سامي النصف

الحلم بكويت جديدة!

في عام 63 حلم د.مارتن لوثر كينغ بأميركا جديدة يجلس فوق تلال جورجيا الحمراء فيها أبناء العبيد مع أبناء ملاك العبيد سواء بسواء، بلد لا يحاسب أطفاله على لون بشرتهم، بل على ما في رؤوسهم من أفكار وإبداعات، بلد يضع فيه أطفال السود يدهم بيد أطفال البيض، وتحقق حلم المفكر كينغ في بلد 300 مليون نسمة، فهل لنا ان نحلم بكويت جديدة في بلد المليون كويتي؟!

***

كويت يلتف فيها الجميع حول قيادتها الأبوية والرحيمة القائمة وتترك السياسة فيها للقلة من السياسيين يتناقشون ويتحاورون فيها تحت قبة البرلمان لا يعلم الشعب الكويتي عنهم شيئا، فقد دمرتنا ودمرت أوطاننا العربية الجرعات السياسية الزائدة التي نقتاتها ونعيش عليها 48 ساعة في اليوم الواحد بعكس شعوب العالم المتحضرة والمتقدمة.

كويت نهتم فيها بتطوير ذاتنا وحسن أدائنا ونعمل لأجلها منذ الصباح حتى المساء ونسأل فيها أنفسنا ماذا أعطينا لوطننا لا ماذا أخذنا منه؟!

كويت يحاسب فيها كل من يخطئ ويفسد أيا كان انتماؤه السياسي أو الاجتماعي أو الديني ويكافأ الأكفاء والأمناء والأنقياء.

كويت لا يعيش أهلها ليومهم فقط بل يفكرون قبل ذلك بمصير أبنائهم وأحفاد أحفادهم وأجيالهم المستقبلية.

كويت لا نعاملها كواحة زائلة أو كمحطة وقود تعبأ منها الجيوب والحسابات استعدادا للرحيل، بل وطن باقٍ لألف عام.

كويت تعمل فيها عجلة التنمية بأقصى سرعتها كي تلحق بركب الآخر وكي تعوض عوائد النفط الزائلة.. قبل فوات الأوان.

كويت أهلها رحماء فيما بينهم أشداء على الأعداء، لا قوم بأسهم شديد فيما بينهم، ضعفاء أمام الأعداء.

كويت تقدم القريب على الغريب.. لا الغريب على القريب.

كويت تعطى فيها الجزرة للمجّد والمجتهد، والعصا للخامل والمتجاوز.. لا العكس.

كويت الجميع فيها سواسية تحت القانون، لا كويت الجميع فيها سواسية.. فوق القانون.

كويت يتخلى فيها الجميع طواعية عن كل انتماء عدا الانتماء لهذا الوطن المعطاء.

***

آخر محطة: كويت الحلم.. الكويت الجديدة تولد هذه الأيام، كويت المؤسسات الراسخة، كويت النظام والقانون والانضباط، كويت الحرية المسؤولة والاحترام والارتقاء بلغة الخطاب، كويت الشباب المثقف والمحترم والرزين.. فحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.

 

احمد الصراف

خير الأمم

لا يمكن أن تنهض أمة بغير نهوض نسائها، لا يمكن!
قامت حكومة النرويج باختيار سيدة مسلمة من اصل عربي، وهي هادية طاجيك، وزيرة للثقافة في دولة ثرية بكل شيء وتزخر بالمتعلمين والمثقفين، علما بأن «هادية لم تبلغ بعد الثلاثين، وهي أصغر وزيرة، وأول وزيرة مسلمة في الدول الاسكندنافية، الأكثر تطورا وانسانية وكرما في العالم.
وبمناسبة الحديث عن الكرم تقول القارئة فوزية إن الأثرياء في دولنا كرماء بشكل أساسي في القضايا التي تتعلق بما نص عليه في الشريعة، فبناء مسجد يتقدم كثيرا على بناء مدرسة، واطعام يتيم، وقد يكون في غير حاجة، أكثر مدعاة جلبا للأجر، من اطعام طالب علم. وتضيف إن تفكير الأثرياء في اي عمل خيري يأتي دائما من منطلق أنه واجب ديني، وقد لا يكون بالضرورة ذا أولوية كبيرة. كما تقول إن الرغبة، التي تبلغ أحيانا درجة الهوس، في نيل الأجر الديني تسيطر على تصرفاتنا كافراد، وبالتالي تكون منطلقاتنا، عندما نساعد أحدا ما في ضائقة، منطلقات دينية بحتة، وبالتالي نجد الكثيرين على غير استعداد لتقديم العون لمن ليس من ملتهم الدينية، أو المذهبية، حتى لو كانوا أكثر جدارة أو اكثر استحقاقا من غيرهم. ومن الأمور المحيرة بمكان أن نجد أنفسنا عاجزين عن الاختيار بين دفع الزكاة لبيت المال أو تقديم ذلك المال لمساعدة طبيب على انهاء سنته الدراسية الأخيرة!
الشيء نفسه ينطبق على الأعمال الشريرة، فنحن غالبا، كما تقول فوزية، نتجنب الفعل الشرير ليس لأنه في كينونته امر سيئ بل لأنه غير مقبول دينيا، وسنحاسب عليه في الآخرة، أو نفقد بسببه بعضا مما «كسبناه» من أجر، وبالتالي من الطبيعي ان يقدم البعض على قتل مخالفيه في الدين أو المذهب من دون الشعور باقتراف ذنب ما، فالمقياس هو الشرع، ودينيا نحن مطالبون بتطبيق الشرع، الذي قد لايكون في كل الأحوال متطابقا مع منطق العيش المشترك في غالبية دول العالم، التي أصبحت ذات ثقافات وديانات وأعراق متعددة ومختلفة! وتخيل الوضع لو أتيح للأقلية المسلمة في الهند مثلا، التي يبلغ عددها 160مليونا، أن تحكم الهند بشعبها الذي يقارب عدد الهندوس فيه المليار، فهل سيتم تخيير هؤلاء بين دخول الاسلام او عدم الاحتفاظ برقابهم مثلا؟ ولماذا يكون للمسيحيين ام تريزا ولا يكون لنا أم علي أو ام ابراهيم؟ وهل أصبحنا أكثر قوة ومنعة وثراء عندما ضننا بكرمنا على من هم من غير ملتنا؟ أو اصبحنا أكثر حكمة ورحمة ومودة، عندما قصرنا طيب مشاعرنا وجميل أحاسيسنا على ابناء مذهبنا؟ وهل صيحات هيهات منا الذلة جعلتنا أكثر شجاعة مثلا؟ أسئلة كثيرة ستبقى من دون جواب حتى تنتهي شمعة الحياة!

أحمد الصراف