هناك تناقضات فاضحة على الساحة السياسية تحتاج الى رد وإيضاح، فهناك من يدعي الحفاظ على الدستور وهو يدعو لكل ما فيه خروج على الدستور، كما يدعي الحفاظ على القانون والنظام ودولة المؤسسات، وهو يتعدى على صلاحيات الأمير التي نص عليها الدستور في المادة 56، علما أن المادة 25 من جرائم أمن الدولة تعاقب كل من طعن علنا في حقوق الأمير و«سلطته» كما أتى في النص.
***
هناك من يدعى أن خروج المعارضة البحرينية للشوارع والساحات ومطالبتها بالحكومة الشعبية هو انقلاب على الشرعية والنظام وخدمة للأجندات الخارجية ثم.. يحرضون ويخرجون الناس للشوارع والساحات مطالبين بـ .. الحكومة الشعبية، فماذا يسمى هذا؟!
***
ويدَّعون أن هناك مطامع إيرانية في الدول الخليجية وهو أمر لو صح لوجب أن يصطفوا خلف الحكومات الخليجية لدرء الخطر ورص الصفوف، بينما تظهر الأعمال التي هي أصدق من الاقوال تحركهم الشديد ضد الحكومات الخليجية ومنها الحكومة الكويتية وشقهم للصفوف، فإما أنهم كاذبون فيما يخص الخطر الإيراني أو أن هناك خطرا وهم جزء أساسي منه.
***
ومن التناقضات رفضهم قيام «السلطة التنفيذية» بتعديل الدوائر لتحقيق التقارب العددي الذي يطالب به ناخبوهم، ثم رفضهم إعطاء هذا الحق «للسلطة القضائية» عبر الرفض المسبق لأحكامها ثم تعطيلهم بعد ذلك عقد جلسات «السلطة التشريعية» ممثلة بمجلس 2009 للقيام بذلك التعديل رغم تملكهم الاغلبية فيه بعد اصطفاف نواب تكتل العمل الوطني معهم في آخر أيام ذلك المجلس، فمن سيعدل الدوائر إذن؟ وهل يعقل أن تذهب الدولة لانتخابات عامة مطعون في دستوريتها بشكل مسبق؟! واضح أن القضية هي جر شكل ورغبة في الخروج للشوارع تحت أي ذريعة!
***
ومن التناقضات الصارخة الادعاء بتمثيل «أغلبية» الأمة في كل ما يطالبون به من حكومة شعبية وأحزاب ودائرة واحدة ثم رفض قضية التحقق من هويات الحضور للتأكد من انتمائهم للشعب الكويتي! ومثل ذلك الخوف الشديد من أي تغيير في الدوائر ومن يمتلك دعم أغلبية الشعب الكويتي بحق لا يهمه إطلاقا إن جرت الانتخابات بهذا الشكل أو ذاك، وهناك من يدعي تمثيل الشباب ويرفض التقاعد وإعطاء المقاعد للشباب المتباكى عليه، ومثل ذلك ادعاء محاربة الفساد، بينما يظهر الثراء الفاحش غير المشروع على كثير من القيادات التي تدعيه والتي رفضت كما تظهر محاضر مجلس الأمة إنشاء لجنة قيم تحاسب النواب أو إصدار قوانين الذمة المالية.. خوفا بالقطع من الوقوع تحت طائلتها!
***
آخر محطة: تناقضات أخيرة
(1) إن كان سبب رفض انعقاد مجلس 2009 هو إحالة بعض أعضائه للنيابة العامة وقبل أن تصدر الاحكام بحقهم، فهناك كذلك من أحيل للنيابة بسبب اقتحامه لمجلس الأمة، وإن كان سبب الرفض هو القبض من المال الخاص الذي لم يثبت، فهناك من ثبت أنه يقبض من المال العام دون وجه حق.
(2) وإن كان سبب رفض مجلس 2009 هو رفض الأمة له ممثلة بحشود ساحة الإرادة ومن ثم فإن الفيصل في تمثيل الأمة ليس الانتخابات العامة وقبة البرلمان، بل حشود ساحة الإرادة، فللمعلومة نطقت الأغلبية الصامتة بشكل واضح وجلي هذه الأيام عبر مقاطعتها الواضحة لساحة الإرادة والمطالب التي تعلن فيها ومنها طلب عدم انعقاد مجلس 2009، لربما بعد أن جرب الشعب الممارسات السيئة للمجلس 2012، وعليه لا يمكن القبول بتناقض استخدام حشود الساحة إن وافق الأهواء ورفضه إن لم يمش مع الرغبات.