سأستبق أحداث اليوم الأحد 30 يونيو في مصر، والتظاهرات التي ستطالب الرئيس مرسي بالتنحي، سأستبقها بالتنبؤ بأن الإخوان، وليس مرسي الذي ربما لا يملك من أمره شيئا، لن يذعنوا، مهما كبر حجم التظاهرات، ومهما كانت دموية وعارمة وشاملة لكل القطر المصري، فالإخوان لم يصلوا للحكم بعد حلم دام أكثر من 80 عاما، ليسلموه، حسب قول زعمائهم، لمجموعة من الكفرة والأفاقين والفاسدين من علمانيين وليبراليين وشيوعيين وأعداء الله ورسوله، طوعا، بل سيحاربون هؤلاء بمخالبهم ويتمسكون بالحكم بنواجذهم، ليس لأنه من مصلحتهم كافراد ومتاجرين بالدين، لكنا تفهمنا ذلك، وإن على مضض، بل لكونه حقا إلهيا لا خيار لهم فيه! وطبعا هذا لم يقله رجل دين في التاريخ الحديث دع عنه قوله من جيش صغير منهم! فأحد شيوخ الدين من الإخوان قال ان كل من يريد إسقاط مرسي (من دون أن يحدد بالديموقراطية أو بغيرها) وكل من يطالب بوضوح بكرسي الحكم مكان مرسي يصدق عليه الحديث النبوي: «ندفعه بكل وسيلة فإن لم يدفع بأية وسيلة إلا بقتله وجب قتله ودمه هدر!» والشيخ صاحب اغرب لحية في مصر، لم يقصر فقد قال: لمرسي شرعية قرآنية وشرعية نبوية وشرعية شعبية! (فإن كانت لمرسي شرعية قرآنية وشرعية نبوية فكيف يمكن المطالبة بهزيمته في الانتخابات أو حتى منافسته فيها؟!).
ويقول رجل دين ثالث: الشعب لم يأت بمرسي للحكم، بل الله الذي أتى بمرسي للحكم! ويقول رابع، وهو من السلف: حتى لو كفر مرسي لا يجوز الخروج عليه. أما يوسف القرضاوي، وهو من أعمدة الإخوان، فيتفق مع هؤلاء ويزايد عليهم بقوله: لا يجوز لأحد حتى أن يرفع صوته بالمناداة بإخراج محمد مرسي من نظام الحكم، وهو ولي أمر المسلمين الذي يجب أن يطاع بأمر من الله، وان الدعوة للخروج عليه فتنة! ثم يكمل غيرهم النغمة نفسها ليأتي أخيرا وليس آخرا، وجدي غنيم، أحد كبار متشددي الإخوان، ليقول فيما سيجري اليوم الأحد، 30 يونيو: هي الحرب بين الإسلام وبين الكفرة أعداء الله الذين يعارضون مرسي. فالفيصل هو في هذا اليوم، والله يأمرنا أن نطيع ولي الأمر طالما لم يكفر (مع أن شيخا سلفيا قبله قال بعدم الخروج عليه ولو كفر!) ويستطرد وجدي بالقول: نحن اخترنا حاكما يصلي الفجر وحافظا للقرآن ومراته (أي زوجته) محجبة! ويتساءل غنيم: يعني عايزين ايه أكثر من كده؟ ثم يقول، في تفصيل الفئات المعارضة لمرسي، هم من التكفيريين والصليبيين والعلمانيين والكفار، وأنهم يجب ان يُعتدى عليهم بمثل ما اعتدوا، وليجدوا من المسلمين غلظة، هؤلاء أعداء الله!
والآن هل يعني كل هذا أن الإخوان سيتخلون يوما عن الحكم بأي وسيلة كانت؟ الجواب الطبيعي أن هذا لن يحدث ابدا، وربما يكون الجيش هو الوحيد القادر على ذلك، كما حدث في الجزائر قبل سنوات، عندما تدخل الجيش لإنقاذ الوطن من حكم بلحاج وعباسي مدني اللذين قالا انهما متى ما وصلا للحكم فإن ذلك آخر عهد الجزائر بالديموقراطية!
أحمد الصراف