احمد الصراف

مبالغات اللواء عبد الفتاح

“>صرح اللواء عبد الفتاح العلي، مدير المرور، المسؤول عن الحملة الأمنية، بأنه لا يوجد شعب في العالم مثل الشعب الكويتي احتراماً (هكذا) للقانون، ومشكلتنا في إدارة المرور هي مع الوافدين!
ولو كنت وزيرا للداخلية لأعفيت الرجل من منصبه، ليس لسوء لغته، ولكن لما تضمنه تصريحه من تجن، وبعد عن الحقيقة والدقة!
أولا: قد يكون الوافد أكثر ارتكاباً للمخالفات، ولست متأكداً من ذلك، فاللواء لم يورد أي إحصاءات تدعم ما قال! ولنفترض صحته، فإن للأمر أسبابه، فقد نسي أو تناسى أن عدد الوافدين، بفضل جهوده وجهود من سبقه من رجال أمن وأعضاء أمة ووزراء، أكثر بضعفين تقريبا من الكويتيين، ومن الطبيعي أن تكون مخالفاتهم أكثر!
ثانياً: الوافد لم يدخل البلاد متخفياً، بل نحن الذين دعوناه ومنحناه ما يحتاجه لأداء عمله، فكيف نأتي ونلومه على ارتفاع نسبة مخالفاته؟ ثالثا: حاجة الوافد لإجازة قيادة أكثر من المواطن، فهم يقومون بكل الأعمال التي نرفض القيام بها، من قيادة سيارة الأجرة الجوالة، والحافلات والكرينات والتراكتورات وصهاريج المياه، ولا ننسى تناكر المجاري طبعا! رابعا: لو تفحصنا سجل كل مقيم تسبب في أكبر عدد من المخالفات، ممن تم ترحيلهم، لوجدنا أن السيد اللواء ومن سبقه، وغيره من الضباط وأعضاء مجلس الأمة والوزراء ربما هم الذين سهلوا حصول هؤلاء على رخص قيادة، من دون المرور بالاختبارات الصحيحة، فكيف يأتي اليوم ويلوم الوافد على مخالفاته؟ علما بأن نسبة كبيرة منهم دفعت للكويتي لكي لا يمروا باختبارات القيادة؟ خامسا: لا يمكن أن نكون أكثر شعب يحترم قوانين المرور في العالم، إن كنا غير ذلك في بقية جوانب الحياة، فهذا أمر لا يستوي والمنطق السليم، فنحن شعب غالبيته متخلف، ولا يمكن أن نحترم القانون إن كانت غالبيتنا لا تعرف ما القانون! ولا يمكن أن نكون الأفضل في احترام القانون إن كانت الرشوة والفساد ينخران في كل جسم وزاري وإداري! وبالتالي فإن اللواء عبد الفتاح يستحق جائزة نوبل في «المبالغة»، إن وجدت! فالحقيقة أننا أكثر شعب يخالف، وأكثر شعب يسرع ويتجاوز الغير برعونة، وأكثر شعب يحتل مواقف المعاقين وأكثر شعب ينتقل بسيارته من حارة لأخرى من دون اكتراث بالغير، وحتى الكثير من رجال المرور يبرعون في ذلك! كما أننا أكثر شعب يستعمل كتف الطريق بسيارته التي تغطيها النصوص الدينية، وفوق كل هذا نحن أكثر شعب يطلب منه الإدلاء بصوته في الانتخابات.
• ملاحظة: قيام وزيرة الشؤون بإحالة العدد الأكبر من قياديي الوزارة للتقاعد وقبول استقالة آخرين، من دون أن يحتج وزير أو نائب سابق أو متنفذ، خير دليل على خراب الوزارة! فكيف نكون اكثر شعب يحترم القانون، وغالبية هؤلاء يستحقون الطرد من وظائفهم في أخطر وزارة؟ شكرا للوزيرة ذكرى الرشيدي.

أحمد الصراف
[email protected] 
www.kalamanas.com 

مبارك الدويلة

المبدأ واحد لا يتغير

قبل نهاية اللقاء التلفزيوني الذي جمعني مع الزميل د. عبدالمحسن جمال على شاشة قناة اليوم، اثار الزميل المحترم موضوع مشاركتنا كتيار للحركة الدستورية الاسلامية مع بقية التيارات في انتخابات مجلس 1981 مع انه جاء بمرسوم ضرورة غير الدوائر من عشرة الى خمسة وعشرين! وتساءل مستغربا ومستنكرا: كيف ترفضون اليوم المشاركة وتدعون انكم اصحاب مبدأ؟!
ولما كان البرنامج في نهايته ويتحكم فيه مقدم ومدير للحوار فقد التبس على البعض من الاصدقاء والمتابعين فهم اجابتي مما اجد من المناسب ان اوضح ما قصدت في هذا المقال!
نعم… كانت مشاركتنا في مجلس 1981 من اجل المبدأ، وجاء رفضنا للمشاركة في مجالس مراسيم الضرورة للمبدأ نفسه! وقد تقول وكيف ذلك؟! والجواب انه في عام 1980 اعلنت الحكومة نيتها لتعديل الدستور وشكلت لجنة لذلك، ولكن اللجنة خيبت ظن الحكومة عندما جاءت تعديلاتها في غير رغبتها، ثم اعلنت عن مقترحها لتعديل الدستور نحو تقليص ادوات البرلمان الرقابية وعدلت الدوائر الانتخابية لتحقيق اغلبية برلمانية تساعدها على تمرير التعديل المطلوب، وهنا قررت المعارضة السياسية بكل اطيافها الدخول في البرلمان لاجهاض الارادة الحكومية، وهذا ما حصل عندما اضطرت الحكومة في نهاية المطاف الى سحب مقترحها واغلاق باب التعديل الى غير رجعة!
وفي عام 2012 غيرت الحكومة منفردة، وبمرسوم ضرورة، آلية التصويت عل وعسى ان يأتي مجلس وديع معها ولا يخالفها الرأي، فقررت المعارضة رفض المشاركة بالانتخابات انطلاقا من مبدأ المحافظة على الدستور! ذلك ان المشاركة تعني القبول بمبدأ تعديل قوانين الانتخاب من طرف واحد، وهذا يعطي حق حل اي مجلس امة لا تتحقق للحكومة فيه اغلبية مريحة، ثم تعدل قانون الانتخاب بمرسوم ضرورة يضمن لها الاغلبية المطلوبة، وعندها تفعل الحكومة ما تشاء! لذلك انطلاقا من المبدأ نفسه، وهو المحافظة على الدستور والمكتسبات الدستورية، نشارك هناك ونقاطع هنا! لذلك سواء تحصنت مراسيم الضرورة ام لم تتحصن، المبدأ واحد لا يتغير!
ومادام اننا نتحدث عن المناظرة المذكورة مع الدكتور الفاضل الزميل عبدالمحسن جمال، فمن المناسب ان أعلق ولو بشكل سريع على تبسيطه لامر خلية التجسس الايرانية، واعتباره امرا عاديا ويحدث دائما بين الدول! وهنا مكمن الخطر ان نعتقد ان القبض على شبكة تجسس لمصلحة دولة اجنبية ثبتت التحقيقات انها صورت المرافق الحساسة بالدولة، وكانت تنوي القيام باعمال مضرة بالمصلحة العامة وفيها بعض الكويتيين، ومع هذا نعتقد انه امر عادي؟! ونبرر هذه الجريمة بانها حدثت ومازالت تحدث كثيرا ونضرب مثالا بحادثة قتل كويتي لجندي اميركي بعد احداث 2001/9/11.
الاغرب من ذلك انه مدح انجازات مجلس الصوت الواحد! وهو يعلم علم اليقين انه مجلس في الغالب ناقص عقلٍ ودين! وبالمقابل يتهم الحركة الدستورية الاسلامية بانها كانت دائما موالية للحكومة، ويتناسى ان تياره الذي ينتمي اليه وهو الائتلاف الوطني الاسلامي كان من اشرس المعارضين للحكومة، ولكن فجأة وبعد حادثة التأبين لعماد مغنية تحول 180 درجة، واصبح من اشد التيارات الداعمة للحكومة على الخير والشر.
•••
ادعو كل كويتي ينوي الحج هذا العام، وكان قد حج فرضه ان يستريح في بيته وسيحصل باذن الله على اجر حجته، استجابة لطلب السلطات في مكة والتي تجري في حرمها اصلاحات انشائية كبيرة هذا العام تعرقل استكمال الحجاج لاركان الحج وتهدد حياة الناس بالخطر نتيجة للزحام المتوقع.

سامي النصف

في التنظير السياسي.. الأهم من المشاركة أو المقاطعة!

كنا ومازلنا في الكويت نلوم الحكم الفردي الذي ساد دولنا العربية منذ الخمسينيات كحال مصر والعراق وسورية وليبيا.. الخ، لتردي الاوضاع فيها، ونقول لو انتهجت القيادات الثورية ضمن تلك الدول المسار الديموقراطي وشاورت وسألت لما حدث ما حدث لها ولدولها من دمار وخراب ودماء.

الغريب اننا لو اتينا للعمل السياسي في البلد وسألنا التوجهات السياسية التي شاركت في الانتخابات الماضية عن كيفية اتخاذ تلك القرارات المصيرية، لوجدنا ان القرار قد اتخذ على مستوى فردي لا جمعي، والامر يمتد للتوجهات التي قاطعت بالامس وعادت اليوم لتشارك، وكيف تم اتخاذ القرارين لديها؟ وهل كان عبر عمل مؤسسي منظم ام بقرارات فردية؟ لوجدنا الجواب نفسه الذي يؤكد على فردية القرار في العمل السياسي الكويتي.

هذا الامر يمتد بشكل اكبر لبعض القيادات السياسية التي اضرت بأنفسها وألقتها وتوجهاتها في التهلكة السياسية عبر سلسلة طويلة من القرارات شديدة الخطأ من خروج للشوارع والرهان على «ربيع كويتي» رغم اختلاف المعطيات والظروف ومطالبات خارجة على الدستور رغم شعارات الحفاظ عليه، ورفض قرارات المحكمة الدستورية، ورفض المشاركة في انتخابات الصوت الواحد للفوز بها واسقاطه، وقرارات اقتحام مجلس الامة والتعدي على من حصنهم الدستور من التعدي، وعدم الوعي لحقيقة ان المقاطعة هذه المرة قد تعني ابتعاد تلك التوجهات عن العمل السياسي لسنوات طويلة قادمة سينساها الناس خلالها.

مما سبق، نرى طغيان «الفردية»، اذا لم نقل الديكتاتورية، على العمل السياسي الكويتي واتخاذ القرارات عادة التي تفيد الزعامات الملهمة بأكثر ما تفيد التوجه السياسي المعني، فإن قررت القيادة الملهمة ـ او المستلهمة ـ المقاطعة وجب المقاطعة دون نقاش، والا اعتبر من كان له رأي آخر خائنا يستحق النقد والتقريع والتشكيك في دوافعه، ثم تقبل سيل من الاتهامات تنتهي عادة بطرده والتبرؤ منه كونه فقط تجرأ وناقش قرارات القيادات الملهمة المعصومة التي تستلهم المواقف من الوحي «البشري» الذي تتنزل عليه عطاياه.. اناء الليل واطراف النهار!

ان الاهم من المشاركة او المقاطعة هو تعلم الدروس مما حدث والذي كاد ان يوصلنا للفوضى العارمة وتخوم الاحتراب الاهلي الذي تقطع فيه الرؤوس وتؤكل عبره الاكباد، وذلك عبر «دمقرطة» العمل السياسي الكويتي المعارض والموالي عن طريق خلق «لجان سياسات» في القوى المختلفة منفصلة عن القيادات حتى تقدم المصلحة العامة للتيار السياسي على المصالح الخاصة والشخصية للقيادات الملهمة حتى لو ادى الامر لاعتزالها او.. عزلها، ودون ذلك سنبقى في حلقة مفرغة من الفوضى والتخبط والتكسب وبقاء الدماء الفاسدة بدلا من تجديدها بدماء شابة نظيفة تدفع للقيادة بدلا من دفعها للشوارع والسجون.

آخر محطة:

اهم الاسباب التي تمنع خلق «لجان سياسات» و«مستودعات عقول» ضمن التيارات السياسية في الكويت ولبنان واغلب الديموقراطيات الناشئة بالمنطقة هو ان القيادات الملهمة تقرر مواقفها التي تفرض على أتباعها، اتباعها بديكتاتورية شديدة، لا بناء على الالهام الفكري ومصلحة الوطن والتيار السياسي بل على مقدار.. القبض النقدي الداخلي والخارجي للقيادة السياسية المزمنة!

احمد الصراف

السياسة والانتخابات وأنا

أعتقد، ويشاركني في ذلك بعضهم، أن السياسة بشكل عام مفسدة للنفس، وإن كان هذا القول، كغيره من الأقوال، لا ينطبق على قلة قليلة، ولا أدعي أنني منها، هذا لو كنت سياسيا! كما أن ما يخضع له السياسي من ضغوط يومية تقريبا للاختيار بين أقل الحلول سوءا، يكون عادة امرا مرهقا للنفس، وبالتالي فإن السياسة تنفع أصحاب القامات الأكثر ميلا مع الريح، مقارنة بغيرهم الأكثر عنادا وصلابة وتمسكا بآرائهم، حتى إن كانت غير صحيحة! وتصبح الممارسة السياسية أكثر صعوبة واقل شفافية مع تخلف الدولة وتخلف نظامها السياسي، أو عندما تكون الدولة «ريعية» تعتمد على مورد دخل واحد، والتي تمسك فيها الحكومة بكل أطراف ذلك المورد، فهي المانحة وهي المانعة، هنا تصبح العملية السياسية، بشقها الرقابي بالذات من خلال العمل البرلماني، عملية مربكة ومرهقة. فلو رأى النائب أو المشرع أن ظلما وقع على فرد أو شريحة من المجتمع، وسبب الظلم يعود لتصرف أو قرار حكومي، ورأى أن عليه السعي لرفع ذلك الظلم، أو إزالة أسبابه، فإنه عادة ما يلجأ للأدوات الدستورية، وهذه قد تأخذ دهرا، إن نتجت عنها فائدة في نهاية الأمر، وقد يكون الوقت قد تأخر كثيرا، وأصبح الحل غير ذي جدوى. وبالتالي تختار الغالبية اللجوء الى الطريق الأسهل، اي السعي لدى الجهة نفسها التي عليه واجب رقابة أعمالها وتصرفاتها، اي الحكومة المانحة والمانعة، والطلب منها، بمذلة غالبا، إزالة الظلم، وهذا ما لا تقبله عادة النفس السوية! فكيف يمكن لمثل هذا النائب بعدها محاسبة ومراقبة الجهة التي استجابت «لرجائه» وأوقفت تعسفها أو قرارها الجائر بحق فرد أو جماعة؟
مناسبة هذا الحديث هو الطلبات التي أصبحت تردني من أحبة وأصدقاء للعودة إلى الوطن خلال شهر رمضان القادم، على افتراض أن مرسوم الدعوة للانتخابات سيصدر قريبا، معلنا إجراءها خلال الشهر المقبل، والانخراط في العمل السياسي، عن طريق الترشح للانتخابات المقبلة، وحجتهم أن أولئك الذين سبق وأن حققوا نتائج جيدة في الانتخابات السابقة، ليسوا بأفضل مني، وأنه آن أوان وضع «خبراتي» المصرفية والتجارية والحياتية في خدمة الأمة، وأنني سوف أكون صوتا مقبولا من الجميع، وأنهم سيقفون معي!
ولكن، على الرغم مما قد ينتاب بعضهم من زهو لسماع مثل هذا الكلام، إلا أنه، لا شك، زهو فارغ، فالسياسة، كما ذكرنا، تحتاج الى نوعية من الأشخاص ممن يتصفون بصفات خاصة وكبيرة، ولا أجد أنها تتوافر في شخصي المتواضع. كما لا أملك ما يملكه السياسي المحترف من إمكانات، وبالتالي أكتب هذا المقال لأقطع الطريق على نفسي، إن حدثتني يوما بأن أتراجع، واخضع لمغريات السلطة والجاه، لأنني أشعر بان «روما» التي أعيش فيها تحت الشجرة، بكل ما فيها من بساطة عيش، أفضل بكثير من بهورة «روما» من على كرسي النفوذ والسلطة، أيا كان لونه!
• ملاحظة: ذكرني تصريح الشيخ المهري بأنه سيعطي صوته للأصلح، سواء كان سنيا، شيعيا، أو ليبراليا، بتغريدة لزياد الرحباني قال فيها، تعليقا على أحداث سوريا وتأثيرها في لبنان: السنة لهم أميركا، والشيعة لهم روسيا، والكفرة لهم.. الله.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

تطرف الشباب… من يغذيه؟

 

بتشاؤم، وربما هم على حق إلى حد كبير، يرى الكثير من الباحثين العرب بأن ظاهرة التطرف بين أوساط الشباب، لاسيما في الوطن العربي، ستأخذ منحى تصاعدياً خطيراً في المستقبل، وليس السبب في ذلك يعود إلى انتشار الخطاب الديني المتطرف شديد الخطورة ذي الشكل الدموي في غالبه، بل يعود أيضاً إلى إصرار الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي على انتهاج سياسات قمعية، حتى في دول الثورات، بالإضافة إلى التأثير الخطير، المدعوم من بعض تلك الحكومات، للإعلام المشجّع لخطاب التحريض والطائفية والكراهية.

الباحث في العلوم السياسية والمتخصّص في قضايا الإرهاب بجامعة محمد الخامس يونس زكور، يرى أن التطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عمّا هو معتاد ومتعارف عليه سياسياً واجتماعياً ودينياً، دون أن ترتبط تلك المعتقدات والأفكار بسلوكيات مادية عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة؛ أما إذا ارتبط التطرف بالعنف المادي أو التهديد بالعنف، فإنه يتحول إلى إرهاب. فالتطرف دائماً في دائرة الفكر، أما عندما يتحوّل الفكر المتطرف إلى أنماط عنيفة من السلوك من اعتداءات على الحريات أو الممتلكات أو الأرواح أو تشكيل التنظيمات المسلحة التي تستخدم في مواجهة المجتمع والدولة فهو عندئذ يتحوّل إلى إرهاب. وطبقاً لذلك، يعتقد أن التطرف لا يعاقب عليه القانون ولا يعتبره جريمة، بينما الإرهاب جريمةٌ يعاقب عليها القانون، فالتطرف هو حركة اتجاه القاعدة الاجتماعية والقانونية ومن ثم يصعب تجريمه، فتطرف الفكر لا يعاقب عليه القانون باعتبار هذا الأخير لا يعاقب على النوايا والأفكار، في حين أن السلوك الإرهابي المجرم هو حركة عكس القاعدة القانونية ومن ثم يتم تجريمه.

على مستوى الوطن العربي، فإن الحكومات، إن لم تبادر بمسئولية وحرص وإدراك وحزم، لتحسين الواقع الشبابي، سواءً على مستوى التربية والتعليم والعمل والشباب والرياضة، فإننا سنكون، حسب ظني المتواضع، أمام عقدين من الزمان قادمين، نواجه فيهما جيلاً متطرفاً بشدة، في الكثير من الأفكار والسلوكيات.. وحينها، لن تنفع الحلول الاجتماعية ولا الحلول الإستراتيجية ولا الأمنية ولا يحزنون. بل لن تتمكن، لا الدولة ولا حتى قادة الرأي، من رموز دينية كانت أم سياسية أم شبابية، من تطويق حركة تشبه التمرد على واقع الشباب.

ومن المهم الاستدراك هنا للإشارة إلى أنني لا أقصد أن يتطرف الشباب لمجرد القول أنهم محرومون من حقوقهم، وبذلك، نستسيغ التصرفات الطائشة التي تبدأ بترك مقاعد الدراسة في مختلف مراحلها، ثم التسبب بمشاكل لأنفسهم ولذويهم ثم لمجتمعهم. صحيحٌ أن الكثير من الشباب في مجتمعنا يعانون من مشكلات تحول دون تحقيق طموحاتهم، وبعضهم يحمل الهموم الوطنية، السياسية، الاجتماعية، الديمقراطية، لكن هذا لا يعني أن كلهم بلا استثناء يملكون الإدراك والقدرة للتعاطي مع قضايا المجتمع.

واستناداً إلى دراسة خليجية، فإن غياب الوعي الديني لدى الشباب يمثل المرتبة الأول في أسباب ظاهرة التطرف بنسبة 72.7 بالمئة، مقابل 4.8 بالمئة من العينة عارضت ذلك، ووافقت 42.5 في المئة من إجمالي عينة الدراسة موافقة تامة على أن بعض وسائل الإعلام شجعت أفكار وأطروحات التطرف والمتطرفين، بالإضافة إلى 36.7 في المئة وافقت على ذلك و لكن في خانة (إلى حدٍ ما). وحول الاعتداءات الظالمة على بعض الشعوب الإسلامية من خلال بعض وسائل الإعلام، بلغت نسبة المؤكدين على أن تلك الاعتداءات تعد سبباً من أسباب بروز ظاهرة التطرف وبلغت نسبتهم 59.9 في المئة.

حتى المعالجات التي يطرحها المهتمون، تصطدم بواقع أشد سطوة! فدعاة الوسطية في العالم العربي والإسلامي، لا يمتلكون ذات القوة والنفوذ الذي يمتلكه دعاة التطرف! ولعل مؤسس ورئيس المركز العالمي للوسطية في الكويت عادل عبدالله الفلاح، واحد من أبرز الشخصيات التي وضعت خطوطاً عريضةً لمواجهة التطرف والغلو والإرهاب، لكنه كان ولا يزال يشدد على ضرورة أن يساهم العلماء في حماية وتحصين المسلمين من مخاطر الانزلاق إلى مجاهل تلك الأفكار، وتوضيح مبادئ الإسلام لغير المسلمين. وهو يرى أن فكر الوسطية في المفهوم العصري يستند إلى أربعة ركائز أساسية، وهي: الحوار، وقبول الرأي الآخر، واحترام الرأي الآخر في حال عدم قبوله، والتعايش السلمي مع الآخرين، ففي ذلك حماية لوحدة المجتمعات. لكن مع الأسف، من اليسير جداً معرفة دور من يسمون أنفسهم علماء ومشايخ وهم أحرص على… تدمير المجتمعات.

عادل عبدالله المطيري

الحراك لا حراك فيه

أتمنى أن أكون مخطئا، وأن يكون الحراك السياسي مازال موجودا وينتظر فقط الظرف السياسي المناسبة ليعاود نشاطه وتألقه، ولكن الحقيقة والتي لا مناص منها أن الحراك لا حراك فيه.

لماذا انتظرت الأغلبية حتى النطق بحكم المحكمة الدستورية في مرسوم الصوت الواحد لتبدأ بإطلاق وعودها بتحركاتها السياسية؟

هل كان فعلا هدف الأغلبية الحقيقي من وراء كل هذا الحراك السياسي هو عودة الأصوات الأربعة فقط؟

وإلا لماذا فرضت الأغلبية التهدئة على الحراك طوال الأشهر الأخيرة انتظارا لحكم المحكمة الدستورية؟

هل غاب عن ذهن الأغلبية أن مطالبها كالحكومة المنتخبة أو الحكومة البرلمانية وإشهار الأحزاب السياسية هي مطالب «خارج الدستور» وحتما خارج موضوع الطعون الدستورية التي تصدت لها المحكمة.

حتما لو كانت المعارضة جادة في مطالبها لما انتظرت كل هذا الوقت، ولذهبت إلى الخيارات المتاحة لها وهو إما إلى الحوار والتفاوض مع السلطة أو إلى الشارع الكويتي لإجبار الحكومة على التعاطي الإيجابي مع مطالبها.

ليعلم الجميع أن مطالب الحراك الآن وبعد حكم المحكمة الدستورية الأخيرة أصبحت مطالب غير دستورية وإن كانت مشروعه سياسيا.

ولتعلم المعارضة أيضا أنها خسرت قواعدها الشعبية التي قاطعت معها الانتخابات البرلمانية الماضية، والتي ستشارك وبكثافة في الانتخابات القادمة، إذا ما تمت الدعوة لها خلال الشهرين القادمين.

ختاما: يبدو أن الحكومة انتصرت على المعارضة، ونحن لا نستحق أكثر من صوت انتخابي واحد فقط لا غير.

محمد الوشيحي

البقر لم يعد متشابهاً…

أدي دقني… سيُبطل البرلمان المقبل لخطأ إجرائي، بعد أن أصبح لا فرق بين الخطأ الإجرائي ومرض "العنقز"، كلاهما معدٍ.
وأنا لست قانونياً، ولن أكون، وما زلت لا أرى فرقاً بين مصطلحي "الجزائي" و"الجنائي" إلا بالتقوى، وسأموت قبل أن أعرف الفرق بينهما، ومع ذا حككت رأسي إلى أن خرقته ووصلت إلى كبدي وأنا أقرأ تبريرات المحكمة الدستورية لقبولها مرسوم الصوت الواحد، خصوصاً الجزئية التي تتحدث عن اعتماد الصوت الواحد في الديمقراطيات العالمية! يميناً بالله لم يسبق لي أن فغرت فمي كما فغرته وأنا أقرأ تلك الجزئية. ويبدو أنني أحد الذين يحتاجون إلى شرح مطول في هذه الجزئية الغامضة.
على أية حال، المثل يقول "حكيٍ في الفايت نقصانٍ في العقل"، لذلك سأترك "الفايت" وأتكلم عن القادم، وأنصح بأن تكون قوانيننا في المستقبل محبوكة ومحكوكة، جدرانها لا تُخترق، واضحة لا يختلط فيها اللبن بالمرق، فالسلطة التنفيذية عندنا كذوبة لعوبة (كتبت "عوبة" ومسحتها حتى لا يرتفع عدد قضاياي)، تمد يدها على مال اليتيم، وتسطو على حقوق الشعب ونوابه التي أقرها الدستور.
وسيتغير هذا الدستور، إن عاجلاً أو آجلاً، وأنصح من يتصدى لصياغة الدستور الجديد أن تكون مواده مفصلة تفصيلاً مملاً، لا ثقب فيها يسمح بدخول إبرة، فتكتب المادة المعنية بقانون الانتخاب هكذا: "لا يتم تعديل قانون الانتخاب إلا عن طريق نواب مجلس الأمة الذين تم انتخابهم، نكرر: تم انتخابهم، (تُكتب بهذه الصيغة)، والمقصود بـ"تم انتخابهم" هو أن يكونوا قد حصلوا على ثقة الناخبين في آخر انتخابات وأصبحوا أعضاء في مجلس الأمة، ولا يجوز لأي سلطة أخرى أن تقترب من هذا القانون، سواء أثناء وجود مجلس الأمة أو ما بين أدوار الانعقاد أو ما بين الفصول التشريعية (تلغى جملة "أثناء الحل" لأن الدستور الجديد لا يسمح بحل مجلس الأمة إطلاقاً) أو تحت أي مبرر كان أو أي ظرف كان".
وتنص المادة التي تلي المادة السابقة، في الدستور الجديد، على أنه "يجب التركيز على المادة السابقة جيداً"، ثم تنص المادة التي تليهما على: "أظن أن المادة واضحة، والكلام عربي، لا تقولون ما قلنا لكم، سوالف ما لون البقرة؟ إن البقر تشابه علينا، اتركوها عنكم، فلا يحق لأحد تغيير أو تعديل قانون الانتخابات باستثناء أعضاء مجلس الأمة". هكذا تنص المادة.
هذه بعض المواد المقترحة للدستور الجديد، وطريقة صياغتها، وأخشى أن تجد السلطة ثغرة تتسلل من خلالها، وتلعب في حسبتنا، ويا الله ما لنا غيرك يا الله.

حسن العيسى

شارك لا تشارك

 ما العمل بعد حكم المحكمة الدستورية: نشارك أم نقاطع الانتخابات؟! تساؤل محير ومنهك للمعارضين. عدد من الأفراد المستقلين وكتل سياسية قررت المشاركة، بينما آخرون تمسكوا "بمثالية" الرفض وعدم المشاركة، هل هي حقاً "مثالية" وطوباوية لا صلة لها بالواقع المفروض؟ أم أنها واقعية تفتح حقائق التاريخ لممارسة السلطة الحاكمة وأزمتها المزمنة مع الدستور، وتحاول بكل وسيلة التقليص من المشاركة الشعبية مهما كانت تلك "المشاركة" محدودة أساساً بحكم الدستور عينه؟!
الأمة مصدر السلطات حسب المادة السادسة من هذا الدستور، لكن المادة الرابعة قبلها تضعها في سياق مقيد بأن "الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح"، ثم تأتي بقية المواد الدستورية التي تخول السلطة التنفيذية المشاركة في التشريع… والتاريخ يخبرنا أن السلطة المشيخية لم تشارك في التشريع فقط، إنما استحوذت على التشريع والتنفيذ، وابتلعت بقية السلطات منذ السنوات الأولى بعد الاستقلال وبعد وفاة الكبير عبدالله السالم.
مرة ثانية ما العمل؟ أم أن السؤال اللغز هو: ماذا يمكن عمله؟! حجة الداعين للمشاركة وحججهم أنه لا خيارات أمامهم الآن، ويرددون في صدورهم عبارة "العوض ولا القطيعة"، والقاعدة المنطقية تؤكد أن "ما لا يدرك كله لا يترك جله"، وحسب واقعنا- وهم يؤكدون أنهم أهل الواقع والممكن- لا يسرحون في عالم الأحلام، فإن المحكمة الدستورية فصلت، وانتهت وانتهينا مع حكمها مهما اتفقنا أو اختلفنا مع تسبيبها في وضع الحدود الفاصلة بين سلطات الدولة، وعدم تغول سلطة على أخرى.
 وحجة عملية أخرى يهمس بها هؤلاء "الواقعيون"، فهم لم يروا جدوى من الضغوط الشعبية على السلطة الحاكمة، فانتهت التجمعات والتظاهرات الكبيرة التي قادتها المعارضة في الشهور الماضية، وأخذت تتلقص يوماً بعد يوم حتى أضحت منتديات ضئيلة يديرها أفرادٌ أصحاب عزيمة ومخلصون لمبادئهم، إلا أنهم كانوا يؤذنون في مالطا، فهراوات السلطة والمحاكمات والزنازين أدت الدور المطلوب.
 وأكثر من ذلك تم تفكيك المعارضة وأخذ كل فريق معارض يصف "روشتته" الخاصة للإنقاذ الوطني، بينما كان اللغط والإشاعات تتكاثر وتنقل حكايات بأن أفراداً من الشيوخ الطامحين في مكان بارز تحت شمس الحكم استعملوا قفازات المال الوفير مرة، ومرات استغلوا بعض المعارضين كمخلب قطّ لقتل روح الرفض عند الجماهير.
 وإذا لم تكن مثل تلك الاتهامات صحيحة، ولم ينهض لها دليل فإنها في النهاية أنهكت الناس وأتعبتهم من تشرذم تلك المعارضة التي عجزت عن توحيد صفوفها، ولم ترسم خريطة طريق واضحة بفكر منهجي يكون ملهماً للشباب.
الرافضون المقاطعون يقولون إنهم الواقعيون الحقيقيون، ويرفضون  اتهامهم بالطوباوية الحالمة، فهم من قرأ واستوعب التاريخ، وهم من يتعلم من تجارب الماضي، وتاريخ السلطة مع الدستور وأحكامه. وقال الاقتصادي جاسم السعدون في مبررات رفض المشاركة ما لم يقله مالك في الخمر، وقراءة رأيه الذي نشر في موقعي "سبر" و"الآن" يوم الأربعاء ضرورة، فلم يهمه أن يعرف بالأيام والتواريخ مواقف السلطة مع الدستور منذ ٦٧ حتى اليوم، فهو يقول لدعاة المشاركة إن "هذا سيفوه وهذي خلاجينه"، فالمشاركة في الانتخابات لن تغير من الإدارة ولن تغير من نهجها، والظروف في المنطقة تغيرت عن الماضي حين كان الكويتيون يغضون النظر عن تجاوز حقوقهم الدستورية، ولم يعد في اليوم مكانٌ لمقولة "عفا الله عما سلف"، وإذا لم نساير الريح فالتغيرات التي تعصف بالمنطقة ستجبرنا قسراً على التغيير، فالكويت اليوم مجتمع الشباب الذين يمثلون الأكثرية، وهم المهمومون في أزماتنا الحاضرة التي ستكبر غداً.
وكلام جاسم صحيح، فالعقول التي تدير الدولة بمنهجها التقليدي قد انتهت صلاحيتها، وفي الغد لن تجد السلطة في جيبها "مسكنات" تخدر بها الوعي، فأزمة السكن والبطالة، وغيرها من أمور حياتية من صحة وتعليم ستكبر وتتورم، وليس هناك ضامنٌ لعمر الذهب الأسود، والحل لن يكون بغير الاستثمار الإنساني، وهو استثمار اندفاع الشباب والعمل معهم لتحقيق تطلعاتهم بغدٍ أفضل، وفتح باب مشاركتهم في الحكم بمشاركة صحيحة، وأدوية العطايا والسخاء من حساب المال العام لن تكون ناجعة غداً حين تجفّ عروق هذا المال من سوء الاستهلاك وتكريس الفساد، فلماذا نراهن على بقاء ما كان على ما كان، فلسنا حالمين بل واقعيين… المشاركون هم الحالمون.
هل وجدنا جواباً للسؤال "اللينيني" (نسبة إلى لينين) ما العمل؟!

احمد الصراف

التوعية والتوجيه المعنوي

ما ان استقلت الكويت في بداية الستينات حتى باشرت الحكومة بتغيير تسمية المصالح الحكومية من «دوائر الى وزارات». واختارت الحكومة في حينها – كغيرها من الحكومات العربية – اطلاق تسمية وزارة الارشاد على وزارة الاعلام، لأن مهمة الوزارة في ذلك الوقت – وربما كل وقت – إرشاد الناس الى ما كانت تعتقده من نقص في وعيهم، وربما حتى ادراكهم، وهم بالتالي كالأنعام. وعندما تبين فساد التسمية قامت – كما أذكر – الجامعة العربية، بإصدار قرار غير ملزم، طالبت فيه اعضاءها بتعديل تسمية وزارة الارشاد الى الاعلام. وربما سبق حزب الإخوان المسلمين في الكويت – الفرع المحلي للتنظيم العالمي للإخوان – الحكومة او تزامن قرارها مع قرار الحكومة، فقامت بتغيير تسمية حزب جمعيتهم من «جمعية الإرشاد» إلى «جمعية الإصلاح الاجتماعي»، ربما بعد ان اكتشفوا فساد التسمية، وان البشر لا يحتاجون الى من يرشدهم، ولكنهم لا يزالون يتمسكون بإطلاق تسمية «المرشد» على كبيرهم، فالمرشد يرشد، لأن الجماعة تعتقد أن من هو ادنى منه مرتبة بحاجة الى من يرشده، حتى لو كان افضل منه علماً وفهماً!
وفي الكويت ادارة مهمة في وزارة الداخلية، وربما في وزارات اخرى تسمى إدارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي، واحيانا التوعية! وهذه تسميات معيبة وغير مقبولة، خاصة ان كان المخاطبون من رجال الأمن مثلا! وكأن دور هذه الادارة الاعلامي البحت اصبح يتضمن نوعاً من لفت النظر والتوعية، وكأن المخاطبين بحاجة الى التوجيه وادارة دفتهم، وتوعيتهم لما يحيط بهم من مخاطر! وبالتالي نتمنى على العقيد المميز في عمله عادل الحشاش، مدير إدارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي في وزارة الداخلية، السعي الى تغيير مسمى ادارته، بتسمية تتسم بنوع من الرقي والحضارة، وربما الاكتفاء بإدارة العلاقات العامة، وهي تسمية صحيحة وسليمة، ولا غبار عليها. كما نتمنى على بقية مسؤولي هذه الادارات او الاقسام في بقية دوائر الحكومة إزالة المعيب من الكلمات عنها.
ملاحظة: غاب العميد محمد الصبر عن عمله قبل فترة في اجازة دراسية، وعاد منها ولم نسمع له تصريحاً، ولم نر له طلة، فعسى المانع خيراً!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

بصوت عال

هو مجرد تفكير بصوت عال أشارككمفيبه، وقد أكون مصيباً أو مخطئاً… لا أعلم، ولكني أقدم الفكرة لكم إما لتقويمها وإما لاعتناقها، بسم الله نبدأ. أزالت المحكمة الدستورية بحكمها الأخير المخاوف المستحقة من التفرد بالقرار تحت عنوان الضرورة، فنظرت وقيّمت وحكمت بضرورة مرسوم وعدم ضرورة آخر، وهو ما يعني بشكل أوضح أن هاجس صدور مراسيم الضرورة في أي وقت وبأي اتجاه تلاشى، لأن المراسيم حسب حكم "الدستورية" خاضعة لرقابتها وفحصها وتقييمها، تلك حقيقة غير قابلة للنقاش أو الجدل. وكذلك حصنت المحكمة الدستورية نظام "الصوت الواحد" للناخب، وهو النظام السيئ جداً باعتقادي لأنه يعزز الطائفية والقبلية بشكل أكبر مما كان الوضع عليه في "الأصوات الأربعة"، فإن كان الناخب يصوت على أساس قبلي أو طائفي، وهو يملك أربعة أصوات فإنه سيتطرف أكثر بصوت واحد ولن يعتدل، والصوت الواحد يعزز الفردية في وقت تسعى فيه الديمقراطيات إلى تعزيز جماعية العمل، عموماً فإن تحصين نظام الصوت الواحد أيضاً بات حقيقة غير قابلة للنقاش أو الجدل. طيب، كيف نتعاطى مع هذا الوضع؟ نظام انتخابي سيئ قائم ومحصن وحكومات متعاقبة لا ترقى إلى مستوى إدارة دولة بل تنتهز الفرص لزرع الفساد، البعض يدعو إلى المقاطعة لمبررات تكون أحياناً مفهومة شعارها لا جدوى من المشاركة ما دامت مساعي الإصلاح تصطدم بمراسيم ضرورة في أي حين، وهو أمر وإن كنت أتفهمه إلا لأنني أعتقد أن المحكمة الدستورية قدمت ضماناً لنا بأنها أعلى من مراسيم الضرورة كما ذكرت آنفا، كما أن المقاطعة دون هدف وبرنامج واضح قابل للتطبيق (وهي الحال اليوم) لن يحقق أي شيء يذكر على الإطلاق، خصوصاً أن مجاميع المقاطعة لمجلس ديسمبر لم تكن لهم هوية أو رؤية لتنفيذ خطوات الإصلاح إلا من رحم ربي، وهو مؤشر على حال المقاطعة في المستقبل إن لم يكن أسوأ. البعض الآخر وأنا أميل إليه يعتقد أن المشاركة في العملية الانتخابية ومحاولة تقديم سلسلة إصلاحات هو الخيار الأفضل، نعم النظام الانتخابي القائم سيئ، بل قد يكون الأسوأ ولكنها ليست المرة الأولى التي نشارك بنظام انتخابي سيئ ونحقق الإصلاحات، ولنا في مجلس (٧١) المنعقد بعد تزوير (٦٧) خير دليل، ولنا في مجالس الدوائر الـ(٢٥) التي أصلحنا من خلالها النظام الانتخابي دليل آخر، وهو ما يعني أن فرص الإصلاح من الداخل وإن كانت ضئيلة إلا أنها أكبر من  فرص الإصلاح بالمقاطعة دون برنامج أو منهج. لقد وفرت لنا المحكمة الدستورية ضمانة كنا نتطلع إليها بعدم إطلاق يد مراسيم الضرورة، وهي خطوة عملاقة تضمن عدم استمرار المراسيم بالشكل الذي مورس قبل أشهر، وأثبتت انتخابات ديسمبر أنه بالإمكان وصول عدد كبير من الراغبين في الإصلاح إلى المجلس، ولم يتبقَ سوى الوصول إلى المجلس وإصلاح ما يمكن إصلاحه أفضل من المقاطعة دون منهج أو برنامج. هل هناك حلول مثالية؟ لا أعتقد، لذلك لابد من التعاطي مع الوضع بمعرفة أي منها يحقق مكتسبات أكبر، كما أن مشكلة الكويت ليست في نظامها الانتخابي أبداً وإن كان جزء بسيط من المشكلة، بل مشكلتنا هيكل متكامل من الفساد لابد من إصلاحه بدلاً من الدوران في دائرة ضيقة عنوانها "أربعة أصوات" أو "صوت". مجدداً تلك فكرة أقولها بصوت عال… قد أكون مخطئاً أو مصيباً فيها.