا، واليوم اكتشفنا أننا كنا على حق، وأن الأميركان، أبناء الشيطان، كانوا يحاربوننا فعلاً ويريدون قتلنا لكن باستخدام السم لا الصواريخ ولا القنابل! اكتشفنا أن الأميركان يضمرون العداء لنا كلنا، بقبائلنا وعوائلنا، البدو والحضر، الذي يسافر منا إلى أميركا في الصيف، والذي يقضي إجازته في وادي العجمان… والدليل على حرب الأميركان ضدنا أنهم عطلوا التنمية في البلد، وأعاقوا بناء المرافق العامة، ومنعونا من تطوير "الطاقات البديلة" والاستفادة منها، حتى وصلنا إلى أن تستنزف الكهرباء خُمس إنتاجنا النفطي، وعرقلوا مشروع "الحكومة الإلكترونية"، ونشروا الفساد في كل شوارع الكويت وحواريها، ولولا حكمة حكومتنا وحنكتها لانتشر الفساد حتى في الأزقة (لهذا السبب تخلو الكويت من الأزقة ولله الحمد)، وعطل الأميركان تطوير "مؤسسة الكويتية"، وحالوا دون تحسين خدمات "مقبرة صبحان" و"مقبرة الجهراء"، وحرموا أقسام الشرطة من أجهزة الكمبيوتر، بل ورفضوا تحديث أثاث مكاتب ضباط الشرطة، فبدت كما هي عليه الآن، ووقفوا بشدة في وجه حكومتنا التي تطارد تجار اللحوم الفاسدة، ووو، وتهلهلت الدولة، وفقد الناس الثقة بها وبأقربائها… وسيستمرون في حربهم التي تهدف إلى إنهاك الصباحية وإضعافها إلى أن تسقط.
وأقول للأميركان: ارجعوا إلى كتب التاريخ، فإن وجدتم كتاباً واحداً أو حتى صفحة واحدة تذكر أن الصباحية سقطت تحت أقدام الغزاة، لكم منا، نحن أبناء الصباحية وحماة أسوارها، أن نسلمكم مفاتيحها بلا حصار ولا منجنيق.

سامي النصف

الطائرات وأرباح الهمبورغر

عقدت قبل أيام في «كيب تاون» بجنوب أفريقيا ندوة إعلامية أدارها مذيع محطة CNN الأشهر شارلز كريست طرح خلالها دور رؤساء ومديري شركات الطيران في حال وقوع الكوارث، وكانت لنا مداخلة ذكرنا له فيها أن البحث عن الأرباح الصعبة في عالم الطيران جعل ذلك القطاع يدار في كثير من الاحيان من قيادات لا تملك ادنى فكرة عن مبادئ الطيران أو علوم السلامة فيه، لذا فهي غير مؤهلة للحديث مع وسائل الإعلام عند وقوع الطوارئ، بل ان البعض من هؤلاء المديرين وصل لقناعة بأن الحل الأمثل لمشاكل شركات الطيران هو.. بطرد كل الطيارين وبيع كل الطيارات!

* * *

وما دمنا في ربحية شركات الطيران فقد اظهرت الاحصائيات ان شركات الطيران نقلت العام الماضي 12 مليار راكب، وكان مجموع ارباحها 2.5 مليار دولار اغلبيتها المطلقة من السوق الاميركي، وبعملية حسابية بسيطة نكتشف ان معدل الربحية للراكب في قطاع الطيران هي 4 دولارات لكل مسافر تم نقله في العام الواحد، اي ما يقل عن قيمة شطيرة همبورغر، وكان تعقيبي على تلك المعلومة بأن على «الاياتا» ان تضغط كي تصدر الأمم المتحدة قرارا تحت البند السابع يفرض على الدول دعم ـ لا محاربة ـ شركات طيرانها بعد ان يتم تصنيفها بأنها من.. المخلوقات الضعيفة المتجهة للانقراض!

* * *

وبلغت خسائر الطيران الأوروبي للعام الماضي 1.5 مليار دولار، وتعرضت 50% من المطارات الاوروبية الرئيسية لخسائر مالية فادحة، وفي المنطقة العربية والخليجية تعرضت اغلب شركات طيرانها لخسائر بمليارات الدولارات بسبب ارتفاع اسعار الوقود الذي يقارب 42% من كلفة التشغيل إضافة الى الأوضاع الأمنية غير المستقرة في المنطقة العربية وإيران والتي اضيفت اليها مؤخرا تركيا، بالطبع بعض الدول التي اختارت ان تصبح مراكز مالية عالمية في المنطقة لا تمانع تلك الخسائر، وإن كانت لا ترغب بها، كونها تربح في النهاية المليارات مما يصرفه المستثمرون والسائحون في بلدانها.

* * *

في الخلاصة، كان من الأفضل في الكويت ان يكون قطاع الطيران «آخر» من يتم خصخصته لا «الأول» لصعوبته، وفي هذا السياق تمتلك جميع الدول الخليجية والعربية ودون استثناء شركات طيران وطنية «بالكامل» رغم خصخصتها عشرات ومئات القطاعات الأخرى، وذلك بهدف خدمة الأهداف الاستراتيجية للدول كحال التحول لمشروع المركز المالي، ان المهم ان تدار جميع القطاعات بالدولة بكفاءة وأمانة والحرص على الحفاظ على المال العام وتغطية المصاريف والتحول للربحية كي لا تصبح القطاعات مكلفة على الدولة ان بقيت ضمن ملكيتها اختيارا او اضطرارا او لتسهيل عملية بيعها عندما ترغب الدولة في ذلك، فلا توجد تجربة واحدة تظهر ان المستثمرين يشترون الشركات المثقلة بالخسائر والعمالة الفائضة والأساطيل القديمة.

* * *

آخر محطة: (1) بقيت «الكويتية» معروضة للبيع منذ عام 2008 دون ان يتقدم احد لشراء الحصة فيها رغم ان خسائرها وعمر طائراتها آنذاك كان اقل كثيرا من الحال التي تسلمناها فيها قبل اشهر قليلة ماضية.

(2) لا يوجد بديل على الإطلاق عن عملية تحديث أساطيل «الكويتية» المستحقة منذ سنوات طويلة ماضية، والمسؤولية جسيمة على من يحارب هذا التحديث، فحالنا كحال جميع شركات الطيران في المنطقة وخارجها التي تجدد اساطيلها كل سنوات قليلة دون اعتراض وبقصد الربحية.

(3) القسم الدستوري ينص على الحفاظ على الأموال العامة، لذا لا تصح معه الدعوة لشراء الطائرات الأعلى ثمنا في الشراء والتأجير والتشغيل والأقدم عمرا، والتي تعاني من اشكالات فنية لا تعاني منها منافستها!

حسن العيسى

لم يكن بحاجة إلى بهرجة الإعلام

لم يكن هناك ما يبهج، ولا ما يبشر بالخير مشاهدة برنامج "تو الليل" لقناة الوطن، وهو يعرض صور متهمين محشورين في أقفاص "النظارة" بجرائم مرورية، لم تصدر بحق أي منهم أحكام قضائية بالإدانة، ولم يكن هناك، كذلك، أي مبرر لمشاهدة صور التوسل والتذلل والتزلف المحزنة لعدد من المتهمين، ينتظرون دورهم للمثول أمام المدير العام للمرور اللواء عبدالفتاح العلي، كي يرحمهم من الغرامة أو الإبعاد، ثم نلاحق بقية الحكاية بمشاهد تلفزيونية تبعث على التقزز، حين يقف البشر بطوابير ممتدة، ينتظرون القرار النهائي من اللواء في مخالفاتهم، ويصبح اللواء عبدالفتاح هو سلطة الاتهام والقاضي في الوقت ذاته! فطالما ارتكب أي من هؤلاء مخالفة ما يتعين أن يسلك القانون مجراه، وفق الإجراءات التي يحددها القانون، ولا يصح أن تتدخل "شخصية" المسؤول أياً كان موقعه في أعمال العقوبة أو الإعفاء منها، ففي دولة المؤسسات لا توجد أسماء أفراد متضخمة بأكثر من المناصب التي يشغلونها، ولا يصح أن تكترث الدولة لـ"صفات" ومواصفات "هذا أو ذاك المسؤول، فهناك أطر وقواعد إجرائية يتعين على المسؤول الذي يشغل المنصب أن يتبعها، كما يفترض أن تلك القواعد ملزمة للسلطة في اختيارها للمسؤول وتحديد مهامه وسلطاته التقديرية، التي بدورها يجب أن تكون محددة سلفاً ومعروفة للكافة، حسب الإجراء القانوني المفروض، وبغير ذلك فلا توجد دولة قانون ولا دولة مؤسسات، وإنما تجمعات عشائرية طفيلية ومحسوبيات تحل مكان اليقين والاطمئنان القانونيين.
يكثر الحديث اليوم عن شخصية عبدالفتاح العلي ودوره لإصلاح ما يمكن إصلاحه من كارثة المرور في هذه الدولة التائهة بين حكم القانون وفوضى مزاج وأهواء السلطة، ويبدو، حتى الآن أن مدير المرور يحمل في داخله روحاً جادة لرتق الكثير من الثقوب التي تملأ الثوب المروري، فالمرور ووزارة الداخلية كلها يكونان المرآة الصادقة لوضع الدولة على سلم حكم القانون، وضمان حريات الأفراد وحقوقهم، وتعهد اللواء عبدالفتاح باستئصال "ورم الواسطة" من الجسد المروري يفرض الاحترام لشخصه متى وفى بوعده، وحتى الآن تبدو أن بصمة اللواء في تعديل الكثير من الاعوجاج بإدارة المرور ظاهرة، وهو على ذلك ليس بحاجة إلى أي نوع من البهرجة الإعلامية، ولا إظهار مدى جديته في إعمال القانون، فالناس ستشهد له أو "عليه" يوماً ما، وما يهم الآن أن يخلق في الدولة واقعاً اسمه "مؤسسة" القانون، التي هي كفكرة تفرض اختيار أشخاصها المناسبين، وتبعد عن دائرتها المتزلفين والوصوليين، الذين تعج بهم معظم هيئات الدولة، فالمطلوب ألا يرتبط أي تقدم أو إنجاز باسم فرد، أو موظف عام قام بواجبه، وإنما بالمؤسسة المعنية، فالأفراد يبقون لفترة في مناصبهم ثم يزولون، والمهم أن يظل وجود المؤسسة القانونية العادلة باقياً، دون النظر إلى أشخاص من يشغلها، وستذكر الناس في نهاية المطاف، حتماً، دور ذلك المسؤول الذي شرف عمله، ورفع من شأن هذه أو تلك المؤسسة، وتركها لتستمر من بعده وفق حكم القانون والعدل دون ظلم للناس أو تهاون بأمنهم، في آن واحد.

احمد الصراف

الدكتوراه المثقوبة

توجد أكبر نسبة من حملة الشهادات الجامعية وشهادات الدكتوراه، الصحيحة والمزورة، في الدول الخليجية، النفطية، مقارنة بغيرها من الدول العربية، وسبب ذلك يعود للمزايا التي تمنحها هذه الدول الثرية بالمال لحاملي هذه المؤهلات العلمية، ولوجود المادة لدى افراد هذه المجتمعات للصرف على ما يتطلبه الحصول عليها، أو ما يتكلفه شراؤها، من منازلهم! وقد تمكن عدد كبير من حملة هذه الشهادات الجامعية والدكتوراه، وما بينهما، من كسب الاعتراف المبكر بشهاداتهم «اللاجامعية» الصادرة من جهات غير معترف بها، أو من «لا جهات»، في وقت لم تكن فيه الوزارة تدقق كثيرا في صحة مثل هذه الشهادات لقلة حملتها، أو بسبب «غض النظر» أو «النأي بالنفس»! ولا انسى منظر ذلك النائب الذي دار بشهادته الوهمية على كل مسؤولي الدولة، وأخذ الصور التذكارية معهم بمناسبة نجاحه في دفع مبلغ 1500 دولار ثمنا لشهادته! وهذا طبعا شجّع غيره للقيام بالمثل.
والغريب في دولة العجائب ان يقوم أصحاب الشهادات الوهمية، أو غير المعترف بها، بالدعوة للاجتماع والاحتجاج والتظاهر وتكوين من يمثلهم والظهور في وسائل الإعلام دون حياء أو خجل، لمطالبة الحكومة بالاعتراف بما قاموا به من احتيال وتوظيفهم، أو ترقيتهم إن كانوا موظفين بناء على شهادات أقل درجة، فكيف يحدث ذلك ولا احد يحرك اصبعا في وجه هؤلاء؟ ولو قام مجموعة من الأفاقين واللصوص بالتظاهر مطالبين الحكومة بإلغاء «سوابقهم»، فهل سيتم السكوت عنهم مثلا؟
الغريب في الأمر، كما سبق ان اشار الزميل عبدالله النجار، في مقال له في «الوطن»، ان الكثير من حملة شهادات الدكتوراه الوهمية، العاملين في الحكومة بشهاداتهم الجامعية، يوقعون مراسلات الجهات التي يقومون بالإشراف عليها أو إدارتها، بصفتهم من حملة شهادة «دكتور»! ومعروف أن هذا مخالف للحقيقة. كما يقوم آخرون بطبع رسائل خاصة بهم وبطاقات زيارة تحمل اسمهم وصفتهم الوهمية، كدكتور، وهذا لا يعد خداعا للآخر بل نوعا من النصب الفاضح الواضح. كما يقوم عدد من العاملين في المجال الديني، وخاصة لجان جمع الأموال، باستخدام لقب الدال، الذي قد يكون وهميا، في استدراج التبرعات على أساس انهم من كبار «العلماء»!
وحيث ان ليس من السهولة إصدار قانون من المجلس يمنع الأفراد من استخدام أي ألقاب مهنية أو علمية عالية بصورة غير قانونية، فإن كل وزير بإمكانه إصدار تعميم يمنع موظفي وزارته من استخدام اي ألقاب من هذا النوع دون حصولهم على شهادة معترف بها تثبت ذلك، ويصبح الأمر مدعاة للاحراج لو كان الموظف يعمل في جهة رقابية أو قانونية أو استشارية، أو بالذات في لجنة تحقيق أو تحكيم! وهذا حدث في أكثر من حالة، فلدينا مهندسون كان ولا يزال لهم دور سياسي وتحكيمي بارز، ومعروف عنهم أن شهاداتهم مضروبة أو صادرة من جامعات فاشلة وغير معترف بها، قاموا بعد وصولهم لمراكز القرار بالسعي للحصول على الاعتراف بها من وزارة التربية. وقصة الكلية البحرية(!!) معروفة ومستوى خريجيها معروف! ومع هذا اعترفت بها الوزارة «كرمال عيون بوعدله»!
الموضوع ذو شجون ومؤلم، وهو ما يجعل من موضوع انحدار الأخلاق مسألة غاية في الأهمية، ولكن متى كان انتحال الصفات أو حمل الشهادات الوهمية من الكبائر في دولة «العادات والتقاليد»؟

***
ملاحظة: ورد في الصفحة الأولى من جريدة إماراتية أن استقصاء رأي جرى في إسرائيل أظهر أن %20 من الإسرائيليين يتمنون الموت للعرب! والهدف هنا اظهار اليهود كشريرين ودمويين، وسنقبل ذلك! ولكن لو أجري الاستقصاء نفسه بيننا، فالنتيجة ستكون كارثية، فسيصوت %50 بتمني الفناء لليهود، و%50 بتمني الفناء لبعضنا البعض، والأحداث التي نعيشها خير شاهد!

أحمد الصراف

سامي النصف

تكالبت علينا الرايات الخضراء!

ذكرنا في مقال سابق أسميناه «الخلاف الحقيقي هو بين الأحمر والأخضر» ان الخلاف الحقيقي في الكويت ليس بين الأزرق والبرتقالي بل بين أصحاب الرايات الحمراء ممن يرون ان المال العام وبقاء الكويت خطوط حمراء لا يقبل تجاوزها أو النقاش حولها، وبين حاملي الرايات الخضراء ممن يرون ان الكويت بلد زائل لا محالة وان النهج الصحيح هو ان تعبأ منه الجيوب وتملأ بالمال الحرام قبل الحلال، فكل «محتركة حلال» ومن صادها عشى عياله.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

***

وذكرنا في حينه ان الفريق الأحمر يضم قوى من الموالاة ومن المعارضة، ومن المؤمنين بالصوت الواحد وبالأربعة أصوات، ومن الإسلاميين ومن الليبراليين، سنة وشيعة، حضرا وقبائل، يقابلهم حاملو الرايات الخضراء ممن يضم معسكرهم كذلك موالاة ومعارضة، أزرق وبرتقالي، اسلاميين وليبراليين، سنة وشيعة، حضرا وقبائل.. إلخ.

***

وما شجع أهل الرايات الخضراء على التمادي في تجاوزاتهم ومحاربة عمليات الإصلاح والمصلحين الا سكوت الشرفاء والمخلصين عنهم ومجاملتهم لهم في المجالس والدواوين، ولو حثوا التراب في وجوه من ينتوون سرقة أموالهم والمخاطرة بمستقبل بلدهم لتغير الحال ولرأيناهم مصفدين بالأغلال أو هاربين من البلد الى قصورهم المقامة من عرق وشقا البسطاء والفقراء من المواطنين.

***

آخر محطة:

1 ـ نهنئ البلد على تشكيل هيئة مكافحة الفساد الواعد، ونرجو ان تبدأ عملها سريعا حتى تتوقف المقولة التي تثير حنق الجموع وغضب الناس ومضمونها «نسمع بالسرقات ولا نرى أحدا خلف القضبان».

2 ـ نرجو ان يتم رفع الحصانة فور طلب هيئة مكافحة الفساد ذلك كونها خصما شريفا لا يجوز اتهامه بالكيدية وتعطيل إجراءاته.

احمد الصراف

الحاجة أمُّ التحليل

أحدثت إصلاحات مصطفى كمال أتاتورك الثورية وغير المسبوقة، هزة في دول إسلامية عدة، ومنها أفغانستان وإيران، والتي حاول ملكاها، كل على طريقته، اتباع ما قام به أتاتورك، ولكنهما فشلا، وبعدها بعقود أتت حركة طالبان وثورة الخميني لتعيد الدولتين قروناً إلى الوراء. والمشكلة التي تعصف اليوم بالكثير من الدول العربية والإسلامية هي ندرة القيادات ذات النظرة المستقبلية، والنقص الرهيب في الحريات السياسية، واعتماد الكثير من الأنظمة في شرعية بقائها على دعم رجل الدين، والذي قام بممارسة نفوذه من خلال إصدار الفتاوى، بطلب من الآخرين، أو بتبرع شخصي منه، لتبرير بقاء الحكام في الحكم أو تبرير تصرفاتهم! واعتقد رجال الدين هؤلاء بأن قاعدة ألا أحد يدوّن أو يبوب فتاواهم، وبالتالي بإمكانهم، إن شاؤوا ذلك، تغييرها وإصدار أخرى بدلاً منها، وحتى متناقضة معها، لاعتقادهم بأن الأولى ربما نسيت، أو مر زمن عليها وأصبحت غير صالحة، أو لا تنسجم مع مصالح المفتي التي تتغير، أحياناً، مع تغير عواطفه وأهوائه، والأهم من ذلك مصالحه الشخصية! ولكن التسارع في تكنولوجيا الاتصال التي أصبحنا نلهث وراءها، وهي تسبقنا، كشف حيل البعض من هؤلاء وزيفهم، وقلل من استعدادهم لتغيير آرائهم «الدينية» بسهولة، خصوصاًَ بعد أن قام مغردون خليجيون، من خلال «تويتر» بنشر مراجعة لفتاوى التحريم التي صدرت خلال الخمسين عاماً الأخيرة، والتي تراجع أصحابها عنها تالياً، كتحريم التلفزيون وتعليم البنات، واستخدام الهواتف النقالة التي تحتوي على كاميرات، وتحريم التصوير أو وضع الصور الشخصية، حتى للرجال، على بطاقات الهوية والجوازات واستخدام الدراجة والسيارة والمشاركة في الانتخابات وآلاف الأمور الأخرى، وهي جميعها لم تصبح فقط «حلالاً» بعيون هؤلاء الذين أفتوا بحرمتها، بل وأكثر من ذلك أصبحوا على رأس مقتنيها ومستخدميها، وبالتالي من الطبيعي الافتراض أن أموراً «منطقية» كثيرة تعتبر الآن في حكم المحرمات كقيادة المرأة للسيارة، والتي نتج عنها مساوئ ومشاكل اجتماعية جمة ليس أقلها زيادة عدد السائقين في الكثير من الأسر، سيتم التخلي عنها، وهذا يدفعها للتساؤل عن سبب التمسك بهذا المنع، طالما أن الوقت سيأتي وتصبح فيه كغيرها حلالاً؟ وقائمة الأشياء والأمور والتصرفات التي صدرت بها فتاوى تحريم، فقط خلال 50 عاماً وأصبحت من المحللات خير شاهد! ويذكر، كما ورد في الدراسة، وهذه حقيقة، أن الدراجة، التي كان بعض أهالي القرى يسمونها «حصان إبليس»، كانت ممنوعة، ثم خفف التحريم شريطة أن يحضر من يريد استخدامها شهادة تزكية من إمام مسجد الحي!
ويذكر أن التحريم طال في يوم من الأيام جهاز إرسال البرقيات والراديو والفيديو، وصحون استقبال القنوات. وكاد الملك عبدالعزيز بن سعود أن يفقد هيبته أمام الإخوان في بداية انتصاراته عندما أصر على استخدام التلفون. ويقال إنه لجأ إلى حيلة طريفة لكسب قبول الإخوان للجهاز، حيث ترك الرياض وذهب إلى منطقة بعيدة! وجاء آخر الشهر وتأخر صرف الرواتب، وقيل لهم إن الصرف لا يمكن أن يتم بغير موافقته، والوصول إليه والعودة بالموافقة سيستغرق بضعة أيام، ولكن يمكن تقصير الفترة بالاتصال به هاتفياً وأخذ موافقته، فاعترض البعض، ولكن الأكثرية أيّدت الاستعانة «بالهاتف الحرام»، وبالتالي تغلبت الحاجة على الفتوى ليصبح الهاتف حلالاً! ولو دخلنا بيوت كبار المفتين اليوم لوجدناها تمتلئ بكل ما كان محرما قبل سنوات!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

تهاون الحكومات… الخطير!

 

كلما ازدادت الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط سوءاً، لجأت الحكومات وأبواقها الإعلامية إلى الهروب من الواقع وما يتطلبه من حكمة في معالجة تلك الأوضاع. وبدلاً من اجتياز أي أزمة أو اضطراب داخلي، تسعى بعض الأطراف إلى التحذير من جلب أزمات هناك في المحيط الإقليمي، إلى المحيط الداخلي!

هو أمر مضحك للغاية، أن تتخذ الحكومات العربية والإسلامية مواقف تظهرها في مظهر «البوق المخيف» وهي تصرخ وتحذر من انتقال الصدام الطائفي المتحرك في بعض البلدان إلى «بيتها»! وهي حين تقف عاجزة عن أن يكون لها دور إقليمي، تكتفي بالتحذير من مغبة وصول الصدام والتناحر والاقتتال الطائفي إلى محيطها الداخلي، في حين تنسى كثيراً أنها هي ذاتها، لديها آلتها الإعلامية الرسمية ومحركاتها الدينية الموغلة في الطائفية والفتنة، تشحن وتدير وتدمر ليل نهار بخطابات وبيانات واجراءات وممارسات طائفية هي تعلم – قبل غيرها – أنها مجرد ألاعيب خطيرة ستنعكس عليها يوماً ما.

ومن المضحك أيضاً أن تدعي حكومات وشخصيات وساسة ورموز كأمين عام منظمة التضامن الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو الذي تحدث في حوار عبر قناة «الحرة» يوم الأربعاء الماضي مكثفاً مخاوفه من انتقال صور الصراع الطائفي المدعوم من الغرب ومن الشرق.. في سورية، لبنان، العراق، باكستان، ميانمار وبضع بؤر هنا وهناك.. تدعي تخوفها من اجتياح مد طائفي – وفقاً للصراعات الممولة والمشجعة والمدعومة من الغرب والشرق كما أشرت – فيما لا ينبس ببنت شفة عن ممارسات الكثير من الدول الإسلامية القائمة على تأجيج الصراع الطائفي إعلامياً.

ذلك التهاون من جانب الحكومات ليس أمراً طارئاً أو جاء على حين غفلة، بل هو ممنهج وفق خطة لكل دولة ترعى الطائفية. ولعلني تناولت بشكل متعمق «حملات الشحن الطائفي» في الإعلام العربي في أبريل/ نيسان 2009. وقتها اختلفت مع مجموعة من الإعلاميين الخليجيين والعرب في شأن أسلوب ومنهج وخطاب بعض القنوات الفضائية الدينية في منتدىً إلكتروني، فهم، وأنا أحترم وجهة نظرهم قطعاً، يعتبرون ازدياد تلك القنوات فائدة للأمة، أما أنا، فلا أرى في غالبها إلا منطلقاً لشن حملات العداء المشحونة بالكراهية، ورأيت أنه من الجيد أن أعيد بعض ما كتبته في هذا الشأن آنذاك، ومنه أنه ليس من الضرورة بمكان إجراء استطلاع ميداني لتثبيت الفكرة، فيكفي أن تقرأ لمدة ساعة زمن الشريط الذي يتحرك في أسفل الشاشة لتعلم أن هناك مشاركة فاعلة من قبل مجموعات من المتشددين، من الطائفتين، كل يدعي حاكميته على الأمة.

ذلك الخطاب هو الأسوأ على الإطلاق، ولعل الكثير من الناس لا يعلمون أن مثل هذه النزاعات تصبح أجمل وأروع عندما يزداد عدد المشاركين فيها عبر خدمة الرسائل التي تدر مالاً وفيراً يملأ بطون القائمين على القناة، ممن يدعون «صدق الدعوة لله والدفاع عن الدين الإسلامي»، واليوم اتسعت لتشمل وسائل التواصل الاجتماعي ووسائط الإعلام الجديد.

كثيرة هي الصور القاسية التي تسود المجتمعات الإسلامية اليوم، في مقدمتها الظلم والتخلف والأمراض السياسية والثقافية والاجتماعية، ونزعات التعصب الطائفي والعرقي المقيتة، وتطغى عليها مشاكل وصراعات متعددة في مختلف ميادينه ومجالاته بما في ذلك ميدان الثقافة والفنون، وتبرز صورها المؤسفة في التضييق على حرية الفكر والنشر ومحاصرة الثقافة ومصادرة الرأي الآخر، وشن الحملات العدائية المشحونة بالكراهية والحقد الطائفي.

لا يمكن أبداً التغاضي عن تهاون الحكومات، وفي أغلب حالات تلك التهاون، يظهر الاتهام واضحاً بلا تبطين في أن بعض الدول تغذي هذا النوع من الحملات لإشغال الناس، ولذلك، ليس عجيباً أن يتفرغ ذوو النزعات العدائية، سواءً كانوا مشايخ وعلماء أم برلمانيين أم وعاظ سلاطين، ومعهم أولياء نعمهم من المستبدين أرباب الرأي الواحد والنفوذ والمال، ليضيفوا إلى الأمراض الاجتماعية ما يسهم في مضاعفة الداء والمرض في جسد الأمة.

قلت عبارة وأكررها دائماً: «لا تنمو الطائفية ولا تكبر إلا في ظل دول وحكومات ترعاها… وتحافظ عليها».

عادل عبدالله المطيري

النقد السياسي وتعليقات فارس عوض

أكره أن أكون مادحا أو قادحا، فالمدح في غير أهله ظلم والقدح ظلمات، أما الكتابة السياسية التحليلية فأظنها أصبحت من المستحيلات.

ذلك ان التحليل السياسي في مجتمعاتنا اصبح من الصعوبة بمكان، حيث لا ثبات لموقف سياسي ولا تمسك بمبدأ فكري، حتى إن صناع القرار لدينا لا يمكنهم التكهن بقراراتهم الذي سيتخذونها غدا، فكيف للمحلل السياسي أن يحللها؟!

إذن لم يتبق لنا ككتاب ومتابعين للشأن السياسي إلا أن نعلق على الأحداث السياسية فقط، وهذا النوع من الكتابة الصحافية لم نبتكره، فهي مهنة معروف بالدول الغربية تحت مسمى «المعلقين السياسيين»، فكما أن للرياضة معلقيها، فإن للسياسية معلقيها أيضا، والذين يحاولون شرح ما يحدث أمامهم من قرارات سياسية وما يتوقعون من تأثيرات لها على المجتمع.

وكما يوجد في التعليق الرياضي معلق هادئ ومعلق حماسي، كذلك الحال في مجال التعليق السياسي، حيث هنالك المعلق السياسي العقلاني والهادئ وهناك من هو اكثر حماسا من المعلق الرياضي المعروف بتعليقاته الرياضية الرائعة «فارس عوض»، فتجد مثلا المعلق السياسي الحكومي يصيح بأعلى صوته بالفضائيات وعلى صفحات الجرائد الإلكترونية والورقية قائلا «يا ربا ما اروع هذه السياسية الحكيمة، ويا الله على هذا الإبداع الحكومي، يا الله ما هذه القرارات الخالدة، يا ربا على هذا الإنجاز يا ربا».

أما المعلق السياسي المعارض فيذكرني أيضا بتعليقات فارس عوض الحماسية والخالدة في لاعب مانشستر يونايتد «روني»، فقط استبدل اسم روني بأحد رموز المعارضة الكويتية.

ما أحاول أن ألفت النظر إليه هو غياب الكتابة التحليلية في صحافتنا العربية، ذلك لانتفاء الشروط الموضوعية لها أصلا والتي ترتبط بالساسة أكثر من ارتباطها بالمحللين، وأقترح بدلا عنها أن نعود إلى تراثنا الأدبي العربي الزاخر بدراساته النقدية التي تتناول العمل الأدبي بكل موضوعية بحيث تذكر محاسنه ومساوئه على السواء، ولنقتبس منها مصطلح «النقد» ولنستخدمه في كتاباتنا وتعليقاتنا السياسية تحت مسمى «النقد السياسي» والذي على أساسه نضع كلا من الساسة والسياسات تحت مجهر النقد السياسي، فنذكر ما لهم وما عليهم.

وعن نفسي، ربما أبدأ بسلسلة من مقالات النقد السياسي للحكومة والمعارضة والمجتمع من الأسبوع المقبل بإذن الله.

ملاحظة ختامية: فارس عوض، أنت مبدع جدا جدا، لدرجة أنك تستطيع تحويل مباراة عادية جدا إلى مباراة كلاسكو، وان تجعل من مشاهد مدمن على البرامج السياسية مثلي متابعا متحمسا لمباراة كرة قدم لا يعرف هل الفريقان يتباران على الكأس أم الدوري!

 

احمد الصراف

إليكم جميعاً مع محبتي

أي جهد مميز يحتاج إلى كلمة.. شكراً
لا تحرمنا من قلمك ودورك ضمن مجموعة التنوير

أحمد الصراف
هذا ليس سردا تاريخيا لما حدث معي شخصيا في الأيام القليلة الماضية، بالرغم من تأثري به، بقدر ما هو توضيح لما يعنيه الكاتب، اي كاتب، في نفوس قرائه وعقولهم.
قررت قبل ايام التوقف عن الكتابة، ومراجعة النفس في قراري، متسائلا، بيني وبين نفسي شفاهة، وسائلا قرائي كتابة، عن جدوى بذل كل هذا الجهد وتمضية كل هذا الوقت في كتابة مقال إن لم يكن هناك من يقرأ وينفعل ويتجاوب ويضحك ويحزن، وإن بصمت، ويلعن ويشتم ويحتج، وإن بأعلى صوت؟! وجاء الجواب بأسرع مما توقعت وبأكثر مما طلبت، فقد غمرني قراء «القبس الجميلة» بفيض مشاعرهم عن طريق اتصالاتهم الهاتفية ورسائلهم النصية وعلى الإنترنت والواتس أب وتويتر. وجميعها تقريبا تضمنت كلمات آسرة جعلتني أشعر بالخجل لشكي في جدوى كتاباتي وجهلي بنوعية قرائي. كما انتابتني مشاعر مختلطة عصفت بي سعادة من جهة لأنني أقدمت على خطوة كان لا بد منها لتعطيني دفعة معنوية ربما كنت بحاجة إليها. كما أنها من جهة أخرى أشعرتني بأن قلة تواصلي مع محيطي وضعت غمامة على عيني، فتواصلي الاجتماعي مع من يقرأ القبس نادر، إما لبعد المسافات، الفعلية أو النفسية والفكرية بيني وبينهم، وتزايد وجودي بعيدا عن الوطن! وعندما سألني الصديق أبو عبداللطيف عما دفعني للجوء إلى القراء بحثا عن إجابة لحيرتي، أو عن اثر ما أكتب في نفوسهم، قلت له إنني أشبه نفسي، منذ سنوات، بالبستنجي، أو الخولي أو الزارع، الذي يقوم صباح كل يوم، والكل من حوله نيام، بتقليم زهور حدائق الحي وتشذيب أغصان الزهور والورود أمام مداخل بيوت سكانه وعلى شرفات منازلهم، وتبديل تربة الأصص وزيادة سماد أحواض الزرع، وإزالة الأغصان الجافة وإبراز المتألقة منها، ورش أوراق الورد بالماء لتبدو وكأن الندى قد نزل عليها للتو، وليعيد الرونق الجميل لألوانها، ويعدل من قامات سيقانها لترتفع شامخة، وليحدثها لتتذكر أن تبتسم لمن ينظر إليها. وأنه قام بذلك كل يوم تقريبا لعشرين سنة تقريبا ولم يأت جار، إلا ما ندر، ليقول له «سلمت يداك» أو ليطري على عمله ويمدح ذوقه ويربت على كتفه ويبتسم له راضيا أو قابلا لعمله. وبالتالي، كان لا بد لهذا البستاني أن يتوقف عن سقي الزهور والاهتمام بالورد، وليشارك بقية أهل الحي في وضع الساق على الساق وارتشاف القهوة أو الشاي مع صحف الصباح! ولكن ما أن لاحظ سكان الحي حالة حدائقهم حتى تعالت احتجاجاتهم الجميلة، وتدفقت كلماتهم الرائعة، عبر مكالمات ورسائل لا تنتهي، تطالب الزارع بالعودة للعناية بزهورهم وتشذيب ورد حدائقهم، وتنظيف ما علق بمزروعاتهم من أوراق وأفكار بالية! وهنا هز أبوعبداللطيف رأسه موافقا ومدافعا بالقول إن مجتمعاتنا، بسبب ميلها لقضاء حاجاتها بالكتمان، هي مجتمعات بخيلة في الإطراء، ضنينة بالمدح، كريمة في النقد، سخية في إبراز العيوب، وكان حريا بي، وبعد ما بلغته من عمر وخبرة(!) أن أكون ملما بطبائع قومي واهلي، وأن أعرف أن كلمة «شكرا» لا تخرج منهم بسهولة، لجفاف نفوسنا التي تشبه بيئتنا الصحراوية. فمن منا فكر يوما أن يستيقظ ليقول كلمة «شكرا» السحرية للزوجة أو الزوج أو للخادم أو الطباخ الذي أعد فطوره؟ أو ليذهب خارج البيت، في ساعات الفجر الأولى، صيفا وشتاء، ليشكر من يقوم منذ سنوات بغسل سيارته؟ وما نسبة من قالوا شكرا لكناس الشارع على عمله؟ صحيح أن البعض يضع نصف دينار أو اكثر في يد ذلك المسكين، ولكنه يفعل ذلك كسبا للأجر وليس ليقول له: شكرا! فقد يكون هذا الكناس بحاجة إلى كلمة امتنان لما يقوم به بمثل حاجته إلى النصف دينار. وبالتالي، كان ربما لزاما عليّ التوقف عن الكتابة، أو تقليم وتشذيب حوض زهور الحي، للفت نظر محبي تلك الزهور والورد إلى ان من يرعاها ليس فقط بحاجة إلى كلمة طيبة، بل وأيضا لأنه يود أن يعرف أين تذهب كلماته، وهل هناك من يتجاوب وينفعل ويتفاعل ويضحك ويزعل، ويعبس مع ما يكتب، بمثل قدرته، ورغبته في معرفة إن كان هناك من يغضب ويرتفع ضغطه، وهو في مكتبه الهندسي، وإن كانت تصدر منه، وبينه وبين نفسه، همهمة احتجاج أو نية شتيمة أو لعنة، بهمس! كما أن علينا ان نعرف أن هناك من يؤدون أعمالا تفوق في قيمتها بكثير ما ندفعه من أجر للحصول عليها، ومن هؤلاء فراش المكتب وكناس الشارع وغسال السيارة وربما حتى صراف القبس! ومن أجل توضيح ما يعنيه الكاتب، أي كاتب لقرائه، وما تعنيه القبس كصحيفة ملتزمة، أود هنا مشاركة القراء في بعض ما وردني من رسائل على مدى خمسة ايام، وهي ليست بالضرورة افضل من غيرها، ولكنها ربما كانت، لسبب أو لآخر، مناسبة أكثر للنشر. ولخصوصية أسماء من ارسلها، فسأكتفي بذكر الاسم الأول، عدا الرسالة الأخيرة، وليعذرني من ارسلها. 

شهادات عابرة للقارات
من استراليا كتب علاء يقول: إنني من متابعي مقالاتكم منذ سنوات. وعلى الرغم من ان أغلب المواضيع التي تتناولها محلية أو خليجية، ولكنها تتشابه مع المواضيع العراقية. من موقعي في القارة الأسترالية أعتبر مقالاتكم بمنزلة غذاء روحي يومي أكره أن أخسره.
أما مناور، فكتب: أنا لا أعرفك الا عن طريق مقالاتك، وفعلا عشقت القبس اكثر بسببها. قهوة الصباح لا طعم لها بغيرك.
أما عبدالخالق، فقد طالب باستمراري، وقال: لا تقلل من أهمية ما تكتب، فلك تأثير على جمهرة واسعة من القراء. ويجب ألا نترك الساحة للرجعيين.
وفيليب من سويسرا: خواطركم تصب في الصميم، واتمنى أن يكون لك الوقت الكافي للقيام بما تحب.
متري من بيروت قال: استطيع أن أؤكد لك بأنه ليس من المهم أن تلقى كتاباتك اذنا صاغية او عيناً تقرأ، بل أن تجد صداها في العقول!
واقبال كتبت: انت لم تتعب ولم تيأس ولكنك مشتت، ربما تحتاج الى التركيز وأن ترتب اوراقك وتضع جدولا زمنيا لمشاريعك المتعلقة بالكتابة، سواء مذكرات او خواطر، وألا تقطع الطريق بمن تعلق بك.
زبيدة كتبت: منذ سنوات وأنا لا أقرأ اي جريدة لأن قراءتها تسبب لي اكتئابا وحزنا واخفاقا! ولكني أقرأ مقالتك اليومية على الإنترنت، وهي نافذتي على الداخل الكويتي الذي يزداد ضيقا يوما بعد يوم. لا تنقطع عن الكتابة، وان ارهقتك واتعبتك، فهي أكثر جدوى مما تعتقد، وهي تدخل الكثير من الأمل إلى نفوس اناس مثلي، واعتقد بأنهم كثيرون.  
إلهام من جبل لبنان كتبت: منذ تدرّجت في تعلم استعمال الحاسوب، ثم حصلت على خدمة الإنترنت (السيئة والبطيئة في لبنان) ومقالك اليومي ثابت في موعده الصباحي، أنا لا أقرأه وحدي، بل هو جزء من «باقات» أرسلها كل صباح في كل الاتجاهات، أراك تغربل وتصفّي وتقدم لنا الأطايب، تماما كما أفعل أنا،  وجهدك مشكور على كل حال، فالوقت لا يتّسع لقراءة كل ما على الشبكة العنكبوتية. أرى أن في مقالاتك تلك «الجرعة» من الموضوعية التي أحب، فلا دعاية ولا تعصب دينياً ولا مديح مجانياً لأهل السلطة. وبصراحة، حتى عندما لا أتفق معك حول فكرة ما، يكفيني أن أعتبرها «جديرة بالمناقشة» وهذا جل ما نطلبه من اي محاور!

نقطة ضوء من القبس
«مي» كتبت: أتابع و بشكل يومي مقالاتك كونك كاتبي المفضل من بين العديد من كتّاب المقالات اليومية. وأود من خلال هذا الرد أن أوصل إليك مدى أهمية ما أقرأه لك يوميا. بالنسبة لكتاباتك بخصوص التيار الديني المتشدد فقد أثريت معلوماتنا بشكل مباشر وواضح، وسلطت الضوء على تاريخ هذه الحركات وبدايتها والتنبيه من خطورتها، بالاضافة الى متابعتك الحثيثة لأنشطتهم والتعليق والتحذير منها، وقدمت لنا معلومات وفيرة عن مصادر ثرواتهم، والتزمت دائما بذكر مصادر معلوماتك، بالاضافة لما لديك من فكر وعلم نتيجة ما تقرأ من كتب ومما تعلمت، وكل ذلك أثلج صدورنا وعبّر عن آرائنا، حيث أصبحت ونحن معك ندا لهم فيما يفعلون، فأرجوك لا تتوقف. أما بالنسبة لكتاباتك الخاصة بنقد الأوضاع الاجتماعية للمرأة العربية و الدفاع عن حقوقها وحريتها، فأرجو منك أن تستمر، فهذه المقالات تقف في وجه أعداء حرية المرأة وتشعرهم بالخجل من تصرفاتهم. كما أستمتع بكتاباتك المتنوعة عن التاريخ أو المعلومات ونستفيد منها كثيرا عندما تذكر لنا عن اسم كتاب جديد تنصحنا بقراءته أو معلومة جديدة عن اختراع، وألاحظ طريقة طرحك الممتعة للمعلومة، مستندا إلى علم وفير، أو بتشبيهك لما يحدث بقصة فلسفية ممتعة وغريبة ثم تضيف تحليلك الشخصي.
أما الكابتن، فيقول عليك بالاستمرار في صراعك مع قوى التخلف، أنا معجب بعمودك.
ويقول جعفر: نتمنى ألا تتوقف، فقد تعلمنا أشياء مثيرة وجميلة منك، وأثرت بداخلنا مواضيع شيقة.
وكتبت فوزية: لم اصدق انك ستترك تواصلك مع قرائك، انها خطوة ربما أخذت الكثير من التفكير والتمحيص قبل الإقدام عليها، وما علينا سوى احترامها، و لكن لا بد ان نقول أيضاً ان الكتابة التي قدمتها لقرائك كانت ذات فائدة كبيرة لتنوع الأفكار والمعلومات التي يجهلها القراء، وكانت كتاباتك متنفسا لآخرين ممن يؤمنون بأفكارك المستنيرة التي تنم عن ثقافة إنسانية راقية ولكن لا يملكون ما تملكه من عقل منظم ولغة سلسة وغزارة في التعبير وصبر على البحث والتبحر المستمر، فكنت المترجم لما يفكرون به وانقذتهم من حاله الــfrustration   التي هم بها. لا يسعني، ومعي الكثير ممن اعرف، إلا أن اطالبك بالتراجع عن  قرارك، وأتمنى ألا تنقطع عن الكتابة. هناك أقلام رشيقة وأخرى جريئة في الصحافة الكويتية، ولكنك تمتلك الاثنين معا وزيادة، فانت من القليلين الذين يحترمون العقل ويطالبون بالتزود بالعلم حتى نصبح  بمستوى الامم التي على الاقل تفهم ما يجري من حولها ولا يضحكون من جهلها وتأخرها! لا تحرم قراءك من نقطه الضوء المطلة عليهم من القبس، على الاقل مرتين في الاسبوع، لفترة الاستراحة.
وتقول هنادي: أحمد الكاتب، لقد اخترت أن أسبق اسمك بالصفة الوحيدة التي أعرفك بها فنحن لم نلتق، وأحمد بالنسبة لي هو الكاتب المجهول الذي يتحدث بلسان العقل في مجتمع فقد عقله وضميره! عندما أقرأ السموم التي يبثها ثعابين التطرف الديني أحزن ولا أجد عزائي إلا في مقالاتك التي تظل شوكة في خواصرهم وترياقاً يحمي المسموم من الموت بين انيابهم. أرجوك استمر، نحن وراءك جميعاً وننتظر اليوم الذي تنتظره أنت حتى و لو بعد حين.
ويوسف يتساءل: هل على كل من يحمل شمعة أن يطفئها كلما التقى بمن يبغض النور؟ الرجاء المثابرة!
وحسن أضاف: كتاباتك اليومية تضيء صحافة الكويت ويجب أن تستمر.
وفارعة قالت: يا نصير الحرية والحق صاحب القلم المستنير، سأكون أكثر المتضررين فيما لو انقطعت عن الكتابة. لا تعتقد أبدا بأن مقالاتك تذهب سدى. المتأثرون كثر وما تفعله إنما هو دورك  ضمن مجموعة التنوير وضمن من حملوا على عاتقهم التغيير نحو مجتمع إنساني منفتح يحتفي بالثقافات الأخرى ويساهم في بناء حضارة إنسانية في المنطقة، وان حاول غيره الهدم. لا تتركنا. «إحنا نموت عليك يا معود إذا انت تترك من يبقى في الساحة؟» انت تقوم بالتغيير صدقني، قلمك مؤثر جداً وأنا عن نفسي لم يعد لدي وقت لأقرأ لكل الكتاب، فأصبحت اكتفي بمقالك في القبس ومقال زميلة عزيزة في جريدة الجريدة.
عدنان يقول: لم اتوقع منك هذا الشعور بالإحباط واليأس. ولعلمك وليس مجاملة، فأنت تعتبر من أميز الكتاب في الصحف الكويتية، والموضوعات التي تطرحها قيمة وبعيدة كل البعد عن التحيز والطائفية والشخصانية، ان زوجتي وهي متدينة معجبة بما تطرحه من آراء ومقتطفات ومعلومات مفيدة. الصحافة الكويتية محتاجة وبشدة الى اراء نيرة ومخلصة ومحبة للوطن والمصلحة العامة، فهناك الكثير من الكتاب المرتزقة والمتطرفين والذين يتبعون الدينار وأهل النفوذ والمصالح الشخصية والحزبية والمأجورين. إن صاحب الرأي الحر والمخلص والشفاف لا بد ان يواجه بعض المشاكل والعراقيل ولكن احب ان أؤكد لك أن الكثيرين يحترمون ويقدرون ما تطرحه.
وكتب وديع: لا تلق القلم يا احمد ولو تعبت، ولا ترم الرسالة التي حملت طويلا ولا يأخذك الوهم ولا التردد، مهما أخذت منك الكتابة اليومية، فلا يوازي ذرة من الاحترام الذي كسبته، ومن المكانة التي كونتها في قلوبنا. إن كان لا بد من القدر، فاسقط انت والقلم معا.
نوال من دبي تقول: إن الشعور بالمسؤولية يجري في دمك، ولن تستسلم رغم السلبيات التي نعيش فيها واعتقد بأنك نورت جيلاً وأجيالاً، ووضعت حدودا لتجاوز الكثيرين لواجباتهم ومسؤولياتهم وقلمك وكلمتك، والقلة أمثالك أملنا وكنز مجتمعنا.
مشاعل تكتب: أنا و أسرتي نقرأ لك منذ سنوات. الكتاب من امثالك ينطبق عليهم قول السيد المسيح «صوت صارخ في البرية» نحن نسمعك بوضوح واهتمام،ونشد على يدك.
وكتب خالد من الصليبية قائلا: قرأت مقالك، وأحب اكلمك من دون تكلف. أنت من الذين غيروا في طريقة تفكيري، ومقالاتك من اخف وامتع المقالات وخصوصاً المترجمة، لأننا، نحن معشر«الجهلة» باللغة الانكليزية؛ نعتبرك وامثالك الواحة في الصحراء القاحلة. شيء كبير جدا اذا قدرت أن تؤثر، وخصوصاً بالطبقات السفلى اجتماعيا. مع تحيات متابع لمقالاتك من الصليبية، يمكن ما تعرفها؟!
وسمية كتبت: هل هذه مفاجأة؟ بعد أن تعودنا على قراءة الصفحة الاخيرة قبل الاولى تأتي وتسألنا هذا السؤال؟ هل تريد منا ان نهجر القراءة؟ لا والله، القبس من دونك ما تسوى، رجاء لا تتركنا.
وصافي قال إن توقفي سيدفعه لقراءة مقالاتي القديمة.
وعماد كتب: إنني من اشد المؤيدين لاستمرارك في الكتابة. فان  تحليلك وفهمك لما تمر به الأمة يساعداننا على فهم ما يجري من حولنا. أصبحت سمة التخلف والتشرذم لصيقة بنا، فمع تقدم العالم نتراجع نحن إلى الجاهلية .
وتقول قارئة: منذ ما يقارب 15 سنة مضت، وقد كنت في حينها في بداية حياتي العملية، قرأت مقالتك عن قصة علبة البسكويت، والتي تحكي عن سيدة كانت تنتظر طائرتها فاشترت كتابا وعلبة بسكويت لتمضية الوقت.. إلخ. ومنها تعلمت أنه لا يمكنك استرجاع الفرص بعد ضياعها ولا يمكن استرجاع الرصاصة بعد انطلاقها، فشكراً لك على ذلك الدرس، الذي لم أنسه منذ يومها.
وكتب يعقوب: مع كل ما ربطنا من زمالة ومودة وصداقة، فانه قد يكون اعجابي بما توصلت اليه من كفاءة بالكتابة زائد القدرة على إظهار افكارك متحيزا، فأسلوبك فيه الكثير من الحرفنة، أنا كأحد الكثيرين من أصدقائك فخور بكل ما حققته ككاتب رئيسي ومقروء في القبس.
محسن كتب: تألمت لما تضمنه مقالك من شعور باليأس والإحباط، وأرجو أن أكون مخطئا في فهمي لما كتبته. وأود أن أؤكد لك أني من القرّاء الدائمين الحريصين على الاطلاع على ما تكتبه كل يوم، وفي كثير من الأحيان أستبق وصول الجريدة إليّ في الصباح، فألجأ إلى الإنترنت لأقرأ مقالك قبل أن أنام. وأعتقد أن هناك الكثير من القراء الذين لديهم حرصي واهتمامي نفسهما. بل إني أقدر لإدارة جريدة القبس إفساح المجال لمقالاتك في موقع متميز من الجريدة في الصفحة الأخيرة، حيث كنا نقرأ للراحل محمد مساعد.
ومريم قالت: أقرأ مقاتك وأحيانا أستشهد بها وأتأثر بما تحتويه ربما لصغر سني، فإني مازلت أثق كثيرا بحسي اخلاقي ولا أطاوعه، ولكن معرفتي بالقانون من خلال مقالك زادتني ثقة بنفسي. مقاتك فيها الكثير من ايجابيات، وأنا أتفق معها، وقد اكتشفت أن والدي أيضا معجب بمقالك، رغم أنه يستدرك، واصفا إياك بأنك «ليبرالي حييل».
عهدي كتب: من يكتب مقالا فيه رأي حصيف وجيد فلا يهتم برأي الناس، العبرة بالرأي أو الفكرة التي تكتبها واغلب آرائك جيدة وتستحق المتابعة. انا من قرّائك الدائمين، وكثير ما تناقشنا في ما تكتبه مع مرتادي ديوانيتنا.
سعاد كتبت: هل داهمك اليأس؟ لست تراني لائمة! فما الذي يدعو لغير ذلك؟ ولكنك لا تملك هذا الحق !أحاول منذ زمن أن أنجو من عادتي  في تعكير مزاجي مع قراءة الجريدة كل صباح، ولكني أفشل دائما، لا لأنني شديدة الولع بتعذيب نفسي، ولكن لوجود أمل في داخلي بأنه حتما ستقع عيناي على ما يسعدها، وبأن هذا الوطن يستحق أن نتمنى له الخير، والأمل يجعلنا ننتظر.
سليمان من لندن: إن توقفت عن الكتابة فسأتوقف عن القراءة، وتتحمل مسؤولية ما أعانيه من جهل في المستقبل. فمنذ تقاعدت وأنا امضي بضع ساعات في قراءة كتب لم أحلم بقراءتها. أنا في الواقع أبالغ، ولكن ليكن في علمك أن هناك العديد منا سيصيبهم نوع من الاكتئاب إذا كان أمثالك من كتّاب سيتركون الكتابة فأفضل ما في الغربة هو قراءة مقالاتكم. وفي الختام، أم سعود «تقولك بطل هالسوالف وخلك على الكتابة».

نستشهد دائماً بما تكتب
عادل يقول: نغمة اليأس في مقالتك امس ما كان يجب ان تخرج منك. طبعا انت تحمل راية وشعلة تنوير المجتمع، وتسبح عكس التيار، وتعلم ان تأثيرها بطيء اذا قيس بعمر الشعوب، ولكن يبقي لها تأثير. ففي الديوانية دايما نستشهد بما كتبت لتأكيد فكرة معينة، وبين عائلتي الصغيرة لما اقول لاولادي ما سطرته بقلمك من معلومات فان عيونهم تتفتح للآخر ويرغبون في المزيد وهذا في حد ذاته تأثير واضح وايجابي.
وكتب عبدالله (بالإنكليزية) لا تتوقف عن الكتابة: أنا أعلم أنك تقضي الكثير من الوقت لتكتب شيئا لا تستغرق قراءته إلا لحظات، وهذا ما يجعل أسلوبك في الكتابة مميزا، ولا يتطلب من القارئ بذل عناء كبير لفهم ما تريد قوله. لديك حس فكاهي، فقد اضحكتني في مرات كثيرة وأنا اقرأ مقالاتك، فلا تتوقف.
وكتب من وصف نفسه بانه تجاوز الستين: لم أكتب لصحافي أو لصحيفة أو حتى لمسؤول حكومي: غالبا ما كنت أقرأ لك وللشرفاء أمثالك، فأقول: جزاك الله  خيرا أو أقرأ لآخرين، وهم كثر للأسف، ينطقون بما لا يفقهون، ويخوضون فى أمور لا يدركون ما تجره من تبعات على هذا الوطن كلما أمسكوا بأقلامهم، وكتابتي لأول مرة من منطلق تقديري لشخصك الكريم ولقلمك، فلا تضع قلمك جانبا ولا تخفف فالتخفيف، مكروه فى هذه الأمور.    
شريفة تقول: على الرغم من أنني ابلغ 21 عاما فقط، فإنني اجد في مقالاتك الكثير، وأنتظر ما تكتب يوميا بفارغ الصبر.. لا تتوقف.
محمود يقول: هناك دائما مَن يثمن ويفهم ويتأثر بكتاباتك في عامودك. براعة الكاتب في استحواذه على اهتمام القراء وأنت واحد منهم.
انا لا اقرأ يوميا سوى مقالتك وحوالي عشر دقائق من القبس. اعتقد انك تنتمي الى آخر جيل كويتي مثقف ومستعد للعمل الجاد، لذلك يجب ألا تتوقف عن الكتابة للاجيال التي تبعتك.
عادل من لندن كتب: اقرأ كل كتاباتك وأحبها كثيرا، فأكثرها مرهم للجرح، أرجوك الاستمرار وأن تكثر منها. أما زوجته الدكتورة فكتبت: نحن نعيش في لندن ونستمتع بقراءة مقالاتك، ودوما نرسلها إلى أصدقائنا، وكلهم يستلذون بها وبما فيها من معان فنرجوك أكمل المشوار واستمر في العطاء.
ميسون تقول: كنت وما زلت من المعجبين والمتابعين لمقالتك اليومية في جريدة القبس وكانت كجرعة الفيتامين المغذية، التي أحرص على تناولها مع فنجان القهوة في عملي صباحا. وفي هذا الصباح تصفحت جريدة القبس وكلي شغف للوصول إلى الصفحة الأخيرة من أجل قراءة مقالتك، وكم كانت خيبتي ثقيلة حين لم أجدها، وتذكرت ما كتبته عن نيتك الاعتزال فشعرت بوقع الخيبة أكثر. بالطبع ليس لي الحق في أن أثنيك عن قرارك فيما لو اتخذته فعلا، لكني أجد أن من حقك معرفة أني واحدة من متابعيك وقرائك الذين حتما سيفتقدون مقالتك القيمة بشكلها ومضمونها. سنفتقدك حقا، أرجو أن تواصل الكتابة. وبعد أن اقتفيت أثرك وجدت موقعا باسم «كلام الناس» يحتوي على جميع مقالاتك، أسعدني أنني وجدت أرشيفا لها، ولكن مع ذلك أعتقد أن مقالاتك على الصفحة الأخيرة في القبس لها وقع صباحي منعش.
محمد «الثالث» قال إنه لم يشارك في حملة ثني عن التوقف عن الكتابة، والسبب أنه كان على يقين بأنني غير قادر على ذلك، ليس ضعفا أو عجزا من جانبي، بل لأنه وبقية قرائي «لن يسمحوا بذلك!! خاصة بعد ان أصبحت جزءاً مهما من برنامج القراءة اليومي لمن كتب لي ولمن لم يكتب من قراء القبس».
وقال: من يقرأ لأبي طارق يلاحظ ب سهولة الجهد المبذول ودقة المتابعة وعمق الفكر وحتى حين لا يتفق البعض مع ما تكتب يشيدون بالجرأة والمثابرة في مناقشة قضايا قد يصنفونها من المحاذير أو المحرمات، وهذا لا شك جهد مشكور باتجاه تحرير الفكر من قيود المجاملة أو المهادنة المقيتة، التي أراها أحد أهم الأسباب لما نحن فيه . ولذلك اسمح لي أن أقول وأكرر «لن نسمح لك يا أحمد»!
وكتب نجيب: نجحت بجدارة في ملء الفراغ الذي خلفه أبو طلال، لذلك نرجو منك الاستمرار.
وأخيراً، نختم هذه المشاركات برسالة المهندس علي العبدالله: حين وقعت عيناي على عنوان مقالتك الأخيرة «هل تعبت أم يئست؟»، انطبعت في ذهني إشارتان: الأولى «هل تَع.بَتْ أَم يَئ.سَتْ؟» والثانية، «هل تَع.بْتُ أَم يَئ.سْتُ؟»! ولكن.. وبمجرد أن قرأت السطر الأول تحققت ان الأمر مرتبط بشخصك العزيز. وبعد قراءتي المتكررة للمقال ارتأيت أن أتريث قليلاً، ريثما يستقر غبار الصراع بين العقل والعاطفة. وبعد أن انتصر العقل على العاطفة مع بعضٍ من عطف العقل تجاه العاطفة، بَرَزَتْ أمامي جُمل وكأنها كُتبت بمداد مميز عن باقي المفردات، مع التأكيد على أهمية كل كلمة لكونها النسيج المتكامل لمقالة، لا شك اختصرت عشرين سنة من «المعاناة  والنشوة».
تقول «أسعدت البعض، ولكني حتما أغضبت الأكثر»، وأنا أقول يا أخي الفاضل، أليس هذا هو الوضع الطبيعي؟ «إن إرضاء الناس غاية لا تدرك»، خاصة ان هناك شرائح من المجتمع تبغض الحقيقة، لأنها، إما تتضارب مع مصالحها أو توجهاتها الدينية والفكرية.. هذا إذا كان لديها الفكر أصلاَ! وهناك أيضا من لا يتفقون معكم لأنهم لا يريدون تعكير صفو من حولهم. وهناك أسباب أخرى كثيرة، منها الجهل المطبق على العقول.
تقول «.. بل لصعوبة صياغة ما أود كتابته بطريقة سليمة، بحيث يخرج جميلا، ولا يمنع من النشر، ولا تحذف منه فقرة هنا أو كلمة هناك.. الخ». أقول إن جهودك هذه لم تذهب قط سدى، فإنك تصيغ ما تكتب بلغة بليغة ومترابطة تتميز بالقوة والجمال، وان استدعى الأمر بالقوة والصراحة وبشجاعة يفتقدها الكثيرون ممن ينعتون أنفسهم «بالكتّاب» أو يُنعتون، كذلك لا فرق. إن الجهد والوقت والمعاناة التي تبذلونها هي من جودك وكرمك لإيصال «الرسالة» وإدخال السعادة الى قلوب القراء، وأنا منهم. لقد نذرت نفسك لذلك، وهذا قمة في العطاء النبيل. وتسترسل، الى حيث تقول، «ولكوني كاتبا غير محترف ولا حتى بالضليع بأسرار اللغة». هذا تواضع منك جمّ. قد لا تكون ضليعاً بأسرار اللغة، لأن ذلك تخصص عميق لا يناله الاّ من كرّس حياته وتفرغ لدراسة أسرارها، ولكنك من دون شك، وان كنت تقول بتواضع إنك غير محترف– وهذا ليس إطراء- فأنتم تكتبون باحتراف. وكم من «كتّاب» يُعتبرون أكاديميين تزعجني لغتهم قبل فحوى ما يكتبون! منهم من لا يعرف ان «لم» تجزم! ومنهم من لا يعرف الفرق بين «التاء المربوطة والمفتوحة» وهؤلاء «كتَّاب» في الصحف اليومية.
وتقول «فمن الطبيعي أن تكون عملية الكتابة اكثر صعوبة بالنسبة إلي، مقارنة بغيري من زملاء أكاديميين ومحامين وشعراء وأدباء!»، أعتقد ان الصعوبة نتيجة حرصك على أن تكون كتاباتكم، وكما قلتم، «سليمة بحيث يخرج الكلام جميلا، ولا يمنع من النشر، ولا تحذف منه فقرة هنا أو كلمة هناك.. الخ»، ولا علاقة له بانك لست اكاديميا أو شاعرا أو أديبا. وقد أثلجت صدري حين قلت: «وربما تكون محبة البعض، على قلتهم، لما أكتب، هي الجائزة الكبرى..». وأنا أقول: في المقابل، انت وسام على صدورنا لما تتمتع به من شفافية وشجاعة في طرح الكثير من الأمور التي يرتعد البعض من الاقتراب منها، خوفا على مصالحه أو إرضاءً لمن يدور في فلكهم.
إن ما أوردته ليس إلا ما أشعر به بكل صدق، ولم أقصد التأثير في قراركم بشأن الاستمرار من عدمه. لا شك، كغيري ممن كتبوا اليك، أتمنى أن تستمر. ونحن بانتظار مؤلفاتك التي وضعت مسوداتها منذ سنوات. وفي الختام، أهديك قصيدة كتبتها منذ عدة سنوات حين كنت بين مجموعة من المعارف والأصدقاء ضمن BOOK CLUB  وكنا قد قرأنا «المعذبون في الأرض» للدكتور طه حسين، واجتمعنا لمناقشة الكتاب وكانت مساهمتي بهذه القصيدة:
 من وحي «المعذبون في الأرض» للدكتور طــه حسين:

«طَه حُسَينُ»،  لَقد  هَيَّجتَ ل.ي طَـرَبًا
شَر.بتُ   م.ـن  نَبع.ـكَ  الأَفكَارَ وَالأدَبَا
كَم سَـوَّدُوا  صُحُفًا،  ثُمَّ ادَّعَـوا   أَدبًا
 تَقَيَّأوا  فَـوقَ  صَفـحَات.  الك.تَاب. وَبًا
وص.ــغتَ لَفـظًا رَز.ينَ اللَّـحن.  مُتَّز.نًا
س.ــحرُ البَيَان. أَتَانَا م.ن لَـــدُنكَ سَــــنًا
رَسمتَهُ  صُـــــــوَرًا، عَايَشتُـهُ  حُلُمَـا
وَص.غتَهُ عَاص.ـفًا م.ـــن ثَمَّ فَـوقَ رُبىً
حَتَّى سَم.عتُ ضَج.يجَ الصَّمت. وَاعَجَبًا
«مُعَذَّبُونَ»  ب.دُنـيَانَـا ؟!  فَلَـــــيسَ لَـنَا
فَت.لكَ  قَد سُجّ.لَت ف.ي  لَـــــوح. مَو.ل.دنَا

بَعدَ الَّذ.ي كَانَ  ف.ي الأَسفَار. مضطَر.بَا
فَفَاضَ ف.ي القَلب.  نَبعٌ،  بَعدَمَا نَضَبَا
 يَح.يلُ   قَلب.ـي  سَق.يـمًا  مَلـؤُهُ   الكُرَبَا
وَيحلُمُــــونَ ب.ب.نـت. الكَــــرم.  وَالع.ـنَبَا
وَكُلُّ لَفـــــظٍ أَرَى ف.ي رَحم.ـــــه. كُـتُبَا
كَأَنَّــــــهُ ب.مَـــــدَاد. التّ.بـر. قَـــد نُـظ.مـَا
أَسقَيتَن.ي م.ن شَـــرَاب.  اللَّفـظ. مَا عَذُبَا
أجلَستَن.ي، وَفُـــــؤَاد.ي نَبضُـهُ سُـــل.بَا
أَو خ.لتُ نَفس.ي أَرَى ف.ي صَخب.ه. عَجَبَا
أَن نَعلَـــمَ الغَيبَ أَو أَن نَفقَهَ  السَّبَبَــا
فَمَا لَنَا أَن نُث.يـرَ السَّــخطَ والغَضـــَبَا

محمد الوشيحي

للكويت يا محسنين

مازالت في ذهني صورة ذلك الشايب البخيل، الذي يقتّر على أبنائه وبيته وأهله، حتى إنه لم يدفع فلساً أحمر لابنه في حفلة زواجه، وليته اكتفى بذلك، بل طلب من ابنه أن يعطيه جزءاً من الأموال التي حصل عليها من أصحابه (هي عادة اجتماعية بحيث يساهم أصدقاء العريس في تكاليف الحفل)، وبالفعل أعطاه ابنه المبلغ، فاشترى الأب لنفسه سيارة جديدة واستأنف حياة البذخ على نفسه، تاركاً بيته وأهله يتدبرون أمورهم الصعبة بطريقتهم، وكأنهم في تدريب للصاعقة لا ينتهي.
وكذا تفعل حكومتنا اللطيفة معنا كشعب، فتهمل خدماتنا واحتياجاتنا، فلا هي تدعمنا ولا تتركنا، بل تأخذ من مصاريف أفراحنا لتشتري لنفسها سيارة جديدة وتستأنف حياة البذخ، وترتدي بشت حاتم الطائي فتبعزق مصاريف البيت على الجيران والخلان هنا وهناك.
وأجزم أن الأوروبيين لا يمكن أن يوافقوا على دفن كلابهم أو قططهم في مقبرة بحال ومستوى "مقبرة صبحان"، حيث التكييف المتعطل، والمكان الضيق، والسيارات التي تقف تحت شمس عمودية منزوعة الرحمة، والفوضى العارمة، والعرق الذي يمكن أن يتحول إلى "طاقة بديلة" في حال نضوب النفط، والتراب العاري من البلاط، الذي يستقبل عينيك وأنفك بترحاب وأحضان، ووو…
لذا، سننتهج ككويتيين نهجاً جديداً في تعديل وتحسين مستوى مرافق الدولة ومبانيها العامة، وسنبدأ بحملة جمع تبرعات لمقبرة صبحان، ومقبرة الجهراء أيضاً بعد أن طلب سكان الجهراء ذلك، وإذا قدّر الله لنا النجاح في حملتنا، فسنلتفت لقاعات المحاكم ونجمع تبرعات لتزويدها بالتكييف ونظام التهوية (الاختناق في بعض القاعات يجعلك تتمنى سرعة صدور الحكم عليك حتى لو بالسجن كي تخرج من القاعة قبل أن تموت)، وبعد قاعات المحاكم سنبدأ حملة ثالثة لبناء مواقف مظللة للسيارات في "مجمع الوزارات"، وهكذا، ومن يدري لعل الحماس يأخذنا فنجمع تبرعات لتطوير أسطول الخطوط الجوية، وبقية الخدمات، ونعيد تأهيل الكويت كدولة يمكن للقطط أن تقبل العيش فيها.