سامي النصف

الشعب يريد.. مجلساً متعاوناً!

ما ألطفها وأروعها من تهمة توجه للمجلس القادم وهو انه سيكون مجلسا «متعاونا» مع الحكومة التي لم تشكل بعد ولا يعلم أحد توجهاتها وتطلعاتها وطموحاتها التي يفترض بها ان تكون تطلعات وطموحات وتوجهات تخدم حاضر الكويت ومستقبلها، فنجاح الحكومة القادمة هو نجاح لدولة وشعب الكويت وضمان للمستقبل المشرق لأبنائها، وفشل الحكومة هو فشل لنا جميعا.

***

وكما يقال «الضد بالضد يعرف» وعليه فماذا يريد من يلقي بالتهم جزافا وبشكل مسبق على مجلس أمة لم ينتخب بعد؟! أي هل يراد ان يعود مجلس الغد الى أفعال وأخطاء وأزمات مجالس الأمس التي جعلت ديموقراطيتنا القدوة السيئة للأمم وأوقفت معها عمليات التنمية في البلد حتى بتنا نشعر بالخجل كلما زرنا الدول الخليجية الشقيقة وشاهدنا عمليات التنمية التي تقارب سرعة الضوء فيها.

***

ان الشعب الكويتي بمواطنيه ومقيميه ملوا حتى النخاع من المسار الكويتي ـ اللبناني القائم على الجرعة السياسية الساخنة والإنجاز الإنمائي المتجمد وباتوا يطمحون إلى مسار قريب من النهج الإماراتي ـ السنغافوري الذي يصحو فيه الشعب كل صباح على إنجاز جديد بدلا من الأزمات التي تلد أزمات وقد قرأنا أمس عن البدء في مشروع مدينة الشيخ محمد بن راشد التي ستجعل زائري دولة الإمارات يقاربون الـ 90 مليون سائح خلال سنوات قليلة.

***

أخيرا نرجو من كل مواطن ومواطنة ان يشاركوا بإيجابية شديدة يوم السبت المقبل في الانتخابات، وان يختاروا أكثر المرشحين حكمة وأمانة وكفاءة وأخفضهم صوتا وأقلهم غضبا، فلم نعد نود ان نرى استجوابا واحدا في السنوات الأربع القادمة، فلم تتقدم الكويت على جيرانها الا في حقبة اللااستجوابات إبان الستينيات والسبعينيات ولم نقرب من ان نصبح في عداد الدول الفاشلة إلا بسبب أزمات مجالس الأمس، فلماذا نرغب بالعودة للمسار الضار بنا؟ لست أدري!

***

آخر محطة: نرجو ان يصلح مجلس الأمة القادم ونوابه الأفاضل الدمار الذي تسببت فيه بعض المجالس السابقة وان يصبح مجلس القدوة الحسنة للديموقراطيات الأخرى في المنطقة.

 

حسن العيسى

حين تقاطع

حين تقاطع غداً فأنت تؤكد وجودك كإنسان حر له إرادة مستقلة، لا تقبل أن تكبل حريتك وقرارك بغير ذاتك ومصلحة وطنك ومستقبل هذا الوطن.
حين تقاطع غداً فأنت ترفض أن تملي عليك السلطة الحاكمة إرادتها وتصورها للمسار السياسي للدولة، وهذه الدولة هي دولتك، وطنك، أنت شريك فيها، شريك في أرضها وفي تاريخها ومستقبلها وشريك في خيراتها وفي آمالها التي عليك واجب أن تعمل من أجل تحقيقها، من أجل مستقبلك ومستقبل أبنائك وأبناء أبنائك.
آمالك في هذه الدولة أن تكون كامل المواطنة، وليس ناقصها، وما ينقص تلك المواطنة وينقضها من جذورها، أن يتم تهميشك كمواطن، أن تتم إزاحتك جانباً حين يتعلق القرار بك وباختيارك، وتأمرك السلطة كتابع، كأجير، كفرد ناقص الأهلية الإنسانية، وتعلمك الطريق الذي عليك أن تسير فيه، وتصبح، في مفهوم السلطة، مجرد طفل غر، لا يعرف مصلحته ولا يدرك مستقبله، وتدخل في روعك بأنها الأدرى والأفهم بحكم قصورك ونقص وعيك، فأنت عندها وفي مفهومها المتعالي والمتغطرس مجرد طفل لا يعرف كيف يختار، إنما هو الوالد الأب الذي يختار عنه، ويوجهه لدروب السلامة!
فأنت كالأعمى لا تصلح أن تسير في الطريق دون هادٍ ومرشد، والسلطة هي  الهادي والمرشد… هل تتذكر أين قادك ذلك المرشد المتسلط منذ منتصف ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم… من مجلس 67 المزور، إلى المجلس الوطني "القديم" مروراً بالمجالس التي تم حلها بغير وجه حق عام 76 و86 ومحاولات تنقيح الدستور كي يصبح دستوراً ميتاً… هل تتذكر كل ذلك، وهل نسيت حفلات "الهبر" من خاصرة وطنك… من سرقات كبرى تمت وقيدت ضد مجهول، سرقات ورشا كبيرة أفسدت ضمائر الكثيرين، وجعلتهم سلعاً بشرية في سوق النخاسة السياسي، ربما لم تشعر تماماً بذلك "الهبش" لأنك تأكل وتشرب ولك مسكن مريح… ولا ينقصك شيء… بمثل تلك الكلمات السالفة يتم تخدير وعيك، وبمثل كلمات أسوأ منها توشوش بأذنك: ماذا فعل مجلس المعارضة الأخير… ماذا صنع غير أنه أضاع الكثير من عمر الدولة في جدل خاوٍ، وأذكى روح الطائفية عندما أراد بعض النواب تقزيم أبناء الدولة من الشيعة… ماذا فعل ذلك المجلس غير أنه شرع في تهميش ما تبقى من حرياتك الشخصية… وشرع برمي الدولة لعدة قرون مضت في الزمان… ونقلها إلى وادي وزيرستان في المكان… هنا، وبمثل ذلك الإيحاء السيئ تريد السلطة ووكلاؤها أن تخلط بين القضية والأفراد، يريدونك أن تردد في ذاتك: لتذهب هذه الديمقراطية المروعة للجحيم…. فليرحل نواب الأغلبية إلى غير رجعة… وسأقف مؤيداً لسياسة "المنخل" في الصوت الواحد… ويتلاشى الزبد ويبقى أهل الحريات فوق المنخل… بمثل تلك العبارات الساحرة يخلط السم بالعسل وتختلط عليك الأمور… وبدلاً من أن تناضل من أجل تكريس الحريات السياسية والفردية، وتعمل من أجل تطوير واستكمال الديمقراطية بإطلاق حرية تشكيل الأحزاب والحكومة البرلمانية، وتؤكد مبادئ المساواة في المواطنة يصبح كل همك إقصاء من لا تستسيغهم من البرلمان… وحين تفعل ذلك فأنت لا تقصيهم وحدهم… بل تقصي دستورك… تقصي حريتك… تقصي ذاتك في النهاية… فهل ستصوت غداً لنفي ذاتك…!

احمد الصراف

رد الشفافية

رداً على مقال وملاحظة سابقة لنا عن جمعية الشفافية، التي كان وسيكون لها دور فعال في مراقبة مدى نزاهة أي انتخابات نيابية، كتب لنا السيد صلاح الغزالي، رئيس الجمعية، مؤكدا أنه لم يتلق أي اتصال من أي عضو في الجمعية، أو من غيرهم، بخصوص فترة مؤتمر الشفافية، الذي عُقد في البرازيل قبل أيام، ولكنه تلقى رسالة «تويتر» عن الموضوع ورد عليها. كما أرفق برسالته عنوان موقعين، قال إنهما تضمنا معلومات عن المؤتمرين، وهنا نود أن نؤكد له عدم اقتناعنا بما ذكر عن وجود مؤتمرين منفصلين، فالموقع الأول خاص بمنظمة الشفافية الدولية، والثاني خاص بالمؤتمر الذي عُقد من 7 إلى 10 نوفمبر الجاري، ولكننا سنتغاضى عن ذلك ونفترض حسن النية! كما أن متابعي أنشطة جمعية الشفافية يطلبون من الجمعية شفافية أكثر فيما يتعلق بحقيقة ما استفادته من المشاركة في مؤتمر البرازيل، فما ورد في موقع الجمعية كلام عام لا يفي بالغرض.
كما تطرق السيد الغزالي في رده لما سبق أن ذكرناه في مقالنا عن احتمال انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، وهو الذي يفترض فيه الحيادية التامة من خلال ترؤسه لجمعية الشفافية، نافيا الانتماء، كما أضاف أن من يشاركونه مجلس إدارة الجمعية بعيدون عن فكر الإخوان! وهنا نميل لتصديق نفيه، وبالتالي سنفترض عدم صحة ما أشيع عنه، ونتمنى للجمعية، التي لا تزال لنا مآخذ عليها، التوفيق في مهامها الخطيرة، من غير أن يثنينا ذلك عن متابعة أنشطتها ونقدها، إن لزم الأمر!
وذكرنا في مقالنا نفسه، المتعلق بـ«مطلقي الصفارة»، أن من سرّب أسرار فضيحة «ووترغيت»، التي أطاحت في بداية السبعينات بالرئيس الأميركي نيكسون، وهو الشخص الذي كان يشار له بـ«الحنجرة العميقة Deep Throat»، في ربط طريف مع فيلم جنسي حمل التسمية نفسها، وأثار في حينه ضجة كبيرة، ذكرنا أن شخصيته لم يتم الكشف عنها قط، ولكن الصديق والمثقف أسامة الجمالي لفت نظرنا إلى أن «الحنجرة العميقة» لم يكن غير «مارك فيلت» Mark Felt أحد كبار مسؤولي مكتب التحقيقات الفدرالي! الذي قام عام 2005 بالكشف عن هويته لمجلة «فانيتي فير»، قبل أن يتوفى عام 2008. والجدير بالذكر أن الصحافيين اللذين سرب لهما «فيلت» أسرار الووترغيت رفضا، طوال ثلاثين عاما، كل التهديدات والإغراءات للكشف عن مصدرهما. وقد بينت الحادثة مدى أهمية مطلقي الصفارة، إضافة إلى ما أظهرته من الدور الخطير الذي تلعبه الصحافة في الكشف عن الفضائح والاختلاسات والسرقات الكبرى!

أحمد الصراف

احمد الصراف

أدونيس.. المفترى عليه

«..يا قارئ خطي لا تبك. على موتي.. فاليوم أنا معك وغداً في التراب.. فان عشت فاني معك وان مت فللذكرى.. ويا ماراً على قبري لا تعجب من أمري بالأمس كنت معك وغداً أنت معي.. أمـــوت ويـبـقـى كـل مـا كـتـبـتـــه ذكــرى فيـا ليت كـل من قـرأ خطـي دعــا لـي..»!
فاز الشاعر السوري، العالمي علي أحمد سعيد اسبر، المعروف بـ «أدونيس» المولود عام 1930 مؤخرا بجائزة «غوته» الألمانية المرموقة والتي تمنح كل 3 سنوات لمن تعكس أعماله روح غوته العظيمة. ووصفه مانحو الجائزة بأنه الشاعر العربي الأهم في العصر الحديث.
لم يعرف أدونيس المدرسة النظامية الى أن بلغ الـ14 من عمره، وحفظ القرآن صغيرا كما حفظ عددا كبيرا من قصائد القدامى. وفي 1944 القى قصيدة من شعره أمام شكري القوتلي، رئيس الجمهورية السورية حينذاك، نالت الاعجاب، وكانت تلك نقطة التحول الأكبر في حياته، حيث أرسلته الدولة الى المدرسة العلمانية الفرنسية في طرطوس، وتخرج بعدها في جامعة دمشق عام 1954 مجازا في الفلسفة، ونال الدكتوراه في الأدب من جامعة القديس يوسف في لبنان، الذي هاجر إليه عام 1956، ولكنه اضطر لتركه والعيش في باريس بعده. وقد أثارت أطروحاته وكتابه «الثابت والمتحول» سجالاً طويلاً، وحصل على جوائز عالمية عدة، قبل جائزة غوته، وكُرّم من كثير من الدول وتُرجمت أعماله الى ثلاث عشرة لغة. يعتبر الكثيرون أدونيس من أكثر الشعراء العرب اثارة للجدل، فمنذ أغاني مهيار الدمشقي، استطاع بلورة منهج جديد في الشعر يعتمد على توظيف اللغة بطريقة مبدعة تختلف عن الاستخدامات التقليدية لها، من دون أن يخرج شعره أبداً عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية. وأدونيس مرشح منذ فترة لنيل جائزة نوبل للآداب، وهو يعتبر، اضافة الى منجزاته الشعرية ودراساته العميقة، واحداً من أكثر الكتاب العرب اسهاما في المجالات الفكرية والنقدية. وسبق أن قامت الكويت بنشر الكثير من مؤلفاته وتراجمه، ولكن كان ذلك في زمن الحرية والعز والانفتاح، اي في سبعينات القرن الماضي، وهو أخيرا فنان رسم ويجيد الرسم بالكولاج.
وبالرغم من أن الشاعر أدونيس هو من أفضل مفكري العرب، واكثرهم صراحة في القول، وهذه علته، الا أنه لم يلق ما يستحق من تكريم من اي دولة عربية! فهو أبعد ما يكون عن صالونات النخبة وأساليب التملق، كما أن آراءه في الدين والدنيا والحياة واضحة ومستقيمة تخلو من الالتواء، وهذا ما أخاف الكثيرين منه، اضافة الى خوفهم من ثقافته العالية التي تجعله فردا شاذا في مجتمع لا يقرأ، ومن هنا جاء اهمالنا له، وبالتالي افتراؤنا عليه، ولكن عندما يفوز غدا بجائزة نوبل للآداب، وهو أمر مستحق منذ فترة، فاننا سنلتفت إليه حينها، ونتمنى ألا يكون الوقت قد فات، فقد تجاوز هذا الرجل الكبير، علما ومقاما، الثمانين من عمره الجميل والمثمر!.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

شهادتان نعتز بهما

بالأمس سمعناها من سمو الأمير لنا مباشرة وواضحة لا لبس فيها: لو كان عندي ذرة شك في ولائكم لما استقبلتكم في مكتبي!! واليوم يؤكدها سمو رئيس مجلس الوزراء في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف الكويتية عندما قال «هم محل ثقة ومحل مسؤولية وتهمهم مصلحة الكويت». بعد هذين التصريحين من هاتين الشخصيتين لا نحتاج إلى تزكية من نبيل ولا من فجر ولا من غيرهما! وتكفينا افعالنا التي تؤكد انتماءنا لهذه الارض الطيبة وولاءنا لها، فالغزو الغاشم كشف المستور ووضع النقاط على الحروف.. ففي الوقت الذي كان شبابنا يدا بيد مع اخوانهم من بقية الاطياف يديرون لجان التكافل والحياة المعيشية للصامدين، كان غيرهم ربما يمارس ما لا يمارس في شوارع لندن وأزقتها!
وبمناسبة المؤتمر الصحفي لرئيس الحكومة سمو الشيخ جابر المبارك، الذي قال فيه كلاما ايجابيا تجاه الحراك الشعبي هذه الايام، اعتقد انه قد حان الوقت لتقييم الناس تقييما موضوعيا حسب مواقفهم، فالهجوم المستمر من الاخ احمد السعدون وبعض نواب الاغلبية على شخص الرئيس وانتقاده الدائم في الطالعة والنازلة دون ذكر ايجابياته، هو امر مستغرب! صحيح اظهار المثالب والتنبيه عنها وظيفة السياسي الاصلية، لكن وجود شخص مثل جابر المبارك كان لديه تحفظ على كثير من الامور التي تمت ولم يكن راضيا عنها، يحتاج الى التشجيع بين الحين والآخر لتقوية موقفه بين هذا الموج الهادر من المواقف المعاكسة للتيار الشعبي من قبل الآخرين.
• • •
• الحمدلله ان المحكمة الادارية ألغت قرار شطب بعض المرشحين!! فلو تم اعتماد المبدأ الذي بنت عليه اللجنة العليا للانتخابات قرارها، لدخلنا في نفق لا يعلم نهايته الا الله!! ولأصبح الشطب شماعة ومدخلا لتنحية الشرفاء من الوصول الى البرلمان.
ولكن.. هل قرار اعادة بعض هؤلاء يزيل عنهم سوء السمعة؟! ان بعض من تم شطبه عليه من القضايا ما تعجز عن حمله «البعارين»! وسمعته السيئة وصلت للصغير والكبير، فالالفاظ السوقية، التي لم يعتد عليها مستمع البرامج الحوارية لم تخرج الا من فمه!! وعبارات الشتم العلني لم نقرأها الا من مقالاته.. وشعارات التخوين وتمزيق الوحدة الوطنية، لم نشاهدها الا من لافتاته.. ومع هذا فمن أول اختبار بين ان ولاءه للنظام مشكوك فيه.. وان هذا الولاء مرتبط بمصلحته! فان تم شطبه فلن يدافع عن النظام بعد اليوم!! هكذا.. من لسانه!!
السمعة السيئة قد تسقطها المحكمة.. لكنها تظل راسخة في اذهان اهل الكويت الذين لا يحتاجون الى محام يثبتها او ينفيها.. فهي واضحة.. مثل الشمس في رابعة النهار!!

حسن العيسى

بين مصر والكويت

 مصر بدايةً ونهاية هي مركز الثقل العربي، وإذا انقلب حال الدولة وعادت بقايا النظام القديم إلى مصر فسيتحول الربيع العربي إلى الفساد العربي، وهنا في الكويت مهما تصورنا أن لنا "خصوصيتنا" في نهجنا الديمقراطي المضحك وشكل الصراع الدائر اليوم بين القوى "المستنيرة" الموالية للصوت الواحد والسلطة الواحدة ضد قوى المحافظة "الرجعية، القبلية، الأصولية" المطالبة بالأربعة أصوات (الآن) وبالحكومة البرلمانية وحرية التصريح للعمل الحزبي وتحقيق صورةٍ ما لديمقراطية ليست ليبرالية حالياً ولكنها أفضل من ديمقراطية المنحة (فيما بعد)، فسنتأثر سلباً أو إيجاباً بما تنتهي إليه الأمور في مصر.
 أخطأ الرئيس مرسي في إعلانه الدستوري، حين حصّن قراراته بمد عمر اللجنة التأسيسية وعزل النائب العام، وغلّ القضاء عن مراجعة قراراته وإسباغ صفة السيادة مؤقتاً عليها حتى صدور الدستور وانتخاب البرلمان، إلا أن هذا "الخطأ" إن صح وصفه بتلك الكلمة لا يعد مبرراً لوصف الرئيس المنتخب بـ"مورسيليني" أي موسيليني، أو نعته بالفرعون الجديد، أو قياس ما صنعه الرئيس على ما فعله الضباط الأحرار في ثورة ٥٢ حين أنهوا الحياة النيابية وقالوا إن هذا إجراء مؤقت لفترة، ثم امتد العمر بالإجراء المؤقت إلى نهاية حكم حسني مبارك، مثلما كتب الروائي علاء الأسواني في جريدة "المصري اليوم".
أخطأ الرئيس المصري حين خلط بين المثال كما ينبغي أن يكون، والواقع السياسي في مصر، فمهما كانت نوايا الرئيس صادقة في إنهاء الدولة "العميقة"(الإيكونومست وموقع سعد محيو) أي الدولة داخل الدولة، بإصلاح القضاء وإعادة محاكمة المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين، وتلك قضايا مستحقة والجماهير المسحوقة تطالب بها، ومهما كانت نية الرئيس في وضع حد لظاهرة الفساد المستشري في أجهزة الدولة فإن الطريق الذي سلكه منفرداً دون التشاور مع التيارات السياسية هو بذاته خطأ كبير.
 يبقى أن نقول إن تفرُّد الرئيس المصري بقراراته، لا يخول القوى التقدمية الاصطفاف مع بقايا النظام القديم في معارضتهم لقرارات الرئيس مرسي، فحجة أن عدو عدوي صديقي فاسدة من أساسها، فعدو الثورة المصرية هو الحكم العسكري الاستبدادي، الذي سيلتهمها في النهاية بعد أن ينتهي من الحكم الحالي، فمؤسساته الضاربة في عمق الدولة مازالت بكل ثقلها السياسي، ومستعدة للانقضاض على الثورة بثورة مضادة تعيد مصر إلى المربع الأول، وسيجد في ردود الفعل على قرارات الرئيس الأخيرة المناسبة العظيمة لذلك، فهل هذا ما يريده التقدميون المصريون؟ وفي المقابل، يمكن طرح السؤال ذاته لتقدميي الموالاة في الكويت، بمعنى أنه إذا كانت هناك قوى "محافظة، رجعية، مناوئة للحريات… إلخ" في صفوف المعارضة، فهل يعني ذلك التهليل للسلطة الواحدة ورفض أي عمل نحو تحقيق ديمقراطية صحيحة؟!
 ملاحظة: قرار التصريح بالمظاهرة في الثلاثين من هذا الشهر من وزارة الداخلية، هو قرار حكيم وعاقل من الحكومة…"وينها من زمان"؟!

احمد الصراف

بلاد العرب والإخوان

تقول الحكمة ان كلبا رأى أسدا نائما فربطه بحبل، ولما أفاق الأسد وجد نفسه غير قادر على الحركة، وأخذ يزأر محتجا، ولكن لم تجرؤ أي من حيوانات الغابة على الاقتراب منه، وتصادف مرور حمار بجانب الأسد، فطلب منه هذا ان يفك قيده، ومقابل ذلك يعطيه نصف الغابة التي يتولى زعامتها! قام الحمار بتقليب الفكرة في رأسه، وبعد تردد وافق على العرض! وما إن وقف الأسد على قوائمه حتى قال للحمار: لن أعطيك نصف الغابة! وهنا قاطعه الحمار باكيا: لماذا يا زعيم؟ فقال الأسد: بل سأعطيك الغابة كلها، فلا خير فيها ان كان كلب يربط زعيمها، وحمار يفك قيده!

***
سبق أن وعدت صديقاً كريماً، وبناء على لطيف طلبه، بأن «أحل عن ظهر» الاخوان، وأريح القارئ من فضائحهم وسوء افعالهم، ولو لفترة قصيرة، ولكن التطورات الأخيرة التي نتج عنها تنصيب محمد مرسي رئيسا، بصلاحيات تعود بمصر لعهود الفراعنة، كانت أقوى من أن اقاوم رغبة الكتابة عنها!
قلة فقط، من جماعتي، شاركتني تمنياتي بوصول الاخوان، ديموقراطيا أو بغير ذلك، لحكم مصر، ومصر بالذات. فالهالة التي أحاط الاخوان المسلمون أنفسهم بها طوال نصف قرن على الأقل، والتي أعمت بصر وبصيرة الكثيرين، بحيث لم يروا حقيقة هذا التنظيم الديني الخطير، تطلبت وقف هذا العمى، ووقف متاجرتهم بـ«وسوف وسنفعل وسنبني وسنشيد»، ومباركة وصولهم للحكم، لكي يكتشف هؤلاء مدى تواضع قدرات الاخوان، واستحالة نجاحهم في حكم أي دولة، ليس فقط لضعف اغلب شخوص التنظيم نفسه، بل للمعطيات والمبادئ غير الواضحة وغير العملية التي طالما نادوا بها طوال عقود، والتي كانت السبب الرئيسي في وصولهم للحكم أساسا! وبالتالي أمامهم أحد طريقين: اما الالتزام بتلك المعطيات و«المبادئ» الدينية، والعمل بموجبها، مع كل ما يعنيه ذلك من تضييق على كل ما مثلته وتمثله مصر من انفتاح وسياحة واهتمام بحقوق الأقليات والمساواة الكاملة مع غيرهم، أو التخلي عن تلك «المعطيات الدينية والمبادئ»، والحكم كأي حزب سياسي براغماتي يهدف للوصول للسلطة! فان سارت على النهج الأول فان افلاس مصر المالي امر محتم، وسلامها الوطني في خطر كبير! وان اختارت النهج الثاني، فانها تكون قد قضت على الأساس الذي اوصلها للحكم!
ما لا يود هؤلاء معرفته ان الشعوب، في زمننا هذا، لا يمكن ان تنهض بغير الحرية والكرامة والمساواة والعدل، وهذه جميعها مفقودة تحت اي حكم أوتوقراطي ديني لا يعرف غير العمل بموجب النص! وهنا لسنا بحاجة للاستشهاد بتجربة ايران وغيرها، فالنصوص التي على أساسها وصل الاخوان إلى الحكم لا تخولهم التلاعب بها من دون ان ينكشفوا، وتكون تلك بداية نهايتهم.

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

علي محمود خاجه

«للتاريخ بس»

لا أعلم ما ستحمله الأيام القادمة من أحداث وتفاصيل ومستجدات على الساحة وفي أي اتجاه سيكون رأيي حينها. ما أعرفه جيدا هو أن البعض سيحاول في المستقبل القريب أو البعيد أن يكيف موقفي اليوم حسبما يريد ويشتهي بل قد يُحمّلني ومن يتخذ نفس موقفي أخطاء الغير لغاية في نفسه، كما حدث مع موقف الرصاصات الخمس من كتلة العمل الوطني في نوفمبر الماضي. فقد تعمد البعض أن يصور ما سمي بالرصاصات الخمس بأنها سبب تشكيل مجلس فبراير الماضي، وما حمله ذاك المجلس من تطرف وتعد على الدستور وإقصاء، متناسين بأن ذلك المجلس هو نتاج تخبط الحكومة السابقة والاختيار السيئ للناس. لكي لا يتكرر اللوم أكتب وأؤرخ بأن من تدخل في اختيار الشعب لممثليهم هي الحكومة ولست أنا، وأن مَن وعد بعدم مس الدوائر والأصوات إن حصنتها المحكمة الدستورية هي الحكومة ولست أنا، وأن من احتضن التيارات الإقصائية طوال العقود الماضية حتى تغلغلت بين نفوس الناس هي الحكومة ولست أنا. لقد التزمت بالمبدأ دون النظر لمن يؤيد موقفي اليوم، فالمتلون سيتغير حسب مصالحه، وسأبقى أنا، ولن أكون مسؤولاً عن تخبطه أو طرق احتجاجه ورفضه، فهو لا يعنيني أبداً. لقد رفضت اليوم أن تحدد لي الحكومة كيف اختار من يراقبها وغيري قَبِلَ بذلك لأسبابه الخاصة سواء كانت كرهاً بمجموعة من النواب السيئين، أو لأنه يجد في المسألة مصلحة شخصية، أو لأنه يقبل ببساطة أن تتحكم الحكومة فيه. وبالمناسبة وقبل الختام ولمن يعتقد حقاً أن الحكومة تنشد تقويم الإعوجاج الذي صنعته التيارات الدينية، فما مبرر الرقابة على الفكر من الحكومة اليوم بمعرض الكتاب بغياب تيارات الإسلام السياسي؟ التخلف والحجر منهج حكومي بمعية الإقصائيين أو من دونهم. قد لا يكون المقال ذا قيمة اليوم لأن الجميع يعيش الحدث، ولكنه حتماً سيكون ذا أثر حينما تغيب الحقيقة قريباً من البعض فيحمل غير المسؤولين المسؤولية، لذلك اليوم القريب أكتب وأوثق وأؤكد أن المبدأ لا يعرف التلون، بل ثابت لا يتغير بتغير ما حوله. خارج نطاق التغطية: يقيم التيار الوطني المدني المؤمن بالدستور (المنبر والتحالف) مهرجاناً خطابياً بعنوان "ما بعد الأول من ديسمبر" بمشاركة ناشطين ونواب سابقين، في تمام السابعة من مساء اليوم بمقر التحالف بالنزهة.

سامي النصف

من الديكتاتورية إلى الديموقراطية.. والعكس!

  في حقبة الستينيات كتب أحد كبار رجال المخابرات في العالم المدعو مايلز كوبلاند كتابه الأشهر «لعبة الأمم» والذي ذكر ضمنه قواعد اللعبة الخفية التي لا تتوقف بين أمم الأرض (ونحن بالطبع منها) والتي تقوم على المخططات التي ترسم ثم تطبق ويستخدم خلالها الخداع والكذب والإعلام الزائف لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدول المشاركة في تلك اللعبة دون الحاجة لشن الحروب المعلنة بين الدول والاستعاضة عنها بـ «الحروب الخفية» التي أسقطت وقسمت على سبيل المثال.. الاتحاد السوفييتي الذي ما كان له ان يهزم بمناهجية الحرب التقليدية لترسانة أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها.

***

ومما قاله كوبلاند في كتابه الشهير كيفية إنجاح ما أسماه بـ «النموذج الناصري» في الحكم اي النظام الديكتاتوري القمعي الذي يتلبس بلباس دعاوى الوطنية والقومية إلا أنه يعمد للقمع الشديد في الداخل وتحقيق المصالح الخفية لبعض القوى المؤثرة في العالم بالخارج والتي يسمح له بادعاء معاداتها، والغريب ان الفترة التي صدر بها ذلك الكتاب «الفاضح» وما بعدها شهدت بالفعل سلسلة انقلابات عسكرية ترفع رايات الوطنية والقومية دعمتها الشعوب المغرر بها كالحال في العراق (68) وليبيا (69) وسورية (70) والسودان (70) ومصر ثورة 15 مايو 71 واليمن والصومال.. إلخ، مما يعني أن كشف مخطط ما لا يعني عدم الاستمرار في تنفيذه وتطبيقه.. وأن شعوبنا تصدق ما تسمع لا ما ترى ويمكن خداعها ولدغها من نفس الجحر.. ألف مرة!

***

هذه الأيام يتم الحديث عن كتاب د.جين شارب «من الديكتاتورية إلى الديموقراطية» كما تم قبل عقد من الزمن الحديث عن كتاب د.صامويل هانتغتون «صراع الحضارات»، ويقال ان ما نراه من ربيع عربي هو نتاج لفكر شارب الذي يهدف الى تثوير الشعوب العربية لإكمال مسار تدمير دول المنطقة بعد ان اضعفها ومحا ثقافتها وأوقف الحوار بين مكونات مجتمعاتها، ومهد الأرضية لفوضى هذه الأيام الأنظمة العسكرية العربية المسؤولة عن دمار الأمس ودمار اليوم وانشطار أوطاننا العربية في الغد القريب بعد ان شهدنا انفصال جنوب السودان.. والباقي قادم على الطريق السريع.

***

آخر محطة:

(1) الإشكال الحقيقي امام مخطط شارب في الكويت هو أننا لسنا دولة ديكتاتورية يراد لها عبر الحراك المشبوه التحول للديموقراطية، بل نحن دولة ذات ديموقراطية وحريات زائدة يراد لها عبر الحراك ان تنتهي الى ديكتاتورية قمعية على يد.. الحكومة الشعبية.. التي يبشر بها.

(2) من لا يحتمل الرأي الآخر وهو بالمعارضة، كيف له ان يحتمل الرأي الآخر عندما يصبح في الحكم وتصبح كل القوى الأمنية والعسكرية رهن إشارته وضمن قبضة يده؟!

احمد الصراف

علاقة التدوين بـ «أبو الزلف»

تعتبر أغنية «هيهات يا أبو الزلف» من أجمل أغاني الزجل اللبناني، أي الشعر الغنائي التراثي الشعبي المنتشر غالبا في جبل لبنان، والذي يحتل مكانة جميلة في وجدان اللبناني، ولا تزال هذه الأغنية تردد من الخاصة والعامة هناك، ومنذ عقود طويلة، في كل مناسبة وفرح، ولم يكن غريبا بالتالي أن يشدو بها مطربون كبار كصباح وفيروز ونجوى كرم ووديع الصافي وحتى نعيمة عاكف. وتقول كلماتها: «هيهات يا بو الزلف عيني يا موليَّ.. لبنان احلى دني، هوا وزهر وميّه.. أوف أوف أوف. لبنان طيب الغفا من عطر نسماته، وبيضل غافي القمر ع كتاف تلاتو، وطاير خيال الوحي ع جناح ارزاتو، حامل حنين الجبل للمجد غنياتو، ولبنان احلى دني، هوا وزهر وميّه»!
وكنت دائما أعتقد أن أبو الزلف يقصد به الشاب صاحب السوالف الطويلة، وفي اللهجة الكويتية نطلق كلمة «زلوف» على السوالف. ولكن يقال ان الكلمة مشتقة من «الذلف»، أي «الأنف الصغير ذو الأرنبة المستوية!»، والذلفاء هي الحسناء الغانية بجمالها، وأبو الذلف بالتالي هو الشاب الوسيم. ويقال ان هذه الأغنية سمعت للمرة الأولى من جواري البرامكة وهن يغنينها على قبور أحبابهن الذين نكب بهم هارون الرشيد، الذي أزيل اسمه من أحد شوارع الكويت أخيراً. وأن «دنانير»، وهي أوفى جواري البرامكة، بقيت على وفائها لمولاها يحيى البرمكي، على الرغم من انها «آلت» للخليفة، وانها كانت تشدو باللحن، وإن بكلمات مختلفة. وربما يكون صحيحا أيضا إن اصل التسمية، كما ورد في مرجع آخر، يعود إلى «السالف»، وهو الجزء من اللحية المقارب للأذن والذي يترك ليطول، وهذا ما كان يتميز به مسيحيو ويهود الدول الإسلامية، الذين ربما كانوا يجبرون على إطالة سوالفهم للتعرف إليهم! وكانت حياة هؤلاء أكثر انفتاحاً، واكثر حبا للطرب، وان التأوهات الكثيرة التي تحتويها الأغنية كانت تعكس معاناتهم من الطريقة التي كانوا يعاملون بها من قبل المسلمين. ولكن يبدو، كما هي الحال في «كل» تاريخنا، ان لا شيء يمكن الجزم به أو المراهنة على صحته، فقد تعدد الرواة واختلفت الروايات على أكثر الأمور أهمية و«تفاهة»، وليس هناك من يستطيع الجزم بأي أمر أو قصة أو حادثة تاريخية! ولو نظرنا لأخطر قرار يتخذه الشخص العادي في حياته وهو الزواج لوجدنا أنه كان يتم في جميع الأحوال مشافهة، من دون توثيق او حفظ لدى اي جهة، وكان بالتالي عامل العلانية ضروريا في الزواج ليعرف به الجميع. كما أن ندرة الورق وصعوبة حفظ المواثيق والمستندات وظروف المعيشة لم تسمح بحفظ مثل هذه العقود، أو تخصيص مكان لها، بعكس ما كان، ولا تزال الحال عليه بالنسبة للمسيحيين وغيرهم الكثير الذين تحفظ عقود زواجهم في دور العبادة الخاصة بهم منذ مئات السنين، بحيث يمكن الرجوع لها ومعرفة من تزوج بمن، أما المسلمون فمن المستحيل على غالبيتهم تقريبا العودة لبضعة أجيال لمعرفة من تزوج بمن. كما أن الشفاهة، وندرة المواد، هما اللتان كانتا السبب وراء إبداع عرب الجزيرة في الشعر وليس في أي مجال إبداعي آخر، لأنه لا يحتاج الى مطرقة نحت ولا الى قلم للكتابة ولا الى ريشة رسم، بل الى ذاكرة قوية يستطيع صاحبها الانتقال بها من واد لآخر ومن بلد لغيره من دون أن ينسى منه شيئا. وهنا نقول «هيهات يا بو الزلف» أن يتعدل بنا الحال إن كنا لا نكتب ولا ندون، وإن فعلنا فلا أحد، تقريبا، يهتم بالقراءة!
***
• ملاحظة: بسبب الظروف السياسية، وبعد حملة الشطب الأخيرة، فقد قررنا الغياب عن الوطن لفترة، قد تطول قليلاً.

أحمد الصراف