من الواضح أن هناك تزايدا كبيرا في حالات قلة الأدب والذوق والحياء في مجتمعاتنا! فقد أصبح المؤدبون واصحاب الذوق قلة في مجتمع أصبح افراده يأكلون أنفسهم ومن حولهم، وحتى حديد وخشب وأرصفة وطنهم لم تسلم من شراهتهم، وكأن الذين من حولهم نكرة! وهؤلاء غير المكترثين بمشاعر الآخرين واحتياجاتهم هم عادة الأقل التزاما بالقانون، وكأن لا دولة ولا خلق ولا أدب هناك يستحق الاكتراث أو الالتفات اليه. تذهب إلى الحفلات فتجد أن «المخامط» على الكراسي والطاولات، القريبة من منطقة ما! وما ان يغادر مدعو كرسيه لسبب أو آخر، حتى يقفز الآخرون على كرسيه من دون اكتراث لحقيقة أن هذا الكرسي يعود لشخص آخر! وتذهب إلى الأسواق فتجد أن أرصفة كثيرة قد تكسرت نتيجة وقوف المركبات الكبيرة عليها، وتجد أن «قليل ادب» قد حجز عددا من السيارات بوقوفه الخاطئ من دون أن يعبأ بمتاعب الآخرين. وتجد الأصحاء، من منعدمي الإحساس، يحتلون بسياراتهم مواقف المعاقين من دون اكتراث بلوحة المرور التي تقول «خذ إعاقتي إن أردت أن تأخذ مكاني»! وتقود سيارتك في الطريق فتجد السيارات تتخاطفك ذات اليمين واليسار بسرعة هائلة، وفي سباق مميت، وما ان يقترب هؤلاء من كاميرا السرعة حتى يخففوا من سرعتهم ليعودوا للانطلاق مرة اخرى، وهذا يعني أن بيننا الكثير من الذين «يخافون ولكن لا يستحون». وقد قمت شخصيا بإيقاف سائق يسير بمركبته عكس السير، وسألته إن لم يكن قد سمع بتشدد المرور في ما يتعلق بالمخالفات، وكيف سمح لنفسه بالمخاطرة بعمله واسرته، وهو الإنسان شبه المعدم؟ فسكت، وطأطأ برأسه، ومد يديه يحاول الإمساك، ربما للثمه! نعم هو يخاف، ولكنه حتما لا يستحي! ولو وقفت في طابور فمن المعتاد أن تجد من يريد تخطي الجميع بحجة أنه قد تأخر أو مشغول، وكأن البقية ينتمون لكوكب آخر. وغالبا ما يفوز هؤلاء ويحصلون على ما يريدون، فهم لا يستحون، وهذا يجعلهم يتمادون أكثر في قلة الأدب، وهذا يزيد من غيظ غيرهم أكثر ليتساءلوا إن كانت هناك مدرسة لتعليم قلة الأدب، ليحصل الجميع على المكسب.. نعيش جميعا… في غابة!
وتعليقا على المقال الذي ذكرت فيه اسماء بعض من اتصل بي محاولا ثنيي عن التوقف عن الكتابة، ارسل لي قارئ طبيب يقول ان من المخجل ان «استمر» في الكتابة بعد رفضي نشر بقية أسماء من اتصل بي، وهو أحدهم، وأنه لا يود وضع اسمه ضمنهم لأنني لا استحق هذا الشرف! وأن اختياري لذكر اسماء شخصيات مهمة، فالبقية «بشر» ووقفوا معي! وان ليس لي الخيار غير ان أنشر أسماءهم في مقال آخر او اتوقف عن الكتابة! وقال انني اقترفت اكبر خطأ في سيرتي ككاتب! وإن علي ذكر أسماء البقية، ذكر أسماء البقية، ذكر أسماء البقية أو أصبح، بنظره، شخصا غير مرغوب فيه!! ولعلم الطبيب القارئ فإن مساحة العمود لم تسمح بذكر جميع الأسماء، وليس من الذوق نشر مقال آخر لا يتضمن غير 53 اسما، خاصة أن مقال غد، الجمعة، سيتطرق لموضوع التوقف! كما أن نشر الأسماء اعتمد على قاعدة أولية ورودها وليس أهميتها، فجميع القراء لدي بالأهمية نفسها.
أحمد الصراف