يستطرد الزميل فخري شهاب بالقول إننا يجب أن نرفض مثل هذا المصير الذي تعرضت له النساء الأميركيات إن كنا نريد كويت المستقبل أن تكون عربية ومسلمة، أما إن كنا نريدها كويتا عصرية متحررة فهذا أمر آخر! وتحدى من جادلهم من «السخفاء»، وهو الذي سبق ان وصفهم بالمفكرين، أن يتكرموا عليه بالكيفية التي يرون بها مستقبل حفيداتهم مثلا! وناشدهم باسم الديموقراطية أن يخبروه بأمر من يأبى أن يرى أخواته وبناته وحفيداته «يتعايشن»، وينجبن أولادهن «معايشة»؟ هل سيُجْبَرُ المخالف هذا على احترام قانون «التعايش» العلماني الجديد، فيضطره إلى قبوله؟ وتبلغ السخرية ذروتها عندما يعترض السيد شهاب على ما تتعرض له «تقاليدنا وعاداتنا الموروثة» من هجوم من «العدو»! يعاونه في ذلك أشباه العقلاء منا! ثم يسخر من منجزات المرأة، والكويتية بالذات، لأنها ربما نجحت سياسيا، ولكنها فشلت في أن تعمل شيئا يسجل لها ويقترن باسمها، او يرفع اسم الكويت عاليا بين الدول في الرياضة أو الفن! ولكن تعال يا زميلي الكريم وقل لي هل الفن والرياضة هي من «تقاليدنا وعاداتنا الموروثة» التي تطالب «نساءنا» بالبروز والتميز فيها؟ ثم ينهي مقاله بالقول بأن التحديات التي تتعرض لها المرأة الكويتية، كأغلب بنات جنسها العربيات، وريثة محيط متخلف حضاريا، فقيمها وآفاقها وطموحاتها ومثلها العليا مستمدة من تراث القرون الوسطى! ولكنه نسي أن ما استمد من القرون الوسطى وما قبلها هي التقاليد والعادات الموروثة، التي طالبنا في بداية مقاله بعدم التخلي عنها! ويبدو أن صديقنا الزميل قد نسي في خضم ثورته وغضبه المثل الإنكليزي الذي يقول إن من الاستحالة الاحتفاظ بالكيكة وتناولها في الوقت نفسه! فلا يمكن أن تحقق المرأة، والمسلمة بالذات، اي إنجاز حضاري، علمي أو فني أو رياضي أو اخلاقي إن استمر إصرارنا على التمسك بتقاليدنا وعاداتنا، علما بأن ليس هناك ما هو جامد في أي موروث، فتقاليد جدتي غير تقاليدي غير تقاليد جدتها وهكذا! ولو أردنا للمرأة أن تتقدم فيجب أن تتعلم، وأن تتعلم يعني أن تنهل من كل مورد عظيم، وهذا العلم لا يوجد من دون اختلاط وسفر، ولا يوجد من دون كرامة، والكرامة لا توجد بغير ثقة والثقة تعني اعطاء الابن والابنة ما يستحقانه من تربية وتعليم ونتركهما يتصرفان بما يريانه مناسبا وفي مصلحتهما، وبالتالي لا يمكن الإصرار على استمرار تحكم الرجل بالمرأة، لأنها صمام الفضيلة والشرف والعفة، ثم نتوقع منها في الوقت نفسه أن تبدع وترفع رأس اسرتها وأمتها عاليا!
أحمد الصراف