لطالما صرخت بأعلى دهشتي: الوعي السياسي في المناطق الخارجية يتغذى على الحليب والقمح والعسل، لذا ينمو بسرعة الضوء، وها هو يبرز بوضوح في الفعاليات الأخيرة للحراك. والحديث عن هذا يطول، ويحتاج إلى منظرين من ذوي "دال نقطة".
ولأنني من عشاق البحث في أطراف الصورة، والزوايا المظلمة منها، فقد ركزت على تعليقات شبان الحراك من سكان تلك المناطق، ليقيني بعمق دلالاتها. وكنت أسمح، بكل سرور، لدموع الضحك أن تتصرف كما تشتهي، من باب تقرير المصير.
وبعد أن قررت اللجنة المنظمة للحراك، في المسيرة الأخيرة، أن تكون نقطة تجمع الدائرتين الثالثة والخامسة عند "برج أحمد" – للقراء من خارج الكويت، البرج يقع في العاصمة التي تبعد نسبياً عن الدائرة الخامسة – انطلقت التعليقات، وسأنقل بعض التعليقات التي تدل على أن هؤلاء الشبان لا يُخرجهم من مناطقهم إلا "الشديد القوي"، وهو ما كان…
يقول شاب من الخامسة بعد انتهاء المسيرة: "المسيرة حققت أهدافها وشاهدنا برج أحمد"! ويقول آخر متذمراً من بعد المسافة وجهله بالمكان: "أنا الآن على طريق الفحيحيل السريع، على يساري منطقة القرين، وين برج أحمد يا عيال… أبلشونا في أحمد"، ويعلق ثالث: "نقاط تجمع المسيرة تذكرني برحلات المدرسة، تطلعنا على معالم الكويت"، ويطلق رابع وخامس وسادس وعاشر تعليقات تكشف، رغم كوميديتها، الحماسة والتحفز والاستعداد للعطاء، ما لو استثمرته الحكومة لنهضت الكويت نهضة تتحدث عنها قوافل اليمن والشام.
الدوائر الخارجية عجينة تشكلت على هيئة وطن، وستكون لها، قريباً جداً، اليد الطولى في البناء… من يراهنني على ذلك؟