حسن العيسى

لماذا نقاطع؟

بعد قيام "حدس" بعزل أعضاء الحركة الذين سيرشحون أنفسهم لمجلس الـ"زامبي"، تحرك المنبر الديمقراطي وفعل الأمر نفسه، والدور الآن أن يبادر التحالف الوطني بعزل أي عضو فيه سيشارك في المجلس الوطني القادم، الإجراءات التي قامت بها "حدس" و"المنبر" في رفض الأعضاء الخارجين عن توافق الأكثرية بالتنظيمين مسائل مستحقة، فالمشاركة في تلك الانتخابات لا تعني سوى الرضوخ للاستفراد السلطوي في شكل وتوجه المجلس القادم، حين تصبح الفكرة الديمقراطية من أساسها رهينة إرادة السلطة الواحدة تقرر اليوم شكل البرلمان القادم في نوعية الأعضاء المشاركين، وتملي بالتالي قرارات هذا المجلس، وذلك المجلس المسلوب الإرادة لن يكون في أحسن أحواله، وكما كررت أكثر من مرة، سوى صدى للرأي الحكومي، ومرايا عاكسة لشيوخه ووزرائه المحترمين، وإذا قرر نواب الحكومة القادمون ارتداء البشوت السوداء فسيكون مجلسهم صورة طبق الأصل للوجه الحكومي، يمكن أن يستعملوا تلك الصور الفوتوغرافية للمعاملات الرسمية، كاستخراج جوازات السفر ورخص القيادة… وغيرها.
لا أشكك اليوم في صدق نوايا الكثير من الذين قدموا أنفسهم قرباناً للشرعية المصطنعة في المجلس القادم، لهم رأيهم ولهم حقهم المطلق أن يجتهدوا في تفسيرهم في "منافع" الصوت الواحد. إلا أن هذا لن يمنع أن أهمس في آذانهم بأنكم واقعون تحت وهم كبير، فالمحسوبون منهم على الحركة الوطنية يرون أن هذه فرصتهم الكبيرة في "الإصلاح"، أي إصلاح أبواب الحريات المهشمة والتنمية البشرية المنسية التي (يرون ولا أرى معهم) سببها "مناكفات" الأعضاء المشاغبين لحكومات "الشيوخ" بالحق وبالباطل، مع ملاحظة أن كل حكوماتنا، ومنذ ولادة الدولة الدستورية قبل خمسين عاماً حتى اليوم وغداً، هي حكومات شيوخ شكلاً ومضموناً. هذا الوهم المهيمن على وعي الأصدقاء سيتبدد تماماً أمام الأمر الواقع، أمر حكومة "الحكومة" التي تقرر وتفعل في القضايا الكبيرة منفردة، وبقية الوزراء الشعبيين دورهم "ربر ستامب"، أي حملة أختام، وهذا الواقع يملي علينا أن نقرر أن هذه السلطة مع مجلسهم ستمرر قضاياها الضخمة كالسكين في قالب الزبدة.
كتب الكبير د. أحمد الخطيب قبل يومين في "القبس" و"الجريدة"، كما كتب الأستاذ عبدالله النيباري في "القبس" أمس الأول عن هذا الوهم الكبير بصورة غير مباشرة، مع شرح تاريخي للماضي السلطوي للدولة، فالكويت لن تصبح واحة الحريات في المنطقة بالمجلس القادم، ولن تكون باريس الخليج الفكري والثقافي بعد عهود التزمت والتشدد الاجتماعي والديني، ولن تكون سنغافورة المنطقة في التنمية بكل الأحوال.
لم لا يراجع الأصدقاء تاريخ الدولة القريب، وهذا بالمناسبة ليس قاصراً على الكويت (يعم معظم دولنا العربية)، فما حدث في الزمن الذي غاب فيه التيار التقدمي بفعل القهر السلطوي، كما حدث هنا في الكويت عام ٧٦ وقبله (راجع النيباري ود. الخطيب) من إغلاق نادي الاستقلال إلى فتح الأبواب على مصاريعها، وتقديم السند المالي والدعم المعنوي للقوى المحافظة الدينية، وإصدار القوانين المقيدة للحريات، كلها تمت في غياب المجلس التشريعي، ثم إعادة المجلس، مع تفتيت الدوائر إلى خمس وعشرين دائرة حسب التوجهات القبلية والطائفية، وتقطيع لحمة الشعب الكويتي حسب مناطق التصويت دون نسيان القوة المالية للسلطة بشراء ذمم الموالاة… السادات والشاذلي بن جديد وقبلهم جعفر النميري كانوا يسيرون على الدرب ذاته، وتعرفون ما حدث بعد ذلك، حين انقلب السحر على الساحر. قاعدة تاريخية يجب ألا ننساها بأن أي سلطة في الدول الخامدة حين تستبعد التيارات الحية وتنفرد بالحكم تراهن على القوى الدينية لتضفي عليها الشرعية، فبغياب الشرعية الدستورية الحقة (إلا الشكلية) تأتي الشرعية الدينية لتحل مكانها لتسد النقص، في مجتمع يغلب عليه طابع المحافظة والتدين.
فعلى ماذا يراهن الأصدقاء اليوم، وهم يعيشون أحلام اليقظة بأن الساحة السياسية ستكون فاضية لهم بعد أن رفضت "حدس" وغيرها المشاركة في الانتخابات، ذلك كان من جهة، ومن جهة أخرى ليس من حقنا أن نسيء الظن دائماً بالمحافظين من "حدس" وغيرها، فـ"حدس" (أي الإخوان) اليوم غير الأمس، مع ربيعنا العربي لا الحكومي، وحتى التيارات المتشددة المحافظة، مثل عدد التجمعات السلفية لم يعد طرحها كما كان بالأمس، فليس هناك ما يبرر رفض البرلمان بصورة عامة، لأن فيه محمد هايف أو وليد الطبطبائي أو مسلم البراك أو أحمد السعدون، فهؤلاء نختلف معهم أحياناً ونتفق معهم في أحايين أخرى، وعندما نختلف معهم نجادلهم، وننتقدهم، وليس لنا أن نخشى شيئاً، لكن كيف لنا أن نجادل من وضع بيد قنبلة غاز خانقة، وباليد الأخرى عصا غليظة تبحث عن رأس تدميه… كتبت هذا من قبل ولن أعيد.

احمد الصراف

أين عيون الدولة؟

في ابريل الماضي قامت قناة العربية بإجراء تحقيق تعلق بأنشطة واهداف «أكاديمية التغيير» في قطر، وأجرت مقابلة مع مديرها العام، تطرق فيها لأنشطة الأكاديمية، وما اشيع عن تورطها في تدريب شباب للقيام بأعمال إرهابية! وقال له معد البرنامج انه سبق ان التقى ببعض طلبة «الأكاديمية»، وتبين أنهم ينتمون لعدة دول منها دول «الربيع العربي»، كما وجد بينهم طلبة من دول خليجية! وتساءل إن كانت هناك ثورات في الدول الخليجية، كما كانت الحال في مصر وتونس وسوريا وليبيا، أم أنهم في الأكاديمية يعدون لهذه الثورات (الخليجية) أو يدربون شبابها عليها؟ وبالرغم من خطورة ما ورد في تحقيق القناة إلا أن أحدا، كما يبدو، لم يلتفت له أو يعطي الأمر ما يستحق من أهمية في حينه، ولكن بعد أحداث الكويت الأخيرة وما اشير لتورط «الاخوان» فيها بشكل واسع، وكأن الأمر مخطط له منذ فترة، قام شباب نشطاء بإعادة تسليط الضوء على ذلك التحقيق وعلى ما ورد على لسان مدير عام الاكاديمية، وتوزيع نص المقابلة على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بشكل واسع جدا، حيث ورد فيها سؤال من معد التحقيق لــ «مرسي» أن هناك طلبة من عدة دول خليجية، وأن الأكاديمية تدربهم على حروب اللاعنف والتظاهر واصطياد رجال الأمن، فلماذا تقومون بذلك؟ فرد المدير: نحن ندربهم على الحلم، الحلم الذي يريدون أن يحلموه، والحلم هو المجتمع القوي! (وواضح هنا أنه لم ينكر قيام الأكاديمية في قطر على تدريب الشباب على استخدام حروب اللاعنف، واصطياد رجل الأمن، وهو ربما تكتيك الإخوان نفسه الذي اتبعوه في كل تظاهراتهم ضد السلطات في أكثر من دولة عربية)! وسأله المقدم أنه قام في احدى محاضراته بتقسيم المجتمع البحريني إلى شيعة وسنة، وموالاة ومعارضة، والكيفية التي يمكن أن يحدث فيها التغيير داخل السنة، بكسب %3، وكيف يمكن صنع حراك سني واحداث التغيير؟ فرد قائلا، ومؤكدا كلام معد التحقيق: نعم نعم حتى الثورة في مصر لن تتوقف ولا في سوريا ستتوقف، هذا الغليان لن يتوقف حتى يصل قطار العالم العربي إلى أولى محطات التطور، محطة الإنسانية والبشرية (محطة البشرية!). وردا على سؤال عما إذا كان العالم العربي سيشهد ثورات خليجية، قال انها ستشهد اصلاحا من الخارج! وفي صفاقة واضحة قال انه على الحكومات (الخليجية) الخائفة (من أنشطة أكاديميته) أن تذهب إليه وتكلمه وتطلبه لعقد دورات تدريب لها!
والآن اين الأجهزة الأمنية من الذين – وكما يتردد – سبق أن تلقوا تدريبا في هذه الأكاديمية، أو الذين يدرسون فيها حاليا؟ ولماذا السكوت عنهم، وإلى متى هذا التراخي، وهي التي لا تتردد في ملاحقة شارب كاس من شارع لآخر؟
يمكن مشاهدة المقابلة على الرابط التالي: http://www.youtube.com/watch?v=x31CFVa7QVE&feature=youtube_gdata_player

أحمد الصراف