أحدث سفر رجل الدين السعودي محمد العريفي الى لندن، ونشر صوره وهو باللباس الغربي، والرأس المكشوف، يتجول ويتسوق في شوارع لندن، وبيكادللي بالذات، أحدث ضجة في الصحف السعودية، وكتب عن زيارته للندن البعض، ومنهم الزميل خلف الحربي، والسبب أن الزيارة جاءت فور انتهاء «الشيخ الداعية»(!!) من زيارة غير مباركة لمصر قام خلالها غالباً بـ«توليع» الأمور هناك، واستصراخ ضمائر وقلوب وربما عقول شبابها، مطالبا اياهم بالانخراط في الحركة الجهادية والذهاب لسوريا لمحاربة الفجرة من أنصار بشار وحزب الله! وقال الزميل خلف ان العريفي ولى وجهه بعدها شطر لندن على الدرجة الأولى ليقضي جزءا من الصيف هناك، وكأن لسان حاله يقول: «معليش يا بشار وحسن نصر الله وايران وروسيا، اصبروا الى أن أخلص من قضاء الصيفية وسنوريكم بعدها!». ويبدو أن العريفي بعد أن انتهى من تنوير وتثقيف وتعديل وضع وتفهيم وتدريب الأمة السعودية والمصرية والعربية الاسلامية، ولّى وجهه نحو ديار البريطانيين يريد الخير لهم وتنويرهم وتثقيفهم، وألا ينسى خلال ذلك التمتع بـ«حلال» ماله والتسوق من هارودز وغيرها من مراكز التسوق الفخمة، فالجهاد في سوريا لن يطير، ولن ينتهي سريعا، أثناء ذلك بامكان المجاهدين، كما يقول خلف، أن يذهبوا الى سوريا ويقاتلوا ويرتدوا ما شاؤوا من أحزمة ناسفة، ريثما ينتهي الشيخ من رحلته الدعوية في لندن، وبعدها تصوير آخر لقطات برنامجه الرمضاني ثم امتطاء جواده الأبلج الذي تركه في تركيا، والكل تقريبا شاهد صورته وهو يمتطيه على هضبة الأناضول متوعدا النظام السوري وحزب الله بالويل والثبور! نعم هو سيعود حتما من لندن، وان سبقتموه على درب الشهادة فهذا أعز وأكرم لكم! ويستطرد الحربي في القول ان من الناحية العسكرية البحتة فان لدى العريفي 5 ملايين تابع من أشداء «بني تويتر» يلاحقونه في كل مكان، وسبق له أن خاض منفردا 3 تريليونات هاشتاق! هذا طبعا غير غزوات الفيس «من على ظهر التيس». وقد سبق أن ذكر العريفي أن ثقات أخبروه أن ملائكة يقاتلون مع المجاهدين في سوريا، كما طالبهم بأن يثبتوا. ويقول الحربي «حدثني من أثق به أن العريفي أو الشيخ المجاهد، كان يراقب جحافل الأعداء، وهو على ظهر حصانه الأبلج في تركيا، ولكنه لم يعبر الحدود الى سوريا، بل خاض البحر المتلاطم بالطائرة حتى وصل الى أرض الكنانة، حيث خطب في الناس خطبة عصماء خلعت القلوب من أضلعها، وما ان هتفت الجموع: (الجهاد.. الجهاد) حتى طار الى لندن وهو يمتشق سيف صلاح الدين (ليس الحقيقي بل الذي استخدمه أحمد مظهر في فيلم يوسف شاهين).
ليس غريبا هذا الاستغفال لعقول شعوب كاملة من قبل فئة تعرف جيدا كيف تستفيد من هذا الجهل لتعيش عيشة الملوك، ولكن الغريب استمرار هذا الاستغفال كل هذا الوقت، بالرغم من الدلائل على أن اغلب الدعاة ما هم الا متاجرون بالدين، متنعمون بخيره! كما أن بعضهم لم يتردد في الاستيلاء على عمل غيره لزيادة ثرائه. وقد سبق أن بين برنامج «نقطة تحول» في «ام بي سي»، في خلال مقابلات مع بعض هؤلاء «الدعاة» فخامة القصور التي يعيشون فيها والرفاهية التي ينعمون بها، فهل يصدق عاقل انهم سيهجرونها للحرب في أنفاق القصير وغيرها من الجحور؟
أحمد الصراف