المتتبع لإجراءات الحكومة في مواجهة الحراك السياسي الشعبي للمعارضة يشعر بأن هناك خللا في مرجعية هذه الإجراءات، فلا يُعقل أن يكون سلوك الحكومة بهذا الغباء، وكأنها تخطط مع خصمها وليس ضده! ما حدث مع النواب الثلاثة: الصواغ والطاحوس والداهوم وطريقة إهانتهم أمام الناس، أجج المشاعر الشعبية ضد الحكومة! وما حدث يوم 10/21 أثناء المسيرة السلمية وضربها، دليل على أن الطرف الحكومي لا يريدها أن ترسو على بر! كان يفترض أن تكون المسألة بكل بساطة صراعا بين المعارضة والحكومة على قضية سياسية قانونية، لكنه صراع راق وسلمي تتحدث به كل المنظمات الدولية بالإشادة والمديح! لكن ما حدث أن هذه المنظمات أصدرت تقاريرها بالنقد والتجريح بسبب تصرف أجهزة الدولة مع الحدث.
اليوم لجأ الطرف الحكومي، وأقصد الحكومة وأجهزتها ووسائل الإعلام المتعاطفة معها والكتّاب وبعض المرشحين وخصوم الديموقراطية والمتضررين من كشف ملفات الفساد، كل هؤلاء أسميهم الطرف الحكومي، الذي لجأ إلى وسيلة جديدة للفت انتباه العامة من الناس عن حقيقة الصراع، وإشغالهم او نقل تفكيرهم الى ساحة أخرى هي ساحة تألب وتآمر الإخوان المسلمين على أنظمة الحكم في الخليج!
والمراقب للتصرف الحكومي يدرك أن هذه حلقة من سلسلة إخفاقات الحكومة في مواجهة الصراع! وأنهم يراهنون على نفسية المواطن البسيط وعقليته، ونسوا أو تناسوا أننا في الكويت، وأن المواطن البسيط يفقه في الأمور اكثر من بعض مستشاري الحكومة ومن لف لفهم! وأفضل ما قرأت للرد على هذه الترهات ما كتبه الزميل ناصر العبدلي في «الحقيقة»، أنقله بتصرف، علماً بأن الزميل العبدلي معروف بموقفه المتشدد من التيار الإسلامي:
«البحث عن عدو، حتى لو كان وهميا، حيلة تلوذ بها الأنظمة السياسية لخلق عدو وهمي، ويشترط أن يكون داخليا لتخويف المواطنين وإجبارهم على الالتفاف حول النظام، بصرف النظر عن تجاوزاته على المال العام.. الإمارات العربية تسعى لتخرس كل تلك الأصوات المطالبة بالإمارة الدستورية وفصل القضاء، وتبحث عن عدو داخلي فكان تنظيم الإخوان المسلمين هو المشروع الجديد، إذ لا توجد أحزاب شيوعية أو قومية في الإمارات حتى يمكن شيطنتها.. الكويت تعيش هي الأخرى مأزقا، لكنه مأزق مصطنع، وسيزول بمجرد زوال أسبابه!.. وهناك بعض الأطراف تحاول تحميل تنظيم الإخوان عبء مثل تلك المؤامرة، باعتباره عدوا وهميا يتطلب مواجهته بالالتفاف حول الحكومة، لكننا نعرف أكثر من غيرنا أن تنظيم الإخوان المسلمين، خاصة في الكويت، لا يمتلك مثل تلك المشاريع التي تتحدث عنها بعض الأنظمة الخليجية، مما يؤكد فشل البحث عن الأعداء الوهميين داخليا!» انتهى.
أنصح العقلاء الحكوميين إن أرادوا الخير للكويت وأهلها أن يغيروا من سياساتهم تجاه المعارضة، فيتركوا المسيرة يوم 11/4 تسير سلميا من دون مواجهة، حيث ستنتهي بذهاب كل الى بيته! وأن يفرجوا عن مسلم البراك بأسرع وقت، لأن استمرار احتجازه سيزيد من الحماس للمسيرة ومطالب المعارضة، وأن يتوقفوا عن تقديم كبش فداء للأزمة بتوريط الحركة الدستورية أو الإخوان المسلمين، كما يسمونهم في الكويت، في تهم كلنا يعرف تفاهتها!
أتمنى أن أشاهد معارضة راقية.. وتعاملاً حكومياً راقياً.. ليذهب من يشاء للتصويت.. وليقاطع من يشاء، ليترشح من يشاء وليمتنع من يشاء.. فالشعب الكويتي يعرف الطيب من الرديء.. ويعرف أنه ما يصح إلا الصحيح.