يعتبر سجل حقوق الإنسان في الكويت غير ايجابي، خاصة عندما يتعلق الأمر بطريقة تعامل السلطات مع الطبقة الكادحة من العمالة المهاجرة البسيطة الأجر! فالحكومة تعلم جيدا ما يقترفه كثير من الشركات التي تستخدم العمالة بكثافة، من مخالفات إنسانية بحق العمال المساكين الذين رأيت بعضهم يتناول ما يتبقى من طعام المرضى في المستشفيات، هذا غير ما يتعرضون له من معاملة سيئة في الأجر والسكن والطعام وساعات العمل المرهقة، وخير شاهد على ذلك مناقصات الدولة! كما لا ننسى هنا المعاملة السيئة جدا التي تتعرض لها طبقة خدم المنازل، وما تعرضت له الكويت من مهانة نتيجة تزايد تدخل منظمات حقوق الإنسان الدولية، وحكومات الدول الغربية والدول التي تستقدم منها العمالة المنزلية، لمطالبة حكومتنا بأن تكون أكثر عدالة وإنسانية في ما يتعلق بأجور الخدم وظروف معيشتهم، والكف عن القول إن ظروف سكنهم ونوعية طعامهم وما يحصلون عليه من أجر، على الرغم من قلته، لا يحلم به كثير من امثالهم في أوطانهم! فهذا تعد فاضح على حقوقهم وأحاسيسهم كبشر يستحقون معاملة تتفق والمحيط الذي يعيشون ويعملون فيه، وليس مقارنة بمعيشتهم في أوطانهم. كما يحتاج هؤلاء الى حماية قانونية أفضل، فقد نتج عن إهمال حقوقهم تعدد حالات الاعتداء عليهم، أو اعتداؤهم على من يعملون لديهم، ووصل الأمر بعدد منهم الى الانتحار تخلصا من بؤس حياتهم وسوء معاملتهم، وكل ذلك لم يحرك أبدا، على الرغم من بشاعته، شعرة في رأس أي من الوزراء المعنيين بأمرهم! ولو ذهبنا الى مراكز إيواء العمالة وسجون الإبعاد والمخافر التي يعرض فيها الخدم الهاربون من أعمالهم، لرأينا مناظر مؤسفة وغير عادلة، وسبق أن كتبنا عن مشاكل هؤلاء، ولكن لم تتحرك حتى جمعية حقوق الإنسان «الخايبة»، إن كان في عهد إدارتها السابقة، التي ضيعت المجلس لمصلحة جماعة أكثر خيبة، أو في عهد مجلسها الحالي، الذي لا أمل فيه أصلا في فعل شيء للتخفيف من معاناة هؤلاء!
نكتب هذا تعليقا على المطالبة المضحكة التي صدرت من قبل احد المستشارين في وفد الكويت الدائم لدى الامم المتحدة لسريلانكا بضرورة احترامها لحقوق الإنسان فيها، وضرورة متابعتها لتنفيذ خطتها لتعزيز حقوق الانسان فيها! وكان حري بالسيد المستشار توجيه ملاحظاته وتوصياته لحكومته، بدلا من توجيهها للحكومة السريلانكية. ولا ندافع هنا عن سجل حقوق الإنسان في تلك الدولة، خاصة بعد انتهاء حربها الأهلية، وما تعرضت له ولا تزال أقلية التاميل من تفرقة ومعاملة غير إنسانية، ولكن ربما كان لأولئك ظروفهم وأعذارهم التي لا نعرف عنها شيئا، فما أعذارنا؟ وما الذي يمنعنا من أن نكون اكثر إنسانية مع الخدم؟ وما نسبة المواطنين الذين قاموا بزيادة أجور الخدم الذي يعملون لديهم، ولو بعشرة دنانير شهريا، بعد حصولهم على زيادات رواتب بمئات الدنانير، أو حتى بآلافها من حكومتهم الرشيدة؟!
إن الكويت تستحق مكانة أفضل في ما يتعلق بحقوق الإنسان، ولا يمكن أن يأتي ذلك بغير تدخل منظمات وحكومات خارجية للفت نظر حكومتنا لواجباتها! أما وضع الأمل في جمعية حقوق الإنسان، خاصة بعد تغير مجلس إدارتها، إلى شيء شبه مشلول، فعبث، والعبث الآخر هو الثقة بأن جمعية «مقومات حقوق الإنسان، السلفية» ستكون يوما اكثر عدالة ورحمة من غيرها، مع البوذيين والهندوس!
أحمد الصراف