سامي النصف

كلمات هادئة في قضية دوائر ساخنة (1)

  تضمن حكم المحكمة الدستورية الأخير كلمات صريحة تنص عل‍ى عدم دستورية نظام الدوائر الخمس القائم بسبب تباين أعداد الناخبين وغيره، ومن ثم كان منطقيا أن تحاول الحكومة تحصين نتائج الانتخابات القادمة من الطعن عبر التعامل الإيجابي مع ذلك الحكم الدستوري من خلال الالتزام بما أتى به، حيث إن الذهاب للانتخابات القادمة دون إصدار مراسيم ضرورة لتعديل ذلك الوضع يعني بالضرورة حل مجلس الأمة المقبل حال الطعن فيه، حتى لو قام المجلس الجديد بتعديل الدوائر بطريقة تناسب حكم المحكمة الدستورية كونه قد انتخب أصلا ضمن نظام انتخابي غير دستوري والقاعدة القانونية تقول «ما بني على باطل فهو باطل».

***

لذا فإن من الأمور المنطقية جدا إصدار مراسيم ضرورة بتعديل الدوائر، وهو أمر مثله عام 81 ولم يعترض أحد على إصدار مراسيم الضرورة تلك أو على دستورية نظام الـ 25 دائرة التي لم تطعن المحكمة الدستورية بشرعيته طوال السنين، ومن ثم قد تكون العودة اليه كما ذكر الخبير الدستوري د.محمد الفيلي هي أحد الحلول الواقعية لإشكال طعن المحكمة الدستورية بنظام الدوائر الخمس القائم والذي لم يمتد للدوائر الـ 25 التي ترحم عليها أغلب من طالب بالتحول عنها.

***

والحقيقة ان التحول من نظام الدوائر العشر الذي خلق أوائل الستينيات الى نظام الدوائر الـ 25 الذي خلق في الثمانينيات، ولاحقا الى الدوائر الـ 30، هو الأمر المنطقي القائم في العالم أجمع الذي «تزداد» فيه أعداد الدوائر مع زيادة أعداد المناطق والسكان، لا أن «تتناقص» من 25 الى 5 ثم الى نظام الدائرة الواحدة المدمر وغير الدستوري. وقد تعرض نظام الـ 25 دائرة ومازال لحملة أكاذيب ظالمة عبر القول انه المتسبب في الطائفية والفئوية والقبلية وشراء ونقل الأصوات، بينما وجدنا أن جميع تلك الأمراض قائمة في انتخابات المجلس البلدي الذي بقي قائما على نظام الدوائر العشر لحقيقة ان تلك التخندقات الطائفية والفئوية وغيرها قد تفشت في جميع دول المنطقة منذ أواخر السبعينيات حتى اليوم، فشهدنا التقاتل والتناحر الطائفي والفئوي غير المسبوق في لبنان والعراق والسودان ومصر وسورية والبحرين وإيران والجزائر وغيرها دون أن تتغير دوائرهم الانتخابية من عشر الى 25 دائرة.. وإلى الغد.

***

آخر محطة:

(1) أثبت التحول للدوائر الخمس واستفحال تلك الأمور السالبة ضمن ذلك النظام مما أضر بالوحدة الوطنية بشكل غير مسبوق، البراءة المطلقة لنظام الدوائر الـ 25 من التسبب فيها.

(2) محاربة ومحاولة القضاء على ظواهر نقل وشراء الأصوات والطائفية والفئوية والقبلية ضمن نظام الـ 25 دائرة أسهل بكثير من محاربتها ومحاولة القضاء عليها ضمن نظام الخمس أو الدائرة الواحدة، وهذه بديهية فاتت على الكثيرين.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *