كانت أياماً… وكنا لشدة متابعتنا للشأن المصري، أثناء الثورة، نعرف كل شيء باستثناء مقاس فانيلة الدكتور محمد البرادعي ووجبة خيرت الشاطر ونوعية شامبو حمدين صباحي، فقط لا غير.
كانت أياماً ليست كالأيام… تابعنا فيها ثورة العصافير على العقبان، وشاهدنا غضبة الورود في وجوه أشجار الشوك والصبار، وتعاطفنا مع العصافير والورود، فهنأنا العصافير بأنيابها التي نبتت فجأة، وباركنا للورود مخالبها، ووو… كانت أياماً…
وجاء الإخوان المسلمون، بخيلهم ورجلهم وعدهم وعتادهم، وهم قوم "تتاريو النهج"، لا يكفيهم الانتصار، بل يحرقون خصومهم وبيوت خصومهم ومكتباتهم وزرعهم وضرعهم، وهم فوق ذلك يبيعون عهودهم بشربة ماء، وقيل بل بشربة شاي بالنعناع (انتهج الليبراليون العرب نهج الإخوان المسلمين ذاته، إلا أن الليبراليين يفضلون المشروبات الباردة على الساخنة، ويبيعون حلفاءهم متى لوّحت لهم الحكومات بقالب ثلج)…
واعتلى مرسي الإخوان "منبر الرئاسة"، والتبس الأمر على فضيلته، فلم يفرق بين الرئيس وخطيب الجمعة، وراح يدبج الخطبة تلو الخطبة، وارتحل إلى إيران، فأمسكنا بالأقلام والأوراق لنحصي نتائج الزيارة، وكانت النتيجة أنه زار إيران بعقل الخطيب لا الرئيس، وكتب مؤيدوه: استطاع مرسي أن "يترضى" على الخلفاء الراشدين في عقر دار "كسرى"! فصفق أطفال المدارس، وبكى أساتذتهم بكاء الإبل "الهمل"، وقلنا: "يالله نعدّيها"، باعتبار أنه جاء إلى إيران ليعرض بطاقته الشخصية…
وانتظرنا، نحن في الكويت وبقية الشعوب العربية، رؤية الديمقراطية العروس، وهي تتمخطر بأبهى ملابسها وأزهى حليها، كي "تقلّدها" بقية الصبايا العربيات، وترتدي ملابس مشابهة لملابسها، كما تفعل الصبايا مع نجمات الفن، فكانت الطامة، إذ خرجت إلينا عروس الديمقراطية المصرية بملابس عروس الدكتاتورية العسكرية القديمة، لكن هذه المرة بنقاب وقفازات، لشدة الورع.
وإن كنا سابقاً نصرخ في وجه كل من يعترض على فوز الإخوان بثقة الشعب، فإننا نهمس اليوم في أذن الإخوان أنفسهم: "لا تقتلوا أبناء عمكم، كي لا نصدّق هواجسنا المريضة التي لطالما أيقنت أن القبعة العسكرية على كرسي الرئاسة أهون من اللحية على الكرسي ذاته، وكلاهما شر".