أرض الكويت ليست ساحة خلفية لكم، تعبثون فيها كما تريدون بشرطتكم وحرسكم وجيشكم، وكل أدوات القمع التي سخرتموها من أجل استفرادكم بالقرار السياسي. أرض الكويت ليست مزرعة أو جاخوراً نقشت عليه عبارات توثيق صك الملكية بالتسجيل العقاري بأسمائكم المفخمة، كي تتعاملوا مع البشر المواطنين على أنهم "رعية" يرعون كالماشية في أرضكم تهبونهم أحياناً، وحسب المزاج، قليلاً من العلف متى شئتم، وتحرمونهم إذا تجاوزت "رعيتكم" خطوطكم الحمراء، وكأن لا حول لهم ولا قوة، هم لا يشاؤون، أنتم فقط من يشاء، هم لا يقررون أنتم فقط من يقرر، هم غير موجودين، أنتم وحدكم الموجودون، هم رعية ونكرات غوغائية عبثية، وأنتم الرعاة الحكماء، وأنتم وحدكم الولاة أهل العلم والفكر والحصافة، لكم دون غيركم، سلطة الوصاية المطلقة على القصر من ناقصي الأهلية الذين لا يعرفون مصلحتهم ولا مصلحة وطنهم.
شاهدت أمس الأول وقبله بفترة الوجه القبيح للاستبداد… قوات خاصة، حرس وطني، آليات عسكرية… وناقصنا سلاح طيران، قنابل صوتية ودخانية تنفجر وسط المتجمعين… ما هذا…؟! هل هو إعلان حرب ضد أبناء الكويت أم ماذا يكون…؟! الشباب يرددون: سلمية، سلمية… وآلات قمعكم تطلق القنابل الدخانية، وتلاحق المتجمعين من مكان إلى آخر بصفارات الرعب والتخويف…! ماذا تريدون أيها السادة يا أولياء النعم؟ ماذا تريدون من شباب اليوم؟! تريدونهم أن يلهجوا بذكر النعم التي أغرقتمونا بها، من رواتب مجزية، إلى دعم عمالة، ومعاشات، وكهرباء ومياه بأسعار رمزية وتوفير للسكن (إن وصلهم الدور)، وغير ذلك من قائمة دولة الرعاية وكرمها وصدقاتها الحاتمية… ماذا تريدون منهم…؟! ألا ينكروا جمائلكم وأفضالكم عليهم، تريدونهم أن يسبحوا ليلاً ونهاراً بشكركم… ثم ليس لهم، بعد ذلك، غير أن يناموا ويصحوا ويأكلوا ويشربوا، ثم يموتوا بعد أن وفرت الدولة لهم حفرة مستطيلة يدفنون فيها من غير ثمن… نيابة عن هؤلاء الذين خرجوا متظاهرين مسالمين، نقول لكم شكراً كثيراً و"ما قصرتوا"… وليتفضل الزميل والصديق عبداللطيف الدعيج ليستمتع هذه الأيام بطقس "الربيع الحكومي". فقد عادت الأمور إلى نصابها ولله الحمد.