أدي دقني… سيُبطل البرلمان المقبل لخطأ إجرائي، بعد أن أصبح لا فرق بين الخطأ الإجرائي ومرض "العنقز"، كلاهما معدٍ.
وأنا لست قانونياً، ولن أكون، وما زلت لا أرى فرقاً بين مصطلحي "الجزائي" و"الجنائي" إلا بالتقوى، وسأموت قبل أن أعرف الفرق بينهما، ومع ذا حككت رأسي إلى أن خرقته ووصلت إلى كبدي وأنا أقرأ تبريرات المحكمة الدستورية لقبولها مرسوم الصوت الواحد، خصوصاً الجزئية التي تتحدث عن اعتماد الصوت الواحد في الديمقراطيات العالمية! يميناً بالله لم يسبق لي أن فغرت فمي كما فغرته وأنا أقرأ تلك الجزئية. ويبدو أنني أحد الذين يحتاجون إلى شرح مطول في هذه الجزئية الغامضة.
على أية حال، المثل يقول "حكيٍ في الفايت نقصانٍ في العقل"، لذلك سأترك "الفايت" وأتكلم عن القادم، وأنصح بأن تكون قوانيننا في المستقبل محبوكة ومحكوكة، جدرانها لا تُخترق، واضحة لا يختلط فيها اللبن بالمرق، فالسلطة التنفيذية عندنا كذوبة لعوبة (كتبت "عوبة" ومسحتها حتى لا يرتفع عدد قضاياي)، تمد يدها على مال اليتيم، وتسطو على حقوق الشعب ونوابه التي أقرها الدستور.
وسيتغير هذا الدستور، إن عاجلاً أو آجلاً، وأنصح من يتصدى لصياغة الدستور الجديد أن تكون مواده مفصلة تفصيلاً مملاً، لا ثقب فيها يسمح بدخول إبرة، فتكتب المادة المعنية بقانون الانتخاب هكذا: "لا يتم تعديل قانون الانتخاب إلا عن طريق نواب مجلس الأمة الذين تم انتخابهم، نكرر: تم انتخابهم، (تُكتب بهذه الصيغة)، والمقصود بـ"تم انتخابهم" هو أن يكونوا قد حصلوا على ثقة الناخبين في آخر انتخابات وأصبحوا أعضاء في مجلس الأمة، ولا يجوز لأي سلطة أخرى أن تقترب من هذا القانون، سواء أثناء وجود مجلس الأمة أو ما بين أدوار الانعقاد أو ما بين الفصول التشريعية (تلغى جملة "أثناء الحل" لأن الدستور الجديد لا يسمح بحل مجلس الأمة إطلاقاً) أو تحت أي مبرر كان أو أي ظرف كان".
وتنص المادة التي تلي المادة السابقة، في الدستور الجديد، على أنه "يجب التركيز على المادة السابقة جيداً"، ثم تنص المادة التي تليهما على: "أظن أن المادة واضحة، والكلام عربي، لا تقولون ما قلنا لكم، سوالف ما لون البقرة؟ إن البقر تشابه علينا، اتركوها عنكم، فلا يحق لأحد تغيير أو تعديل قانون الانتخابات باستثناء أعضاء مجلس الأمة". هكذا تنص المادة.
هذه بعض المواد المقترحة للدستور الجديد، وطريقة صياغتها، وأخشى أن تجد السلطة ثغرة تتسلل من خلالها، وتلعب في حسبتنا، ويا الله ما لنا غيرك يا الله.
اليوم: 20 يونيو، 2013
شارك لا تشارك
ما العمل بعد حكم المحكمة الدستورية: نشارك أم نقاطع الانتخابات؟! تساؤل محير ومنهك للمعارضين. عدد من الأفراد المستقلين وكتل سياسية قررت المشاركة، بينما آخرون تمسكوا "بمثالية" الرفض وعدم المشاركة، هل هي حقاً "مثالية" وطوباوية لا صلة لها بالواقع المفروض؟ أم أنها واقعية تفتح حقائق التاريخ لممارسة السلطة الحاكمة وأزمتها المزمنة مع الدستور، وتحاول بكل وسيلة التقليص من المشاركة الشعبية مهما كانت تلك "المشاركة" محدودة أساساً بحكم الدستور عينه؟!
الأمة مصدر السلطات حسب المادة السادسة من هذا الدستور، لكن المادة الرابعة قبلها تضعها في سياق مقيد بأن "الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح"، ثم تأتي بقية المواد الدستورية التي تخول السلطة التنفيذية المشاركة في التشريع… والتاريخ يخبرنا أن السلطة المشيخية لم تشارك في التشريع فقط، إنما استحوذت على التشريع والتنفيذ، وابتلعت بقية السلطات منذ السنوات الأولى بعد الاستقلال وبعد وفاة الكبير عبدالله السالم.
مرة ثانية ما العمل؟ أم أن السؤال اللغز هو: ماذا يمكن عمله؟! حجة الداعين للمشاركة وحججهم أنه لا خيارات أمامهم الآن، ويرددون في صدورهم عبارة "العوض ولا القطيعة"، والقاعدة المنطقية تؤكد أن "ما لا يدرك كله لا يترك جله"، وحسب واقعنا- وهم يؤكدون أنهم أهل الواقع والممكن- لا يسرحون في عالم الأحلام، فإن المحكمة الدستورية فصلت، وانتهت وانتهينا مع حكمها مهما اتفقنا أو اختلفنا مع تسبيبها في وضع الحدود الفاصلة بين سلطات الدولة، وعدم تغول سلطة على أخرى.
وحجة عملية أخرى يهمس بها هؤلاء "الواقعيون"، فهم لم يروا جدوى من الضغوط الشعبية على السلطة الحاكمة، فانتهت التجمعات والتظاهرات الكبيرة التي قادتها المعارضة في الشهور الماضية، وأخذت تتلقص يوماً بعد يوم حتى أضحت منتديات ضئيلة يديرها أفرادٌ أصحاب عزيمة ومخلصون لمبادئهم، إلا أنهم كانوا يؤذنون في مالطا، فهراوات السلطة والمحاكمات والزنازين أدت الدور المطلوب.
وأكثر من ذلك تم تفكيك المعارضة وأخذ كل فريق معارض يصف "روشتته" الخاصة للإنقاذ الوطني، بينما كان اللغط والإشاعات تتكاثر وتنقل حكايات بأن أفراداً من الشيوخ الطامحين في مكان بارز تحت شمس الحكم استعملوا قفازات المال الوفير مرة، ومرات استغلوا بعض المعارضين كمخلب قطّ لقتل روح الرفض عند الجماهير.
وإذا لم تكن مثل تلك الاتهامات صحيحة، ولم ينهض لها دليل فإنها في النهاية أنهكت الناس وأتعبتهم من تشرذم تلك المعارضة التي عجزت عن توحيد صفوفها، ولم ترسم خريطة طريق واضحة بفكر منهجي يكون ملهماً للشباب.
الرافضون المقاطعون يقولون إنهم الواقعيون الحقيقيون، ويرفضون اتهامهم بالطوباوية الحالمة، فهم من قرأ واستوعب التاريخ، وهم من يتعلم من تجارب الماضي، وتاريخ السلطة مع الدستور وأحكامه. وقال الاقتصادي جاسم السعدون في مبررات رفض المشاركة ما لم يقله مالك في الخمر، وقراءة رأيه الذي نشر في موقعي "سبر" و"الآن" يوم الأربعاء ضرورة، فلم يهمه أن يعرف بالأيام والتواريخ مواقف السلطة مع الدستور منذ ٦٧ حتى اليوم، فهو يقول لدعاة المشاركة إن "هذا سيفوه وهذي خلاجينه"، فالمشاركة في الانتخابات لن تغير من الإدارة ولن تغير من نهجها، والظروف في المنطقة تغيرت عن الماضي حين كان الكويتيون يغضون النظر عن تجاوز حقوقهم الدستورية، ولم يعد في اليوم مكانٌ لمقولة "عفا الله عما سلف"، وإذا لم نساير الريح فالتغيرات التي تعصف بالمنطقة ستجبرنا قسراً على التغيير، فالكويت اليوم مجتمع الشباب الذين يمثلون الأكثرية، وهم المهمومون في أزماتنا الحاضرة التي ستكبر غداً.
وكلام جاسم صحيح، فالعقول التي تدير الدولة بمنهجها التقليدي قد انتهت صلاحيتها، وفي الغد لن تجد السلطة في جيبها "مسكنات" تخدر بها الوعي، فأزمة السكن والبطالة، وغيرها من أمور حياتية من صحة وتعليم ستكبر وتتورم، وليس هناك ضامنٌ لعمر الذهب الأسود، والحل لن يكون بغير الاستثمار الإنساني، وهو استثمار اندفاع الشباب والعمل معهم لتحقيق تطلعاتهم بغدٍ أفضل، وفتح باب مشاركتهم في الحكم بمشاركة صحيحة، وأدوية العطايا والسخاء من حساب المال العام لن تكون ناجعة غداً حين تجفّ عروق هذا المال من سوء الاستهلاك وتكريس الفساد، فلماذا نراهن على بقاء ما كان على ما كان، فلسنا حالمين بل واقعيين… المشاركون هم الحالمون.
هل وجدنا جواباً للسؤال "اللينيني" (نسبة إلى لينين) ما العمل؟!
التوعية والتوجيه المعنوي
ما ان استقلت الكويت في بداية الستينات حتى باشرت الحكومة بتغيير تسمية المصالح الحكومية من «دوائر الى وزارات». واختارت الحكومة في حينها – كغيرها من الحكومات العربية – اطلاق تسمية وزارة الارشاد على وزارة الاعلام، لأن مهمة الوزارة في ذلك الوقت – وربما كل وقت – إرشاد الناس الى ما كانت تعتقده من نقص في وعيهم، وربما حتى ادراكهم، وهم بالتالي كالأنعام. وعندما تبين فساد التسمية قامت – كما أذكر – الجامعة العربية، بإصدار قرار غير ملزم، طالبت فيه اعضاءها بتعديل تسمية وزارة الارشاد الى الاعلام. وربما سبق حزب الإخوان المسلمين في الكويت – الفرع المحلي للتنظيم العالمي للإخوان – الحكومة او تزامن قرارها مع قرار الحكومة، فقامت بتغيير تسمية حزب جمعيتهم من «جمعية الإرشاد» إلى «جمعية الإصلاح الاجتماعي»، ربما بعد ان اكتشفوا فساد التسمية، وان البشر لا يحتاجون الى من يرشدهم، ولكنهم لا يزالون يتمسكون بإطلاق تسمية «المرشد» على كبيرهم، فالمرشد يرشد، لأن الجماعة تعتقد أن من هو ادنى منه مرتبة بحاجة الى من يرشده، حتى لو كان افضل منه علماً وفهماً!
وفي الكويت ادارة مهمة في وزارة الداخلية، وربما في وزارات اخرى تسمى إدارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي، واحيانا التوعية! وهذه تسميات معيبة وغير مقبولة، خاصة ان كان المخاطبون من رجال الأمن مثلا! وكأن دور هذه الادارة الاعلامي البحت اصبح يتضمن نوعاً من لفت النظر والتوعية، وكأن المخاطبين بحاجة الى التوجيه وادارة دفتهم، وتوعيتهم لما يحيط بهم من مخاطر! وبالتالي نتمنى على العقيد المميز في عمله عادل الحشاش، مدير إدارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي في وزارة الداخلية، السعي الى تغيير مسمى ادارته، بتسمية تتسم بنوع من الرقي والحضارة، وربما الاكتفاء بإدارة العلاقات العامة، وهي تسمية صحيحة وسليمة، ولا غبار عليها. كما نتمنى على بقية مسؤولي هذه الادارات او الاقسام في بقية دوائر الحكومة إزالة المعيب من الكلمات عنها.
ملاحظة: غاب العميد محمد الصبر عن عمله قبل فترة في اجازة دراسية، وعاد منها ولم نسمع له تصريحاً، ولم نر له طلة، فعسى المانع خيراً!
أحمد الصراف