الحشود والتجمعات وسفك الدماء هي الطريق المعتاد للوصول إلى الحلول في المجتمعات الديكتاتورية كما رأينا في بلدان الربيع العربي الذي مازلنا في انتظار وصول سفنه إلى المرفأ الأخير وسط مشاكل أمنية وسياسية واقتصادية حقيقية تهدد سفن أوطان ذلك «الربيع» بالتفتت والانشطار و«الغرق»!
في المجتمعات الديموقراطية كحال المجتمع الكويتي تستبدل منهاجية الحشود والتجمعات وسفك الدماء بلغة الحوار بين الأطراف المتباينة، سواء كانت حكومية ـ معارضة أو نيابية ـ نيابية أو سياسية ـ سياسية او إعلامية ـ إعلامية أو اجتماعية ـ اجتماعية او اقتصادية ـ اقتصادية أو فئوية ـ فئوية أو دينية ـ دينية.. الخ، وللحوار الراقي المستحق مبادئه وقواعده وأصوله التي نجدها غائبة تماماً عند المنفعلين امام ميكروفونات ساحة الإرادة وخارجها، فصلب لغة الحوار يقوم على الإيمان بالرأي و«الرأي الآخر» لا رفضه وتخوينه والعمل على تشويه اسبابه ودوافعه، فتلك ممارسة تدل على «الديكتاتورية» المطلقة ولا يهم ان اتت من الحكومة أو المعارضة!
وقد نتج عن الحوار الغائب عن الساحة السياسية الكويتية في السابق حلان غير دستوريين لمجلس الامة وعدة حلول دستورية، وذلك الغياب للغة الحوار سببه المباشر، فكر وتصرفات وأقوال احد مخضرمي السياسة الكويتية، فطريق دخوله للبرلمان وممارسته تحت قبته تقوم على الديكتاتورية الشديدة وتسيد الرأى الأوحد القائم على الطعن الشديد بالآخر حتى لو كان حكومات لم تشكل بعد كما كان يحدث في مخيماته الانتخابية التي «تسبق» تشكيل الحكومات حيث يتهمها بالفساد وعدم الاصلاح والتآمر على الدستور ثم ينقل معه نفس نهج محاربة طواحين الهواء لقبة البرلمان وكيف له ان يحاور من خونه وعاداه.. بشكل مسبق!
وقد أصبح لذلك الفكر المتأزم البعيد كل البعد عن الفهم الصحيح للديمقراطية مقلدون وتلامذة صغار وكبار فلم نعد نسمع من البعض منهم إلا خطابا غاضبا صارخا مليئا بلغة التخوين والاتهام والتشكيك بالآخر حتى وصل الأمر الى اتهام الشعب الكويتي في اغلبه بوطنيته وانه شعب يهوى الجبن الشديد وعيش العبيد كونه فقط لم يجارهم بخلق ربيع كويتي مدمر مدفوع الأثمان، ومرة أخرى ان للحوار في المجتمعات الديموقراطية قواعده ومنهاجه واساليبه التي ليس منها قطعا ما نراه قائما على الساحة المقابلة لمجلس الأمة من سباب وشتائم واكاذيب ورفض للآخر.. ان الحوار الحقيقي البناء أيها السادة هو الذي يتم على بعد شارعين من تلك الساحة.. لا وسطها!
آخر محطة:
(1) خطأ مطبعي بسيط أتى في آخر محطة لمقال امس لم يفت على فطنة القارئ، التهمة التي وجهت للصديق ناصر الروضان طُرحت في ساحة الإرادة ولم تطرح منه كما اتى في الخطأ المطبعي، إنما رد عليها واثبت عدم صدقها!
(2) هناك في علم النفس مرض خطير يدعى «الاسقاط النفسي» يقوم خلاله المصاب به باسقاط كل عيوبه وتهيؤاته وأمراضه على خصومه.. بعض الرموز السياسية تشتكي من مرض «الاسقاط السياسي» الحاد حيث تتهم خصومها دائما بالفساد المالي والتآمر والخيانة وعدم إعطاء الفرصة للشباب والالتصاق بالكراسي حيث تردد بشكل متواصل كلمة «ارحل.. ارحل» واضح انها تكرر تلك الدعاوى كل صباح ومساء أمام المرآة ثم.. تخرج بها للجموع والتويترات والميكروفونات.. واستمعوا لها اليوم!
(3) لا حوار مع أعداء الحوار كما لا ديموقراطية لاعداء الديموقراطية ولا حرية لاعداء الحرية.
(4) في التجارة ثلثا الرزق، وكان رسول الأمة تاجرا ولست شخصيا من تلك الفئة وانما معيب جدا الشتم المتواصل لـ«التجار» الذين يقصد بهم الشاتمون من بعض العنصريين والمتطرفين فئة محددة من الشعب الكويتي، وعيب ترى الناس عارفة من تقصدون!
(5) هل يعلم المتجمهرون في ساحة الإرادة ان قوى الأمن المحيطة بهم المكونة من رجال وشباب الكويت المخلصين يتركون زوجاتهم وأبناءهم وعائلاتهم للحفاظ على أمنهم، لا تصدقوا المحرضين من أعداء الكويت وأعدائكم واستبدلوا التعدي على رجال الأمن بإعطائهم الماء والورود، وهو بلا شك قليل بحقهم!