أنا أبعد ما أكون عن التخصص في الفقه الدستوري ولم أدّع يوما أنني مرجع فيه بعكس بعض النواب السابقين، ومع ذلك أتت أحكام المحكمة الدستورية الموقرة مطابقة تماما مع ما كنا ندعوا إليه ومخالفة تماما إلى ما دعا إليه بعض مخضرمي مجالس الأمة المتعاقبة.
***
فقد دعوا على رؤوس الأشهاد للدائرة الواحدة وسوّقوا ونظّروا لها، واعترضنا على ذلك الطرح وقلنا: إن الدائرة الواحدة غير عادلة وغير معمول بها في الديموقراطيات الأخرى، وأتى حكم المحكمة الدستورية وقضاؤنا الشامخ ليؤكد ما قلناه وينقض ما قالوه..
***
ودعا من ادعوا أنهم مرجعيات بالدستور لتساوي الأصوات بين الدوائر وتقدموا بمقترحات نُشرت في الصحف تقلل من عدد نواب مناطقهم (جزاء سنمار لناخبيهم المغرر بهم) وقلنا بالمقابل: إن الديموقراطيات في العالم أجمع لا تعتمد تساوي الأصوات بل التمثيل الشرائحي والجغرافي لا العددي وأتى حكم المحكمة الدستورية الموقرة ليؤكد تلك الحقيقة المعمول بها في العالم أجمع، ودعوا لاستجواب رئيس مجلس الوزراء على أعمال أو أخطاء وزرائه وأوضحنا مقدار الخطأ الفادح والشنيع بهذا الطرح المدمر نظرا لتعارضه مع العقل والعدل والمنطق وصحيح الدستور ومحاضر المجلس التأسيسي التي حمت رئيس الوزراء وأبعدته عن تقلد أعمال أي وزارة دفعا للاستقرار السياسي، فدعوا بالمقابل لمحاسبته على أعمال «جميع» وزرائه وإبعادهم عن المساءلة عن أعمالهم كي يفسدوا كما فسد بعض أعضاء مجلس الأمة لعدم محاسبتهم بعد أن رفضوا إنشاء لجان القيم التي افترضوها وقوانين النزاهة والذمة المالية، وأتى حكم المحكمة الدستورية ليؤكد ما طرحناه لا ما طرحه من ادعوا المرجعية بالدستور.
***
وزيّنوا لحل مجلس 2009 بعكس ما قاله الخبراء الدستوريون الحقيقيون وأتى حكم المحكمة الدستورية الموقرة ليبطل ذلك الحل ويظهر خطأ وبطلان من دعوا له، وإذا كانت تلك الاجتهادات الخاطئة هي من عمل من يدعون مرجعيتهم بالدستور، فماذا يعمل الجاهلون به إذن؟ لست أدري.
***
آخر محطة:
(1) الحقيقة الجلية التي هي أشبه بالشمس في رابعة النهار تظهر ان الصوت الواحد هو الحل الوحيد لمشاكل وأزمات الكويت السياسية وإيقاف لمخطط تدميرها، وهو الحل الذي سيسعد شعبها ويخرج طائرها من تحت الرماد ويحرك قاطرتها ويبدأ مشروع نهضتها ويفضح من يود موتها عبر تقديمه مصالحه وأجنداته على مصلحتها.
(2) حدث خطأ مطبعي في بداية المثل الذي ذكرناه في مقال الأمس ونصه «تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت ولكن لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت» لذا اقتضى التنويه.