في عام 1985 غضب رئيس الوزراء على مجلس الأمة، لاستجواب قُدّم ضد أحد المسؤولين عن أزمة المناخ من الوزراء الشيوخ، وسافر خارج الكويت محتجاً، وأثناء العطلة البرلمانية عاد وأعلن قراره بحلّ المجلس، ما كان مفاجئاً للأمير، الذي اعترض للتعدي على صلاحياته، فتم التراجع… لكن مؤقتاً.
وفي عام 1986، فوجئنا بسلسلة من الاستجوابات لوزراء عدة، مقدَّمة من النواب المحسوبين على الحكومة، الذين دعوا إلى الاجتماع بينهم، للاتفاق على التعاون، لإنجاح استجواباتهم.
وعندما أدركنا أن هناك خطة للإطاحة بالمجلس، حاول سامي المنيس إفشالها، إلا أننا وجدنا أن رئيس الحكومة اتخذ قراره بحلّ المجلس، مع رفضه لأي حلّ آخر.
وكانت المفاجأة الكبرى، أن القرار الذي اتُّخذ، هو إنهاء مسيرة الديمقراطية الكويتية، وإلغاء دستور 62، وتأليف مجلس وطني يضع دستوراً آخر، اتضح أنه مجلس استشاري لا صلاحيات له.
وهكذا، انتصرت عناصر من النظام، التي رفضت صيغة المشاركة في الحُكم التي ارتضاها الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، ولم نفاجأ حينئذ بفرحة وتهليل بعض الأنظمة الخليجية لهذه الخطوة.
فهل نحن الآن أمام إعادة لمشاهد المسرحية ذاتها، مع تغيير المشاركين، بعد أن تم تسريب عن تشجيع مبطن من قِبل مسؤولين في السلطة والمجلس لهذه الاستجوابات.
هنا لا يستطيع أي مراقب إلا أن يربط ذلك بالحماس المنقطع النظير لدول الخليج العربية تجاه الأمن الموحد والإعلام الموحد، فهل تمَّت دراسة وفهم المزاج الشعبي وردود الفعل المنتظرة؟
المتربصون بالكويت ومسيرتها الديمقراطية فسَّروا الصراع الداخلي لمصلحة مخططاتهم بالنسبة للكويت، ولم يفهموا طبيعة أهل الكويت… نعم يختلفون أحياناً، إلا أنهم دائماً يتحدون لمواجهة أي خطر يهدد بلدهم، ولا يمكن أن يسمحوا للخارج بأن يستغل خلافاتهم لإيذاء بلدهم… وهذا درس لقناه لمن أرادوا سوءاً للكويت عام 1990، نأمل أن يدركه الآخرون، مع أننا ندرك حساسية وخطورة الصراع الإقليمي المحيط بنا وشهية البعض لكياننا.
آمل أن تسود الحكمة، ونتعظ بما مرَّ علينا من مصائب، لنتفاداها، وإن شاء الله يأتي من يقول لي “فال الله ولا فالك، وأنت غلطان بتحليلك”، فأقول له “الله يسمع منك، وأكون سعيداً بذلك”.
وهذا ممكن من خلال التزامنا بأحكام الدستور، وإيماننا بالمشاركة، ونبذنا سياسة “فرّق تسد”، وأن يكون الولاء للوطن وليس للأشخاص، ليوضع الشخص المناسب في المكان المناسب.