المغردة نوال ملا حسين انتقدت بمرارة حوادث دخول أفراد من الداخلية منازل مقيمين، بعد أن يتم تفتيشهم وسؤالهم عن أوراقهم الثبوتية، وما إذا كانت لديهم إقامة صالحة أم لا، وتتساءل نوال عن القانون الذي يمنع دخول المنازل من قبل الشرطة إلا بعد حصولهم على إذن بالدخول والتفتيش من جهات التحقيق!
طبعاً في قانون الإجراءات الجزائية هنالك من النصوص ما يفرض مثل هذا "الإذن المسبق"، ولم يظهر عبر الإعلام الكويتي المبتهج بسواد الوجه وتغطياته السيئة لزيادة التوزيع عند جماعات "بلاغة الشف" الكويتيين أن عمليات المداهمة التي تقوم بها وزارة الداخلية، وتفتيش "السكن الخاص" للمقيمين كان حسب القانون أم لا، أو إذا كان للشرطة "كارت بلانش" مسبق بالمداهمة وخرق حقوق المقيمين بالأمن والاستقرار النفسيين!
أياً كانت عليه الأمور، يظهر أن عمليات بطولات مداهمة الشقق والمساكن الخاصة، والتقاط صور لفلبينية "متقلقصة" داخل برميل قمامة خشية كشف جسدها، (أو عورتها كي يرضى بهذه التسمية بعض المشايخ الملهمين الذين يرون أن المرأة عورة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها) أو ربما كانت مختبئة من المداهمة، تطوي الضعفاء والبؤساء بجلباب القانون، وهم دائماً الفقراء من المقيمين الذين لا يجدون سنداً ولا ظهراً يحميهم من العسف أو تجاوز حكم القانون، ولا تمتد يد القانون إلى أسود الدولة المواطنين من الذين استقدموا تلك العمالة، وتاجروا بها، وفرضوا الإتاوات التي يدفعها الأقنان الأجانب كل شهر لهم "بسعر معلوم" باهظ الكلفة، يدفعها المقيم للباشا المواطن المستمتع بمواطنته حين تدر عليه المقسوم من ريع الكفالة، أو من طلب تحويل الكفالة.
أضحى لدينا قانونان للعقوبات، واحد مخصص لطبقة أبناء البلد من تجار الفيز والإقامات وهو في حالة عطالة دائمة، وآخر للعمالة الهامشية وغير الهامشية يتحرك حياً متى عجز الوافد عن دفع مكوس الإقامة لرب العمل "شارلوك" الخليجي فألغى الأخير إقامة المكفول وتركه نهباً للملاحقة القانونية، فيقف القانون متسيداً بالمرصاد للمقيم، ويغض البصر دروشة عن "شارلوكات" الوطن.
حتى هذه اللحظة، ومع كل الثرثرة الرسمية والإعلامية عن تجار الإقامات، لم أسمع عن قضية واحدة منذ التحرير حتى اليوم تخبرنا عن مداهمة شركات النخاسة الكويتية ذات المسؤولية غير المحدودة، والمساهمة بالجرم العام، فكل ما تنقله صحافة "الإثارة" الفرحانة بوجبة اليوم من صيد وكر فساد جنسي، أو مداهمة شقة "بابو وغلام" ضبطا وهما يصنعان بها خموراً محلية، فلماذا تلك الازدواجية في بلاد الريع والحلال والحرام والكفالات ومراسيم الضرورة بين المواطن وغير المواطن، ومرة ثانية لماذا هناك "ازدواجية" قانونية أخرى بين مواطن "ديلوكس" من حزب البارونات والواسطات لا يعرف دهاليز الضياع في إدارات الدولة، وتسير أموره piece of cake في معظم معاملاته، ومواطن مغلوب على أمره تفرض عليه المعاناة "والمرمطة" بإدارات "تعال باجر، ومعاملتك في إدارة أخرى بعيدة وعند مكان عنوانه جهنم".
ومرتبط بهذا الموضوع، نشاط اللواء النجم عبدالفتاح العلي، وهو في قمة حماسه الأمني لضبط اللامنضبط في المرور، فهل نظر اللواء في عمق وداخل إدارته المرورية وفي متاهات وزارة الداخلية (أي وزارة الأخ الأكبر يراقبك الاورويليه) لينظف زواياها، وما تراكم تحت سجادها السميك من طبقات الفساد واستغلال الوظيفة العامة بعون رئيسه وزير الداخلية، في هذا كتب الزميل د. ساجد العبدلي مقاله قبل يومين في "الجريدة"، وقد كفى ووفى.
وأعود إلى تغريدة نوال وتعقيب من المغرد المطيري عن سبب سكوت جمعيات النفع العام عن فضح التجاوزات لحقوق وكرامات المقيمين، وأتمنى أن تسمى تلك المؤسسات الأهلية بجمعيات "الصمت العام" التي ترضع من ضرع السلطة، فهذا أنسب لها.