عادل عبدالله المطيري

العرب بين القطيع والتقطيع

أخبارنا أصبحت جميعها عاجلة مع الحدث كما يقولون وربما تسبقه لكنها سرعان ما تذهب كما جاءت، بعد ان تنزل بنا مصيبة جديدة لتصبح (اخبار نازلة) وليست فقط عاجلة.

كل الغرف في بيتنا العربي تحترق، والغرف الأخرى من الدخان تكاد تختنق، والكل يتساءل: من اشعل الحريق؟ ومن المستفيد؟

هل نحن العرب حكاما ومحكومين لا نقبل بأنصاف الحلول، شعارا «لنا الصدر دون العالمين او القبر»، يا خال يا بو ثنتين، يا طاعة عمياء او ثورة عمياء.

لا يطيق حكام العرب مشاركة شعوبهم الحكم، فأصبحت الشعوب ايضا لا تطيق حكامها، ولم تعد تثق بإصلاحاتهم التدريجية نسبة للدرج، فتحولنا الى مواطنين يقطعون دولهم الى اجزاء او دول تقطع مواطنيها الى اشلاء، فطبقنا وبكل جدارة «سياسة التقطيع».

انجرفنا الى الثورات دولة وراء أخرى، وشعب تلو آخر، فكنا ولا فخر كالقطيع الذي يساق الى المجهول، ونحن نهتف وبجنون: الشعب يريد اسقاط النظام او الراعي.

لم نكتف بتكسير الاصنام السياسية، بل قمنا بتحطيم الدولة وبعثرنا المجتمع، ثوراتنا عنيفة، حتى انها قضت على النظام العربي الاقليمي وحولتنا الى مجرد عربان.

وصفوا جنوننا العربي بـ (الربيع العربي) فقايضنا ورود شبابنا العربي مقابل ازهار الحرية التي لم تنبت، وروينا حقول الديموقراطية المزعومة بدماء شهدائنا الحمراء ولم تخضر بعد، ربما خدعونا بقولهم لنا «ربيعا عربيا» فأصبحنا كالغواني وغرّنا الثناء!

 

حسن العيسى

ألف مرة وين رايحين!

نصبت كتلة الأغلبية في بيانها الصحافي نفسها محكمة سامية تعلو فوق المحكمة الدستورية التي قضت ببطلان انتخابات مجلس الأمة الأخير. وكتبت الأغلبية بيانها بشكل صحيفة طعن قانونية ضد حكم المحكمة الدستورية، وأخذت الكتلة للأسف تعظ الناس وتذكرهم بأحكام الدستور واختصاصات المحكمة الدستورية التي تجاوزتها المحكمة حسب بيان الكتلة.
وبينما تذرف الكتلة الدموع الساخنة على أحكام الدستور، “وتجاوزات” المحكمة الدستورية لولايتها واختصاصاتها، سحقت الكتلة في الوقت ذاته أهم مبادئ الدستور، وسفهت أهم نصوصه الخاصة بمبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء واحترام أحكامه.
كان أضعف الإيمان أن تقول الكتلة إنها ضد حكم المحكمة الدستورية، وإنها لا تتفق مع أسباب الحكم جملة وتفصيلاً، لكن من باب احترام مبدأ الفصل بين السلطات، واحترام الأحكام القضائية واستقرارها فلابد من تنفيذها بنصها وروحها مهما اختلفنا معها، ففي ذلك استقرار الوطن واستقرار دعاماته الديمقراطية، وبغيرها لنقل على الكويت السلام.
كتلة الأغلبية اختارت التهديد باللجوء إلى الشارع، وفي الشارع ليس هناك مكان لحكم القانون والعقل، وإنما هو المكان لاستثمار عواطف الناس البسطاء الحانقين على فساد أجهزة الدولة، والغاضبين على مسارها السياسي، لكنه ليس المكان المفروض للنقاش العاقل الهادئ حين نبحث عن الحلول الواعية للأزمة السياسية التي تراوح فيها الدولة اليوم.
الأخطر من كل ذلك أن سلطة القضاء أضحت في مهب الريح حين أصبحت التجمعات علي أبواب المحاكم، والتظاهر ضد الأحكام القضائية وسائل طعن مرعبة في هذه الأحكام، وبالتالي فالسباحة مع هذا التيار سيغرق الدولة بمن فيها في دوامة الفوضى والدمار المؤكد.
إذا كانت الأغلبية تريد أن تطرح موضوع شعبية رئاسة مجلس الوزراء، والتقدم نحو فكرة الإمارة الدستورية، وتجد سندها بذلك الطرح عبر الشارع وتجمعات ساحة الإرادة، فلتقل ذلك صراحة ودون اللجوء إلى الانتقاص من السلطة الثالثة في الدولة، فالكويت وكل دول الخليج ليست مستثناة من أحكام الربيع العربي، لكن على الكتلة أن تفكر قليلاً، فما قد يتصور أنه ربيع للشعوب قد يكون خريفاً مغبراً يدفن الدولة بمن فيها في أتربة الدمار.
اليوم نواجه تحدياً خطراً، وعلى كتلة الأكثرية أن تعيه جيداً، فالدولة هنا وباحتمال كبير ستجد نفسها في حالة مزرية بعجز مالي كبير، لم نعتده من قبل، أمام واقع تدني أسعار النفط لضعف الطلب، وتدهور الأوضاع الاقتصادية في معظم دول العالم، وبمثل حالتنا التواكلية على عمل الغير والسفه الإنفاقي والفساد المالي وغرق الشعب في مستنقع الاستهلاك ستنعكس تلك الأوضاع الاقتصادية على الحالة السياسية، وعلى استقرار الدولة… فهل سنكون على مستوى ذلك التحدي أم سنمضي مهرولين بدروب مراهقة سياسية لن تقودنا لغير الخراب الكامل…!

احمد الصراف

في الزيارات والنظافات (2-2)

هنالك من يعد الشيعة مثلا مشركين ويجب العمل على إفنائهم، وهناك من يعتقد أن الأقباط يجب أن يتركوا مصر ومسيحيي لبنان يجب أن يهاجروا منه، وآشوريّي العراق وكلدانه يجب التخلص منهم، وهكذا، وهذا ليس أمرا بائسا فقط بل مضحك أيضا، وإن كان ضحكا كالبكاء، فكيف يمكن أن يفكر أي طرف في إفناء غيره، ولو كانوا يعدون بالملايين، لمجرد أنهم يتبركون بمقابر أئمتهم مثلا؟ وتصبح المسألة أكثر استحالة عندما نعلم أنه لا توجد دولة عربية واحدة لا يوجد فيها مزار مقدس أو قبر يتبرك به او رمز يطلب منه الشفاء والخير، فهذا ما نراه شائعا في مصر وتونس والسودان وموريتانيا والسنغال والهند وباكستان وغيرها العشرات، فهل سيقوم هؤلاء المتطرفون المجانين بإفناء مسلمي كل هذه الدول ليثبتوا للعالم أنهم على حق، ولكي ترضى نفوسهم المريضة؟
وبهذه المناسبة يقوم صديق مغرم، منذ أكثر من نصف قرن، بزيارة «الأضرحة» والمدن المقدسة من اليابان مرورا بتايلند وإيران والعراق وحتى سيدنا البدوي في مصر، والأوزاعي في لبنان والسنوسي في ليبيا ومولاي عبدالله في المغرب. ويقول صديقنا انه لاحظ أن غالبية أماكن العبادة في العالم عادة ما تكون نظيفة ومرتبة، وترحب بشكل عام بالسائح والزائر، وحتى الفضولي، وتوفر للجميع الخدمات المناسبة، بصرف النظر عما إذا كانو زواراً عاديين أو متعبدين. ويقول إن الصورة تختلف تماما في أماكن العبادة والقداسة في الدول الإسلامية بشكل عام، حيث نجد أن غالبية هذه الأماكن تفتقر الى خدمات المواصلات السهلة والرخيصة وأماكن الاستراحة لكبار السن، وأن أوضاعها متهالكة، والأسوأ أن أماكن قضاء الحاجة فيها هي الأقل نظافة في العالم والأكثر سوءا، فلا خدمات عامة ولا مياه ولا نظافة، هذا إن وجدت أصلا! كما أن هذه المناطق تفتقر بشكل عام الى خدمات البنية التحتية بصورة مخجلة، فلا مياه جارية ولا مقاه ومطاعم نظيفة، وقال ان الأمور لم تتحسن كثيرا فيها منذ نصف قرن، عندما بدأ اول زياراته لمدن العراق. ويقول إنه لاحظ أمرا أسوأ وهو أن الوضع العام لهذه المدن في ترد مستمر بالرغم من الزيادة الكبيرة في عدد زائري تلك المدن، وبالتالي زيادة مدخول «المشرفين عليها» من السياحة الدينية، فلا فنادق نظيفة ولا مقاه ولا خدمات مواصلات يعتمد عليها ولا حمامات وهكذا، وهنا يتساءل عن سبب هذا الوضع المزري!؟ وبالرغم من جهلي بما يتحدث عنه قلت له ان الأمر ربما يعود بصورة أساسية إلى تخلفنا العام وإلى عدم اهتمامنا بما يكفي بالسياحة الدينية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يكمن السبب في أن غالبية هذه الأماكن يتوارث الإشراف عليها، وتحصيل ما يتم التبرع به من أموال، أسر معروفة، وحلت مؤخرا أحزاب وعصابات قوية محل البعض منها، وليس من مصلحة هذه الجهات أو من أولوياتها الاهتمام بالمرافق العامة ولا بالخدمات الأرضية وما تحتها، خصوصا ان هذه المناطق كانت تاريخيا منسية من قبل الحكومات المركزية، واستمر الإهمال والنسيان «المفيد» إلى يومنا هذا. حتى عندما حاول البعض الاستفادة ماديا من النقص الشديد الذي تشكو منه هذه الأماكن في الخدمات والفنادق والمطاعم، لحقت بهم خسائر مادية بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في تلك الدول، وقد تتعدل الأمور معهم «إن» استقرت الأوضاع الأمنية في تلك الدول، ولكن هل هناك أمل في ذلك؟.

أحمد الصراف

د. أحمد الخطيب

الدولة الفاشلة!

لا وزارة ولا مجلس أمة… المحكمة الدستورية عرّت وضعنا المأساوي، تم هدم كل أسس الدولة فعمّت الفوضى واستشرى الفساد، وتفتت المجتمع وتحول إلى دويلات طائفية وقبلية، ومزارع مافياوية على مرأى بل بمشاركة أطراف مهمة في النظام، وضعت مصلحتها الخاصة فوق مصلحة الوطن، مؤكدة عداءها للنظام الديمقراطي.

لقد وصلنا إلى وضع فقدت فيه الوزارة صلاحيتها وأصبحت تنفذ ما تؤمر به، فلا برنامج واضح ولا تجانس موجود، ولا شيء يجمع الوزراء غير حبهم للتوزير، إلا ما ندر. متابعة قراءة الدولة الفاشلة!