كانت أياماً… وكنا لشدة متابعتنا للشأن المصري، أثناء الثورة، نعرف كل شيء باستثناء مقاس فانيلة الدكتور محمد البرادعي ووجبة خيرت الشاطر ونوعية شامبو حمدين صباحي، فقط لا غير.
كانت أياماً ليست كالأيام… تابعنا فيها ثورة العصافير على العقبان، وشاهدنا غضبة الورود في وجوه أشجار الشوك والصبار، وتعاطفنا مع العصافير والورود، فهنأنا العصافير بأنيابها التي نبتت فجأة، وباركنا للورود مخالبها، ووو… كانت أياماً…
وجاء الإخوان المسلمون، بخيلهم ورجلهم وعدهم وعتادهم، وهم قوم "تتاريو النهج"، لا يكفيهم الانتصار، بل يحرقون خصومهم وبيوت خصومهم ومكتباتهم وزرعهم وضرعهم، وهم فوق ذلك يبيعون عهودهم بشربة ماء، وقيل بل بشربة شاي بالنعناع (انتهج الليبراليون العرب نهج الإخوان المسلمين ذاته، إلا أن الليبراليين يفضلون المشروبات الباردة على الساخنة، ويبيعون حلفاءهم متى لوّحت لهم الحكومات بقالب ثلج)…
واعتلى مرسي الإخوان "منبر الرئاسة"، والتبس الأمر على فضيلته، فلم يفرق بين الرئيس وخطيب الجمعة، وراح يدبج الخطبة تلو الخطبة، وارتحل إلى إيران، فأمسكنا بالأقلام والأوراق لنحصي نتائج الزيارة، وكانت النتيجة أنه زار إيران بعقل الخطيب لا الرئيس، وكتب مؤيدوه: استطاع مرسي أن "يترضى" على الخلفاء الراشدين في عقر دار "كسرى"! فصفق أطفال المدارس، وبكى أساتذتهم بكاء الإبل "الهمل"، وقلنا: "يالله نعدّيها"، باعتبار أنه جاء إلى إيران ليعرض بطاقته الشخصية…
وانتظرنا، نحن في الكويت وبقية الشعوب العربية، رؤية الديمقراطية العروس، وهي تتمخطر بأبهى ملابسها وأزهى حليها، كي "تقلّدها" بقية الصبايا العربيات، وترتدي ملابس مشابهة لملابسها، كما تفعل الصبايا مع نجمات الفن، فكانت الطامة، إذ خرجت إلينا عروس الديمقراطية المصرية بملابس عروس الدكتاتورية العسكرية القديمة، لكن هذه المرة بنقاب وقفازات، لشدة الورع.
وإن كنا سابقاً نصرخ في وجه كل من يعترض على فوز الإخوان بثقة الشعب، فإننا نهمس اليوم في أذن الإخوان أنفسهم: "لا تقتلوا أبناء عمكم، كي لا نصدّق هواجسنا المريضة التي لطالما أيقنت أن القبعة العسكرية على كرسي الرئاسة أهون من اللحية على الكرسي ذاته، وكلاهما شر".
الشهر: نوفمبر 2012
أوضاعنا المقلوبة وغير المقبولة والتجمهر النهاري
أعلن بعض المرشحين البارزين هذه الايام انهم سيرفضون مرسوم الصوت الواحد حال فوزهم، وهو النهج الدستوري الصحيح، لإبداء الآراء في اي مجتمع ديموقراطي حقيقي، فلماذا لم يقتد بهؤلاء من قبل البقية ومن ثم النزول للانتخابات على ذلك المعطى، فإن حصلوا على اغلبية الاصوات تحقق المراد دون الإضرار بالبلد، وخلق حالة من الفوضى تضر بمستقبل البلاد وقدوم المستثمرين اليها بعد ان توقعت مصادر اقتصادية مختصة ان يتم خفض تصنيف الكويت الائتماني بسبب تلك القلاقل غير المبررة، أم أن تلك القلاقل مطلوبة لذاتها، وما مرسوم الصوت الواحد الا ذريعة اخرى من جراب الإضرار بالكويت الذي لا ينتهي.
***
من يطعن بكفاءة المرشحين الحاليين فعليه ان يقرأ ما تنشره الصحف من تحليلات وأرقام لا تكذب عن الانتماءات السياسية والاجتماعية والمؤهلات العلمية العالية التي يحوزها كثير من المرشحين والتي تظهر انها قادرة على ادارة 2 ـ 3 مجالس تشريعية بكفاءة اعلى بكثير مما كنا نراه في بعض مجالس الأمس.
***
ضمن اوضاعنا المقلوبة وغير المقبولة ان ينحاز بعض رجال الاقتصاد الكويتي ممن عانوا الامرين من ممارسات بعض مجالس الامس التي عادتهم بالتشريعات الجائرة التي أوقفت حال البلد، والازمات السياسية الخانقة والطاردة للاستثمار الى مقاطعين بدلا من ان يكونوا اول المشاركين في الانتخابات كي يحوزوا ضمن هذه الفرصة الذهبية التي لن تتكرر ابدا الأغلبية ومن ثم يقومون بتعديل التشريعات المعرقلة الى تشريعات تحسُّ وتفعل دور القطاع الخاص وتستبدل بالتبعية الازمات السياسية غير المفيدة والتي اغرقت المركب عام 1990 ثم أبقته مقيدا في مكانه طوال العقدين الماضيين، الى تفاهمات مفيدة مع السلطات الاخرى ومن ضمنها السلطة الرابعة كي يسير المركب الكويتي بأقصى سرعته الى الامام لمصلحة مستقبل الكويت وشعبها، أضعتم أيها السادة فرصة الترشح التاريخية فلا تضيعوا فرصة الانتخاب.
***
آخر محطة: 1 ـ القول ان التجمعات النهارية لا تحتاج الى تصريح يعني بالتبعية حاجة التجمعات الليلية الى تصريح، وهو ما كان يقال بعكسه في السابق وان الدستور سمح للناس بالتجمهر دون اذن.
2 ـ للمعلومة: كثير من القوانين المعمول بها في الدول المتقدمة والتي يحمل بعضها صفة الدولية، تحرم وتجرم التجمهرات الليلية لأسباب امنية ومجتمعية!
أين جولياني الكويت؟
ربما يتفق الكثيرون معي بأن صلاح الأمة، والقضاء على الأزمة، لا يتطلبان غير تطبيق القانون على «الجميع»، وقبله التمسك بمواد الدستور وتفعيلها، ولكن المشكلة تكمن في طريقة تطبيق القانون، وهنا يبدأ الاختلاف! وليس أمامنا بالتالي غير الاستفادة من تجارب الآخرين، فلا داعي لاعادة اختراع العجلة!
كانت مدينة نيويورك، التي عرفتها في السبعينات مكانا موحشا، والسير في شوارعها خطرا، والاجرام فيها منتشرا، وبقيت حالها في تدهور مستمر الى أن انتخب المحامي اللامع جولياني Rudy Giuliani عمدة لها عام 1994 فتغيرت حالها تماما، وأصبحت نيويورك، خلال سنوات قليلة، واحدة من أكثر مدن العالم الكبرى أمانا! كانت خطة جولياني بسيطة جدا، حيث تبين له أن من المستحيل على اي قوة شرطة القضاء على مجرمي المدينة الكبار، وأن هؤلاء كانوا يوما من مرتكبي المخالفات والجرائم الصغيرة، وأصبحوا مع الوقت، واستمرار السكوت عنهم، مجرمي المستقبل، وأن عليه بالتالي تركيز جهوده على محاربة مقترفي المخالفات الصغيرة والجرائم الهامشية، صعودا الى الجرائم الأكبر فالأكبر، وهكذا! وبدأ حملته بتنظيف جدران مدينته وقطاراتها من الرسوم والكتابات المشوهة، وفرض غرامات عالية على من يقبض عليه وهو يتلف أملاك الدولة، او يخالف قوانين المرور، حتى البسيطة منها، وأجرى حملة تنظيف لشوارع وطرقات المدينة وفرض الأمن في الحواري والطرق المنزوية، ورفض كل طلبات العفو عن المجرمين الصغار، الذين خصص للكثيرين منهم برامج اعادة تأهيل، وتحولت مدينته بالتدريج لمكان يستحق العيش فيه، واصبحت حتى أكثر أحيائها السابقة رعبا، كهارلم، مقصدا لمرتادي المسارح والمطاعم الفخمة والنوادي الليلية!
ما نحتاج له في الكويت ليس فقط تنفيذ أحكام الاعدام التي صدرت بحق القتلة ومهربي المخدرات، بل وقبلها بكثير معاقبة مرتكبي المخالفات الصغيرة! فلو قامت الحكومة مثلا بتوقيع العقاب العادل بحق أكثر من مائة ألف موظف تغيبوا قبل بدء عطلة العيد عن أعمالهم، وهم الذين انفسهم يتكرر غيابهم مرة بعد أخرى دون عقاب، والذين يتزايد عددهم عاما بعد عام، لوجدنا أن الغياب سينخفض كثيرا في القادم من السنين، بعد ان عرفوا أن هناك خصم راتب ولفت نظر وغير ذلك، فمع الأسف الشديد هؤلاء لا يتعلمون بغير هذه الطريقة! ولو قامت «الداخلية» بتحرير غرامات بحق عشرات آلاف المخالفين بمركباتهم يوميا، لحققت ليس فقط ثروة من الغرامات، بل ودفعت الكثيرين الى الانتباه لأفعالهم، وسينعكس هذا ايجابا على بقية تصرفاتهم. والآن هل نتوقع تحركا ولو بسيطا لاصلاح أوضاع الدولة وتردي الأخلاق فيها؟
***
ملاحظة: اخبرني قارئ بانه اتصل بعضو في وفد جمعية الشفافية الزائر للبرازيل لحضور مؤتمر الشفافية عن سبب بقائهم في البرازيل لاسبوع، بالرغم من ان اعمال المؤتمر 3 ايام فقط؟ رد العضو بأن هناك اجتماعات وانتخابات قبل المؤتمر! ولكن من موقع المؤتمر على الانترنت تبيّن عدم وجود اي انشطة خارج فترة الـ 3 ايام، وكان الاجدر بجمعية تهتم بالشفافية ان تكون اكثر وضوحاً، كما طلب منها، من منطلق الشفافية، نشر ما استفادت من مشاركتها، ولكنه لم يتلق من العضو رداً، وهذا يخالف ما تدعيه من شفافية!
أحمد الصراف
[email protected]
قرارات مرسي
رئيس منتخب.. يحصّن مجلس شورى منتخباً.. ويحصّن لجنة دستورية منتخبة.. ويقيل نائباً عاماً معيناً من النظام البائد.. وقيّد محكمة أعلنت أنها ستحل مجلس الشورى واللجنة التأسيسية قبل النظر بالقضية بأسبوعين! ألا يستحق هذا الرئيس التأييد ومباركة قراراته؟ فإن قيل انها الدكتاتورية بعينها قلنا لو أراد أن يتفرّد بالقرار لما حمى اللجنة التأسيسية، التي ستحد من صلاحياته المطلقة كما اعلن مسبقا عنها، ولو أراد التفرّد بالقوة لما استعجل بعودة الانتخابات التشريعية التي ستحد، بل ستلغي سلطة التشريع منه! إذاً ماذا كان الهدف من هذه القرارات؟ انها لحماية الثورة! فالمراقب لتسلسل الأحداث المتلاحقة يدرك جيدا أن هناك مخططا لإجهاض الثورة والعودة بمصر للمربع الأول! وان هناك من انزعج كثيرا من ممارسة الرئيس المصري لدور لم يكن مألوفا عند الحكام العرب، سواء بتواضعه في حياته المعيشية كرئيس أكبر دولة، أو بموقفه أثناء حضوره لمؤتمر عدم الانحياز في طهران ودفاعه عن المذهب السني! أو حتى أثناء حرب الأيام الثمانية الأخيرة بين حماس والصهاينة! حيث تميزت هذه المواقف بالقوة والاعتزاز بالهوية الإسلامية والمنطلقات القومية! مما يعني أن الربيع العربي قد حقق اليوم للأمة ما كان حلما في الماضي! وهذا بلا شك يزعج أذناب النظام البائد وفلولهم، وما اكثرهم! لذلك كان لزاما على الرئيس أن يتحرك بسرعة ان أراد أن يحافظ على مكتسبات الثورة، وهذا ما حصل!
البعض هنا في الكويت أراد أن يستغل ما حصل في مصر كي يسقطه على الوضع هنا لإحراج الخصوم، فقال ما دام انكم تؤيدون مرسي بالقرارات، فلماذا تعترضون على مرسوم الضرورة؟! والحقيقة أن المقارنة غير واردة بين الحالتين، فظروف مصر تختلف كلية عنها في الكويت! فهناك عدم استقرار أمني وبلطجية يقتلون ويحرقون ويدمرون يوميا من اجل إثارة الشغب وإيجاد حالة من اللااستقرار، والسماح للعسكر بالعودة من جديد، بينما هنا في الكويت أمن وأمان بفضل الله، وأقصى ما يمكن أن تعمله المعارضة مسيرة سلمية تفرقها الشرطة بعد نصف ساعة، وكل يرجع إلى بيته فرحا بما عمل! هنا لا نجد من بين المعارضة من يشكك في حق أسرة الصباح بالحكم أو في ولائه لسمو الأمير، بينما هناك يجتهد فلول النظام السابق على تشويه أداء الرئيس وحزبه، وزعزعة الأوضاع للتهيئة للانقلاب.
***
شقيقي ناصر
عندما نجح شقيقي ناصر في انتخابات 2008 قلت انكم سترون العجب العجاب من الأخ أبو علي! ولم أتوقع أن يأتي اليوم الذي أرى أنا منه العجب العجاب! مشكلة أبو علي انه مقتنع بدستورية مرسوم الضرورة، الذي حدد آلية التصويت بصوت واحد! وهذه القناعة جعلته متحمساً للدفاع عن قراره بالمشاركة، وقد حاولت جاهدا ثنيه دون جدوى، فاضطررت لمصارحته بأنني مقاطع ولن أصوت له ولن ادعمه! وتلقى هذا الخبر بصدر رحب، وقال: كنت متوقعا منك ذلك! لهذا أؤكد أنني كنت وما زلت وسأظل مقاطعا لهذه الانتخابات اقتناعا والتزاما.
فكر «الحسين»… التحرر من العبودية
في نظر المستشرق الإنجليزي برسي سايكوس، وهو يصف العصبة المؤمنة المدافعة عن الدين الإسلامي تحت راية الحسين (ع) في كربلاء العام 61 للهجرة (680 للميلاد)، فإن الشجاعة الشريفة هي التي منحت لجيش الحسين الصغير العدد في كربلاء هذا الخلود… فهو يقول نصاً: «حقاً… إن الشجاعة والبطولة التي أبدتها هذه الفئة القليلة، على درجة بحيث دفعت كل من سمعها إلى إطرائها والثناء عليها لا إرادياً. هذه الفئة الشجاعة الشريفة جعلت لنفسها صيتاً عالياً وخالداً لا زوال له إلى الأبد».
بينما كنت أشق طرقي متجهاً إلى مركز النعيم الصحي مساء يوم الجمعة لحضور انطلاق حملة الإمام الحسين (ع) للتبرع بالدم في عامها الرابع عشر، قرأت عبارة في لافتة قماشية لها العديد من الدلالات: «الحسين ليس شخصاً، بل هو مشروع. وليس فرداً، بل هو منهج، وليس كلمة بل هو راية». ولعلني وجدت رابطاً بين هذه العبارة وعبارة المستشرق سايكوس، وعندما حاولت أن أبحث عن مصدرها، لم أجد في الحقيقة غير النص الذي كتبه الكاتب العراقي وسام رحمن اليوسفي في موقع «قراءات» ومنه هذه الفقرة: «اعتمد الحسين (ع) على قوّة المنطق، واعتمد عدوه على منطق القوة، ولما سقطت قوة عدوه، انتصر منطق الحسين، وكان انتصاره أبدياً. قبل عاشوراء، كانت كربلاء اسماً لمدينة صغيرة، أما بعد عاشوراء فقد أصبحت عنواناً لحضارة شاملة. تمزقت رايته ولم تنكس. وتمزقت أشلاؤه ولم يركع. وذبحوا أولاده وإخوانه وأصحابه ولم يهن!
إنها عزة الإيمان في أعظم تجلياتها. كان ما فعله الحسين (ع) وأصحابه صعباً عليهم، أن يقاتلوا أو يقتلوا، ولكنهم لو لم يفعلوا ما صنعوا، لكان عليهم أصعب».
ثم يقول اليوسفي: «الحسين (ع) ليس شخصاً، بل هو مشروع وليس فرداً، بل هو منهج وليس كلمة، بل هو راية، ولو شاء الحسين (ع) أن يعتذر عن الجهاد، لوجد كل الأعذار التي يتوسل ببعضها الناس للتقاعس عنه».
جميل هو ذلك النص حقيقةً، ولهذا فإن فكر الإمام الحسين (ع)، هو الفكر الذي تحتاجه الأمة الإسلامية بل وتحتاجه كل الشعوب المسحوقة التي تتشوق للتحرر من العبودية. ولعلني أستشهد هنا بنص آخر للكاتب العراقي ماجد الأسدي، فإن الأفكار الفاسدة في مجتمعنا الإسلامي، والتي فرضها عليه المتمصلحون من الفساد، هي ما يتوجب على الناس التخلص من قيوده، يقول الأسدي: «إننا الآن في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها العالم الإسلامي والعربي من تفكك ودمار ونزاعات طائفية، لابد من التحرر من هذه الأفكار المعادية المفسدة، وعلينا أن نتخذ من فكر الحسين (ع)، ومواقفه العادلة والشجاعة نبراساً ينير لنا صفحات الإنسانية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتلك من مكارم الأخلاق في الدين الإسلامي التي تتطلب الجهد والعمل لصناعة الإنسان القويم في المواقف العصيبة».
هناك صلة وثيقة بين نهضة الإمام الحسين (ع)، ومنهج الإصلاح في أمة جده المصطفى محمد (ص). هكذا نقرأ ما كتبه، على سبيل المثال، المستشار القانوني والمحامي عبدالإله عبدالرزاق الزركاني، بقوله إن علينا أن ندرك تماماً وأن نستلهم من ثورة الإمام الحسين (ع) – التي جسدت أروع صور التضحية – الدفاع عن مبدأ مشروع النور القرآني الذي بدأ الرسول محمد
(ص) بنشر رسالته الإنسانية. رسالة الإسلام المشرق الذي نقل الإنسان من الظلمات إلى النور، فكانت قيادة الإمام الحسين ابن فاطمة بنت محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام لا تبحث عن منصب أو مال أو جاه أو حكم، كونها في جوهرها منهجاً مستمداً من القرآن الكريم تهدف لحماية حرية الإنسان وكرامته، ومنحه حقوقه في العيش بحياة كريمة من غير ذل أو ظلم أو استعباد.
لذا، تناول الكثير من المفكرين والعلماء والأدباء من شتى الأديان والمذاهب، أهداف الإمام الحسين (ع) كقضية أممية، حتى وصفها البعض بأن «كربلاء هي الدستور الحسيني للحق والسلام والتآخي بين كل الشعوب المحبة للسلام والتحرر لطلبه الإصلاح، حيث كان ينشد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقطع الإمام (ع) الشك باليقين عندما حدّد هدف رسالته في تحقيق الحق وتعزيز الكرامات لنشر العدل وإقرار المساواة، ضماناً وحمايةً لحرية الإنسان وحقوقه المشروعة».
ورحم الله الشاعر الكبير المرحوم محمد مهدي الجواهري حينما قال في قصيدته الخالدة «آمنت بالحسين»:
كأن يداً من وراء الضريح
حمراء مبتورة الأصبع
تمد إلى عالم بالخنوع
والضيم ذي شرق مترع
تخبط في غابة أطبقت
على مذئب منه أو مسبع
لتبدل منه جديب الضمير
بآخر معشوشب ممرع
المشاركون والمقاطعون!
انقسم المجتمع الكويتي بين مقاطع ومشارك في الانتخابات البرلمانية التي ستعقد في 1 ديسمبر 2012. لكل منهم مبرراته وحججه التي ينطلق منها ويبني عليها سلوكه السياسي.
المقاطعون للانتخابات ينطلقون من موقف دستوري ومبدئي كما يقولون، وهو عدم دستورية مرسوم الضرورة الخاص بتغيير قانون الانتخاب.
ويعتقدون أن الحكومة تعدت على صلاحيات مجلس الأمة التي نص عليها الدستور في المادة 81 منه، والتي أكدتها أيضا المحكمة الدستورية في قرارها الأخيرة عندما نظرت في قانون الدوائر الخمس، حيث خصت (المشرع) وحده دون سواه، بإجراء أي تغييرات على قانون الانتخاب.
كما أن المعارضة السياسية لا تخفي قلقها تجاه نوايا الحكومة الحقيقية من إقرار قانون الصوت الواحد، وتعتقد أن الحكومة تسعى إلى تحجيم دور مجلس الأمة وإيجاد برلمان ضعيف وغير متجانس!
لذلك يرفع المعارضون شعارات المقاطعة للانتخابات القادمة ترشيحا وانتخابا، ويحاولون تحويل المقاطعة إلى رفض شعبي عام، لذلك نجدهم يحشدون للمسيرات والتجمعات الشعبية الاحتجاجية من اجل إفشال الانتخابات البرلمانية أو تقليل نسبة المشاركة لرفع الغطاء السياسي عنها، كما يؤكد (المقاطعون) تمسكهم بحقهم الدستوري في التعبير عن رأيهم بكل الطرق السلمية الممكنة وصولا إلى إسقاط مجلس الأمة القادم والحكومة معا كما صرحوا بذلك!
أما المشاركون في الانتخابات القادمة، فلهم أيضا حججهم الدستورية الخاصة بهم، فالمادة 71 من الدستور تعطي الحق لسمو الأمير في إصدار مراسيم الضرورة، أما تقدير الضرورة من عدمها، فبحسب أحكام سابقة للمحكمة الدستورية هي عمل (سياسي بحت) يقدره سمو الأمير وحده دون سواه.
ويعتقد المشاركون أن قانون الصوت الواحد سيحقق العدالة والتمثيل الشامل والعادل لمختلف مكونات المجتمع الكويتي، وأن هذا النظام الانتخابي الجديد سيحدث نقلة نوعية في أداء البرلمان وسيقضي على الاحتقان السياسي المزمن في البلاد وإلى الأبد!
الخلاصة: لكل من المقاطعين والمشاركين في الانتخابات الحالية، أدلة وسوابق معتبرة وهذا بالطبع دليل على وجود قصور تشريعي وتناقضات عديدة في دستورنا!
وأما سياسيا فكلا الفريقين يبحث عن المصلحة العامة وفق رؤيته، ويأمل في الانتصار على خصومه السياسيين معتمدا على الحكمة الرياضية التي تقول «اللي تكسب به العب به».
ولكن يجب احترام كل وجهات النظر المختلفة، ومنها خيارات المقاطعين السياسية والابتعاد عن تسفيههم أو تخوينهم، والسماح لهم بالتعبير عن رأيهم بالوسائل السلمية، وخصوصا حق التجمع السلمي والمرخص.
كما يجب احترام المرشحين والناخبين الذين لم يقاطعوا الانتخابات والابتعاد عن التجريح الشخصي لهم..!
كل الشكر والاحترام للذين فضلوا مصلحة الكويت على مصلحتهم الشخصية، واقصد بالتحديد مرشحي الصف الثاني للمعارضة، فبالرغم من غياب المنافسين التقليديين الكبار عن الساحة إلا انهم قاطعوا وهم يعلمون انهم قاب قوسين أو أدنى من النجاح.
المشهد الكويتي
في الكويت، تعلن القيادة السياسية قبولها المسبق لأحكام السلطة القضائية حال رفضها لمرسوم الصوت الواحد المعمول به في جميع الديموقراطيات الأخرى، وكذلك قبولها المسبق لقرار السلطة التشريعية القادمة، بل والتعهد ببقاء مجلسها القادم لأربع سنوات حتى لو رفض وأسقط ذلك المرسوم في وقت تعلن فيه القيادة السياسية لإحدى الدول العربية إقالتها للنائب العام الذي هو جزء من السلطة القضائية ورفضها المسبق لأي طعن فيما أصدرته وتصدره من قرارات.. أي من القيادات والخيارات تريد لأبنائك وأجيالك المقبلة؟ وهل بقيت بعد ذلك حجة للمقاطعة والخروج للشوارع والميادين؟!
***
قبل ذلك، أعلن المتجمهرون هذه الأيام والمطالبون بالحكومة الشعبية لدينا أن تجمهر القوى السياسية في الشوارع والساحات بمملكة البحرين الشقيقة والمطالبات هناك بالحكومة الشعبية، هو انقلاب على الشرعية ودعوة للفوضى والولاء لغير الأوطان ودلالة على الرضوخ للقوى الخارجية، فكيف بالله يمكن التوفيق بين القولين وتحليل هنا ما حرم هناك والاستهزاء بمن يدعو لطاعة أولي الأمر، رغم أن تلك دعوة ربانية أتت ضمن الآيات القرآنية، وهل بقيت بعد ذلك حجة للمقاطعة والخروج للشوارع والميادين؟!
***
آخر محطة: أن يدعو أحد لمقاطعة الانتخابات فهذا أمر يمكن قبوله، وإن كان ينسف رغبة وجهود الآباء المؤسسين ممن لم يخلقوا الدستور الا للتفاعل الإيجابي معه والاحتكام لصناديق الاقتراع فيما يختلف فيه، أما ما لا يمكن قبوله فهو الدعوة لمقاطعة صلاة الجمعة في المساجد، فهل قدمت السياسة ومصالحها على الدين وأحكامه؟!
قصة مدام دكاش
كان جمع من الأثرياء العرب يجلسون في بار نادي قمار في لندن، عندما تعالى صوت النادل معنّ.فاً سيدة على سلوكها، وهنا قام أحدهم سائلاً النادل عن المشكلة.. أنهى الموضوع طالبا من السيدة الانصراف، بعد أن أكرمها بطريقته، وعاد لرفاقه الذين استغربوا تصرُّفه، فلم يُعرف عنه «عمل الخير» أو الفضول، فقال لهم: والقصة هنا تروى على لسان سليم اللوزي، رئيس تحرير «الحوادث» اللبنانية، الذي اغتالته المخابرات لمعارضته دورها في بلاده، بعد أن عاد لوطنه للمشاركة في دفن والدته.
يقول اللوزي إن ذلك الثري العراقي أخبرهم بأن عبدالكريم قاسم أقام حفلا ساهرا بمناسبة مرور عام على نجاته من محاولة اغتياله على يد صدام حسين ورفاقه من حزب البعث! وبسبب سوء علاقاته مع الكثير من الأنظمة العربية، قام بدعوة مطربين من لبنان لإحياء الليلة، وكانت تلك السيدة من بين المدعوات لإحياء ذلك الحفل، وأن قاسم قام في لحظة نشوة، وخاصة عندما قامت بالإشادة به وببلاده، بإصدار أمر بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وأنه كان أحد هؤلاء، وأنه ترك العراق بعدها بساعات وعاش في بريطانيا، حيث كوَّن ثروته، وبالتالي فإن الفضل يعود لتلك السيدة التي دفعت أغنيتها «الزعيم الأوحد» لأن يصدر أوامره تلك!
***
ولدت لور دكاش عام 1917 في أسرة مارونية في منطقة حارة حريك، الجزء الأقرب لبيروت من الضاحية الجنوبية. وبسبب جمال صوتها شجَّعها والدها على الغناء، وكانت لم تتجاوز التاسعة من العمر عندما سجلت أول أسطوانة. كما كانت تجيد التلحين والعزف على العود. وبدأت شهرتها عام 1939 عندما غنت «آمنت بالله»، التي وضعت أيضا ألحانها، ولكنها اضطرت لنسبتها لفريد غصن، الذي كان عضوا في نقابة الملحنين في مصر وباريس، وبالتالي ضمن لها حقوقها. استدعتها الإذاعة المصرية عام 1945 لتستقر هناك بعقد طويل، وتحصل بعدها على الجنسية المصرية، وتقوم بغناء وتلحين عشرات الأغاني للإذاعة، واشتهرت الكثيرات منها. وتوفيت لور عام 2005 ودُفنت في مقبرة الموارنة في القاهرة.
ولا أزال، وغيري الكثيرون، يستمتعون بسماع أغنية «آمنت بالله» بصوتها العذب الجميل، بالرغم من مرور ثلاثة أرباع القرن عليها، وتقول فيها: «أمنت بالله، نور جمالك آية، آية من الله، أمنت بالله. نور جمالك نور عجيب، يذكي في القلب اللهيب، يذرف الدمع الطبيب كل من صابوا هواه، أمنت بالله، نور جمالك للسقيم لو رآه يصبح سليم، لو في جنات النعيم ما طلب نعمة سواه، نور جمالك في الكمال يحيي في النفس الآمال»!
أحمد الصراف
www.kalama nas.com
مطلقو الصفارة ومركز الفزعة
تعتمد الدول الغربية في رقابتها على أنشطة الشركات والأجهزة والهيئات الحكومية، على عدة وكالات مستقلة وشبه مستقلة، تتولى رقابة نسب البطالة ومؤشرات استهلاك الأفراد، وجودة المواد الطبية والغذائية وغير ذلك. وتؤثر تقارير هذه الجهات سلبا أو إيجابا في أداء أي حكومة، وقد تتسبب في خسارتها للسلطة، ولم يعرف أن حكومة غربية استطاعت يوما التأثير في قرارات هذه الجهات. كما توجد منها ما يتخصص بمراقبة أسعار ونوعية الخدمات العامة التي تقدمها شركات الكهرباء والماء والهاتف وغيرها، ويكون لها رأي في أي قرار يتعلق بنوعية الخدمة أو كلفتها على المستهلك. وهناك تلعب الصحافة الحرة دورا في الرقابة على الأنشطة الحكومية، من خلال نشر ما يتسرب إليها من أخبار سرقات واختلاسات أو فضائح سياسية أو جنسية، وقد كانت فضيحة ووترغيت التي اطاحت بريتشارد نيكسون، رئيس أقوى دولة على الأرض، مثالا مميزا على ما يمكن ان تؤديه الصحافة من دور حيوي، ولم يعرف حتى اليوم، وبعد قرابة 40 عاما، اسم من قام بتسريبات تلك الفضيحة، غير الإشارة إليه بـ Deep throat! ويطلق مصطلح «مطلق الصفارة» whistle blowers على من يقوم بتسريب خبر خطير لصحيفة أو غيرها، إن حاولت الجهة المتورطة، كالبلاط أو الحكومة، التغطية على الخبر! ولاسباب معروفة لا تعرف دولنا هذه الأساليب الرقابية لعدم انسجامها مع «ثقافتنا الدينية والفكرية» من جهة، ولانتشار الفساد بيننا بصورة لا نتوقع فيها من الفاسد ان يشرع لمثل هذه الطرق الرقابية! وعلى الرغم من أن الكويت تمتاز نوعا ما بتقدمها الرقابي، مقارنة بـ «شقيقاتها»، إلا أنها تشكو من نقص رهيب في الرقابة الشعبية، فقد رفضت الحكومة، على مدى 40 عاما، أي محاولة لتأسيس جمعية للدفاع عن المستهلك! وهنا يمكن الإشادة بالدور المميز نوعا ما الذي تقوم به «جمعية الشفافية»، ولكن حتى هذه تشكو مما يشاع من انتماء رئيسها للإخوان المسلمين، وبالتالي – إن صح ذلك – ربما لا يثق بعضهم بتقاريرها أو حيادية مواقفها، الأمر الذي ربما دفع بعض المنتمين إليها، من اصحاب السمعة الطيبة، إلى تأسيس «مركز الفزعة والإرشاد القانوني»، لتلقي اتصالات المواطنين أو المقيمين، أو مقابلة كل من يريد تسجيل موقف من قضية ما أو الإبلاغ عن حالة فساد محددة، ولا يرغب في الوقت نفسه بالتورط في أي مسائل قانونية، أو لا يعرف كيفية التصرف بما لديه من معلومات، وما على هؤلاء غير الاتصال بأحد الأرقام التالية: 25358902/ 25358910 فاكس 25358903 او زيارة مقر الجمعية في اليرموك، ق 4 ش 1 فيلا 26. علما بان المركز يدار من قبل مجموعة من أهل الخبرة والقانون من الذين يمكن الاعتماد عليهم والثقة بآرائهم! فمن لديه قضية او يعرف حالة رشوة أو فساد أو سرقة أو اختلاس، الاتصال بهذه الجمعية أو المركز، والسرية في التعامل مضمونة في جميع الأحوال.
أحمد الصراف
www.kalama nas.com
كويت جديدة.. كويت جميلة!
الأجواء في الكويت هذه الأيام ساحرة، وأروع ما تكون والأمطار بدأت تهطل بغزارة، فهل نستطيع أن نتوقف قليلا عن الكلام الذي يفرقنا ونتفرغ للحديث عما يجمعنا كي لا تشتت جهودنا؟ ومن ذلك:
٭ هل يختلف أحد منا على ضرورة أن نبدأ ببناء الكويت الجديدة، الكويت الجميلة القائمة على العدل والمساواة وسيادة القانون والفكر والإبداع؟!
٭ هل يختلف أحد منا على ضرورة أن نطور مناهج مدارسنا ونرتقي بتعليم أبنائنا كي لا نتخلف عن ركب العالم المتحضر ومسار دول الجوار؟!
٭ هل يختلف أحد منا على اهمية الحصول على العناية الصحية المتميزة بعد أن تفشت الأمراض الخطيرة في أبدان رجال وأطفال الوطن على حد سواء؟!
٭ هل يختلف أحد منا على حجم الأخطار الماحقة المحيطة بالكويت وسط تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة؟!
٭ هل يختلف أحد منا على صغر مساحتنا وقلة عدد سكاننا ووفرة ثرواتنا النفطية والمالية وهو ما يطمع الطامعين؟!
٭ هل يختلف أحد منا على أن مسار القلاقل والاضطرابات لم يوصل أمة قط الى شاطئ الأمان؟!
٭ هل يختلف أحد منا على أن اختلافنا في السابق تسبب في تخلفنا ومهد لغزونا؟!
٭ هل يختلف أحد منا على حب الكويت البلد المعطاء والبحث عن مصلحتها؟! إن كنا متفقين على كل تلك الأمور الأساسية فعلام نختلف؟! وعلام نبتعد بعضنا عن بعض؟! لست أدري!
***
آخر محطة:
نحتفل هذه الأيام بمرور نصف قرن على بدء الحياة الديموقراطية.. السؤال: ما فائدة الديموقراطية إذا لم تعلمنا أصول وقواعد ومبادئ.. فن الاختلاف؟!