د. أحمد الخطيب

حذار الوقوع في المحظور!

نحن نمر الآن بمرحلة مفصلية من تاريخنا الحديث، فإما أن نرجع إلى «المشيخة» بإلغاء الدستور، وإما أن نتصرف كمواطنين محبين لهذا الوطن، ونغتنم هذه الفرصة التاريخية التي فرضها القضاء لتفعيل الدستور، فننهي عهداً تم فيه تغييب الدستور وانحدرنا فيه إلى الحضيض.

إن خطورة وضعنا هذا هي ما نشاهده من ضياع تام للفهم الصحيح لما نحن فيه. وأصبح شعار «الدوائر الخمس» هو الحل السحري العجيب لما نعانيه من فوضى عارمة، وننسى أننا عندما طرحنا شعار «نبيها خمس» كان لتوسعة الدوائر الانتخابية بتحويلها من 25 إلى خمس، لنقلل من تأثير تدخلات السلطة في الانتخابات من خلال الرشوة المباشرة وغير المباشرة، عن طريق تسهيل الخدمات للأتباع وظهور نواب الخدمات، وكذلك للتقليل من نقل الأصوات وشرائها، لأننا لم نكن قادرين على منع هذه المخالفات كلياً، وقد اتضح أن نظام الدوائر الخمس، بعد تطبيقه، لم يمنع وصول الكثيرين من هؤلاء إلى المجلس عامي 2009 و2012. متابعة قراءة حذار الوقوع في المحظور!

حسن العيسى

أوصدتم الأبواب على أنفسكم

لماذا أوصد الكثيرون الأبواب على أنفسهم ورفضوا المساهمة في تشكيل الجبهة الوطنية لحماية الدستور؟! أعتب على هؤلاء الكثيرين سواء كانوا في التحالف الوطني أو المنبر الديمقراطي أو الجمعية الثقافية، أو غيرهم من الأفراد المستقلين الذين لهم لمسات بارزة في المسيرة الديمقراطية.
ما حدث أنهم أغلقوا على أنفسهم في غرف عازلة للصوت الآخر، وأصدروا أحكاماً مسبقة تدين مجرد “فكرة” خلق الجبهة! اتخذوا مواقف برفضها دون أن يكلفوا أنفسهم مشقة الحضور والتعديل (وفرضه) على مسودة إعلان مبادئ الجبهة. لم تكن تلك المسودة كلاماً مقدساً غير قابل للحذف أو الإضافة أو قبول أي مقترح يقدم من المجتمعين، كانت الصدور مفتوحة، والرأي الآخر له مكانه متى تم التوافق عليه، وقدم عدد من الحاضرين الكثير من الاقتراحات، من أهمها في رأيي النص على الحريات الفردية مثل الحرية الشخصية وحرية العقيدة، بما يعني رفض الفكر الإقصائي، وكانت لحظات رائعة أن يتقدم محمد الدلال ومحمد جوهر حيات بالتأكيد على هذا المضمون، وصوتت أغلبية الحاضرين بالموافقة عليه، ذلك كان مثالاً واحداً من عدة أمثلة تم فيها تعديل مبادئ، أو ربما بلغة أصح “التشديد” على مبدأ الوحدة الوطنية، فماذا كان يضر الذين غابوا واعتذروا عن عدم الحضور لو أنهم ساهموا بكثير أو قليل في صياغة مشروع اللجنة؟
لا أجد أي عذر في ذلك، غير “التعلث” بوجود ناشطين سياسيين مثل الكاتب محمد الجاسم أو أحمد الديين، أو ربما مشاركة نواب مثل مسلم البراك أو فيصل المسلم أو غيرهما من النواب من مجلس 2009 أو المجلس المبطل ساهموا، كثيراً أو قليلاً، في إنشاء اللجنة. هنا أسأل هل نختلف مع البراك والدمخي أو غيرهما كأفراد (أشخاص) أو مع أفكارهم التي تبناها هذا أو ذاك؟ المفروض أن نرفض أو نقبل طرحهم ومسلماتهم في مواقف محددة، لكن لا يعني هذا رفضهم كأشخاص وإدانة أي تصور يصدر منهم مهما كان مضمونه، فحين طرح البراك في مداخلة وحيدة أمنيته أن يجد سنياً يقف ويدافع بشراسة عن إخوانه الشيعة، أو العكس، أو يقف بدوي مدافعاً عن حضري، أو العكس…” فتلك أمنية على بساطتها تبقى جليلة، في ظروف يظهر فيها التشتت والتشظي الاجتماعيان على أبشع صورهما اليوم، بالتأكيد اننا بحاجة إلى العمل بهذه الروح الوطنية المتسامية في إطار مؤسسي أكبر، وستكون اللجنة الوطنية هي المكان المناسب، دون قصره عليها طبعاً.
لماذا تخلفتم؟… ولماذا تمت إدانة اللجنة دون سماع رأي المشاركين؟ أسألكم!

احمد الصراف

اللحوم والأخلاق

عانى الكثيرون وخسروا، ودون سبب منطقي، نتيجة تعاملهم بـ«استقامة» في تجارة المواد الغذائية، ولم تكن الخسارة نتيجة الشراء والبيع، بل بسبب تخلف إجراءات ترخيص المواد الغذائية المستوردة. فقد كنت، وربما لا أزال، وإن بصورة غير مباشرة، أستورد سنوياً مئات الأطنان من الأغذية، التي لا يجوز بيعها دون موافقة البلدية عليها، وهي الجهة المسؤولة نفسها عن جمع القمامة ودفن الموتى! وهنا يتطلب الأمر تسليم عينات، وتكون في أحيان كثيرة كبيرة، دون سبب مفهوم. وأحياناً تضيع العينات، ويطلب غيرها، ولا يحق لأحد الشكوى، وتظهر النتائج بعد أسبوعين أو أكثر، وأحياناً تضيع، أو يتطلب تحويلها للصحة، وتتأخر الموافقة أكثر، ويتكلف المستورد الكثير ويتأخر في تصريف بضاعته، وكل هذا يحمّل في النهاية على القيمة! ولا أبالغ إن قلت إن العملية تستغرق أحياناً شهراً أو يزيد. وهنا «قد» يجبر الأمر البعض للجوء للطرق «السهلة» لترخيص بضائعهم، وأسباب ذلك معروفة. وقد حاولت أكثر من مرة لفت نظر وزير البلدية للأمر، وكان ذلك قبل تنازلي عن الإدارة، ولكنه فضّل عدم الرد على مكالماتي ورسائلي الهاتفية، ربما لانشغاله بمحطة مشرف! وفي هذا السياق، نشرت القبس مجموعة تحقيقات تتعلق بالأغذية الفاسدة، وبالرغم من نجاحها النسبي، فإن المشكلة لا تزال في مكانها، ولفهم أكبر للوضع المتخلف الذي نعيشه، يجب أن نعرف أن الجهة المسؤولة عن فحص الأغذية هي بلدية الكويت، بكل فسادها وتخلفها. وبالرغم من كل ما قامت به من تطوير لمرفق الفحص، واستعانتها أحياناً بمختبرات الصحة، فإن ذلك لم يسرّع من الحل، وربما عقّد الأمور أكثر. كما أن فرق التفتيش تقوم بعملها، وهي تفتقد كل وسائل الفحص الحديثة، معتمدة على النظرة المجردة والشم واللمس! وهذا، في أحيان كثيرة، غير كاف! وبالرغم من طنطنتنا بالديموقراطية، فإن أي مشرّع لم يفكر يوماً في وضع قوانين واضحة وبسيطة لعملية استيراد المواد الغذائية وتخزينها واستهلاكها وتقديمها، ولا يبدو أن الحكومة هي الأخرى في عجلة من أمرها هنا. وهنا يقترح صديق تزويد مفتشي البلدية بأجهزة فحص محمولة، يمكنها الكشف عن مكونات المأكولات، وضبط الفاسد منها، أو المحرّم من المواد المستخدمة فيها، وذلك في فترة لا تزيد على نصف ساعة. كما يقترح القيام بحركة تجديد شاملة لموظفي وأجهزة إدارة فحص المواد الغذائية المستوردة. والحقيقة أن كل هذا جميل ومفيد، ولكن لا معنى له في ظل التسيّب الأخلاقي الذي تعيشه البلاد! فالمشكلة ليست في الأجهزة ولا في الإجراءات بقدر ما هي في النفوس. ففي ظل انعدام الخلق وترهل الإدارة، وغياب الموظفين المتكرر وغير المبرر في كل مناسبة دينية وغيرها، تصبح مسألة شراء أجهزة جديدة أو تطوير إجراءات الفحص والكشف غير ذات قيمة. فوزارة الصحة مثلاً استقدمت واستخدمت أفضل وأحسن الأجهزة الطبية المعروفة في العالم، ولكن ذلك لم يمنع الخدمة الطبية من التدهور في البلاد، لأن الخلل في النفوس الفاقدة للخلق، وليس في الأجهزة الصماء والإجراءات الأكثر صمماً!
والآن، هل هناك أمل في أن نزيد من جرعة الدروس الأخلاقية في مدارس الدولة العامة والخاصة، وتقليل جرعة الدروس الدينية؟ فما لدينا من تدين يفيض على العالم أجمع، أما الأخلاق، فحدّث ولا حرج!

***
• ملاحظة: أعفى قرار لوزير الصحة الاستشارية فريدة الحبيب من إدارة مركز صباح الأحمد للقلب، وحولها، أو حذفها، مع الاحترام لشخصها، إلى مستشفى الصدري! وهناك رفض المسؤول «تشغيلها» لعدم وجود عمل لها! وهكذا تنتهي الحال باستشارية عالمية، صرفت الدولة الملايين على تعليمها وتدريبها، بأن تجد نفسها، بعد آلاف عمليات القلب التي قامت بها بنجاح كبير، من غير عمل! هذا عيب ومؤشر آخر على انهيار الدولة والقيم والخلق.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

علي محمود خاجه

جربونا!!

قبل عامين تقريبا أقدمت الحكومة السابقة على خطوة باتجاه تخصيص القطاع العام من خلال قانون الخصخصة، وتم إقرار هذا القانون بالتوافق مع أعضاء مجلس الأمة.
وبعدها بفترة وجيزة أقدمت الحكومة على زيادة رواتب موظفي القطاع العام، وهو القطاع الذي يفترض أن تتولاه الشركات الخاصة قريبا!! لتقدم بذلك أوضح نموذج في تردي الإدارة الحكومية للدولة.
فكيف سيحفز القطاع الخاص على إدارة قطاعات الدولة والحكومة تثقل كاهله بزيادة رواتب الموظفين، وهو ما يعني تعجيز القطاع الخاص وعرقلة مشروع الخصخصة برمته.
أقدم هذا النموذج ليس لتأييدي للخصخصة من عدمها بل لتبيان حقيقة التخبط الذي تعيشه حكوماتنا، وهو أمر غير مرتبط أبدا بضغوط نيابية من عدمها، فالحكومات لا تملك رؤية أصلاً، وهو أمر لم يتغير إلى الآن حسب ملاحظتي.
اليوم يطل علينا مسلم البراك ليطلب أن نجربهم- يقصد كتلة الأغلبية- في إدارة الدولة لمدة أربع سنوات وبعدها نحكم عليهم!
لن أتحدث عن تجربتنا معهم- أقصد الأغلبية- في الشهور الأربعة من عمر المجلس المبطل، بل سأتحدث عن مسلم ورفاقه بعد الشهور الأربعة.
فأول أفعالهم هو بيان الأغلبية بعد حكم “الدستورية” بإبطال المجلس، إذ تضمن هذا البيان القول إن حكم “الدستورية” منعدم، وهي مفردة قانونية تقال في المحاكم لا في البيانات السياسية التي يتوجب عليها احترام القانون والقضاء ليتراجعوا عن هذا القول لاحقاً.
وليأتونا لاحقا بإعلان استقالتهم من مجلس 2009 لأنه لا يشرفهم البقاء في مجلس الخزي والعار، ومنذ يونيو إلى صباح اليوم لم تقدم استقالاتهم المزعومة، وما زالوا يتمتعون بالمميزات المالية لمجلس 2009.
ليكملوا المسيرة بأنهم سيقيمون ندوة أسبوعية كل يوم اثنين وبمختلف مناطق الكويت لحين حل مجلس الأمة، ولم يلتزموا بذلك.
تلا ذلك وثيقة رمضان التي تعهدت بمقاطعة الانتخابات إن أُقحم القضاء كما يزعمون بالصراع السياسي، وقد أحالت الحكومة الدوائر الانتخابية إلى القضاء دون إعلان منهم بمقاطعة الانتخابات المقبلة، واختفت الوثيقة الرمضانية فجأة.
خلاصة الحديث لمن لا يراه أو لم تمكنه عواطفه من رؤيته هي أن التخبط وغياب الرؤية والتناقض ليست مقتصرة على الحكومات فقط، بل كذلك على من يسمون بالمعارضة اليوم، وبالتأكيد فإن البلد لن ينصلح بهذه النوعية من الإدارة.
كل ما نحتاجه هم أناس يؤمنون بالدستور كل الدستور وأساسه الحريات، ويمتلكون رؤية واضحة وخطوات معلنة وبرنامج عمل واضحاً لقيادة البلد، وقد سعى د. عبيد الوسمي في إلزام الحكومة بتقديم برنامج عمل واضح، ولكن للأسف لم تعنه الأغلبية المبطلة على ذلك.

خارج نطاق التغطية:
الهيئة العامة للشباب والرياضة لم تقدم على أي تطوير للمنشآت الرياضية، ولم تصلح أرضيات الملاعب طوال الفترة الماضية، فإن كنتم عاجزين عن تقديم شيء فعدم استمراركم في مناصبكم أفضل.

سامي النصف

لقد أخطأتم أيها السادة!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما اعتقدتم أن بإمكانكم أن تخدعوا الشعب الكويتي الأبي وأن شعبنا الحر هو تابع ذليل لكم تدعونه.. فيأتي مهرولا وخيب شعبنا وشبابنا مسعاكم!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما لم تعلموا بمدى التصاق واحترام الشعب الكويتي لقيادته السياسية وأسرته الحاكمة وأنكم لن تنجحوا فيما فشل فيه.. رفيق رفيقكم صدام!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما زين لكم بعضكم مبدأ الخروج للساحات والشوارع وأن الشعب الكويتي وشبابه سيخرجون للإضرار بمصالحهم ومستقبلهم.

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما كافأتم الشعب الكويتي على انتخابه للبعض منكم بداية العام بتحويل مجلسكم للانتقام والشتم والتحقير وعدم الانتاج وعدم اصدار تشريعات محاربة الفساد.

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما هددتم الشعب الكويتي الآمن بخلق ربيع كويتي مشابه لربيع الخراب العربي.

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما انقلبتم على الشرعية وعلى الدستور اللذين اتفق عليهما الآباء حكاما ومحكومين.

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما راهنتم على ضعف ذاكرة الشعب الكويتي ونسيتم أنكم تأكلون التمر وهو يعد الطعام!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما استغللتم التغطية الاعلامية لتواجدكم في الساحات للتعدي القميء على الأسرة الحاكمة وعلى الطائفة الشيعية ثم الحديث الكاذب المعتاد عن.. الوحدة الوطنية!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما قدمتم ولاءات بعضكم الخارجية على الولاء للكويت، فأسأتم لعلاقاتنا مع الأشقاء والجيران واتضح لشعبنا ان البعض منكم يعتبر الكويت وطنه الثاني.. بعد المائة!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما رفعتم شعار «إلا الدستور» وادعيتم ان من يطالب بتعديله خائن وطنيا ثم أصبحتم تطالبون بنسفه، فما هي التسمية التي تقبلون بأن تطلق عليكم؟!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما تسلم بعضكم الكراسي الخضراء بأحكام المحكمة الدستورية رافضا حتى مناقشة تفسيراتها، ثم انقلب نفس البعض عليها واتهم ضمائر قضاتها الأجلاء لأن أحكامها لم توافق تفسيراته الخاطئة دائما لنصوص الدستور.

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما اتهمتم مجلس 2009 بأنه مجلس الفساد والفجور و«القبيضة» إلا أنكم رفضتم الاستقالة منه وأصبحتم كذلك من.. القبيضة!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما اتهمتم بعض افراد الاسرة بالفساد وكل الموبقات ثم اكتشف الشعب.. تحالفكم معه فإن كان بريئا من اتهاماتكم وجب الاعتذار العلني منهو وإن كان غير ذلك فكيف صح تحالفكم معه؟! وألا يعني هذا ان الوصول للكراسي الخضراء والبقاء اللاصق فوقها في عرفكم يستحل امامه كل شيء؟ وأليس في هذا.. كل الفساد؟!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما قررتم ان يعدل الدستور في الشوارع والساحات لا تحت قبة البرلمان!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما اتهمتم قبل سنوات قليلة من قام بجمع التواقيع في الدواوين لدعم اولي الامر في مشروعهم الاصلاحي في وطنيتهم وعدتم هذه الأيام «تفخرون» بجمع التواقيع في الدواوين وصيفا وشتاء على سطح واحد!

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما جعلتم رأيكم صوابا لا يحتمل الخطأ ورأي الآخرين خطأ لا يحتمل الصواب وتلك قمة الديكتاتورية.

٭ لقد أخطأتم أيها السادة.. عندما تعديتم على الآخرين بأقبح القول لأنهم اختلفوا معكم بالرأي ثم ادعيتم البراءة والسماحة عندما تعدى الآخرون عليكم اي صيفا وشتاء على سطح واحد.

***

آخر محطة: (1) لقد أصبتم أيها السادة ولم تخطئوا عندما قررتم وبذكاء بالغ مقاطعة الانتخابات بقصد البقاء في الشوارع وخلق الفوضى، والواقع انكم ستكونون وحيدين في الشوارع بعد انصراف الناس عنكم وستنعم الكويت منذ يوم المقاطعة بهدوء وسكينة وستلحق بركب جيرانها.

(2) بعد بيان وزارة الداخلية وعقوبة السجن عاما لمن ينام في الشوارع والساحات، نرجو عدم توريط الشباب مرة أخرى ثم الاختباء والاحتماء خلف الحصانة البرلمانية، أي توريط الشباب بالمنام بعد توريطهم بالاقتحام!

 

احمد الصراف

سلوا كؤوس الطلا والوكيل؟

نادرا ما أشاهد التلفزيون، ولكني أعلم أن أقل القنوات مشاهدة هي قناة تلفزيون الكويت. وقد احتفظت لفترة طويلة بتصريح للسيد يوسف مصطفى، وكيل الأخبار والبرامج السياسية، في تلفزيون الدولة الرسمي، أدلى به لـ القبس في مارس 2011، بشّر فيه مشاهدي القناة الرئيسية بأن كل شيء سيتغير في تلفزيون الكويت، حتى الشاشة! كما أن الأخبار ستنقل للمشاهد أولا بأول، وسيكون هناك تحليل محلي واقليمي، لا بل ودولي للأحداث، وأنه سيفتح باب الحوار مع جميع شرائح المجتمع، وسيسلط الضوء على قضايا الشباب.. وزاد على كل ذلك بالقول إنه ستكون هناك برامج مدروسة بعناية تهم كل الأطياف. وأتذكر أنه اتصل بي هاتفيا بعدها بفترة لدعوتي للمشاركة في أحد البرامج، فاعتذرت لانشغالي، ورشحت آخرين!
وبناء على تصريحه قمت قبل شهر بسؤال مجموعة من معارفي واصدقائي المدمنين على مشاهدة التلفزيون، عن انطباعاتهم عن تلفزيون الكويت، فقال أغلبهم إنهم لا يتابعونه باستمرار لغير معرفة أخبار الوفيات، واتفقوا جميعا أنه لم يتغير عن قبل، وكان الأسوأ بين القنوات الأخرى في الفترة الأخيرة، وخاصة في ما تعلق بتغطية ومتابعة أحداث الربيع العربي، وهو الزلزال الذي لم تختبر الدول العربية مثله في كل تاريخها الحديث. كما أن تلفزيون الدولة تجاهل بشكل لافت الاحداث السياسية المؤسفة التي تعرضت لها البحرين، وكأن لا شيء هناك! وبالتالي اتفقوا على أن كل ما ورد في تصريح وكيل التلفزيون لم يتحقق. وهنا قررت الاتصال به لابين له ملاحظاتي وأيضا لشكره على تصريحه الأخير المتعلق بنية التلفزيون الاستعانة بخبرات قناة «البي بي سي» البريطانية والاستفادة من ارشيفها الضخم، ولكنه لم يرد عليّ، بالرغم من أن مساعده، علي رشيد، أكد وجوده، كما كنت أود أن اخبره بأنه إن كان جادا فعليه الاستعانة بما في أرشيف تلفزيون الكويت، حيث إنه يحتوي على مقابلات ثرية ورائعة من الزمن الجميل، ومنها واحدة مع الملحن رياض السنباطي، التي يتحدث فيها بشوق عن قصة تلحينه لرائعة أحمد شوقي «سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها واستخبروا الراح هل مست ثناياها» التي غنتها أم كلثوم! فهل لدى السيد يوسف مصطفى ما يكفي من شجاعة لنبش أرشيف تلفزيون الكويت، وبث ما يحتويه من درر «الزمن الجميل»، بدلا من الاستعانة بارشيف قناة الـ«بي بي سي»؟ نتمنى ذلك!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

محمد الوشيحي

رضى… أين أنت يا معوّت؟

جلبة في صالة التحرير، قهقهة عالية بين أروقة مكاتب الزملاء في الجريدة، جلابية توشك أن تكون كويتية وما هي بكويتية، تماماً كما هي لهجته إن أراد أن “يكوّتها” فتخرج من فمه عرجاء من غير سوء: شغبارك، أي شخبارك… شفيك يا معوّت! فأصحح له: يا معوّد (بالحاء المربوطة يا رضى)، فيقهقه: يا عم عدّيها بالتاء المزبوطة، الحاء تقال للحمير والتاء للتأنيث… وغير ذلك من المفردات الكويتية التي كان يشرّبها بلهجته الأم، التي لا يتنازل عنها إلا لدواعي الضحك والمزاح.
أين أنت يا معوت؟ هل مللت منا فقررت هجرنا وهجر معشوقتك “اللغة الفصحى”، بحروف جرها التي كنتَ تقف سداً منيعاً ضد من يتجاهل تأثيرها (مش عارف ليه أخونا المحرر الألمعي بينصب الكلمة وهيه مجرورة من ودانها؟ هو حرف “الباء” شوية في البلد يا جدعان؟)… هل زهقت من “الأفعال المتعدية” على أملاك الغير، كما تصفها (دي أفعال شغالة نصب تك تك)… من سيعول بعدك “واو الجماعة” ومن سيثأر لـ”الواو المقطوعة من شجرة” كبدي عليها؟ من مثلك سيعيد ترتيب فوضى الأخبار و”يدسّكها” بشقاوة وحرفية، ويستخرج من جوفها مانشيتات تؤكل بأصابع اليد الواحدة؟
من بعدك سيهاتفني ساخراً من صياغة (المحرر إياه، في تلك الجريدة): “بزمتك يا بو سلمان ده يتقال عنه صياغة خبر؟ يكتبه محرر بقاله أكتر من خمستعشر سنة في الصحافة؟ ده للعشماوي على طول هو والخبر بتاعه… من سيهاتفني يا رضى معلقاً على مقالتي قبل النشر، إما قادحاً: “كنتَ استلفت ملح من جيرانكم إزا ما كانش عندك ملح تحطه على مقالة النهارده”، أو مادحاً: “أيوه كده اعدل لي دماغي، بحبك يا وشيحي وأنت برازيلي ترقّص الكلمات والجمل على الكتف والصدر، بحب السامبا”…
ياه يا رضى، يااااه، كم هو مؤلم فراق الأحبة، الفوضويين منهم تحديداً… عزاؤنا الحار ليوسف وأشقائه ووالدته، ولكل أهلك ومحبيك وما أكثرهم، ولزملائك في كل وسائل الإعلام التي تنقلت بينها… وها أناذا أكتب “رضى” بالألف المقصورة كما تريدها أنت، لا الممدودة كما كنا نغيظك.
آلمتنا يا رجل… فإلى جنات الخلد أبا يوسف.

سامي النصف

هل هناك خداع أكثر من هذا؟!

هناك كما حذرنا مرارا وتكرارا مشروع يهدف الى تدمير الكويت ونشر الفوضى بين ربوعها كي تلحق بركاب الدول غير المستقرة في المنطقة، ومشروع مدمر كهذا لا تقوم به مخلوقات من كواكب اخرى خضراء اللون ذات ذيل طويل، بل شخوص وقوى تعيش بيننا وتدعي الاخلاص والوطنية والمحافظة على الدستور ومحاربة الفساد حالها حال الزعيم «الوطني» اللبناني ميشال سماحة، وكم ميشال سماحة بيننا نرى صورهم ونقرأ اقوالهم الخادعة كل يوم.

***

وضمن مخطط الخداع ان تهدم الكويت تحت راية الحفاظ على الكويت! وذلك عبر مواقف واصدار تشريعات دمرت بحق الكويت وطفشت الاستثمارات بعيدا عنها كحال تشريع الـ B.O.T، منع حقول الشمال، منع الداو، منع تحديث اسطول «الكويتية»، منع دعم الشركات المساهمة الكويتية، رفع اسعار الاراضي على الشباب بسبب تشريع الاراضي العامة.. الخ، مما جعلنا الدولة الوحيدة في الخليج والعالم التي تعتمد ميزانيتها العامة على مورد النفط الناضب عاجلا او آجلا، في وقت يرقب شعبنا ما يحدث في الدول الخليجية الاخرى التي تسبب عدم وجود مثل تلك الشريعات فيها الى تحول بلدانهم الى محج للاستثمار والسياحة والمراكز المالية.

***

وضمن سياسة الخداع ان يهدم الدستور بحجة الحفاظ على الدستور! فيفرغ من معانيه السمحة عبر السماح بالاستجوابات الكيدية التي تشغل البلد واعتراضهم في الوقت ذاته على استخدام الحكومة لوسائلها «الدستورية» المتاحة مثل التأجيل واللجوء للمحكمة الدستورية والاحالة للجنة التشريعية، ثم «نسف» الدستور بأكمله عبر المطالبة بالحكومة الشعبية او البرلمانية التي لم نر مثلها في الدساتير الجديدة لمصر وتونس وليبيا التي تعطي رئيس الدولة ـ لا البرلمان ـ حق اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، ومثل ذلك مشروعا الدائرة الواحدة وقيام الاحزاب غير الدستوريين، فما الذي ابقاه حاملو راية «إلا الدستور» من الدستور بعد كل تلك التعديلات.. غير الدستورية؟! وهل اصبح الأتباع من الشباب بهذه السذاجة فيقال لهم تارة ان تعديل الدستور خيانة وطنية وتارة أخرى قمة في الوطنية؟!

***

ويتم الحديث الكاذب والمخادع عن محاربة الفساد والاستيلاء على المال العام، وأول مبادئ محاربة الفساد والقضاء على حرامية المال العام في العالم اجمع هو تعزيز هيبة السلطة وإجلال القضاء وأحكام المحاكم واحترام رجال الامن لدينا، يمر مشروع محاربة الفساد المخادع بالهجوم على هيبة السلطة والتشكيك في القضاء والاعتداء على رجال الامن وعدم اصدار تشريعات الذمة المالية من قبل من يدعون الطهارة وهم من تحولوا وبسبب عملهم التشريعي والسياسي من موظفين حكوميين صغار الى اكبر الاثرياء في البلد والمنطقة.

***

وضمن حديثهم المخادع مطالبتهم بالحفاظ على «الحياة الديموقراطية» وما لا يقولونه ان افعالهم التي هي اهم كثيرا من اقوالهم تهدم اهم المبادئ التي تقوم عليها الديموقراطية وهي الايمان بـ «الرأي والرأي الآخر»، فما نراه هو تسفيه وتشكيك وتحقير للرأي الآخر مما يحيل ما يدعون إليه الى ديكتاتورية قمعية مستترة تنتظر الفرصة كي تتحول الى ديكتاتورية معلنة تكشف عن وجهها القمعي القبيح مع اللحظة الاولى للتحول الى مشاريع الحكومة الشعبية والحزبية والدائرة الواحدة التي سيكون أولى ضحاياها.. من يدعون إليها هذه الايام..! يا للذكاء!

***

آخر محطة: ضمن مشروع الخداع الكبير الهادف للتدمير ان تدعي قولا الايمان بدولة المؤسسات وانت تعرقل بعملك اعمال السلطة التنفيذية وتوقف اعمال السلطة التشريعية برفضك الحضور او الاستقالة وتطعن بأحكام المحكمة الدستورية لأسباب.. لم تعد خافية..! وخووش ايمان بدولة المؤسسات..

او ما تبقى منها!

 

حسن العيسى

البحث عن المعنى

كانت “فيزا” الهجرة إلى الولايات المتحدة جاهزةً لـ”فكتور فرانكل” فهو طبيب نفسي مشهور وأستاذ جامعي، لكنه أيضاً يهودي نمساوي، وجيوش هتلر تدق أبواب النمسا، ولم يكن سراً ماذا يعني أن تكون يهودياً تحت الاحتلال النازي. لكن فكتور آثر التضحية ورفض الهجرة إلى أميركا لأن والديه المسنيين كانا بحاجة إلى رعايته، وكانت النتيجة المحتومة، فقد أسره النازيون ونُقِل إلى معسكر “أوشفيتس” الشهير، وهناك إما أن تعمل كعبد في بناء سكك الحديد، وهذا يفترض أن تكون بكامل صحتك الجسدية، وإلا فغرف الغاز في انتظارك.
يجتهد ويتظاهر السجناء مهما كانت حالتهم الجسدية مزرية، بأنهم بصحة جيدة حتى لا يرحلوا إلى غرف الغاز، فإصابة “الغرغرينا” بأصابع الأقدام بسبب العمل في إزاحة الثلوج، وشيوع مرض التيفوئيد بين السجناء كلها مسائل عادية طالما لم يلاحظها “الفورمان” ويبلغ عنها الحراس الألمان. “الفورمانيه” هم من اليهود ضعاف النفوس الذين اختاروا أن يعملوا بتلك الوظيفة كعملاء للنازيين مقابل بعض الميزات كالإبقاء على حياتهم إضافة إلى ميزات مادية، وهنا يفرق فكتور بين الخنازير والقديسين في أنواع البشر، فالخنازير هم الذين فقدوا الأمل بالمستقبل، واستسلموا لواقع القهر في المعسكر وارتضوا أن يعيشوا كطفيليات وجواسيس للنازيين على عكس أصحاب الهمم العالية للقديسين.
يبدأ الطبيب فكتور بتشريح النفس البشرية، فعنده الحياة ليست بلا معنى مهما كانت قسوة الظروف، وتحت وطأة العذاب في المعسكر تهمش بل وتتلاشى الضرورات الإنسانية، فالجنس ليس له مكان، فغريزة البٍقاء تظل هي المهيمنة، وحتى تبقى وتتحدى الواقع المر، لابد من الأمل، والأمل هو الحب والإيمان بغد أفضل. السجناء الذين فقدوا هذا تهاووا بسرعة واستسلموا للموت، بينما ظل فكتور يقاوم بالعمل بمساعدة وعلاج المرَضى نفسياً وجسدياً بالمعتقل وسلاحه حلمه بأن يلقى زوجته يوماً ما.
بعد التحرير، وضع فكتور أسس علم نفس العلاج بالأمل والعمل لكسر تمحور الإنسان حول ذاته، أسماه logo therapy، فهناك دائماً معنى للوجود الإنساني، وبهذا يقف فكتور على طرف نقيض من الفلسفات العدمية، التي لا ترى أي معنى في الوجود، وأن وجودنا هو صدفة القدر، والحياة مجرد عبث لا معنى له. “اللوغو ثرابي” ينبش معنى الوجود في النفس الإنسانية ويحرك الصراع الدائم في الذات البشرية لإقامة التوازن فيها وليس تركها لتحطم ذاتها. الفراغ هو كارثة تصيب النفس الإنسانية، ويذكرنا فكتور بمرض الأحد العصبي sunday neurosis في الولايات المتحدة. حين يكون الفراغ والبطالة من نتائج أيام العطل (ملاحظة لم يدر فكتور عن حالتنا بالكويت)، هذا الفراغ الروحي يسبب الاكتئاب والملل النفسيين، وهنا ندخل بالدائرة المفرغة بالعلاج عن طريق المخدرات والمسكنات النفسية، أو حين يترصد الفارغون لأحاديث مثل: ماذا يفعل فلان؟ وماذا قالت فلانة؟ كما هو الحال عندنا، بينما لب المرض يكمن في عمق الذات، اسمه الفراغ الوجودي existential vacuum، هذا الخلاء الوجودي يولد العدوانية وإدمان المخدرات، ويمضي فكتور مقرراً أن للإنسان مهمة في هذه الدنيا وعليه أن يحققها حسب ظروفه، فلا مكان لافتراض الشروط التي يتوهم البشر أنها تحد من قدراتهم الذاتية، وإنما هي القرارات الحاسمة هي التي يعول عليها.
عاش فكتور طويلاً ودرس بالجامعات الأميركية ومارس العلاج النفسي حتى أيامه الأخيرة وتوفي عام 1997 تاركاً لنا، مهما اختلف معه الكثيرون في معنى الوجود، فكراً حياً يزودنا بالأمل ومعنى التضحية وحب الإنسانية.
عنوان الكتاب “بحث الإنسان عن المعنىman’ s search for meaning

احمد الصراف

تجربتي مع المفتش

مررت قبل عشرين عاما تقريبا بتجربة طريفة لا بأس من ذكرها كمدخل لموضوع المقال. زار مكاتب شركة أمتلكها وأديرها أحد مفتشي البلدية، طالبا الكشف على المواد الغذائية التي نتعامل بها، والتأكد من صلاحيتها للاستهلاك البشري، وطريقة تخزينها وظروف العمالة المشرفة عليها وحيازتهم لشهادات لياقة صحية. وهنا عرضت مصاحبته في جولته، فقبل على مضض، فأخذته لكل المخازن بسيارتي وأطلعته على أماكن لم يكن يعتقد أن فيها مواد غذائية، وطلبت من العمال إحضار رزم وكراتين من تحت الصفوف، ليكشف عليها واحدة واحدة، كما طلبت منهم إبراز هوياتهم وشهاداتهم الصحية ومطابقتها بكشف العاملين، واطلعته على ظروف العمل والتخزين، وسهلت مهمته لأقصى درجة بحيث خامره الشك في نواياي، فشكرني بتردد، وقال إنه عادة ما يقوم بالتفتيش منفردا، ومصاحبتي له حيّرته قليلا، ولم يقل إنني شكّكته في نواياي! وهنا طلبت منه مصاحبتي لمكتبي فوافق، وهناك شكرته وقلت له: ليس في الأمر شيء مريب، فلست أكثر أمانة من غيري ولا أدعي شرفا قد لا أستحقه، ولكن المسألة تتعلق بالمنطق، فقد صحبتك تشجيعا مني لك على أداء عملك، بعد أن أصبح «السوق» يعجّ بكل أفّاق وغشاش أثيم، وأن المخلصين في أعمالهم في تضاؤل مستمر، الغلبة ستكون ربما للحرامي والغشاش في نهاية الأمر، ومن هنا كان ترحيبي به ومساعدتي له في إنجاز مهمته! ففتح فمه غير مدرك ما أرمي إليه بكلامي، فاستطردت قائلا: إن صحتي وصحة أسرتي في يده، وجميعنا نعتمد في صلاحية ما نأكل على مدى إخلاصه في عمله ونظافة يده برفضه لأي رشى أو إغراءات، فأنا أبيع ربما 20 أو 30 صنفا من المواد الغذائية، ولكني أستهلك أضعاف أضعافها من الأصناف الأخرى التي يستوردها ويخزنها ويبيعها غيري! فإن أنا نجحت في دفع رشوة له أو لغيره من المراقبين، ونجحت في تمرير مواد غذائية فاقدة الصلاحية، فإنني حتما سأجني بعضا من المال، ولكن ما هو الضمان من أن غيره من المفتشين لن يحذوا حذوه ويتقاضوا الرشى نفسها من تجار مواد غذائية آخرين ومن اصحاب مطاعم وفنادق ومخابز وغيرها، وبالتالي، فإن ربحت بعض المال هنا، فسأخسر مالا وصحة أكثر هناك! وبالتالي من الضروري تشجيعه، لأنه الضمان الوحيد الذي أعرفه في حمايتي من مواد الآخرين التالفة، وهو «عيني الغذائية» الساهرة! كما أن قيامه بدوره بشكل جيد ضمان له شخصيا ولأسرته! فهو قد يقبل رشوة مني ويسعد بها، إن مرر ووافق على ترخيص بضائع تالفة لي، ولكن ما الذي يضمن له أنه لن يتناول، ربما في اليوم نفسه، المواد الغذائية والأطعمة الفاسدة نفسها التي قبل مبلغا سخيفا للموافقة عليها؟ وما يعنيه ذلك من خسارة مادية وصحية له ولأسرته؟ وبالتالي المسألة ليست أمانة بقدر ما هي منطق عملي! وليس مهما هنا ذكر رد فعل المفتش.
ما نود التطرق إليه من هذه المقدمة الطويلة يتعلق بالحملة الشرسة التي شنتها القبس منذ فترة على تجار ومستوردي المواد الغذائية، وربما لا تزال الحملة مستمرة، والتي صورت فيها البلد كأنه مليء بالحرامية والأفّاقين، وقد تكون هذه هي الحال، ولكن المؤلم أن الصالح عادة ما يذهب مع الطالح، وقد يأتي يوم يصبح الكل سواسية في الغش، ونخسر جميعا.
وإلى مقال الغد.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com