سامي النصف

رسالة إلى شباب وشابات وطني

رسالة مفتوحة إلى شباب وشابات وطني المخلصين بمختلف توجهاتهم السياسية وانتماءاتهم الاجتماعية حيث لا فارق بينكم كونكم أمل حاضر الكويت ومستقبلها، وكل التباين ـ ولا أقول الاختلاف ـ القائم أنتم في قلبه ووسطه والكل يدعي أنه يعمل لصالحكم، لذا فحديثي اليوم لكم لا لغيركم.. ولصالحكم لا عليكم.

***

لو نظرتم الى خارطة المنطقة والعالم لوجدتم أن دولنا اليوم تنقسم بكل بساطة إلى نوعين، الأول هو الدول المستقرة سياسيا وبعضها به ديموقراطية كاملة كالدول الغربية واليابان وبعضها الآخر به نصف ديموقراطية أو لا ديموقراطية كحال سنغافورة وكوريا وبعض دول الخليج إلا أن ما يجمعهم هو ان عمليات الاستقرار السياسي نتج عنها بشكل مباشر عمليات رفاه اقتصادي وأمن اجتماعي ومستقبل مشرق لا يختلف عليه أحد.

***

النوع الثاني من الدول في العالم هو الدول غير المستقرة سياسيا والبعض من تلك الدول تمارس فيه الديموقراطية كاملة كحال العراق ولبنان واليونان وبعضها الآخر به نصف أو لا ديموقراطية كحال مصر واليمن وسورية إلا أن ما يجمعهم هو ان عملية عدم الاستقرار السياسي نتج عنها بالتبعية اختفاء الأمن وتعثر الاقتصاد وانقسام الدول الذي نتج عنه مستقبل مظلم لا يختلف عليه أحد كذلك.

***

بيدكم يا شباب وشابات الوطن ان تختاروا مستقبل بلدكم فإما مواصلة المسار السابق أي نهج الازمات التي تلد ازمات وعدم الاستقرار السياسي الدائم القائم على التهديد والوعيد والتجمهر والتظاهر الذي نتج عنه ما نعرفه جميعا من تخلفنا عن دول المنطقة وجعلنا «طماشة» للخلق والقدوة السياسية السيئة للآخرين، وإما مسار مستقبلي جديد يبدأ بالمشاركة «الموجبة» في الانتخابات القادمة واختيار أفضل المرشحين، وهو أمر سهله نظام الصوت الواحد حيث ما عليك إلا أن تختار مرشحك من بين ما يقارب 70 مرشحا في كل دائرة ولا تصدق للحظة من يقول لك انه «لا يوجد بينهم من لا يستحق أن ينتخب»، لأن في ذلك كارثة أكبر بكثير من المشاركة أو المقاطعة!

***

آخر محطة: قلوبنا مع الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية وعنصر الاستقرار السياسي الأول بها أمام من يستغل الشباب هناك لدفعهم للفوضى والنزول للشوارع بقصد اسقاط نظام الحكم لصالح القوى الخارجية، وهو أمر لو تم ـ لا سمح الله ـ لاشتعلت الحرب الأهلية في اليوم التالي وانقسم الأردن لدولتين أردنية وفلسطينية.

 

احمد الصراف

في المكان والزمان الخطأ

دعاني صديق كريم لحفل توديع شخصية دينية مسيحية انتهت مهامها في الكويت، وهناك تجمع رؤساء كل الطوائف والكنائس المسيحية، وبعد لحظات طلبوا منا أن ندخل القاعة الرئيسية، وفي الداخل وجدت عددا من الطاولات المستديرة تحيط بطاولة مستطيلة أكبر عليها زهور وبطاقات اسماء، وبدا أنها خصصت للمحتفى به و«كبار الضيوف»، ولم أحاول طبعا أن أعرف إن كنت من كبار أو صغار الضيوف، بل اخترت لنفسي مكانا أراقب فيه حفلا غريبا على طبيعي! بعد لحظات دخل القاعة رجل دين مسلم بعباءة وغطاء رأس كالذي يرتديه شيوخ دين لبنان، وهنا تعالت همسات من شاركوني الجلوس على الطاولة، وبانت إمارات التساؤل على وجوههم، ولم ينتظر أحدهم سؤالي، حيث بادرني بالقول إنهم يعرفون ذلك الرجل وأن لا علاقة له برجال الدين، ولا يعلمون لماذا انقلب خلال الفترة القصيرة الماضية على ملابسه الافرنجية وارتدى تلك العباءة وغطاء الرأس؟! المهم أن صاحب الدعوة احتفى به وسلم عليه بحرارة وقاده لمكان بارز على الطاولة الرئيسية التي ضمت بطاركة وقساوسة وخوارنة وغيرهم! وهنا تذكرت نصا قرأته للكاتب العراقي قاسم السهيل، يصف فيه موقف المجتمع من بعض رجال الدين، فتململت في مكاني وغمرني شعور بأن علي مغادرة مكان الحفل، والبحث عن ذلك النص والكتابة عنه، وما ان انشغل الداعي الكريم بضيوفه، وقبل ان تبدأ المراسم وإلقاء خطب المجاملات، حتى انسحبت بهدوء، احتراما لنفسي، وعدت للبيت وبحثت عن النص فوجدت ان السهيل يقول فيه: رجل الدين عندنا مُقدّس، لأنه الطريق الى النجاة، والواسطة بين الأرض والسماء، وخليفة رسول الله والأئمة، ولأنه بركة في نور في لطف في رحمة، ولأن النظر الى وجهه عبادة، الى آخر الأوصاف التي حملوها في مسيرتهم معنا، ولا ندري هل هم من ختموا أنفسهم بتلك الصفات أم نحن لصقناها بهم، ورضينا بها؟ انّ الجواب لا يهم، فالنتيجة واحدة، إذ ان رجل الدين صارت له مكانة ومنصب، والناس يقومون من مجالسهم، احتراما عند دخول العمامة عليهم خصوصا السوداء، ولا يقومون عندما يدخل كادح الى مجالسهم ولا حتى المهندس أو الطبيب، لماذا؟ لأن رجل الدين فقط مقدس! وقد يسأل البعض: ما الضير من ذلك؟ فنحن نجلّ العلماء! لكن الحقيقة هي ليست إجلالا وتقديرا، أكثر مما هي عقد تاريخية، وذلٌ نحسّ به أمام هؤلاء، فغالبيتهم يعيشون على مصائب الناس، ويسكنون القصور عندما يتشرد غيرهم، وحتى إن تشردوا واغتربوا ففي المكان الأوفر والطعام الأدسم، لأن الكثيرين ينسون أن رجل الدين، بشكل عام، موظف حاله حال كل من يخدم المجتمع، ولكن مسؤوليته أخطر لأنه يرفع شعار الدين! كما أن رجل الدين يدرس ويتعلم، ولو جمعت مواد علمه طولاً وعرضاً من المقدمات الى السطوح والكفاية وحاشية الملا عبدالله الى آخرها، لما زادت عن ستة أشهر دراسة اكاديمية وهذا بدقيق الحساب وليس الافتراء، وتراهم يولجون في هذه العلوم سنين طوال اقلها عشرون عاما. وإذا اعتبرناه مقدسا فقد توهمنا، والوهم يعطل المسيرة، أيّ مسيرة، هناك الكثيرون من رجال الدين المحترمين، تبرأوا من عمامتهم ورموها، بعدما رأوا التوظيف السيىء لهذه العمامة. (انتهى)!

أحمد الصراف

www.kalamanas.coM