عندما طالبتُ في بداية كتابتي في القبس بميثاق شَرَفٍ يوقّ.ع عليه أصحابُ الرأي والأقلام الصحفيّة، استنكر بعض الزملاء هذه الدعوة واستقبلوها بشيء من السخرية، ولم أكن وقتها كتبتها من فراغ، بل من إدراك لمنطلقات عدد غير قليل من أصحاب الأقلام الصحفية.
بالأمسْ، كتب أحد هؤلاء مقالاً ممتلئاً بمخالفة الواقع ومجانبة الحقيقة والتحريض السافر للسلطة على ضرب تيار عريض من تيارات المجتمع الكويتي الصغير! ولقد كانت بداية القصيدة كفراً عندما اتهم التيار الإسلامي في الكويت (الذين أسماهم بإخوان الكويت) بأنهم سرطان!
ثم يبدأ بعد ذلك بتزوير التاريخ عندما يدّعي أنّ الحكومة أو السلطة تحالفت مع التيار الديني في منتصف السبعينات عندما بدا لها أنّ التيار الوطني الليبرالي أصبح خطراً عليها! وتشويه التاريخ هنا في أمرين: الأول، أنّ الحكومة أو النظام تحالف مع التيار الديني! وليته وضّح مظاهر هذا التحالف حتى نعرف كيف نرد عليه، وأتمنى ألا يكرر مقولة مشاركة الشيخ يوسف الحجي في الوزارة بعد حلّ مجلس 1975. والأمر الثاني، عندما قال إنَّ التيار الوطني كان خطراً على الحكومة فاتجهت تبحث عن حليف آخر! هذا دليل على أنّ السلطة كانت متحالفة حتى نهاية السبعينات مع هذا التيار. لكنَّ الحقيقة التي حاول صاحبنا إخفاءها أنّ السلطة رأت في هذا التيار ضعفاً ونفوراً من قبل الشارع الكويتي تجاهه، بعد أن انكشفت حقيقته وحقيقة منطلقاته في الكويت وخارجها.
يقول صاحبنا «ما لم تدركه السلطة حينها أن المقولة المنسوبة إلى الملك عبدالعزيز من أنّ الدين طير يقنص به، قد تكون مناسبة لمجتمع سلطوي..»! ولا شك أنّها عبارة لا تتناسب وحسن الجوار الذي تعيشه الكويت مع الشقيقة الكبرى السعودية، ولن أعلّق أكثر.
يقول عن الإخوان في الكويت «وهم اليوم أقرب ما يكونون إلى السلطة من أي وقت مضى»! وسؤالي: ما هي مظاهر قربهم إلى السلطة والحكم؟ هل بكثرة وزرائهم في الحكومة؟ هل بوجودهم المكثّف في قيادات الجيش والشرطة؟ هل بسيطرتهم على الصحف اليومية والقنوات التلفزيونية العاملة في الكويت؟ أين هذا الوجود الذي ذكره كدليل على صحة كلام الفريق خلفان من سيطرتهم على مقاليد الحكم في الكويت 2013؟ إنّها والله محاولة الاستخفاف بعقول القراء والتدليس عليهم بتزوير حقائق الواقع.
وأخيراً، عندما أراد أن يعطي الدليل على ارتباط إخوان الكويت بإخوان مصر جاء بهذه الحقيقة الدامغة «والدليل أنه لا أحد من هؤلاء استطاع إخفاء فرحته عندما اكتسح إخوان مصر غالبية مقاعد البرلمان، ولكنّهم سكتوا عندما فشل مرشحهم للرئاسة في الحصول على نصف عدد الأصوات.. وهذا مؤشر واضح على انكشافهم وخواء فكرهم»! إذاً عندما نفرح بفوز الإسلاميين في الانتخابات فهذا دليل على ارتباط تنظيمي بهم! هكذا بكل بساطة استنتج هذه الحقيقة الدامغة! ثم سكوتنا عن «فشل» محمد مرسي في انتخابات الرئاسة! «صحي النوم يا صاحبي.. وبلاش تهريج كفاية».
لمثل هذه الحالات طالبنا بميثاق شرف يلتزم فيه الكاتب بالموضوعية في كتاباته ويحترم عقول القراء.. ويبتعد عن تكرار الاتهامات، ويتورّع عن تلفيق القضايا إلى خصومه.