سامي النصف

نعم القادم أفضل!

الرئيس أوباما الذي زرع الامل في نفوس الشعب الاميركي في حقبة رئاسته الاولى عندما رفع شعار «نعم نستطيع» وسط التحديات العظمى والانهيارات الحادة لكبرى المؤسسات المالية، رفع هذه الايام ومع ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية شعار «القادم أفضل» ليعطي جرعة امل وتفاؤل جديدة للشعب الاميركي، فالشعوب المتفائلة رغم المصاعب تعمل وتنجز وتتجاوزها، اما الشعوب اليائسة والبائسة فلا يتولد عنها الا الغضب والاحباط والانفجار الذي يدمر كل شيء ويحول اوضاعها من سيئ الى اسوأ.

***

أغلق أمس باب الترشح وامتلأت الدوائر بالمرشحين، وستفتح عما قريب صناديق الاقتراع وستمتلئ مراكز الانتخاب كذلك بالناخبين، علما بأن نسبة من يصوت من عدمه لا تعطي شرعية أو تعد مقياسا لنجاح أو فشل العملية الانتخابية وإلا لوجب اعطاء الشرعية للمجلس الوطني الذي وصلت نسبة التصويت فيه الى 63%، وسحبها في المقابل عن كثير من مجالس الامة التي لم تزد نسب التصويت فيها على تلك النسبة، المقياس الوحيد لنجاح اي عملية انتخابية هو مقدار نزاهتها ووجود مراقبين محايدين يقرون بذلك، وللمعلومة كثير من الدول المتقدمة لا يزيد عدد المصوتين فيها على 30 ـ 40% بينما تدعي كثير من الدول المتخلفة ان نسبة المصوتين فيها تبلغ 90 ـ 99%.

***

الكويت ذاهبة بإذن الله الى مستقبل مشرق كما وعد صاحب السمو الأمير شعبه في لقائه التاريخي مع رؤساء تحرير الصحف الكويتية، فخارطة العمل السياسي الكويتي قد تغيرت تماما واللعبة السياسية المقبلة ستستهدف تعاون السلطات الثلاث لتحريك عجلة قاطرة التنمية التي ملأها الصدأ من طول الوقوف، والواجب ان يصطف كل محب لوطنه من موالاة او معارضة، لا فرق، خلف الحراك المقبل الذي يجب ان تكون اعمدته محاربة الفساد وتطبيق القانون بحزم والالتفاف حول الكويت وقيادتها الشرعية ونظامها الدستوري.. لا الاختلاف حولهم.

***

جزء من التخلف او التذمر القائم سببه الرئيسي البيروقراطية القاتلة التي نعيشها والتي اصبحت وكأنها امر منزل من السماء لا يجوز مسه، نرجو ان نحضر من دول مجلس التعاون انظمتها الادارية المتطورة التي جربت واثبتت جدارتها والتي ستوقف حاجة المواطن للنائب او الوقوف عند ابواب المسؤولين، عائق ضخم آخر يجب ازالته وبالسرعة الممكنة هو التشريعات الفريدة التي اوقفت حال البلد والتي يجب على الحكومة والمجلس القادمين الغاؤها وتعديلها كي تدور عجلة الاقتصاد في البلد، ودون ذلك ستمضي السنوات الاربع المقبلة دون انجاز.

***

آخر محطة: بودنا خلق عرف برلماني جديد نصه ومضمونه ألا يتقدم احد بتشريع الا ومعه قائمة بالدول التي تعمل به، فلم يدمرنا في الكويت الا «البدع» التشريعية التي ظاهرها رحمة وباطنها عذاب كبير والتي اصبحت اقرب للشيك ذي الاصفار الكثيرة ولكنه.. دون رصيد!

 

احمد الصراف

لقمة ابو إميل

نكتب هذا المقال ليس فقط للإشادة بدور أسرة لبنانية لم تشب سيرتها على مدى ثلاثة أجيال شائبة، بل وأيضا للحديث عن جزء من تاريخ الكويت يتعلق باسم مطعم عرف بتقاليده اللبنانية الجميلة، وهو مطعم «مس الغانم»، قبل ان يتحول إلى «ميس الغانم» قبل بضع سنوات.
تطلق كلمة «ميز» في اللهجة الكويتية على الطاولة، وهي مشتقة من مس أو (mess) الإنكليزية، وتعني المكان الذي يلتقي فيه أعضاء فريق ما لتناول وجباتهم وقضاء وقت فراغهم! ويكاد يقتصر استخدام الكلمة على الجيوش، على ظهر السفن التجارية والحربية، والمعسكرات. وأصل الكلمة يعود للفرنسية (mes).
بداية مطعم ميس الغانم كانت قبل ستين عاما تقريبا، عندما أدار المرحوم ادمون بركات وأبناؤه مطعما في منطقة شرق الصناعية، خلف معارض وكراجات الغانم، لخدمة موظفي شركة الغانم التي كانت قد بدأت بالتوسع السريع، مع حصول صاحبها الوجيه المرحوم يوسف أحمد الغانم على وكالات تجارية مهمة كسيارات «جنرال موتورز» وغيرها كثير. تطور عمل «مس الغانم» من مطعم لبضع مئات من موظفي شركة كبيرة، ليخدم المئات من خارجها يوما، واشتهر، ليس لكرم أبو إميل بركات ولطفه وثقة زبائنه فقط، بل وأيضا للمذاق الطيب للقمته! توسع شركة الغانم وزيادة نشاط المطعم تطلبا انتقالها إلى موقع جديد، وكان هذا ضمن مجمع سكني يعود ليوسف الغانم يقع في شارع السور وملاصق لقصر دسمان من جهة الجنوب الغربي. وهناك تعرفت للمرة الأولى على لقمة «أبو إميل» الطيبة، بعد ان أخذني زملائي في البنك، وكان ذلك قبل 48 عاما، لتناول طعام الغداء فيه. وما ازال أتذكر الرجل، وهو يقف خلف طاولة مرتفعة بقامته الممشوقة، وشعره الكث والمموج، وأمامه دفتر يسجل فيه ما يتناوله زبائنه من طعام، على الحساب! حيث كان مرتادو المطعم بغالبيتهم من الموظفين الذين كانوا يفضلون سداد ما عليهم في نهاية الشهر، ويومها لم اكن أود ان ابدو مختلفا عن بقية اصحابي، فطلبت قيد المبلغ على حسابي، وتقبل ابو إميل طلبي من دون تردد، واستغربت من طريقته وثقته بزبائنه، فهو لم يسألني عن غير اسمي ومكان عملي، فقد دخلت وأكلت وشربت من دون ان ادفع شيئا، وهذا إن دل على شيء فعلى أريحيته اللامتناهية واستقامته، اللتين ورثهما لأبنائه وأحفاده من بعده، فلا يمكن ان يتصرف رجل ناجح بتلك الطريقة لو لم يكن يؤمن بالطبيعة الطيبة لاخوته البشر!
بعد هدم مجمع الغانم السكني انتقل المطعم إلى موقع قريب، وهذه المرة على البحر مباشرة، وكان سابقا مقرا لتلفزيون الكويت، قبل أن ينتقل إلى موقعه الحالي القريب من السفارة البريطانية.
تاريخ ميس الغانم جزء من تاريخ الكويت، ويستحق الكتابة عنه والإشادة به، فهو اقدم مطعم في الكويت، ومع هذا لاتزال لقمته طيبة.

أحمد الصراف

www.kalama nas.com