ما زلنا نصارع مشاكلنا الخاصة فقط بعد ٧٠ عاماً من الثروة، كهمّ الحصول على وظيفة أو شراء منزل أو تحسين الطرق أو الرعاية الصحية أو زيادة الراتب وغيرها من مشاكل لتحسين الحياة اليومية فقط، فالمواطن الكويتي يقضي عمره كله ليضمن أن له مسكناً مناسباً وعائداً مالياً جيداً، وتنتهي حياته بعد ذلك. لأبسّطها أكثر الحالة في الكويت تشبه أن يربح شخص ما مبلغاً من المال فيشتري به بيتاً وسيارة، ويصرف بقية الأموال لترميم البيت وإصلاح السيارة إلى أن يصرف ما لديه أو يتوفاه الله قبل ذلك. لا مردود يذكر، وكل ما يحدث هو لشغل الأساسيات فقط، فكل الكويت مجنّدة لهدف واحد، وهو أن نستخرج النفط ليباع ونسدد رواتب مستخرجيه، مع محاولات بطيئة لتوفير راحة أكبر كبناء طرق جديدة أو زيادة الحوافز أو توزيع المساكن لاستخراج النفط وبيعه وسداد الرواتب. بقية الأمور هي مجرد تفاصيل تافهة كأن نملك مجمعاً تجارياً جميلاً أو فندقاً مميزاً أو مستشفى كبيراً إن وجد. نمط سيعيش معنا ويتقلب بتغير سعر النفط لا أكثر، فتارة نكون برخاء وأخرى نشد الأحزمة. نعم، كان لدينا في الماضي تعامل مختلف مع الثروة، فحاول الأولون أن يضعوا اللبنات الأولى للنجاح في مختلف المجالات: تعليم وصحة وفن وأدب ورياضة وغيرها، ونجحوا في ذلك نجاحا غير مسبوق، بدليل جامعة الخالدية كأكبر صرح تعليمي قائم ومصمم بطريقة تستوعب الطلبة حتى اليوم، ومنطقة الصباح الصحية كفكرة مدينة صحية متكاملة لم تتطور، و"بس يا بحر" كمؤشر لصناعة سينما واعدة، وكأس آسيا والعالم في غضون عامين فقط، وأول تلفزيون بالمنطقة. باختصار كان هناك رؤية للريادة في مختلف المجالات حينها بأساسات متينة تجعل كل ما سبقت لبناته مستمراً إلى اليوم. لكننا في الكويت قد نكون الوحيدين الذين استبدلنا النموذج الإداري الناجح بالنموذج الفاشل وتمسكنا بالفشل إلى اليوم، وهو ما يجعل سؤالاً يتقافز في ذهني بعد ٧٠ عاما من الثروة: بعد أكثر من ٣٠٠ عام من التأسيس لو اختفت الكويت من الخريطة اليوم هل سيفقدها أحد؟ لا أعتقد ذلك أبداً باستثناء من يحصل على المساعدات المالية من الكويت فقط. لا الكويت ليست بعافية أبدا، فأن نبيع النفط لدفع الرواتب لا يعني العافية بل الفراغ واللا هوية، وأن يحدد مصيرنا بناء على احتياج العالم لنفطنا الذي لا فضل لنا أصلا بوجوده لا يعني الخير إطلاقا. ضمن نطاق التغطية: نسبة القبول في كلية التربية المعنية بتخريج المعلمين لتربية الأجيال هي أدنى نسبة قبول في جامعة الكويت، بمعنى أن أسوأ خريجي الثانوية تحصيلاً علمياً هم من يصبحون معلمي المستقبل، الكويت ليست بخير.