سامي النصف

أيها السادة..هل حافظتم حقاًعلى المال العام؟

تصغر راية قميص عثمان الشهيرة كثيرا عن راية الحفاظ على المال العام التي صدحت بها وتبنتها بعض القوى السياسية للاتجار بها والإضرار بالكويت ومصالح شعبها بالتبعية، حالها حال الدستور المتباكى عليه الذي كلما أوغل البعض في تدميره وسفك دمه رفع عقيرته بادعاء الحفاظ عليه، وما أكبر الفارق بين النظرية والتطبيق في تلك القضية وغيرها من قضايا!

***

في منتصف التسعينيات قرر راحل الكويت الكبير وزير النفط آنذاك المرحوم سعود الناصر ان يدخل التقنية الحديثة لاستخراج النفط من المكامن الصعبة في حقول الشمال، واستمعنا في حينه إلى مختصين نفطيين عن فوائد ذلك المشروع الذي يهدف لإراحة حقول الجنوب وأهمها حقل برقان الشهير إضافة الى الفوائد الإستراتيجية في حفاظه على أمن وبقاء شعب الكويت الذي لا يقدر بثمن، سمي المشروع في حينه من قبل بعض القوى السياسية بـ«سرقة القرن» وتم إلغاؤه بسبب صياح بعض القوى المعارضة، وخسر الشعب الكويتي عائدا إضافيا يقدر بـ 36 مليار دولار سنويا (360 مليارا في المجموع) ولم يحاسب أحد على الإلغاء الظالم لتلك الصفقة التي ما زالت جرحا نازفا حتى اليوم.

***

تلت ذلك وفي السنوات اللاحقة سلسلة إلغاءات لخطة تحديث اسطول «الكويتية» والمصفاة الرابعة ومشروع الداو بعد ان سميت من القوى السياسية بـ«سرقات العصر 1 و2 و3 و4… إلخ»، وكان مجموع خسائر تلك المشاريع من أموال الشعب الكويتي المظلوم يفوق عشرات أو مئات المليارات من الدولارات، والغريب المستغرب ان فراشا صغيرا لم يقبض عليه بتهمة احدى سرقات العصر تلك، مما يعني بشكل واضح وجلي أنه لا سرقات فيها بل مؤامرات دنيئة لتدمير الكويت والإضرار بشعبها لصالح دول أخرى.

***

وفي الحقبة ذاتها تم ومن قبل نفس القوى السياسية تعديل قانون الـ«B.O.T» مع سبق إصرار وترصد، فتوقفت عمليات البناء والإنماء وهاجرت المليارات من أموال الشعب الكويتي لتعمر مشارق الأرض ومغاربها، ثم منعت الدولة من دعم شركاتها المساهمة بعد الكارثة الاقتصادية عام 2008، كما حدث في بلدان العالم أجمع، فخسر الشعب الكويتي مرة أخرى المليارات من مدخراته المستثمرة في شركاته المساهمة، فهل في تلك الممارسات حفاظ ام استباحة للمال العام من بعض القوى السياسية المتباكية عليه؟!

***

آخر محطة: (1) استكمالا لمخططات التدمير تلك، تقوم نفس القوى بالدعوة للفوضى ومحاربة الاستقرار السياسي بهدف القضاء على مستقبل الشعب الكويتي المرتبط بمشروع المركز المالي البديل «الوحيد» لمداخيل النفط، وكل ذلك تحت شعارات محاربة الفساد، وهل هناك فساد أكثر من هذا؟!

(2) عقوبة المحرض على الجريمة تفوق في العادة عقوبة الفاعل، نعم يمكن لوم الحكومات المتعاقبة على إلغاء تلك المشاريع الحيوية، ولكن من الذي حرض وهدد على عمليات الإلغاء وإلا فسنوقفكم على.. المنصة؟!

 

احمد الصراف

أنا قبطي.. أنا مصري

تتعرّض مصر لخراب اقتصادي وسياحي وسياسي شبه شامل، ولا يبدو في الأجل القريب أن الحل مقبل، ولكنه سيأتي حتما، مهما طال الزمن، ولكن ليس قبل أن يذهب الشذاذ وحكمهم الشاذ إلى مهملات التاريخ، فمن فرق بين ابناء الشعب واستبعد هذا وقرّب ذاك بناء على عرق أو مذهب أو دين لا يمكن أن يؤمَن شره أو يحظى بأي تقدير أو احترام في التاريخ، ولكن المؤسف حقا أن جزءاً مهماً من الخراب الذي تسبب ويتسبب فيه الإخوان، والمتعلق بالنظرة للأقلية القبطية، هو الذي لا يمكن إصلاحه، فالأقباط كانوا ولايزالون، تاريخيا ووطنيا، زهرة مصر وجمالها وروحها الوقادة التي طالما أضاءت ما تلبّد في سمائها من غيوم التخلف والتعصب، كما أن أقباط مصر، كما يقول الزميل باسيلي بحرقة، هم أكبر وأقدم الأقليات المسيحية التي تعيش في الشرق الأوسط منذ آلاف السنين. كما أنهم أقدم جماعة وطنية متماسكة وموجودة في مكانها نفسه، بخصائصها وملامحها نفسها، وقبل أن تختار اعتناق المسيحية. ويستطرد باسيلي في القول بأسى: إنهم، وبالرغم من كل ذلك، فإن الغالبية لا تعرف عنهم ذلك أو لا تودّ أن تعرف، وتعاملهم وكأنهم ليسوا شركاء في وطن واحد لهم ما لغيرهم من حقوق، إن لم يكن أكثر. فهم كانوا وسيبقون أقلية، ولكنهم سيبقون اقلية غامضة وغير معروفة أو مفهومة بشكل صحيح في أعين الآخرين. حتى عددهم لا يود أحد معرفته أو الإقرار به! كما أن تسميتهم يختلفون عليها، فالبعض يسميهم أقباطاً، بينما يسميهم آخرون بالمسيحيين أو النصارى أو حتى بـ«أهل الذمة»! كما تختلف الرؤية لهم في مدى قربهم من المسلمين أو بعدهم عنهم، فالبعض يراهم مؤمنين من أهل الكتاب، والبعض الآخر يعتبرهم كفارا مشركين يقولون إن الله ثالث ثلاثة، والبعض يسميهم «عبدة الصليب»! أما عن معتقداتهم وأعيادهم وعاداتهم وسيكولوجيتهم فالالتباس والجهل بها هما السائدان حتى لدى نسبة كبيرة من المثقفين المسلمين، علما بأن معظمهم متعاطف مع الأقباط ويدافع عن حقوقهم، مما يجعل الأقباط في النهاية يبدون كأقلية لا يكاد يعرفها أحد. ويقول إن الدليل على ذلك ما قامت به الرئاسة المصرية في مطلع العام عندما حددت موعد إجراء انتخابات مجلس الشعب خلال فترة أسبوع الآلام «عيد القيامة»، وهو العيد الأكبر والأهم لدى الأقباط. وعندما تم الاعتراض على هذا الموعد تم تغييره، هذا قبل أن تحكم المحكمة بإلغاء الانتخابات أصلا! ويقول باسيلي إنه يتذكر أنه طوال سنوات دراسته في مصر كان يفاجأ بأن بعض الامتحانات قد تحددت في أيام عيد الميلاد أو القيامة، دون اعتبار لظروفهم! ورغم احتمال أن يكون وراء التحديد متعصبون في هذه الوزارة أو تلك، فإن الجهل بأعياد الأقباط أو عدم الاهتمام بمعرفة مواعيدها هو السائد. كما تجري في مصر منذ عقود عملية تشويه نمطية بشعة لصورة الأقباط، خاصة من قبل متعصبي المصريين وغيرهم من المتأثرين بنوع من الدعاة الممثلين لأكثر المذاهب تخلفا وتشددا، والذين يهدفون إلى بناء شهرتهم عن طريق تغذية مشاعر الاستعلاء والكراهية بنعت الاقباط بالكفر والقذارة والنجاسة الجسدية والروحية، وبذلك يسهلون على غيرهم التعدي على إنسانيتهم وسلبهم حقوقهم في المواطنة. كما من اللافت أن في كل مواقف التشويه الممنهج للأقليات في مجتمعات كثيرة نجده يحدث تحت غطاء ديني صاخب وهائج، يمنحه صك الموافقة الإلهية السامية، فيقوم الإنسان بناء عليه بأبشع أنواع الإذلال والاستعباد والاضطهاد لأخيه الإنسان، المختلف عنه دينا أو مذهبا أو شكلا، دون خلجة واحدة من تأنيب الضمير، بل بالعكس نجده مزهواً بأنه بهذا يرضي ربه ويتقرّب إليه!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

محمد الوشيحي

لا يتولاها إلا الفاغرون…

العهدة على الراوي، والراوي وكالات الأنباء، والمروي عنه هــــــو تلـــفـــــزيـــــــون سي إن إن، والعهدة تقول إن العلماء توصلوا إلى طريقة تمكنهم من زرع شريحة في دماغ الإنسان تحفظ له ذكرياته ومعلوماته وأحداثه من النسيان إلى أن يموت وتنتفي حاجته إليها، وستتوفر هذه الشرائح في الصيدليات خلال عشر سنوات كحد أقصى، بعد أن نجحت التجارب التي أجريت على الفئران.
وأزعم أنني أحد "قراء الكتب" المخضرمين، وأزعم أن معلومات كثيرة مهمة مرت من أمامي من دون أن أوقفها وأحفظها، فتلاشت كدخان سيجارة، فأنا من فصيلة إذا دخلت معلومة في أدمغتها أزاحت ما قبلها، والبقاء للأحدث.
على أننا في الكويت نحتاج إلى شرائح أخرى أكثر أهمية من شريحة الذاكرة… نحتاج إلى شريحة الصدق، رحم الله الصدق، وأكثرنا حاجة إليها حكومتنا التي تحضنا على الصدق، وبعض أطراف المعارضة. ونحتاج إلى شريحة الشهامة "بدل فاقد"، و"شريحة الحياء"، الحياء من الذات، والحياء من الكذب السافر أمام الناس، والحياء من رشوة الناس، والحياء من تلقي الرشوة وتصدر المجالس، والحياء من الطعن في أعراض كل من يخالفنا الرأي السياسي، ووو…
وشريحة أخرى أتمنى زرعها، هذه المرة في ألسنتنا لا أدمغتنا، وتكون على هيئة إبرة، اسمها "شريحة الوطنية"، مربوطة بـ"شريحة الصدق"، فإذا ادعى أحدنا الوطنية وهو كاذب، تحركت الإبرة لتضرب سقف حلقه بقوة، فيضطر إلى فغر فيه، ويضطر الآخر أيضاً إلى فغر فيه، والثالث والرابع والعاشر، وآه كم من سقف حلق سينزف، في بلد لا يتولى مسؤولياته، في الغالب الأعم، إلا الفاغرون.

سامي النصف

المكارثية الكوارثية في الكويت!

كتب أحد الزملاء الأفاضل قبل الأمس مقالا شائقا في جريدة «الراي» يستحق مناقشة محتواه، حيث رأى الزميل ان هناك مكارثية جديدة في الكويت تشن ضمنها حملة لإرهاب الناس لمجرد انتمائهم السياسي ويرفع خلالها شعار أما ان تكون معي أو تكون ضدي، مضيفا ان تولي المناصب العامة يجب ألا يكون قائما على الانتماء السياسي بل يجب ان يخضع لشرط الكفاءة والقدرة، واضيف الى ما ذكره شرط الأمانة ونظافة اليد وطهارة الذمة.

٭٭٭

ما طالب به الزميل الفاضل من رفض عودة المكارثية ومحاربة الناس على آرائهم السياسية امر مقبول جدا اذا ما طبق في اتجاهين لا اتجاه واحد، فالمعلومة التاريخية تظهر ان الحكم والحكومة لم يكونا البادئين بذلك المسار المكارثي او الكوارثي بل العكس من ذلك تماما، فقد كان رموز المعارضة في الكويت يمنحون قبل غيرهم المناصب القيادية في الدولة وأهمها منصب الوزير الذي عرض عشرات بل ومئات المرات حتى على اكبر عتاة المعارضة، فبعضهم قبل وبعضهم الاخر رفض، وما انطبق على منصب الوزير ينطبق على ما هو أقل منه حتى احتكرت لفترات طويلة من الزمن بعض القوى السياسية المعارضة المناصب القيادية في الدولة لا بسبب الكفاءة بل بسبب الانتماء.

٭٭٭

ان من ابتدأ سنة ونهج المكارثية الكوارثية في الكويت أي محاسبة الناس على آرائهم السياسية لا على كفاءتهم وأمانتهم هم للاسف بعض القيادات السياسية المعارضة التي اختصت مخالفيها بالرأي من المسؤولين بالاستجوابات الكيدية لإبعادهم وقطع أرزاقهم دون ان يثبت قط اي تجاوز منهم على الأموال العامة في وقت غضت فيه البصر عن مؤيديها من المسؤولين ممن كانت الكويت قاطبة تعلم فيه فسادهم الشديد والثراء الفاحش الذي اصابهم حتى ان بعضهم كان يتسلم الرشاوى الساخنة بشنط السفر التي تصل جهارا نهارا لمكتبه.

٭٭٭

ونزل تقصد بعض القوى السياسية المعارضة حتى لمستويات ادارية أدنى وأقل عند رفع شعار من يشاركنا آراءنا السياسية المعارضة نهدد الوزراء بالاستجواب الكيدي المعتاد والابعاد اذا لم يتعينوا دون وجه حق وكلاء ووكلاء مساعدين ومديرين.. الخ، ومن هو ضدنا نمنع ترقيته حتى لو كان اكفأ وأطهر وأقدم الموظفين، وامتد تأثير القوى السياسية المعارضة حتى لصغار الموظفين فمن هو معنا نفرض تعيينه وترقيته وهو جالس في بيته ومن هو ضدنا نضغط بشدة لقطع رزقه حتى ولو كان أفضل وأخلص العاملين.

ان اخراج العمل الوظيفي من قضية التباين السياسي كما يطالب الزميل هو قضية محقة اذا ما جعلناها طريقا ذا اتجاهين، واذا ما كانت الحكومة وكما ذكرنا قد اظهرت هذا التوجه مئات وآلاف المرات عبر المناصب التي منحت للقوى السياسية المعارضة ودون منة، فالواجب يقتضي ان نرى من المعارضة السياسية نهجا مماثلا يتمثل في عدم التعرض لمخالفيهم بالرأي بسبب آرائهم السياسية تلميحا او تصريحا، والايمان بالمبادئ الدستورية والديمقراطية القابلة بالرأي والرأي الآخر، فهل يفعلون ذلك لمصلحة الكويت؟!

٭٭٭

آخر محطة: اتى في مقال الزميل الفاضل الداعي لمحاربة المكارثية ان مخالفيه بالرأي السياسي يجب ان يكتب في جوازاتهم ان مهنتهم هي «النصب والاحتيال» وان مقاله موجه لخصمه السياسي المحامي.. يكيكي! اغتيال الشخصية وتسفيه أصحاب الآراء السياسية المخالفة.. هو للعلم جزء من المكارثية الكوارثية!

 

احمد الصراف

قالب ثلج الداو

يروى عن رضا شاه، والد آخر ملوك إيران، قبل أن يطيح الخميني بالملكية فيها، أن مسؤولاً أميركياً اشتكى له من أن الفساد يأكل بعضاً من المساعدات التي تقدّمها بلاده للمشاريع الإنمائية في إيران. فرد عليه الشاه بأن المساعدات تشبه قالب الثلج، فهو يتسلمه ليعطيه لرئيس وزرائه ليقوم هذا بدوره بتسليم القالب لوزير الاقتصاد ليعطيه لمدير الخزينة.. وهكذا، وما إن يصل قالب الثلج إلى مدير المشروع حتى يكون بنصف حجمه، بعد أن أذابت «حرارة الأيدي» التي تناولت تسلمه وتسليمه نصفه الآخر، وبالتالي من الصعب تحديد المسؤولية! ومن هنا يمكن القول إن تحديد الجهة التي يجب تحميلها مسؤولية غرامة الداو، تشبه تحديد المسؤولية في تآكل أو ذوبان قالب الثلج «الإمبراطوري»!
ففي قضية الداو هناك جهات قررت، قبل 7 سنوات، التفكير في الدخول في المشروع، وقامت جهات أخرى بالتفاوض على شراء نصف موجودات شركة داو الأميركية بمبلغ سبعة مليارات ونصف المليار دولار، وفي أي عملية شراء إما يدفع الثمن كاملاً، وإما يلتزم المشتري بدفعه بـ «عربون» لبيان الجدية وحسن النية! وجهة ثالثة حاولت تمرير المشروع بكل تعقيداته وشروطه على مجلس الأمة! وهذه رفضت تمريره في المجلس دون دراسة متأنية لشك بعض الأعضاء في وجود مستفيدين مباشرين من إقراره، ومدى فائدة الدولة من المشاركة فيه. وجهات أخرى تريد كسب الوقت، وعدم انتظار الإجراءات التشريعية، فالوقت يمر وهو ليس في مصلحة الكويت، وإعطاء المجلس الوقت للدراسة سيقتل المشروع في مهده. وجهات إعلامية وأخرى سياسية حاربت المشروع بضراوة، خدمة لأجنداتها! ولو سألت أي جهة من الجهات أعلاه عن مبررات تصرفها، لسمعت من الأولى أن الكويت دولة نفطية، وهي بحاجة ماسة إلى تنويع دخلها والدخول في السوق العالمي من خلال تملك مشاريع صناعية ضخمة، وبالتالي كان لا بد من التفكير في مشروع بمثل تلك الضخامة. أما الفريق الذي وافق على البند الجزائي، فسيبرر تصرفه بأن الصفقة ما كانت ستتم من دونه وأنه حق للبائع، طالما كنا جادين في الصفقة! أما الجهة الفنية والحكومية، فإنها دافعت بالقول إن المشروع أخذ حقه من الدراسة والبحث، ولم يبق وقت طويل قبل أن تنتهي المهلة وتلغى الصفقة وتخسر الكويت. أما الجهات الشعبية التي طالبت بالتأني، فقد بررت موقفها من أنها «لدغت من جحر الحكومة» مرات ولا تريد أن تلدغ أكثر، وعلينا التأني ومعرفة شروط العقد. إزاء كل ذلك، لم يكن أمام الجهة المختصة، التي سئمت من كل ذلك التناحر، إلا أن تلغي الصفقة وليتحمل كل طرف مسؤوليته. والآن، من هو المسؤول عن تآكل قالب الثلج؟ لا أحد! واعتقد أن هذه هي النتيجة التي ستخرج بها لجنة التحقيق! فالمشكلة لم تكن في اختيار المشروع، ولا في شرطه الجزائي، ولا في إصرار المشرّع على دراسته، ولا في التسرع بإلغائه، بل في آلية الإدارة الحكومية، والتخبط والفساد اللذين نعيشهما! ولو كان المشروع قد أقر في حينه، لربما كانت هناك مسرحية مماثلة أخرى، ولكن في الاتجاه المعاكس!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سعيد محمد سعيد

أحوالُ «المواطن»… المُرعبة (2)

 

إذاً، هل في مقدور الحكومة زيادة الرواتب للمواطنين أم لا؟ الجواب: «الحكومة ترى شيئاً لا يراه المواطن»! على أية حال، لنرجع إلى يوم الأربعاء (27 مارس/ آذار 2013)، حين عقد وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة اجتماعاً مع لجنتي الشئون المالية بمجلسي الشورى والنواب… تمام. وكان ذلك الاجتماع مخصصاً لمناقشة رد الحكومة على مطالب النواب بزيادة رواتب موظفي القطاع العام 15 في المئة ضمن الموازنة العامة للدولة للسنتين الماليتين 2013 – 2014… تمام. والمعلوم أن الطلب رُفض بسبب ارتفاع الدين العام والفوائد عليه والتي ستصل إلى 180 مليون دينار سنوياً… تمام.

الحديث عن الدين العام، في غمرة الشوق العارم في نفوس المواطنين لسماع كلمة ولو «جبر خاطر» عن زيادة مرتقبة، جعل عضو لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس النواب محمود المحمود لأن يصرح بقوله: «وزير المالية لم يتحدث عن زيادة الرواتب عند السؤال عنها بل تحدّث عن الدين العام والعجز وفوائد القروض، في ردٍ واضح على رفض مطلبنا بزيادة الرواتب، وإن ردود وزير المالية أثارت سخط واستياء النواب؛ لأنها جاءت مخيبةً للآمال بعد كل هذه المدة من الانتظار».

النائب المحمود أيضاً، أعاد التذكير في تصريحه بمطالب «الفاتح» والتي منها إصدار أمر بزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين وموظفي القطاع الخاص وإنشاء صندوق يخصص لرفع رواتب موظفي القطاع الخاص، وأن يستفيد الشعب من الوفر الذي يحققه الدعم الخليجي لرفع مستواه المعيشي.

التعقيدات كثيرة، لكن، وكما نقول بالعامية: «المواطن… وين يصرف هالكلام كله؟»! ذلك أن المواطن يواجه مصاعب معيشية كثيرة لا حصر لها، والحديث هنا عن طبقة ذوي الدخل المحدود في ظل تآكل الطبقة الوسطى. وفي هذا الصدد، يشير الباحث عبدالحميد عبدالغفار في دراسته بعنوان: «الفقر… البحرين نموذجاً – مايو2007)، إلى أن زيادة عدد العاطلين «وليس معدل البطالة» وما يؤدي إليه من ارتفاع في عدد الفقراء واستمرار المعدلات العالية للتضخم وما تسببه من تآكل للطبقة الوسطى، ينجم عنه تكاليف اجتماعية مؤكدة وباهظة (انتهى الاقتباس). وبالطبع، استند كل ذلك إلى تحذير خبراء اقتصاديين واجتماعيين من حدوث هوة بين الطبقات الاجتماعية واتساع رقعة الفقر وتآكل الطبقة الوسطى غير المستقرة التي يعتمد عليها تماسك الهرم الاجتماعي، مع غياب المسوحات المعنية بتحديد حجم هذه الطبقة التي اتسعت في الطفرتين النفطيتين العامين 1974 و1997، بينما تآكلت في الطفرة الثالثة لتساهم في اتساع دائرة الفقر على رغم الاتفاق على ضرورة الاعتماد على مستويات الدخول للتصنيف.

بلا شك، فإن الحديث في نطاق الدراسات الأكاديمية، على رغم أهميته، لا ينبغي أن يجعلنا في منأى عن تشخيص الكثير من المشاكل التي يعاني منها المواطن يومياً. ومع شديد الأسف، فإن المجتمع البحريني، مع وجود الباحثين والمتخصصين، إلا أنه يفتقر لدراسات محلية تتعمق في مناقشة تأثير ضعف الأجور على الأمن الاجتماعي واستقرار الأسرة البحرينية. والأمر المقلق، أنه كلما تردت الأوضاع المعيشية، كلما أصبحنا على مشارف تبعات وانعكاسات سيئة بدءاً من تدهور تنمية الأسرة وانتهاءً عند بروز ظواهر تؤثر على استقرار الحياة في المجتمع وهي كثيرة كالعنف، السرقة، الخلافات الأسرية، التسرب من التعليم وربما قائمة أخرى من المشاكل التي لا نتمناها لمجتمعنا قطعاً.

حسناً، حينما يلجأ المواطن إلى البرامج الإذاعية وإلى صفحات الصحف المخصصة لنشر المشاكل والمعاناة، بل حينما يستخدم الناس وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت لطرح تلك القضايا التي تشمل الأجور، الإسكان، العلاج، تعطل المعاملات، الدراسة، أوضاع الأسر المعوزة وما يتفرع من تلك المعاناة، فإن الحاجة إلى استراتيجية وطنية سليمة لتحسين المعيشة المواطنين يلزم أن تأخذ مسارها الصحيح في التطبيق الفعلي. إن تصريحات الرفاهية في الإعلام يمكن أن تكون مدغدغة للمشاعر حيناً ما… لكنها تتحول إلى حالة من النقمة والغيظ والسخط أمداً ما، فهل تعجز الدولة وأجهزتها عن وضع تلك الاستراتيجية فعلاً؟

احمد الصراف

الحياة هي القهوة

قررت مجموعة من خريجي جامعة مرموقة ممن حققوا نجاحاً في حياتهم العملية، وأثناء لقائهم السنوي، زيارة أحد كبار أساتذتهم والذي كان له تأثير في حياتهم. وأثناء اللقاء تحوّل مجرى الحديث إلى الشكوى مما يواجهونه جميعاً في أعمالهم وحياتهم من معوقات، وما يتعرضون إليه من ضغوط نفسية.
وهنا قام البروفيسور واتجه إلى المطبخ قائلاً إنه سيحضر لهم القهوة. وعاد بعد لحظات طالباً من كل واحد أن يقوم بخدمة نفسه في صب قهوته، ووضع لهم على رف المطبخ تشكيلة من فناجين القهوة، ليختار كل واحد منها ما يشاء، وكانت المجموعة تتكون من كوب مصنوع من البورسلان وآخر من الزجاج وثالث من البلاستيك ورابع من الكريستال وخامس من الورق وهكذا. كان بعضها يبدو جميلاً بما عليه من رسوم، وآخر يبدو باهتاً من الاستخدام الطويل، وثالث يبدو أنيقاً بتصميمه المثالي، ورابع يبدو عملياً، ولكنه ليس بالأنيق، بعضها يبدو غالي الثمن، وبعضها الآخر لا يساوي حتى ثمن ما يحتويه من قهوة. وعندما عاد كل منهم إلى مكانه وبيده الفنجان الذي اختاره لقهوته، قال لهم البروفيسور: كما تلاحظون، فقد قام كل واحد منكم باختيار أفضل كوب لنفسه، وترك الأكواب التي بدت أقل قيمة وجمالاً لغيره، وربما يكون تصرفكم طبيعياً، فكل منكم يريد الأفضل لنفسه، وهنا تكمن مشكلة كل واحد منكم، وشكواكم من تعرضكم يومياً للضغوط النفسية. فمن الواضح أن شكل أو ثمن أو مستوى كوب القهوة الذي اخترتموه لم يضف شيئاً لطعم القهوة بداخلها، مهما كان الكوب غالياً أو جميلاً، فأنتم جميعاً الآن ترتشفون قهوة من النوعية والطعم نفسهما، فأنا لم أقدم لكم شيئاً غيرها، وقبلتم عرضي على تناولها، وهذا ما سعيتم إليه بقيامكم من مقاعدكم والذهاب إلى المطبخ، ولكنكم قمتم جميعاً، ربما دون وعي، باختيار أفضل كوب، وما إن جلستم حتى قام كل منكم بمقارنة كوبه بأكواب غيره…! والآن لو افترضنا أن الحياة هي القهوة، وأن المال والوظيفة والوضع الاجتماعي هي الكوب، فإننا في سعينا للحصول على مال أكثر ووظيفة أفضل ووضع اجتماعي أرقى ننسى في كل هذا الخضم أن نعيش الحياة! وربما يشعر من حصل منكم على كوب رخيص أنه يتناول قهوة أقل جودة من غيره، وهذا طبعاً غير صحيح، فالقهوة واحدة، ولكن الشعور المخادع بأن الكوب الأفضل يجعل طعمها أفضل هو الذي يرهقنا وينسينا كيف نتمتع بحياتنا! وعلينا بالتالي أن نتذوق طعم الحياة، وليس شكل الكوب، فالسعداء ليس أولئك الذين يمتلكون كل شيء، بل الذين يستخدمون كل ما لديهم بطريقة أفضل!
***
• ملاحظة:
يقول ابن رشد، المفكر العربي الأول والأكبر، والذي لم تكرمه أي دولة عربية أو إسلامية، بإطلاق اسمه على حتى «زنقة»، يقول: إذا أردت أن تتحكم في جاهل، فعليك أن تغلّف كل باطل بغلاف ديني!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

عادل عبدالله المطيري

ثوراتهم.. وثوراتنا

المقارنة تعد من المناهج العلمية المعتمدة التي تساعد وبلا شك على فهم الظاهرة السياسية فهما جيدا، وبما أن الوطن العربي يتعرض لظاهرة سياسية جديدة وهي الثورات والاحتجاجات، فإننا مجبرون على مقارنة ما يحدث عندنا الآن بما كان يحدث في أوروبا قبيل الثورات وأثناءها كالثورة الانجليزية والفرنسية.

ما الذي حدث بأوروبا في أواخر العصور الوسطى المظلمة وبداية العصر الحديث لينقلب مزاج الشعوب الأوروبية من الاستسلام لسلطة رجال الدين والكنيسة من ناحية والإقطاع والنبلاء من ناحية أخرى، إلى الثورة على كل شيء قديم

من اجل فهم أسباب قيام الثورات الأوروبية والعوامل التي أدت إلى نجاحها لا بد لنا من الحديث عن التغيرات العميقة التي جرت في المجتمع الأوروبي قبل الثورات السياسية ببضعة قرون، فلقد اجتاحت أوروبا ثورة علمية قام بها علماء أوروبا غيروا فيها الكثير من المعتقدات العلمية الخاطئة وربما اصطدم بعضها مع سلطة الكنيسة نفسها، فالعالم جاليليو الإيطالي ومنظاره ونظريته حول مركزية الشمس ودوران الأرض حولها ليس فتحا علميا فقط بل بداية لثورة ضد الكنيسة نفسها التي عارضت نظريته تعاليمها، نيوتن الانجليزي وقانون الجاذبية والحركة وأطروحاته الدينية، ديكارت الفرنسي ونظرية الشك التي حاربت كل المسلمات العلمية والدينية والاجتماعية السائدة.

كما اسهم مفكرو عصر النهضة الأوروبية وفلاسفة حركة التنوير ورواد النزعة الإنسانية من الأدباء ، وآراء الفيلسوف الانجليزي جون لوك ومقولته حول الحقوق الطبيعية للشعوب، واسهامات توماس هوبز الانجليزي ونظرية العقد الاجتماعي، ومونتيسكيو الفرنسي صاحب نظرية فصل السلطات في تشكيل البيئة الخصبة لقيام تلك الثورات.

ولا شك كان لحركة الإصلاح الديني التي قام بها الراهب الألماني مارتن لوثر واعتراضه على صكوك الغفران، سبب للتمرد على سلطة الكنيسة البابوية وإنشاء الكنائس القومية.

ومن نتائج ما سبق كله انهارت سلطة البابوية وبرزت الدولة القومية وان كانت في بدايتها ديكتاتورية بالداخل وامبريالية بالخارج، إلا أن تكدس الثروة الاقتصادية من المستعمرات إلى الممالك الجديدة، وازدهار التجارة الدولية أديا إلى نشوء ظاهرة المدن الصناعية والطبقة البرجوازية، وبدأت طبقة النبلاء والإقطاعيين التي تعتمد عليها الممالك الأوروبية تفقد قوتها شيئا فشيء لصالح الطبقة الجديدة البرجوازية ورجال البرلمان، عندها بدأت الثورات تجتاح أوروبا دولة تلو الأخرى.

وما كان للثورات الأوروبية أن تنجح لولا تسلح رجال السياسة والثوار الأوروبيين بمبادئ وأفكار فلاسفتهم ومفكريهم التي تراكمت لما يقارب الـ 4 قرون، عندها فقط استطاع الأوروبيون أن ينتجوا أنظمتهم السياسية الرائعة التي تقوم على الحرية والعدالة والديموقراطية.

أما ثوراتنا العربية واحتجاجاتنا الخليجية فلا أساس فكريا تعتمد عليه في تشكيل تصورها للحلول السياسية والاقتصادية والقانونية التي تناسب مجتمعاتنا وتراعي ظروفنا السياسية ومعتقداتنا الدينية، مجرد حركات تغيرية قام بها مجموعة من الشباب استفادوا من أزمات الحكم التي عانت منها بعض الأنظمة العربية

الشباب والأغاني والشيلات القواسم المشتركة بين الثورات العربية والاحتجاجات الخليجية، لا أهداف واضحة لاتجاه التغير السياسي المطلوب، من الملاحظ أيضا الغياب التام للمفكريين والمثقفين وأطروحاتهم السياسية هذا إن وجدوا في الأصل.

ففي مصر وتونس، فجأة أسقط الشباب الرئيس ومن حوله، لكنهم للأسف لا يملكون مشروعا سياسيا ولا رؤية مستقبلية ولا حتى ينتموا لحزب سياسي

في تونس مفجرة الثورات العربية ومصر قائدة العالم العربي، مازال الليبراليون يحنقون على الإسلاميين لوصولهم السلطة، فتحالف الليبراليين مع بقايا الأنظمة السابقة لمكاسب آنية، لا وجود لأفكار سياسية ودستورية يقبلها الجميع، وفي ليبيا العكس تماما أسقط الإسلاميون حكم القذافي واستولى الليبراليون على الحكم وظهرت بشكل صارخ القبلية والمناطقية التي تهدد استقرار البلاد.

وفي بلدي الكويت مثلا ـ كانت مطالب الحراك تنحصر في رحيل رئيس الوزراء السابق والبرلمان معا ولما رحلوا استقرت الأوضاع ولم تعد هناك مطالبات للإصلاح السياسي، وبعدها بأشهر قليلة غيرت السلطة قانون الانتخاب، فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها لعودة قانون الانتخاب القديم فقط.

والآن يتحدثون عن الحكومة الشعبية أو المنتخبة وما زالوا مختلفين على اسمها وشكلها وطريقة تحقيقها ـ هل بالضغط على السلطة لقبول تعديل دستوري بهذا الشأن، أو من دون تعديلات دستورية.

ربما حراكنا في الكويت ـ يقوده سياسيون عظماء ولكن من دون أفكار سياسية عظيمة، فلو نظرنا للحراك الكويتي لن نجد سوى بعض النواب وحولهم دائرتهم الضيقة من الاتباع، وهم وحدهم يفكرون ويقررون عن الجميع.

كل ثورة واحتجاج.. وأنتم بخير.

محمد الوشيحي

وانكشف المستور… لله در المحلال

أكبر عباءتين في الكويت، عباءة الدين وعباءة الليبرالية، وكل عباءة مربحة، وكله بيكسب، وتخالف الأول فتخرج من الدين سلطاً ملطاً، وتخاصم الثاني فتسقط إنسانيتك على أم وجهها…
وتستيقظ من نومك فتجد نفسك عدواً للإسلام والمسلمين، وشلّ الله يمينك يا زنديق. ليش؟ لأنك خاصمت النائب الإسلامي فلان. وتنام وتستيقظ مرة أخرى بيدك المشلولة فإذا أنت إرهابي معتق، ترعرعت في الخنادق وتعلمت على البنادق. طيب ليش؟ لأنك انتقدت النائب الليبرالي علان… وهكذا تتأرجح ويتبادلك أصحاب العباءتين ككرة التنس.
وأكثر من أبدع في هذا المجال هو الوزير السابق، علي البغلي، المحلل السياسي الحالي، أو هو لفرط عظمة تحليلاته يمكن أن نسميه "محلال" على وزن "مفضال" إذا لم تخني اللغة، واللغة خوانة… والبغلي ليبرالي يفتح على ثلاث جهات، الشرق والشمال والغرب، ولا يفتح على الجنوب، وآه من أهل الجنوب، ومن هوى الظبي اللعوب، والغرب وسيلة، والشرق غاية، وهو يكتب عموده الصحافي منذ سنين، وفيه انتقد زيداً وعَمْراً، وانتقد خصوم الشيوخ، وهاجم كل متدين وكل من يرتدي عباءة الدين من الطائفة السنية، لكنه، بسبب النسيان، لم يتطرق ولم يتعرض للطائفيين من أبناء طائفته، قاتل الله مشاغل الحياة.
وأنا أحد الذين يعانون مرض النسيان، ومنذ فترة داومت على تناول حبوب الـ"أوميغا"، وشعرت بتحسن، خصوصاً بعد حصولي على نوعية فاخرة من الحبوب الصينية، وسأهدي علبة منها للمحلال السياسي علي البغلي، علها أو لعلها تساعده وتذكّره بما نسي.
الطريف أن المحلال البغلي عضو في مجموعة تضم عبدالحميد دشتي ونبيل الفضل وآخرين عُرف عنهم نظافة المخبر والمحضر، ويا وجه الله.
على أن أجمل تحليلات المحلال، وأعظم اكتشافاته، هو ما جاء في مقالته قبل يومين، التي قرأتها فبكيت حتى جعت، عندما وصف هذه الجريدة بجلالة ليبراليتها، عليها من الله ما تستحق، بأنها تساعد الإخوان المسلمين! أي والله.
ولا أدري كيف اكتشف ذلك رغم كل هذا التمويه الذي مارسته هذه الجريدة طوال السنين الماضية بنقدها الدائم للإخوان المسلمين!… وبما أن الأقنعة سقطت فسأكشف للمحلال العظيم حقيقة الزملاء في هذه الجريدة، فرئيس التحرير خالد الهلال هو صاحب فكرة تعديل المادة الثانية وإضافة "ألف ولام التعريف"، وناصر العتيبي سكرتير التحرير هو الداعي الأكبر لعدم الاختلاط خشية الانفلاط (معلش لزوم القافية) وسعود العنزي، مساعد مدير التحرير يعمل مساء في المبرة الخيرية التي تجمع النذور والكفارات، ومنها يتم تمويل الجريدة وصفحة توابل… والسر عندك بالأمان.
ممتع هذا المحلال، وأخشى أن يفاجئنا بكشف عضوية عبدالله النيباري في جمعية إحياء التراث، أو فضح ميول أحمد الديين القاعدية… وفوق كل ذي علم عليم.
ولا أجد طريقة أعبر بها عن إعجابي بتحليلات المحلال ومقالاته أفضل من طريقة "الرقاة الشرعيين"، وطريقة الأم وهي تنفث في وجه ابنها خشية الحسد… لله دره.

حسن العيسى

الداوات مستمرة

 لم تعد القضية مسألة "خمال" سلطة حاكمة، وفساد دولة، هي اليوم قضية وجود الدولة، هي قضية بقاء الدولة وتوفير الحد الأدنى من الضمان الاقتصادي لمستقبلنا، ومستقبل أجيالنا. دفعت الدولة بالأمس أكثر من ملياري دولار، تنفيذاً لحكم التحكيم في دعوى "الداو"، فهل انتهينا، وهل انتهت دورات فوضى الفساد والترضيات، وشراء الولاءات، وغياب مؤسسات حقيقية للرقابة والشفافية؟! مازال الذين في قلوبهم مرض يختصرون مأساة الداو، في هذا النائب أو ذاك من المجالس السابقة، ويغطون، متعمدين وبنوايا سيئة، فضيحة "الداو" وغيرها بموقف أحمد السعدون أو مسلم البراك، أو الأربعة، (أو أكثر قليلاً) من نواب عارضوا صفقة الداو، وهددوا رئيس الحكومة، في ذلك الوقت، بالمساءلة السياسية، فلم تجد الحكومة المسكينة بدّاً غير فسخ عقد "الداو" من جانب واحد، ثم تركت "القرعة ترعى"!.
طبعاً، لم يتحدث هؤلاء المرضى المتورمة كروشهم من كرم السلطة، عن الحقائق في عقد الداو، والشرط الجزائي للفسخ ومدى علم النواب به، ولم يتحدث هؤلاء المرضى عن صلابة أو رخاوة الموقف الحكومي في الدفاع عن الصفقة، وتوضيح "شروطها" وأحكامها الجزائية، بعد أن وقّعت الحكومة عليها، كان الهون أبرك ما يكون، وفضلت السلطة "وحدها" فسخ العقد، بحجة ترضية النواب، بينما الفسخ كان بغرض تجنب الإحراج السياسي لشيوخنا، حين تُقدَّم صحيفة استجواب يمكن الرد عليها بيسر، لكن (ولأن) القضية كان فيها "شيخ" قد يصيبه الصداع حين يقف فوق المنصة ويُستجوَب، فهذه كبيرة جداً، ويمكن، عندئذ، مقايضتها وشراء الاستجواب بأكثر من ملياري دولار!
 ليتها كانت "داو" واحدة وانتهينا منها. هي "داوات" ليس لها أول ولا آخر، هي "داوات" تتوالد وتتكاثر، ويُحرَق من أجلها بخور مليارات الدنانير كل يوم، كي يصمت الجميع، و"ينسطل" وعيهم بالمستقبل، ويسكتون. لن أعيد ما ذكره الكبير أحمد السعدون في لقاء "توك شو" مع الوشيحي، حين أخبرنا عن "داوات" قديمة ومازالت في احتكار الأراضي، وفي تفصيل المناقصات الكبرى بسوق الخياطين، وفي هموم محزنة وثقيلة تتعلق بالإنفاق والفساد، وسوء الإدارة. تعالوا نسمع قليلاً ما قاله ابن أخ السعدون، وهو الاقتصادي جاسم السعدون في ندوة صالح الملا. فحسب كلام هذا الاقتصادي، الذي بالتأكيد ينفخ في قربة مقطوعة، وأجزم أنه يؤذّن في مالطة، منذ أكثر من ثلاثة عقود ولا أحد من رموز السلطة الحاكمة بأمر الله أنصت إليه، أو استمع لغيره من المخلصين، يقول جاسم إنه في حالة استمرار الوضع الحالي، وهو وضع الإدارة السياسية، فعلى الدولة أن توفر مئة وستين ألف فرصة عمل خلال سبع سنوات، وبحدود عام ٢٠٣٠ عليها أن توفر ٤٣٠ ألف فرصة وظيفة! وكلام الهم المؤلم عن "فوضى" إدارة الدولة ليس له نهاية، بينما نحن اليوم نتجرع حالات لا تحصى من البطالة المقنّعة، وبطالة حقيقية تزداد يوماً بعد يوم… فكيف يمكن لدولة سياسة "الداوات" توفير مثل هذا الكم من فرص العمل؟! ومن أي ميزانية بؤس ستوفر الرواتب لها، والله وحده العالم، بمصير أسعار النفط واحتمالات استغناء أميركا عن نفطنا، والله وحده العالم بمعدلات استمرارية النمو للصين والهند وجنوب آسيا، وكم ستدفع تلك الدول غداً ثمناً لنفط دولنا، بينما دولتنا، صلِّ على النبي، متدروشة فكراً وثقافة وتجلس على باب الله ممسكة بصنبور النفط الذي ليس لها غيره؟ ويقف، في الوقت ذاته، نواب مجلس الحكومة، ويطلب أحدهم، توفير ٢٥ ألف متر كأرض زراعية لكل كويتي، وينطلق الآخرون مع قطار "الشعبويات" بزيادة قروض إسكان، وإسقاط قروض تمهيداً (ربما) لإنهاء "حدوتة" المديونيات الصعبة، ثم هناك "شعبويات" لا تنتهي، لا هدف ولا غرض لها غير خلق شرعية مالية فاسدة ومدمرة، لتحل مكان الشرعية الدستورية الغائبة عن هذا المجلس.
 انتهت قضية "داو" واحدة، وبقيت قضايا "داوات" مستمرة، تخنق أحلام أطفالنا، بغدٍ مجهول، معتم، ليس فيه بصيص نور مع هذه الإدارة السياسية.