سامي النصف

ظاهرة.. موتى دون جثامين!

في تشريعات أغلب الدول المتقدمة لا يحكم بالموت على قاتل حتى يتم الوصول إلى جثة الضحية خوفا من ان يكون المجني عليه حيا يرزق، كما يتم في بعض الحالات ادعاء موت الشهود عبر عمليات قتل زائفة ثم يتم إعطاؤهم أوراقا ثبوتية جديدة وأحيانا يتم القيام بعمليات تجميلية لهم ويتم نقلهم على اثرها الى مناطق جديدة حيث لا يعلم حتى جيرانهم حقيقة شخوصهم.

في 340 صفحة يأتي كتاب «الذئب الرمادي، هروب أدولف هتلر» للباحثين سمبسون دانتستان وجيرار ويليامز والمليء بأقوال الشهود والوثائق السرية والتي يظهر او يدعي ان ما قيل انه جثة لهتلر، أثبت الحمض النووي انه جثة لامرأة شابة وان طيار هتلر أقر بأنه نقله من برلين الى الدنمارك ثم اسبانيا التي يحكمها حليفه الفاشي الجنرال فرانكو ومنها بالغواصة الى الأرجنتين التي كان يحكمها عميل نازي آخر هو خوان بيرون وزوجته الشهيرة ايفيتا وهو ما يطرح سؤالا منطقيا عمن أحضر هتلر ودعمه وأبقاه ثم أنقذه وأحياه؟!

بعد انتقال حقب الحروب من أوروبا الى منطقة الشرق الأوسط منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى يومنا هذا، تكررت ظاهرة «موتى دون جثامين» لدينا، فصدام حسين تم تصوير عملية إعدامه بكاميرا واحدة كأنها مربوطة بعنق قرد يتنطط بها بينما يفترض ان يعدم في النهار أمام الآلاف ومئات الكاميرات الثابتة، وهل يعقل ان جميع من يدعي وجوده إبان إعدام صدام لم يكونوا يحملون هواتف نقالة بها كاميرات وأين جثته؟ لماذا الربطة السوداء التي يمكن أن تحمي عنقه؟ ومن يقل ان الملثمين هم من جماعة الصدر لا من جماعته؟ وماذا عن جثث أزواج بناته التي لم يرها أحد؟ ولماذا لم تتزوج البنات؟ ولماذا لم يلتقط صور ما قيل انها جثث عدي وقصي إلا مصور واحد؟ أما حكاية تشوه الجثث والخيوط الظاهرة فيمكن رؤية أبشع منها في أفلام الرعب دون.. موت الممثلين، من يعقد صفقات لإنقاذ هتلر الذي تسبب في موت 50 مليون ضحية قادر على ان يعقد صفقات لإنقاذ الطغاة الصغار في المنطقة.

القضية الفلسطينية ابتليت كذلك بزعامات مدمرة أمثال عرفات وأبونضال وأبوالعباس وهؤلاء الثلاثة يدور لغط كبير حول موتهم وجثثهم فتابوت عرفات يقول احد مقربيه انه لم يكن يحمل جثمانه خوفا من ان تسرقه الجموع(!)، وأبونضال ومثله ابوالعباس تم ادعاء موتهما أو قتلهما في بغداد ـ عاصمة الغموض ـ دون ان يرى جثتيهما أحد، بل ان احدا لا يعلم ان كان الملثمون وغير الملثمين المحيطون بالقذافي والذين ادعوا قتله هم من الأعداء أم من الأصدقاء ثم اين جثمانه ومثله اين جثمان ابن لادن مادام النظام القضائي في الدول المتقدمة لا يعترف بموت أحد دون جثمان؟!

آخر محطة:

ظاهرة الموت دون جثامين ومثلها ظاهرة زعامات السجن الانفرادي التي لا يعلم احد ان كان السجين السياسي الذي يراد إعطاؤه صفة البطولة مقيما فيها أم يتمتع بالصحبة الطيبة مع أهله خارجها؟! هما من الخدع البصرية التي تفوت على الجموع التي يتمركز عقلها في.. أذنيها.. حيث تصدق ما تسمع ولا تتحقق مما ترى!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *