احمد الصراف

فخري شهاب مثالا

التقيت بالزميل الكبير فخري شهاب في بيته قبل أكثر من 10 سنوات، وكتبت عنه أكثر من مرة، ولاحظت مؤخرا تغيرا في مواقف الرجل من أحداث وطنه، وأنه أصبح اقل حذرا فيما يتطرق اليه، وأكثر انسجاما مع قضايا الساعة، أقول ذلك لتذكري بأنني في ذلك اللقاء اليتيم طلبت منه، من منطلق ما يمتلك من علم ومعرفة وخبرة مالية وذكريات طريفة، مشاركة الآخرين فيها، وضرورة نشر أفكاره، التي تسبق عصره، لكي يستفاد من تجاربه الثرية في أكثر من مجال. ولا أدري إن كانت اتجاهاته الأخيرة صدى لما كتبت أو أنه اصبح، وهو في التسعينات من عمره الذي نتمنى ان يطول، يعرف أن ليس هناك ما يخسره. كما أن اختياره لـ القبس، التي عرفت بجرأة من يتولى رئاستها، ساهم في استرسال الرجل في آرائه دون «هنات أو عقبات!».
يقول السيد شهاب في نص نشر له أخيرا: حصلت الكويت على استقلالها قبل أكثر من نصف قرن، وكانت وقتها بحاجة إلى بناء قاعدة سكانية تكفيها لسد حاجات اقتصادها، واختارت سياسة تجنيس «اعتباطية وشخصية»، نتج عنها أن أعداد المجنسين وخبراتهم لم تكن لها علاقة بحاجات الدولة الفعلية، كما أن هذه الحاجات بقيت مستمرة طوال السنوات 50 الماضية وتضخمت مع زيادة السكان. وبما أن سياسة التعليم كانت «اعتباطية» هي أيضا فقد أنتج نظام التعليم جيشا من المتعلمين الذين لا حاجة للمجتمع اليهم، فضلا عن المجنسين الذين لم يحتج الاقتصاد الوطني لأغلبيتهم! وفي هذه الفوضى السكانية وُل.دت مشكلة «البدون»، وتآزرت فوضى البيروقراطية التي خلقتها الدولة الفتية، و«قصر نظر بعض القيادات الوطنية»، وفوضى الغزو العراقي في تفاقم المشكلة، ووجدت الدولة نفسها تواجه كتلة بشرية ضخمة لا تختلف مبدئياً عن التركيب السكاني المحلي، فيها نسبة مما تحتاجه لسد متطلبات الاقتصاد وأخرى أكبر من ذلك من غير المدربين لا تختلف عن الكتلة السكانية الأصلية كثيرا، الا أنها عاجزة عن إثبات هويتها بما يكفي المتطلبات البيروقراطية، فتقرر تأجيل الوصول الى حل ايجابي نهائي. ثم مرت فترة منعت الدولة فيها استخدام «البدون» ريثما يتم البت في مشكلتهم، واستمر التردد وما زال. وتعاقبت على الحكم وزارة إثر أخرى، فأزمنت المشكلة، وارتفعت أصوات التذمر، واضيفت الى ذلك أصوات المؤسسات الدولية، فقررت الدولة معالجة المشكلة وجاهاً – وتمخض الجبل، فأجهض، وبدأ التجنيس قطرة فقطرة يتعثر، مغفلا حاجات الكويت نفسها. وما زالت المشكلة موضع أخذ ورد ونقاش بين السياسيين، وما فتئت الكويت بعد أكثر من نصف قرن مضى على استقلالها تفتقر إلى العمالة المدربة، وما فتئ «البدون» يأملون خيرا في بيداء الأحلام.
وفي مقال آخر ذكر: .. إن المعلق الاجتماعي يرى ويعي الكثير مما يدور حوله من أحداث، ولكنه لا يستطيع أن يشكو من قلة ما يستوجب الشكوى منه. الا أنني أشكو من مشكلة فريدة، وهي كثرة المشاكل المحيطة بي وصعوبة انتقاء بعضها، وتفضيله على أخرى! وأنا أشبّه نفسي بالغريق في بحر ثائر: لا أدري الى أين أوجه جهدي للوصول الى شاطئ السلامة! وهذا معناه أني لا أُعدم وجود مشكلة أو محنة تستوجب التعليق عليها يوما ما. وكأنني كواقف في مركز دائرة من المحن كلها تستدعي التعليق عليها، وكلها من الأهمية مما يستدعي التعليق عليها فورا وفي آن واحد! فكيف وماذا أستبعد، وكيف وماذا أؤجل، وكيف وماذا أختار؟
ونحن نقول له، إن سمح لنا بذلك، أن يكتب ويكتب وألا يحرمنا من زاد معرفته وغزير علمه، فأمثاله أصبحوا، وهو الذي قضى جل عمره بين العملات، عملة نادرة. وأن يتخلى عن مقولة: لقد أسمعت لو ناديت حيا! فنحن وغيرنا الكثير أحياء ونسمع جيدا، و«كثر الدق سيفك اللحام يوما»!!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

علي محمود خاجه

كل واحد وثوابته

لا جديد، سقوط قناع آخر مما يسمى بالمعارضة اليوم، فمع كل حالة تتعارض مع أفكارهم نجدهم يتنصلون من كل كلام الحريات وإيمانهم بالتعددية والدستور، وما حدث للمغرد مصعب شمساه يثبت ذلك مجدداً، فهاهم يطالبون بتطبيق أشد العقوبات عليه، وبعضهم يتحسر على عدم إقرار قانون إعدام المسيء، وثلة قليلة منهم تلتزم الصمت فقط. عدم إيماننا بهذا الشكل المعارض غير المؤمن لا بدستور ولا بمدنية دولة لم ينبع من فراغ، بل كان نتيجة ممارسات مستمرة منهم، كلها تنسف الدستور وتتعدى على الحريات سواء داخل المجلس أو خارجه، ولم يزل هذا السلوك مستمراً رغم محاولتهم لتغليفه باسم حرية التعبير تارة وحماية الدستور تارة أخرى، وبأمانة فأنا لا يعنيني أبداً موقف "نواب الأغلبية" أو "نهج" أو "الائتلاف" أو "الجبهة" أو أي مسمى آخر لهم، فهم ورقة خاسرة بلا أدنى شك، ولكن ما يحزنني فعلاً هو أن يتحول الشباب إلى نسخة أخرى من نموذج هذه المعارضة، وهو ما لا يتسق أبداً مع فكرة الدولة المدنية، وليس من المقبول أيضاً أن أسعى إلى تغيير السيئ القائم من حكومة ومجلس واستبداله بسيئ آخر إن لم يكن أشد سوءاً أصلاً. قد يقول قائل إن مصعب شمساه تطاول على ثوابتنا، وقد أتفهم هذا التبرير فقط من إنسان لم يقرأ الدستور، ولكن إن كان الناشط السياسي أو المتابع يعتقد أن التطاول على ثوابته يستحق أقصى العقوبات، بل حتى الإعدام فتلك مصيبة، فلكل من هو على أرض هذا الوطن ثوابت ومعتقدات؛ فالمسيحي اليوم مثلاً لا يعتقد بالدين كما يعتقده المسلم، ومعظم ممارسات المسلم تطاول على ثوابته، والشيعي يعتقد بأحقية الخليفة الرابع بالخلافة كأول الخلفاء، والسنّي يعتقد بأحقية الخليفة الأول، وفي المعتقدين كل منهما يتطاول على ثوابت الآخر، ولأننا في دولة دستور مدنية فتلك الاعتقادات متاحة وتتعايش فيما بينها ولا تمييز أو تفضيل لمعتقد دون غيره. مفهوم التعايش مع اختلاف المعتقدات هو أصل الكويت قبل الدستور، وهو ما حرصت الدولة بمؤسساتها كافة على طمسه على مر السنين كي تتفرد بكل قوى أو معتقد على حدة، ونجحت في ذلك، ولم يتبقَّ سوى جمع قليل يطالب فعلاً لا قولاً بضرورة التعايش دون تمييز، ومع هذا نجد اليوم من يريد تغيير الوضع القائم لوضع مشابه آخر! اعذروني إن حاربت منهج ما يسمى بالمعارضة اليوم كما أحارب منهج الحكومات المتعاقبة، فالأمر سيان بالنسبة إلي، بل إن الأمر امتد للأسف إلى شباب باتوا أسرى لمنهج إقصائي سيئ في سبيل محاربة منهج إقصائي سيئ آخر. خارج نطاق التغطية: كتبنا مسبقاً عن هوية الحكومة المنتخبة التي ترفع شعارها المعارضة الحالية، وها هو النائب السابق أحمد السعدون يعلنها صراحة بأن موقفه من الحكومة المنتخبة هو أن يوصي بالمشاورات مع سمو الأمير أن يكون رئيس الوزراء نائباً في مجلس الأمة فقط، أي أن الشعب لا ينتخب حكومته، شكراً لأحمد السعدون على وضع تصوره للحكومة أمام الناس.

احمد الصراف

المسلم المظلوم

“>عاشت مناطق شاسعة من حوض المحيط الهندي في جنوب شرق آسيا في سلام ديني، ولم تعرف الحروب الدينية على مدى ثلاثة آلاف سنة، الى أن غزا المسلمون، بقيادة محمد بن القاسم، عامل الحجاج، بلاد السند عام 92 هجرية. ويعود سبب خلو المنطقة تاريخيا من الحروب الدينية الى تعدد آلهتها وتساوي غالبيتها في الأهمية، فلا جهة تشعر بأن آلهتها أفضل من غيرها، أو العكس، اضافة الى خلو عقائد الغالبية، والبوذيين منهم بالذات، من العنف، وبالتالي كان لافتا للنظر ما اصبحت تتعرض له أخيرا الأقليات المسلمة في تايلند وبورما وسريلانكا، وحتى الصين الشعبية وغيرها من اعتداءات شبه متكررة وتتسم بالعنف الشديد ضد مواطني تلك الدول من الأقلية المسلمة، والتي فقد من جرائها الكثير منهم أرواحهم وأملاكهم وحقولهم، ورفض التعامل معهم أو الشراء من متاجرهم! والغريب أن رهباناً بوذيين متطرفين، ممن اشتهروا بحبهم للسلام والمحبة، كانوا على رأس الكثير من عمليات الاعتداء على الأقليات المسلمة في بلادهم، وهم الذين لم يشكل وجودهم يوما تهديدا خطيرا على الغالبية، فلم حدث مثل هذا التحول؟
يقول المسيح، عليه السلام، في أحد اقواله: أحب اعداءك وصلّ لمن يضطهدك! وقد كان لكلمته تلك تأثير هائل على مواقف الكثير من القادة والجنود المشاركين في الحروب ممن ارتضوا المسيحية دينا، حيث حرم عليهم معتقدهم الجديد ضرب الآخرين فكيف بسفك دمائهم؟ وهنا اصبح الوضع خطيرا، وكادت المسيحية أن تفقد زخمها، لتعارض مبادئ المسيح السلمية مع ما أصبح يتطلبه الدين الجديد من اراقة دماء الاعداء، وبالتالي تطلب الأمر تدخل بعض رجال الاكليروس آنذاك بدعم سياسي من الأباطرة والملوك، لتغيير مفهوم «أحب لأعدائك ما تحب لنفسك» وتحليل قتل الآخر بالحرب وبغير ذلك، طالما كان الهدف «عادلا»! وهكذا تطوع عشرات الآلاف للمشاركة في الحروب الصليبية على الشرق لاستعادة بيت المقدس من المسلمين «الكفار»! وبالتالي ما اصبحنا نراه اليوم من ميل عدد من الرهبان البوذيين للجوء للعنف ضد الأقلية المسلمة لا يختلف عن مواقف أوائل المسيحيين، الذين كان رافضو القتال منهم في مقدمة الجيوش الصليبية الغازية! فهؤلاء الرهبان شعروا أن وجودهم العقائدي يتعرض لخطر الافناء ان استمروا في اتباع الطرق السلمية واللاعنف مع الموجة الجديدة من التطرف الاسلامي، وما أصبح يشكله تمددهم وتكاثرهم من خطر عليهم، وهكذا برروا لأنفسهم قتل الآخر، لأن الهدف عادل! وهنا يجب توجيه اللوم لمن اندس بين مسلمي جنوب شرق آسيا، وقبلهم وبعدهم بين مسلمي اميركا واوروبا، من المتطرفين الخليجيين بالذات، الذين زينوا لهم رفض التبعية لحكم غيرهم، من عبدة الأوثان، وحثهم على المطالبة بـ«حقوقهم» المهدورة، وغير ذلك من مطالبات أفزعت الأكثرية، فوقفت ضدهم ودفعوا هم ونحن ثمنا باهظا لتطرف هؤلاء وغبائهم!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

حكم الإدانة.. ماذا يعني؟!

أخيراً
صدر حكم التمييز والقاضي بإدانة الخلية الإيرانية للتجسس وحبس أربعة متهمين حبساً مؤبداً، وهذا ليس خبراً عادياً نسمعه كل يوم، بل له مدلولات كثيرة يجب التوقف عندها طويلاً، إن كنا نريد أن نستفيد من تجاربنا، ونحقق مصلحة وطننا وأمنه واستقراره!
– إن ثبوت التهمة على المتهمين بعد أن مرت القضية بجميع درجات التقاضي وبكل شفافية، ليؤكد تورط إيران في الموضوع، وأنها لم تعد دولة صديقة أو شقيقة، بل دولة تحيك لنا المؤامرات والدسائس وتتربص بنا الدوائر!
– إن حكم البراءة بمرحلة الاستئناف دليل آخر على أن القضية غير مفبركة، وأن الحكم ليس حكماً سياسياً، ومما يؤكد ذلك العلاقة التي تميزت بها حقبة هذا الحكم مع النظام الإيراني.
– الإدانة جعلتنا نسترجع شريطاً من الذكريات المؤلمة مع النظام الإيراني وأتباعه المنتشرين في المنطقة، ولعل أبرز هذه الذكريات محاولة اغتيال سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله تعالى، وكذلك حادثة اختطاف طائرة «الجابرية»، وتفجير المقاهي الشعبية، وتفجير المنشآت النفطية، وغيرها الكثير من الأعمال الإجرامية التي لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الكويتيين!
– إن الخطورة في هذه الأحداث أن بعض المتورطين فيها تمت معاملتهم برعاية، نتيجة العلاقة المميزة للحكم في الكويت مع التيارات التي ينتمي إليها بعض هؤلاء! لذلك، تجد بعض من أدينوا أطلق سراحهم لاحقاً، بل إن بعض هؤلاء تمت إعادته إلى عمله بفضل تعيين المقربين لهم مسؤولين وأصحاب قرار في القطاع النفطي.
– بعض هؤلاء تمت إدانتهم في دول خليجية أخرى، وما زالوا مطلوبين لها.
– أخطر ما في الأمر أن من نتائج الانتخابات، وفقاً للصوت الواحد، أن وصل بعض هؤلاء المتورطين إلى قبة البرلمان ممثلين للشعب ومشرعين له رضينا أم أبينا! وأصبحوا يمتلكون منابر توجيه الرأي العام، ويعلنون آراءهم بكل صراحة ووضوح، مهما خالفوا بذلك التوجه العام للدولة ولغالبية الشعب.
لذلك، نجد التفسير المنطقي لتبني هؤلاء للحملة الإعلامية المغرضة لتشويه نشاط التيار الإسلامي الوسطي، للفت الأنظار عن التاريخ السياسي الأسود لبعض هؤلاء، وتورطهم في زعزعة استقرار البلد!
والسؤال المنطقي، الذي لا يتمنى بعض النواب سماعه: هل سنسمع منكم إدانة وتهويلاً لهذا الفعل الذي أثبتت المحكمة وقوعه كما فعلتم في تهويل تورط خلية كويتية مع خلية الإمارات، وهو فعل لا يتعدى التكهنات والتخرصات؟!
هل سنسمع من سماحته إدانة لهذه الأفعال الإجرامية، أم أنه ما زال مصراً على تسميتها بالأعمال البطولية؟! استحقاقات كثيرة لحكم الإدانة الذي أصدرته محكمة التمييز لا يمكن تجاهلها أو الاستخفاف بها، ولكن هل من مدّكر؟!
• • •
رحمك الله يا أبا سعود وغفر لك، فقد كنت يا محمد العفاسي نموذجاً في كل شيء، ويكفيك فخراً أنك مع توليك عدة مناصب مثيرة للجدل، إلا أننا لم نسمع عنك إلا الإشادة بأخلاقك العالية، وتواضعك الجم، وتفانيك في عملك، غفر الله لك، وأسكنك فسيح جناته، وألهم ذويك الصبر والسلوان.

محمد الوشيحي

اللصوص يبتسمون أيضاً…

والجهل يهدم بيت العز والشرف، يقول الشاعر… وطيبة القلب الزائدة تسحبك من يدك الكريمة بلطف وتُدخلك في دائرة الجهل.
ويتحدث أحدنا في الديوانية عن فساد النائب فلان، فيحتجّ آخر: "اتق الله في نفسك، ما علمنا منه إلا الابتسامة في وجوهنا، ومشاركتنا أفراحنا وأتراحنا، ووقوفه معنا وقت الحاجة، فقد نقل زوجتي من مقر عملها المزعج إلى موقع أفضل، وقدّمَ اسمي مرشحاً لرئاسة القسم، عندما كان غيره مشغولاً في سن قوانين لا نعرف ماذا يراد بها…".
وبكل بلاهة الدنيا، يسلهم أحدهم عينيه في مكان آخر وهو يحدثك عن "طيبة قلب" المسؤول فلان، وتسأله: كيف عرفت؟ فيجيبك بانطلاقة: "يا أخي ابتسامته تسابق حضوره، ولين تعامله مع المواطنين، وقفشاته التي لا تتوقف، ووو"!
سامح الله الأفلام العربية التي خدعتنا وغررت بنا حتى ظننا أن رجل المباحث لن يكون رجل مباحث إلا إذا ارتدى "البالطو الطويل"، حتى في الصيف، ولن تكتمل صورته إلا إذا أمسك بصحيفة. وسامح الله الأفلام الهندية التي خدعتنا وصورت لنا أن كل المجرمين مصابون بجروح في خدودهم، وعيونهم حمراء فاقع لونها، بينما أهل الخير كلهم يجب أن يكونوا على درجة كبيرة من الوسامة، وإلا فلن يكونوا خيّرين، نرجو المعذرة.
والفاسدون في الكويت ليسوا فاسدين، بدليل أن أحداً منهم لا يحمل سكيناً في بنطلونه يخفيها قميصه، ولا أحد منهم يضحك بقهقهة وجلجلة كما يضحك أبولهب في المسلسلات الإسلامية "ها ها ها ها ها"، وبالطبع لا يمكن أن يسرقوا بدليل ابتساماتهم الرائعة ومشاركتهم الناس أفراحهم وأتراحهم.
وتتحدث الكتب عن عائلتين إفريقيتين تقاتلتا بضراوة، قبل قرون من الزمان، إحداهما تريد قتل الهولندي تاجر العبيد وسيد السخرة ثأراً لابنها، والثانية تدافع عنه بحجة اهتمامه بها، ثم إن مظهره لا يدل على أنه يعذب أبناء جلدتهم في هولندا كما يقال عنه، بل على العكس، يبدو أنه من أهل السماء، فملامحه ووسامته وأناقته ولطف تعامله الظاهر كلها تؤكد ملائكيته… والخلاصة، نجا الهولندي ومات الكثير من أبناء العائلتين.

احمد الصراف

كيف نتغلب على فتنتهن؟

يتطلب التواصل والتعامل بيسر مع الآخر رؤية بعضنا وجه بعض، فهكذا اعتاد الانسان على التخاطب منذ مئات آلاف السنين، ولم تتأخر تكنولوجيا الاتصال الهاتفي في تلبية هذه الحاجة، بحيث أصبحنا نرى وجوه من نتحدث معهم وتعابيرهم على الهاتف الثابت أو النقال، كما ان البعض يجد درجة من الصعوبة في «التفاهم» مع من يخاطبه من خلف ستار أو حجاب، خصوصاً إن كان الحاجز مفتعلا. فنحن غالبا ما نقبل بالتحدث مع شخص يبعد عنا ولا نعرفه أو نعرف كيف يبدو، ولكن ما إن يصبح هذا الشخص أمامنا ويحاول تغطية كل أو جزء من وجهه، لسبب أو لآخر، فإننا نشعر بنوع من عدم الارتياح، وهنا نتكلم عن القناع أو الشادور او البوشيه أو اي قطعة قماش تغطي وجه من نخاطب، كاللثام الذي يستخدمه رجال الطوارق، وشبه الأكياس التي يجبر رجال طالبان نساءهم على تغليف أنفسهن بها!
وقد ورد في بعض المصادر أن المرأة المصرية كانت اسبق من غيرها في العالم العربي في تلقي التعليم العالي، والإقدام على العمل في شتى المجالات والوظائف. كما كانت الأولى عربيا في قيادة السيارة والطائرة، وأول من دخلت الحكومة والبرلمان. ولكن وضعها الاجتماعي ومكانتها كإنسانة تراجعا مع نهاية السبعينات، بعد أن وقعت مصر في قبضة الأفكار السلفية وانتشر فيها المذهب الوهابي، المدعوم بأموال النفط، سواء عن طريق الفضائيات المملوكة للسلفيين، أو بواسطة ملايين المصريين الذين عملوا سنوات في الخليج، وعادوا مشبعين بأفكار السلف والإخوان، والكادحين منهم بالذات من الطبقة غير المتعلمة جيدا. ورأينا كيف عاد النقاب للظهور من جديد في مصر، مدعوما ليس فقط بدعاية قوية، بل وبمن يعتقد أن من لا يدعو لارتدائه فإنما يدعو للإباحية والانحلال! ولو طرحنا سؤالا يتعلق بمدى قوة الحجاب في منع الفتنة ونشر الفضيلة، لما حصلنا على إجابة مقنعة أبدا! فالدول التي ينتشر فيها الحجاب ليست بالضرورة الأكثر فضيلة، ولو كانت كذلك فهل الفضيلة، بمعناها الضيق المرتبط بوضعية المرأة بالذات، هي التي تحدد نظافة وسعادة وقوة اي مجتمع، أم أن المسألة أكثر تعقيدا من ذلك بكثير؟ فالحياة في اي مدينة عصرية معقدة، وفي طريقها لأن تصبح اكثر تعقيدا مع استمرار شح الموارد وقلة الوظائف وزيادة أعباء ومتطلبات الحياة، والتسارع في أهمية دور المرأة في المجتمع، نظرا لانشغال الرجل وتزايد الحاجة الى مساهمتها في ميزانية الأسرة، إضافة الى دورها في تربية الأولاد، وكل هذه تحتاج لخلق إنسانة تتمتع بدرجة كافية من التعليم والثقة بالنفس، لكي تنجح في أي عمل تقوم به. فالفضيلة لا تأتي بحجاب ونقاب، بل من خلال حصول الجميع على حقوق عمل متساوية! ولا يمكن للمرأة أن تشعر بالثقة إن أقنعها المجتمع بأنها أصل الغواية، وأن مقاومة الرذيلة لا تتم إلا بوضعها خلف حجاب، وأنه كلما زادت كثافة ذلك الحجاب زادت قدرتها على مقاومة «الإغراء»! وفي سياق مختلف، يقول مفكر غير معروف بأن الفلسفة هي في القدرة على تبرير البحث عن قط اسود في غرفة مظلمة. أما الميتافيزيق، او ما وراء الطبيعة، فهو تبرير البحث عن قط اسود غير موجود اصلا في غرفة مظلمة. أما عندما نبحث عن قط أسود، غير موجود، في غرفة مظلمة، ومع هذا نصيح قائلين بأننا وجدناه، فهذا هو التطرف الديني، أما العلم فإنه يطلب أن نبحث عن القط الأسود في الغرفة المظلمة.. باستخدام مصباح إنارة!

أحمد الصراف

سامي النصف

الكويت بين اقتصاديين واقتصاديين!

لولا الحكماء والعقلاء من رجال الاقتصاد الكويتي لما خلقت الكويت أصلا ولما استمرت لقرون وقرون دون زرع أو ضرع أو أنهار أو أمطار بسبب إبداع تلك العقول المبهرة التي استطاعت قبل أربعة قرون أن تحول بلدنا إلى مركز مالي مرموق في المنطقة بعد أن دعوا لخفض الضرائب، وأطروا للتسامح الديني والسياسي والاجتماعي، وخلقوا أكبر أسطول نقل بحري في المنطقة (لم تكن هناك آنذاك أساطيل نقل جوية وإلا لحازوا السبق فيها).

***

ولايزال في الكويت رجال وسيدات اقتصاد من الطراز الأول حتى أن بعضهم تم اختياره لرئاسة مؤسسات اقتصادية عربية وعالمية مرموقة، وبعضهم الآخر لم يتسلموا مؤسسة أو شركة أو هيئة إلا وطوروها وارتقوا بأدائها وخرجوا منها كما دخلوا بملابس وضمائر وذمم بيضاء ناصعة.

***

يقابل هؤلاء اقتصاديون كويتيون من طراز آخر، دمروا البلاد وأضروا بالعباد رغم أسمائهم الرنانة وشهاداتهم العلمية الطنانة، فكارثة بورصة عام 76 خلقها وتسبب بها اقتصاديون كويتيون للأسف، وكارثة المناخ عام 82 كذلك ولا يوجد سوق مالي في العالم تعرض للهزات والانهيارات التي تعرضت لها البورصة الكويتية خلال العقود الماضية، بل ان القطاع الأسوأ أداء في البورصة حتى اليوم هو القطاع الذي يديره بعض الاقتصاديين ممن لا يحتاج عملهم إلا التحليل الصائب والنظرة المستقبلية الصحيحة.. وما أصعبها على البعض منهم.

***

آخر محطة: (1) يقوم بعض رجال الإعلام الاقتصادي الأميركي المتابعين لتحليلات وتوصيات كبار رجال الاقتصاد المختصين في بورصة الوول ستريت بمقارنة الأسهم التي يقترحون شراءها مع ما يختاره قرد حقيقي يعطى حديدة مدببة ليرميها على لوحة كبيرة تحتوي على قائمة شركات البورصة الأميركية وقد اكتُشف أن اختيارات الشمبانزي في كثير من الأحيان أفضل بكثير من خيارات كبار اقتصادييهم.

(2) للعلم.. ضم الاتحاد السوفييتي أكبر عدد من حملة الدكتوراه في الاقتصاد بالتاريخ الإنساني، الاتحاد السوفييتي لم ينهر ويتفكك وينقسم نتيجة هزيمة عسكرية خارجية، الاتحاد السوفييتي انهار بسبب النظريات الاقتصادية الخاطئة التي رسمها أساتذة جامعاته ومستودعات عقوله الاقتصادية.

(3) اشتهر بعض الاقتصاديين من رجال ونساء الاتحاد السوفييتي بقدرتهم على التحرك بين النواب في مجلس الشعب (الدوما) لحشد الدعم للحكومة، تلك القدرة على اللوبي لا تعني انهم الأفضل بالتنظير الاقتصادي أو يمكن ائتمانهم على المشاريع أو الوزارات الاقتصادية.

 

احمد الصراف

سنوات النظر

بدأت في استخدام النظارات، والجمع هنا أفضل، لاحتوائها على عدستين، قبل نصف قرن تقريبا. وبناء على نصيحة سمعتها أخيرا من طبيب قللت من الاعتماد الكلي عليها، لأن استخدامها بكثرة يضعف عضلات العينين، والتخلي عنها بين الفترة والأخرى يعيد للعضلات قوتها ويجعل النظر من دونها ممكنا، خصوصاً عند ضياعها. وهكذا اصبحت، مع الوقت، «ادبر نفسي» واقود السيارة وأمارس الكتابة والقراءة في أحيان كثيرة من دون نظارات! وعندما فكرت، كاقتصادي سابق، في ما صرفته من ثروة صغيرة على عشرات النظارات والعدسات المختلفة الشكل واللون والاستخدام طوال السنوات الماضية، مع التقدم التكنولوجي الكبير في طريقة صنع عدساتها وإطاراتها واستخداماتها بحيث أصبحت تنفع لتقريب الأشياء وقراءة الحروف الصغيرة عن قرب وتصلح في الوقت نفسه لاستخدامها في الوقاية من الشمس، وغير قابلة للخدش بسهولة وخفيفة الوزن، وذات عدسات بالغة الدقة، كل هذا دفعني للبحث في تاريخ النظارات فوجدت أن قدماء المصريين اشاروا الى استخدام شيء ما يمكن عن طريقه رؤية الأجسام باكبر من حجمها الحقيقي. كما نجح علماء في عهد الامبراطور الروماني نيرون، قبل الفي عام، في قراءة كلمات بالغة الصغر من خلف زجاج عليه ماء أو آنية زجاجية بها ماء. وأول كتابة علمية عن استخدام العدسات المنحنية convex lens في تكبير الصور كانت عام 1021 في كتاب «المناظر» للعالم ابن الهيثم، الذي يعرفه الغرب بـ «الهازن Alhazen»، ويقدره أكثر منا، فليس هناك حسب علمي معلم واحد يحمل اسم هذا العالم الكبير الذي قدم اسهامات عظيمة للبشرية في علوم البصر وغيرها. وكالعادة مات نسيا منسيا بعد أن ادعى الجنون، خوفا على حياته من بطش الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله! وقد ترجم كتاب «المناظر أو البصريات» لللاتينية في القرن 12، وكانت مادته أساس تطوير نظارات البصر بعدها بمائة عام في إيطاليا. كما عرفت الصين في القرن 12 ما يشبه النظارات الشمسية، وبدأ صنع نظارات البصر لأول مرة في إيطاليا عام 1313 وتظهر لوحات فنية لشخصيات كنسية وسياسية معروفة «بورتريه» وهم يرتدون النظارات. كما كان للعالم الأميركي بنجامين فرانكلين الفضل في اختراع العدسات التي تبين البعدين، كما تطور مع الوقت شكل وطريقة الإطارات وأول نوع منها يمكن وضعه على الأذنين اخترع عام 1727، أي قبل ظهور الوهابية في الجزيرة العربية بــ14 عاما! وفي القرن العشرين كان لعلماء مصانع زايس الألمانية الفضل الأكبر في تطوير العدسات لمختلف الاستعمالات، وبالرغم من انتشار استخدام العدسات اللاصقة وعمليات الليزر لتعديل البصر إلا أن استخدام النظارات التقليدية استمر في ازدياد، مع التقدم الكبير في تقنيات صنعها. ويذكر أنه في نهاية الحرب العالمية الثانية اكتشف كارل زايس، أن مصنعه سيكون ضمن المنطقة التي ستخضع للسوفيت، فتركه بكامل اختصاصييه وعلمائه ومبانيه وآلاته وهرب إلى القسم الغربي ليبني مصنعا جديدا من الصفر، وهو اليوم واحد من أكبر المصانع في العالم، أما ما تركه وراءه، تحت الحكم الدكتاتوري، فقد انهار بعدها بسنوات قليلة.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الأكلبي قالها…

هو سعد بن جدلان الأكلبي، الشاعر السعودي الأمي المعاصر، الذي يجمع لك فواكه الحكمة، ويضربها في خلاط، ويقدم لك، في بيت واحد، عصيرها بارداً لتشربه بالهناء والشفاء… يقول: "ديار الوبا من طبّها راح متوبّي / وقرابة الجربا على الحول مجروبة"، وشرح البيت: ديار الوباء من سكن فيها سيصيبه الوباء، والناقة التي تقترب من الناقة المصابة بالجرب سيصيبها الجرب هي أيضاً.
وفي الكويت تحول مجلس الأمة إلى "دار وباء" من دخل قاعته "راح متوبّي"، وفقدان الناس ثقتهم ببرلمانهم بسبب إدراكهم أنه ليس برلمانهم من الأساس… وكنا نخشى على الدولة وأموالها من الحكومة وأقربائها من الدرجة الأولى، فإذا بنا نترحم عليها وعلى أقربائها كلما شاهدنا أعضاء "دار الوباء"، وبات كل من يمر بجانب البرلمان "حامي المال العام" يتفقد محفظته وموبايله وعدد أصابعه.
ويذهب الخباز الألماني إلى مخبزه من دون أن يعرف تفاصيل نواب البرلمان وأعضاء الحكومة، لثقته المطلقة بمؤسسات دولته، ويمسك البلجيكيون (أو البلاجكة كما يسميهم أحد الأصدقاء) صحفهم، ويفتحون صفحات الفن والرياضة والموضة ولا يمرّون على الصفحات البرلمانية، هذا إذا كانت هناك صفحات برلمانية من الأساس، ويسأل المذيع الأميركي ملكات جمال أميركا المثقفات عن اسم نائب الرئيس الأميركي فتصيبهن لخمة، ويضربن أسداساً في أسباع، وقيل بل أثماناً في أتساع، وتحك كل منهن جبهتها الناعمة، وتعض شفتيها المنتفختين، وتطرق بعينيها الناعستين، ووو، فتعجز عن الإجابة… ليش؟ لأن الألمان والطليان والبلاجكة واليابانيين وغيرهم يثقون بمؤسسات دولهم، ويثقون بسياسييهم، فأمنوا على رزقهم وعلى حاضرهم ومستقبلهم وأمنهم.
هي الثقة بمؤسسات دولتهم وسلطاتها وقيادييها غابت عن الكويتيين، فانتشر الفساد والرشى، وأصبحنا نسمع كل يوم عن نائب اشترى بنايات وعقارات في المنطقة الفلانية، وآخر استحوذ على المشروع الفلاني، وأضحينا نسمع كل يوم عن المسؤول فلان يرتشي لتمرير معاملة أو تعطيل أخرى، وأمسينا نشاهد مؤسسات الدولة تتخلخل وتهتز وتقع في أذهان الناس وعيونهم، وتحولت الكويت إلى "ديار وباء وفساد".

سامي النصف

عدو الشعب رقم1

استخدم مصطلح عدو الشعب رقم (1) في الثلاثينيات من قبل رئيس مكافحة الفساد في مدينة شيكاغو السيد فرانك لوسيتش لوصف عتاة المجرمين ممن لم يستطع القضاء الوصول اليهم وكان على رأسهم المجرم الشهير «آل كابون»، وكان قصد رئيس الهيئة إلصاق العار بأسمائهم ودفع المواطنين لاحتقارهم ورجال الأمن لملاحقتهم، وقد عادت مدينة شيكاغو مؤخرا لاستخدام نفس المصطلح ضد المجرم المكسيكي الهارب «آل شابو»!

***

في الكويت لدينا أعداء الشعب رقم (1) وأولهم أصحاب الكفاءة، فلا يوجد بلد في العالم يحارب الكفاءات كما هو الحال في بلدنا المعطاء، ولا يتوقف العداء والتخذيل الشديد لهم عادة حتى يتركوا أو يتقاعدوا أو يهاجروا.. وما أكثر الكفاءات الكويتية المهاجرة!

***

وعدو الشعب رقم (1) هو الأمانة وأصحاب الضمائر الحية ممن يضربون ضرب غرائب الابل كي يتوبوا عن أمانتهم ويلتحقوا بركب الفساد، والمؤسف أن المظهر لم يعد يدل على المخبر، فكم من مدعي إصلاح وتدين ثبت أنه خائن للأمانة ومتعد على الاموال العامة، وهي ظاهرة مؤسفة بحق يتميز بها البلد!

وعدو الشعب رقم (1) لدينا هو الذكي الألمعي الذي تعتبره الأمم الأخرى سلعة نادرة فتوقره وتدعمه وتحسن استخدامه، في بلدنا الذكاء والنباهة وإحراز المراكز الاولى في المدارس والجامعات هي وصفة أكيدة للإحباط وتلقي العصي كل صباح حتى أصبح بعض الاذكياء يتصنعون الغباء للعيش ويحاولون إطفاء الجمرة المتوقدة في ذهنهم وأدمغتهم لعل وعسى أن يخفف هذا الغباء المصطنع حدة العداء ضدهم.

وعدو الشعب الكويتي رقم (1) هو الوطني الحقيقي الذي يحب الكويت دون جعجعة ويعشق ترابها ولا يقبل بيعها بأسواق النخاسة الدولية والمحلية، هذا الوطني الحقيقي يجد نفسه معزولا لصالح حبيب الشعب رقم (1) أي الوطني الزائف ذو الولاءات المتعددة الذي يدور حيث يدور مصدر الدفع المالي السري، فالوطنية الزائفة هي العملة الأكثر رواجا في البلد هذه الأيام، وهي لباس كاذب براق لخداع الأتباع ودفعهم لحرق وطنهم.

عدو الشعب رقم (1) هو الشجاع المضحي بدمه لأجل بلده، فإن جاءت رياح الشر والخطر من جهة ما طار إليها حاملا كفنه بيده عشقا منه لوطنه، وحبيب الشعب رقم (1) هو من إذا أتت رياح السموم من جهة اتجه سريعا للعكس منها.

عدو الشعب رقم (1) هو صاحب المهنية الشديدة الذي ينجز عمل شهر في يوم وعمل سنة في شهر، وحبيب الشعب رقم (1) هو من إذا حملته عمل يوم أنهاه في شهر، وعمل شهر أنجزه في سنة أو أكثر!

عدو الشعب الكويتي رقم (1) هو صاحب الثقافة والاطلاع الواسع، فما أكثر الخريجين وما أندر أصحاب الثقافات الذين تقاد بفكرهم النير الأمم الحية للمستقبل المشرق، ممن ينظر اليهم بازدراء شديد، فكيف يمضي الانسان يومه في بلدنا بالقراءة والاطلاع والتعلم، بينما يفترض أن يمضي وقته متسكعا بالشوارع أو جالسا في المقاهي والدواوين كي يصبح وبجدارة.. حبيب الشعب رقم (1)!

وعدو الشعب الكويتي رقم (1) هو الحكيم والعاقل الذي ان نصحك أن تتجه يمينا، فاعلم أن الخير كل الخير في ذلك الطريق، وحبيب الشعب رقم (1) هو الأحمق والسفيه الذي ان نصحك أن تتجه يسارا، فاعلم أن الشر كل الشر في ذلك الطريق، وجرت العادة المتوارثة أن يبعد الأول ويقرب الثاني لأننا كويتيون.. غير!

***

آخر محطة: (1) عدو الشعب رقم (1) هو المحب للعمل المضني والشاق المنتج، وحبيب الشعب رقم (1) هو من يبحث عن عمل «لا عمل فيه»، حتى يسهر الليل و.. ينام النهار!

(2) اقرأ المقال مرة أخرى لتعلم لماذا تأخرنا عن الجيران، ولماذا مازالت الهوة تتسع بيننا وبينهم مع كل يوم يمر!

(3) أولى خطوات النهضة أن نخلق ثقافة جديدة تحيل عدو الشعب الى حبيبه، وحبيب الشعب الى عدوه.