احمد الصراف

خير الأمم

لا يمكن أن تنهض أمة بغير نهوض نسائها، لا يمكن!
قامت حكومة النرويج باختيار سيدة مسلمة من اصل عربي، وهي هادية طاجيك، وزيرة للثقافة في دولة ثرية بكل شيء وتزخر بالمتعلمين والمثقفين، علما بأن «هادية لم تبلغ بعد الثلاثين، وهي أصغر وزيرة، وأول وزيرة مسلمة في الدول الاسكندنافية، الأكثر تطورا وانسانية وكرما في العالم.
وبمناسبة الحديث عن الكرم تقول القارئة فوزية إن الأثرياء في دولنا كرماء بشكل أساسي في القضايا التي تتعلق بما نص عليه في الشريعة، فبناء مسجد يتقدم كثيرا على بناء مدرسة، واطعام يتيم، وقد يكون في غير حاجة، أكثر مدعاة جلبا للأجر، من اطعام طالب علم. وتضيف إن تفكير الأثرياء في اي عمل خيري يأتي دائما من منطلق أنه واجب ديني، وقد لا يكون بالضرورة ذا أولوية كبيرة. كما تقول إن الرغبة، التي تبلغ أحيانا درجة الهوس، في نيل الأجر الديني تسيطر على تصرفاتنا كافراد، وبالتالي تكون منطلقاتنا، عندما نساعد أحدا ما في ضائقة، منطلقات دينية بحتة، وبالتالي نجد الكثيرين على غير استعداد لتقديم العون لمن ليس من ملتهم الدينية، أو المذهبية، حتى لو كانوا أكثر جدارة أو اكثر استحقاقا من غيرهم. ومن الأمور المحيرة بمكان أن نجد أنفسنا عاجزين عن الاختيار بين دفع الزكاة لبيت المال أو تقديم ذلك المال لمساعدة طبيب على انهاء سنته الدراسية الأخيرة!
الشيء نفسه ينطبق على الأعمال الشريرة، فنحن غالبا، كما تقول فوزية، نتجنب الفعل الشرير ليس لأنه في كينونته امر سيئ بل لأنه غير مقبول دينيا، وسنحاسب عليه في الآخرة، أو نفقد بسببه بعضا مما «كسبناه» من أجر، وبالتالي من الطبيعي ان يقدم البعض على قتل مخالفيه في الدين أو المذهب من دون الشعور باقتراف ذنب ما، فالمقياس هو الشرع، ودينيا نحن مطالبون بتطبيق الشرع، الذي قد لايكون في كل الأحوال متطابقا مع منطق العيش المشترك في غالبية دول العالم، التي أصبحت ذات ثقافات وديانات وأعراق متعددة ومختلفة! وتخيل الوضع لو أتيح للأقلية المسلمة في الهند مثلا، التي يبلغ عددها 160مليونا، أن تحكم الهند بشعبها الذي يقارب عدد الهندوس فيه المليار، فهل سيتم تخيير هؤلاء بين دخول الاسلام او عدم الاحتفاظ برقابهم مثلا؟ ولماذا يكون للمسيحيين ام تريزا ولا يكون لنا أم علي أو ام ابراهيم؟ وهل أصبحنا أكثر قوة ومنعة وثراء عندما ضننا بكرمنا على من هم من غير ملتنا؟ أو اصبحنا أكثر حكمة ورحمة ومودة، عندما قصرنا طيب مشاعرنا وجميل أحاسيسنا على ابناء مذهبنا؟ وهل صيحات هيهات منا الذلة جعلتنا أكثر شجاعة مثلا؟ أسئلة كثيرة ستبقى من دون جواب حتى تنتهي شمعة الحياة!

أحمد الصراف