سامي النصف

كيف تهدم الكويت في 6 خطوات مضمونة؟!

الكويت لا تختلف اطلاقا عن دول منطقة الشرق الأوسط الأخرى (رجل العالم المريض كحال الدولة العثمانية بداية القرن الماضي) التي تملأ أدخنة حرائقها السماء، وتعم الفوضى مدنها وتسيل الدماء أنهارا في شوارعها، مشروع هدم الكويت القائم على قدم وساق يمر بـ 6 خطوات مضمونة هي:

1 ـ تشويه سمعة قياداتها السياسية ورجالها المخلصين أمثال الرئيس العاقل والحكيم جاسم الخرافي وعبدالعزيز العدساني وصالح الفضالة وغيرهم، وإرسال جيوش الظلام للطعن بهم والإقلال من شأنهم عبر وسائل الاتصال الاجتماعي، وأعجب شخصيا من بلد به مثل هؤلاء الحكماء ولا يستمع لنصحهم كل صباح ومساء.

2 ـ ضرب صلب العمل الديموقراطي بتحويله من لعبة رياضية جميلة كحال جميع الديموقراطيات الأخرى، يهنئ بها الخاسر في التصويت من فاز به، الى حرب شعواء كحال داحس والغبراء يلجأ خلالها من يخسر التصويت الى الفوضى والخروج للشوارع والميادين.

3 ـ التعدي على القضاة الأجلاء وأحكامهم الشامخة التي هي عنوان الحقيقة، ومحاولة جعلهم ضحايا لجرائم الابتزاز الشنيعة عبر تسليط المرتزقة والغوغاء عليهم لمعرفة الخفافيش والأجراء والمرتزقة بأن انهيار جدار القضاء سيتسبب في انهيار الدولة وتفشي الفوضى وبدء عمليات التفجيرات في الأسواق والأماكن العامة والقفز على البيوت الآمنة وقطع أعناق قاطنيها كما يحدث على بعد أمتار قليلة من حدودنا الشمالية، لينتهي الأمر بعد ذلك بهجرة دائمة للخيّرين من أهل الكويت لصالح قوى الشر والعمالة والاسترزاق.

4 ـ كسر هيبة السلطة والدولة وتشجيع الغوغاء على التعدي على رجال الأمن وكبار ضباط الداخلية، والدور قادم سريعا على ضباط الجيش والحرس الوطني والأميري فلم تحرق البلدان ومنها لبنان والصومال والعراق الا بعد تحييد قوى الأمن والجيش عبر الإساءة اليها والحط من شأنها (العملية قائمة كذلك في الشقيقة الكبرى مصر).

5 ـ استخدام أموال مشروع «الفوضى الخلاقة» لخلق ظاهرة «الإعلام المدمر» الذي هو أسوأ بكثير مما سمي «الإعلام الفاسد»، فالأخير يضر بالأفراد والأول يدمر الأوطان عبر تجنيد إعلاميين بارزين لتحريض الشباب الغر على بلدانهم وجعلهم في حالة غضب دائم وشعور كاذب بالظلم واسألوا لبنان ما فعلته ثنائية الإعلام المدمر والشباب المغرر به طوال أعوام 1975 ـ 1990.

6 ـ تشجيع خلافات أبناء الأسرة الحاكمة، فكلما هدأت أعيد اشعالها وصب الوقود عليها، والحقيقة ان بعض أبناء الأسرة، حالهم حال بعض الساسة والإعلاميين، ليسوا فوق مستوى الشبهات، حيث لا يمكن فهم ما يعملون ويفعلون الا ضمن مخطط تدمير البلد، ولعن الله حب السلطة والقوة والمال الذي يعمي العقول وما يفعله بالنفوس.

***

آخر محطة:

 (1) بمناسبة ظهور نتائج الامتحانات هذه الأيام، أداء وزير الإعلام الشيخ محمد عبدالله المبارك يقارب العشرة على العشرة، فالحقوق ـ كما يقال ـ تريد.. حلوق، وعلى رجال الحكم والحكومة النطق كي يفهم الناس رسائلهم الخيرة ودون ذلك سيسيطر الأشرار والغوغاء وأصحاب الأجندات على الشارع الكويتي.

(2) الأسرة الحاكمة ملزمة هذه المرة بأن تخرج وتوزر أفضل أبنائها فقد وصلت السكين الى الأعناق وإذا لم تنحوا خلافاتكم جانبا وتستخدموا أفضل سيوفكم هذه الأيام فمتى ستستخدمونها إذن؟! هل ستنتظرون نجاح مشروع الحكومة الشعبية المدمر كي تتحركوا وتقدموا الأكفاء‍ والأمناء والحكماء من أبنائكم؟! لست أدري.

احمد الصراف

العودة للحفاة والحجاب

يبدو أن مقال يوم الأربعاء الماضي عن الحجاب والحفاة أثار شجون البعض فكانت هذه التعليقات:
يقول سالم، المصري، إنه يقوم، ومنذ عشرين عاما تقريبا، بتوصيل والده لمحله التجاري، وإعادته للبيت مساء، ويقول إن والده قليل الكلام، ومع هذا كثرت تعليقاته في السنوات الأخيرة بخصوص ما كان يراه من مظاهر خلاعة وطريقة لبس الفتيات والسيدات في الشارع، أو وهن يقدن مركباتهن! وأنه دأب في الاشهر الأخيرة على التطاول على البعض منهن لفظا، وشكواه لا تنحصر فقط في عدم ارتدائهن للحجاب، بل وفي إصرار البعض منهن على كشف أجزاء كبيرة من أذرعتهن، وأن الأخلاق، بنظره، أصبحت في الحضيض، وأن هذا لا يرضي الله ولا رسوله، وأن على الحكومة أن تفعل شيئا لوقف هذا الانحدار والتسيب الاخلاقي المستشري. ويقول سالم انه كان يتفق كثيرا مع ملاحظات والده ويشاركه الشعور نفسه، وانه كاد في أحد الأيام أن يوقف سيارته ويوجه صفعة لتلميذة مدرسة بسبب قصر «تنورتها»، وانه لم يتردد في توجيه ملاحظات عدة للبعض منهن، وكان يتساءل دائما عن سبب سكوت السلطات عن هذا التسيّب وان في الأمر مؤامرة على الشعب، وتخريب أخلاقه لتسهل السيطرة عليه! ويقول ان مقالي عن الحجاب وحفاة الأقدام لفت نظره إلى حقيقة أنه ووالده، وطوال العشرين عاما الماضية على الأقل، لم يشكوا يوما من أكوام الزبالة في طريق ذهابهما وإيابهما، والتي كانت انظارهما تقع عليها كل يوم، ولا آلاف الذباب الذي يغطي زجاج مركبته كلما اضطر للتوقف بجانب أحد اكوام القاذورات، ولا عشرات المتسولين الحفاة الأقدام من بائعي العلكة الذين يدقون، بمذلة واضحة، على زجاج السيارة عند إشارات المرور متوسلين ومتسولين قروشا بسيطة، وإمارات الجوع والحرمان من الأكل والدراسة وربما النوم، بادية عليهم! كما لم تهزه ولا والده أو تلفت نظرهما عشرات الحفر التي كانا يضطران يوميا للوقوع فيها، ولا زحمة السير الخانقة، وعشرات القضايا والمآسي التي يصادفها كل من يسير أو يتحرك في شارع قاهري، ولكنه كان يشعر ويلاحظ كم كانت الدماء تفور في رأسه ورأس ابيه لرؤية من تقود سيارتها المكشوفة، مثلا بغير، غطاء رأس أو حجاب، وبذراع مكشوفة!
ويقول الصديق نور رازق، انه ذهب وزوجته في أحد الأيام لتخليص معاملة رسمية وهناك طلب منه «رئيس القسم»، بكل خشونة، تكليف ساع محدد بمهمة إنهاء المعاملة، والعودة في اليوم التالي لتسلمها، وهنا شعر بأن في الأمر شيئا، ولم يخب ظنه، حيث طلب منه الساعي دفع مبلغ كبير لـ «البيه»، كرشوة، لإنهاء المعاملة، وحيث ان زوجته كانت مضطرة لها فقد الحت عليه بدفع «المقسوم»، وهكذا كان، وعاد في اليوم التالي معها لمكتب رئيس القسم الذي رحب بهما، هاشا باشا، وطلب منه توقيع الأوراق في أماكن محددة من النماذج الرسمية، وأن يكتب اسم والدته وزوجته كاملين! وهنا أخذ الرئيس النماذج وفحصها ورفع رأسه ونظر إليه قائلا: أنت مسلم؟ فرد نور: نعم، والحمد لله! فقال له رئيس القسم، الذي سبق أن قبل رشوته، والذي تغير موقفه منه بسببها واصبح اكثر لطفا: كنت فاكرك مسيحي! يا أخي، ما دام انت مسلم، مش حرام عليك مخلي مراتك من غير حجاب؟!

أحمد الصراف

حسن العيسى

ماذا تريدون؟… رسّونا على بر

ماذا تريد الأغلبية تحديداً؟ ما هو برنامجها للأيام القادمة؟ هل سيكون تجمعات وخطباً وحشوداً جماهيرية أم تهدئة وانتظار سلطة الحكم في سيرها نحو إجراءات تشكيل حكومة بمحلل ثم تقديم طلب حل مجلس 2009 ثم انتخابات تراعي الإجراء الدستوري المفروض! علام تعترض الأغلبية اليوم وعلام توافق! هل تعترض على حكم محكمة عليا أم تشكك وتعترض على السلطة القضائية كلها ككيان دستوري! لِمَ كان الحشد الجماهيري أمس الأول في ساحة الإرادة مادامت السلطة وعلى لسان وزير الإعلام تعهدت بالقيام بتصحيح الوضع حسب قرار المحكمة، وستجري انتخابات جديدة؟!
التساؤلات السابقة لا بد من طرحها حتى نعرف وندرك في أي طريق نسير، وما هو الممكن المعقول في الظرف الحالي، وما هو غير الممكن! حتى الآن “يبدو” أن السلطة (أسرة الصباح الحاكمة) ماشية مع طلبات الأغلبية على طول الخط، وتكاد تقول لها “يا دهينة لاتنكتين”، مثل طبقته الحكومة أيام المجلس المبطل في الموافقة على جل مشروعات القوانين التي قدمتها القوى الدينية المهيمنة على مسار الأغلبية، وحتى آخر أيام المجلس، وإلى الآن بعد صدور حكم المحكمة الدستورية… فما هو المطلوب إذن!
تصريحات أكثر المتحدثين في تجمع الثلاثاء توهت المراقب المحايد، فمثلاً كتلة الشعبي ممثلة بالسعدون والبراك تؤكد مطالبتها بـ”الإمارة الدستورية” والنظام البرلماني الكامل، أي حكومة تمثل البرلمان، وهذا يعني شعبية منصب رئيس الوزراء، وشعبية ما يسمى وزارات السيادة مثل الداخلية والدفاع، والخارجية وحرية تشكيل الأحزاب… بكلام آخر شيوخ الديرة لن يكون لهم غير”البشوت”، كما سمعت همساً من معارض! بينما خالد السلطان رغم خروجه لحشد الثلاثاء وتحديه للتوجه العام للتجمع السلفي القائم على أيديولوجيا تاريخية فحواها “حاكم غشوم ولا فتنة تدوم” إلا أن أبا الوليد ظل يردد تمسكه بالنظام وحكم الأسرة كما فهمت… فلماذا خرج خالد للحشد أساساً، هل خلع رداء التجمع السلفي ليلبس رداء “الإخوان” أم رداء ثوار السلفية مثل الطبطبائي ومحمد هايف…؟! وأيضاً جماعة الإخوان، والصوت العالي سيكون لهم في النهاية، لا يبدو أنهم واضحون في طرحهم، يعترضون مرة على حكم الدستورية ويشككون فيه، ومرات أخرى يظهرون احترامهم لحكم المحكمة وضرورة الامتثال له! هل يريدون إمارة دستورية كاملة أم بقاء صورتها الحالية؟ لا أعرف موقفهم بصورة قاطعة، لكن يمكن القول إن هذه عادتهم… يلعبون سياسة على أصولها… ويمسكون العصا من نصفها… والزمن العربي اليوم زمنهم!
لنعد إلى البداية… ماذا تريد الأغلبية، وهل روادها متفقون على منهج سياسي واحد، وهدف سياسي واحد… أم أنهم مختلفون وضائعون والديرة قد تضيع مع هذا الحال السائب.

احمد الصراف

جاك وحليمة

قرر جاك وصديقه بوب الذهاب لممارسة رياضة التزلج على الجليد في أحد المنتجعات. انطلقا بسيارتهما الصغيرة شمالا، ولكن عاصفة ثلجية فاجأتهما في منتصف الطريق واجبرتهما على اللجوء الى مزرعة قريبة طلباً للمساعدة، وهناك فتحت لهما سيدة، تبدو عليها مسحة من الجمال، الباب، فسألاها ان كان بامكانهما قضاء الليلة في بيتها، بعد ان انقطعت بهما السبل! فقالت السيدة إنها محرجة، فقد توفي زوجها قبل فترة قصيرة، ولها جيران يراقبون كل حركاتها، ولا تريد أن تلوك الألسن سيرتها في كنيسة الأحد على الرغم من تعاطفها مع وضعهما. فقال لها جاك إنه يتفهم موقفها وإنهما لا يريدان غير أن تسمح لهما بالنوم في المخزن الملاصق للزريبة، ولا يحتاجان منها الى شيء غير ذلك، وسيغادران بكل هدوء في الصباح مع تحسن الطقس، وسيسعيان بألا يراهما أحد! وافقت السيدة على طلبهما، وان على مضض. وفي الصباح، وبعد هدوء العاصفة غادر الصديقان وواصلا رحلتهما لمنطقة التزلج وقضيا عطلة أسبوع جميلة.
بعد تسعة اشهر بالتمام تسلم جاك رسالة غير متوقعة من مكتب محاماة شهير، وقد تردد كثيرا في فتح الرسالة، ولكنه قال لنفسه انها ربما تكون من محامي تلك السيدة التي قضيا الليلة في مخزنها، وهنا ذهب الى مكتب صديقه بوب وبكل جدية سأله: هل تتذكر تلك السيدة المملوحة التي قضينا الليل في مخزن زريبتها في عطلة نهاية الاسبوع؟ فقال بوب:‍ نعم أتذكر جيدا. وهل تعلم أن ذلك كان قبل تسعة أشهر؟ فرد بوب وبصوت يشوبه القلق: نعم نعم أعتقد ذلك. وهنا بادره جاك بالسؤال الثالث: وهل تركتني في تلك الليلة نائما، وتسللت خفية الى مخدعها؟ وهنا قال بوب بصوت محرج: نعم، لقد فعلت ذلك، وأنا مدين لك بالاعتذار لأنني لم اخبرك بالأمر في صباح اليوم التالي، لقد أخطأت! فقال جاك: وهل عندما سألتك السيدة عن اسمك اعطيتها اسمي بدلا من اسمك؟ فقال بوب بصوت يملؤه الخجل وقد احمر وجهه تأثرا: نعم فعلت ذلك أيضا، وأكرر اعتذاري، ولكن لمَ كل هذه الأسئلة، وما هذه الرسالة التي بيدك، والتي تلوح بها في وجهي؟ فقال جاك: يبدو أنك تركت انطباعا جديا لديها في تلك الليلة، ولسوء حظك، أو لحسن حظي، توفيت السيدة قبل اسبوع وأوصت بجزء كبير من ثروتها لي!
وبعيدا عن جاك وصاحبه، فالمثل الشعبي يقول «عادت حليمة الى عادتها القديمة»، وقصته أن حليمة كانت زوجة حاتم الطائي(!) وكانت بخيلة جدا لدرجة أن يدها كانت ترتجف وهي تضع السمن في القدر، فأراد الطائي أن يعلمها الكرم فقال لها: انها كلما وضعت ملعقة سمن في قدر الطبخ زاد عمرها يوما، وهنا صار طبخها طيبا! بعد فترة مات ابنها الذي كانت تحبه أكثر من نفسها، فتمنت الموت لتلتقي به، فأخذت تقلل من السمنة لكي يتناقص عمرها، وهنا قالوا: «عادت حليمة الى عادتها القديمة»!.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الحجاب والحفاة

لفتت صورة معبرة انتشرت على الإنترنت نظر كثيرين، بسبب شديد تمثيلها لواقعنا المر. فنحن، وفي عواصم عربية وإسلامية عدة لا تسترعي نظرنا ولا نشعر عادة بالألم إن وقعت أعيننا على صبي أو صبية حافيي الأقدام! ولكننا في الوقت والمكان نفسيهما نتألم ونتضايق، وربما نستنكر، باللفظ على الأقل، عند رؤية امرأة لا تضع قطعة قماش على رأسها! ففي الحالة الأولى، الاشد إيلاما وقسوة، لا نرى الأرجل العارية، كما في تلك الصورة، فالمنظر طبيعي جدا، في مجتمعاتنا ولا يستحق التهويل، أما في الثانية، والأقل خطورة وأهمية، فإننا غير قادرين على السكوت إن رأينا الشعر مكشوفا.
كما لاحظت في كثير من القرى اللبنانية والباكستانية، والأمر يسري على بقية قرانا ومدننا المقدسة بالذات، ان اهتمام الأهالي بتشييد جامع أو حسينية في القرية يتزايد يوما عن يوم، فعدم وجود دار للعبادة أمر مثير للاستغراب، ولكن افتقار القرية إلى مدرسة، ولو ابتدائية، او مستوصف أمر لا يثير استغراب أحد، لاعتقاد هؤلاء أنهم مكلفون نصا بتوفير دار للعبادة، فببنائها نكسب السمعة في الدنيا والأجر في الآخرة، ولا أجر هناك على بناء دار علم أو إنشاء مكتبة أو بناء مستشفى للعلاج! وعندما تتسابق مجالس الجمعيات التعاونية على توفير رحلات الحج والعمرة المجانية لغير القادرين ماديا من سكان المنطقة، أو يقومون بتوفير موائد إفطار في رمضان، فإنهم لا يبذلون نصف ذلك الجهد في التدقيق على جودة البضائع على أرفف جمعياتهم، أو أن اسعارها غير مبالغ بها، أو ان موردها لم يدفع رشوة عنها، والسبب هنا أيضا أن التدقيق والحرص على هذه الأمور لا أجر عليها ولا خير فيها! كما نجد أننا حتما الأمة الفريدة والوحيدة التي لا يتردد البعض من أفرادها في إفساد ذمم الغير في سعيهم للحصول على الثواب وأداء واجب ديني! فقد ورد في القبس، (7 مايو الماضي)، أن «اللجنة العليا لشؤون الحج» اجتمعت لمناقشة بعض القضايا الشائكة، ومنها تلاعب بعض أصحاب الحملات بالوافدين وتوفير تأشيرات حج لهم بأسعار تميل للسوق السوداء! وهذا يعني أن هناك من دفع، أو على استعداد لدفع «رشوة» ليحصل على تأشيرة لأداء فريضة دينية! وهذه من غرائب الدنيا الثماني في أمة أكثر غرابة لا تستطيع أن تدرك مدى خطورة ما تقوم به من تخريب لذمم الآخرين مادام ذلك يؤدي، باعتقادها، إلى أن تحصل على الأجر والثواب. وهنا نجد أن مناهج مدارس أبنائنا تفتقد حتى لفقرة واحدة تحرم ارتكاب مثل هذه التصرفات غير الأخلاقية، وبالتالي ليس مفاجئا أن أحدا في وزارة التربية، ذات النسبة الأعلى من «المتأسلمين» بين صفوف العاملين بها، وخاصة من المعلمين والمعلمات، لم يعترض على خبر غريب أو «يخاف ربه» عندما كشفت دراسة أن %62 من طلبة جامعة الكويت لديهم خبرة سابقة في ممارسة الغش! وأن %93 من هؤلاء الطلبة شاهدوا زملاء لهم يغشون في الامتحانات! والمأساة لا تكمن فقط في ارتفاع نسبة الغشاشين بين الطلبة، وربما في كل مرافق المجتمع، بل في الطريقة السهلة و«الطبيعية» التي نتعامل فيها مع مثل هذه الظواهر الخطيرة، فالمهم بنظرنا أن الطالب والطالبة يلتزمان باللباس الشرعي، وأنهما يؤديان الصلوات في مواقيتها ويصومان رمضان، وكل عام وأنتم وهم بخير!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

أحكام تنفذ .. وأحكام لا تنفذ

الأحكام القضائية واجبة الاحترام.. لكن المشكلة في فهم هذه الأحكام ومدلولاتها ومنطلقاتها! بالأمس كان لدينا خبير دستوري واحد أو اثنان، واليوم لدينا ألف واحد يفسرون الدستور وأحكامه! وجاء بيان الأغلبية ليخلط الأوراق ويزيد من ضبابية المواقف! ولكن قرار رئيس الحكومة بانه لن يحضر جلسة يدعو اليها مجلس 2009 هو قرار صائب وجريء وصب الماء على النار ليطفئها! وأتمنى ان تعود الأمور إلى طبيعتها في القادم من الأيام، وان نرى مجلس أمة منتخبا انتخابا صحيحاً وفقا لآليات دستورية صحيحة خلال أسابيع قليلة، ومع هذا لا نلوم من يدعي ان ما حصل أنقذ المفسدين في حكومة ومجلس 2009 عندما كاد مجلس 2012 ان يكشف المستور! لكن هل الانقاذ متعمد؟! الله أعلم.
استغربت، كما استغرب الكثير، عدم تنفيذ حكم المحكمة القاضي بحبس نائب سابق في مجلس 2012 سنتين مع النفاذ! وقد اتصلت بوكيل الداخلية الذي أكد لي ان هذه مسؤولية إدارة التنفيذ في وزارة العدل، حيث لم ترسل طلباً للوزارة بالتنفيذ!
المهم ان هذا النائب منذ اليوم الأول لوصوله الى البرلمان – في غفلة من الزمن – مع صاحبه أكدنا انه سينكشف على حقيقته، حيث الطبع يغلب التطبع! وكل من شاهده في حفل نجاح صاحبه في فندق ريجنسي، والحالة التي كان عليها يدرك ان أيامه كنائب محترم معدودة! وها هو يصدر عليه حكم واجب التنفيذ وصاحبه يصدر عليه حكمان! اللهم لا شماتة!
***
الحملة الإعلامية المضادة للإخوان المسلمين في مصر ولمرشحهم محمد مرسي كانت كافية لتشويه سمعة المرشح واللي خلفوه! لكن لأنه لا يصح الا الصحيح، ولأن التشويه المتعمد كذب وافتراء.. ولأن سيرة الاخوان ومرشحهم نظيفة في أعين الناس وقلوبهم، لذلك نجح محمد مرسي رغم كل ما قيل عنه، وهذه ظاهرة في مجتمعاتنا الشرقية التي لا تحترم عقول الناس، حيث التيار الليبرالي فيها لا يتورع عن الكذب والافتراء على الآخرين، والسبب بسيط وهو انه ادرك ان سيرته كتيار لا تنقذه ولا تشرف صاحبها، وكذلك لأن أفكاره ومطالبه تتعارض مع الفطرة وثوابتها.
ومن أمثلة الاستخفاف بالناس وعقولهم ما نقرأه في صحفنا لبقايا هذا التيار واليك بعضاً منها:
– «القطيع الكويتي تغيرت لهجته يوم أمس» ما هداك الله على صفة أحسن شوي تصف بها ممثلي الأمة غير هذا الوصف الدوني والتحقير اللاحضاري!
– ينقل عن الشيخ راشد الغنوشي قوله «لن نترك السلطة حتى لو سالت دماء التونسيين بالآلاف»! يا أخي اتق الله وانقل ما يتناسب مع العقل والمنطق خاصة ان الناس يعرفون فكر راشد الغنوشي!
– ينقل عن محمد عاكف قوله «طز في مصر» مستشهداً على ما يقول! وانه – أي عاكف «نبي الله موسى!».
– «نجح المتخلفون في تكبيل المرأة وأقنعوها بانها في منزلة أقل من الرجل وان خلاصها في الخضوع للرجل المتخلف حتى صارت تعطي صوتها لمن يهينها ويتزوج عليها…» اتقي الله يا هيفاء!
– «هناك من يعتبر ان الشيعة مشركين ويجب العمل على افنائهم وكذلك الاقباط ومسيحيي لبنان..» ونسي صاحبنا ان يقول ان هناك في إيران من يعتبر عرب فارس خوارج ويجب افناؤهم! ما أقول إلا اتقوا الله فينا.

عادل عبدالله المطيري

العرب بين القطيع والتقطيع

أخبارنا أصبحت جميعها عاجلة مع الحدث كما يقولون وربما تسبقه لكنها سرعان ما تذهب كما جاءت، بعد ان تنزل بنا مصيبة جديدة لتصبح (اخبار نازلة) وليست فقط عاجلة.

كل الغرف في بيتنا العربي تحترق، والغرف الأخرى من الدخان تكاد تختنق، والكل يتساءل: من اشعل الحريق؟ ومن المستفيد؟

هل نحن العرب حكاما ومحكومين لا نقبل بأنصاف الحلول، شعارا «لنا الصدر دون العالمين او القبر»، يا خال يا بو ثنتين، يا طاعة عمياء او ثورة عمياء.

لا يطيق حكام العرب مشاركة شعوبهم الحكم، فأصبحت الشعوب ايضا لا تطيق حكامها، ولم تعد تثق بإصلاحاتهم التدريجية نسبة للدرج، فتحولنا الى مواطنين يقطعون دولهم الى اجزاء او دول تقطع مواطنيها الى اشلاء، فطبقنا وبكل جدارة «سياسة التقطيع».

انجرفنا الى الثورات دولة وراء أخرى، وشعب تلو آخر، فكنا ولا فخر كالقطيع الذي يساق الى المجهول، ونحن نهتف وبجنون: الشعب يريد اسقاط النظام او الراعي.

لم نكتف بتكسير الاصنام السياسية، بل قمنا بتحطيم الدولة وبعثرنا المجتمع، ثوراتنا عنيفة، حتى انها قضت على النظام العربي الاقليمي وحولتنا الى مجرد عربان.

وصفوا جنوننا العربي بـ (الربيع العربي) فقايضنا ورود شبابنا العربي مقابل ازهار الحرية التي لم تنبت، وروينا حقول الديموقراطية المزعومة بدماء شهدائنا الحمراء ولم تخضر بعد، ربما خدعونا بقولهم لنا «ربيعا عربيا» فأصبحنا كالغواني وغرّنا الثناء!

 

حسن العيسى

ألف مرة وين رايحين!

نصبت كتلة الأغلبية في بيانها الصحافي نفسها محكمة سامية تعلو فوق المحكمة الدستورية التي قضت ببطلان انتخابات مجلس الأمة الأخير. وكتبت الأغلبية بيانها بشكل صحيفة طعن قانونية ضد حكم المحكمة الدستورية، وأخذت الكتلة للأسف تعظ الناس وتذكرهم بأحكام الدستور واختصاصات المحكمة الدستورية التي تجاوزتها المحكمة حسب بيان الكتلة.
وبينما تذرف الكتلة الدموع الساخنة على أحكام الدستور، “وتجاوزات” المحكمة الدستورية لولايتها واختصاصاتها، سحقت الكتلة في الوقت ذاته أهم مبادئ الدستور، وسفهت أهم نصوصه الخاصة بمبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء واحترام أحكامه.
كان أضعف الإيمان أن تقول الكتلة إنها ضد حكم المحكمة الدستورية، وإنها لا تتفق مع أسباب الحكم جملة وتفصيلاً، لكن من باب احترام مبدأ الفصل بين السلطات، واحترام الأحكام القضائية واستقرارها فلابد من تنفيذها بنصها وروحها مهما اختلفنا معها، ففي ذلك استقرار الوطن واستقرار دعاماته الديمقراطية، وبغيرها لنقل على الكويت السلام.
كتلة الأغلبية اختارت التهديد باللجوء إلى الشارع، وفي الشارع ليس هناك مكان لحكم القانون والعقل، وإنما هو المكان لاستثمار عواطف الناس البسطاء الحانقين على فساد أجهزة الدولة، والغاضبين على مسارها السياسي، لكنه ليس المكان المفروض للنقاش العاقل الهادئ حين نبحث عن الحلول الواعية للأزمة السياسية التي تراوح فيها الدولة اليوم.
الأخطر من كل ذلك أن سلطة القضاء أضحت في مهب الريح حين أصبحت التجمعات علي أبواب المحاكم، والتظاهر ضد الأحكام القضائية وسائل طعن مرعبة في هذه الأحكام، وبالتالي فالسباحة مع هذا التيار سيغرق الدولة بمن فيها في دوامة الفوضى والدمار المؤكد.
إذا كانت الأغلبية تريد أن تطرح موضوع شعبية رئاسة مجلس الوزراء، والتقدم نحو فكرة الإمارة الدستورية، وتجد سندها بذلك الطرح عبر الشارع وتجمعات ساحة الإرادة، فلتقل ذلك صراحة ودون اللجوء إلى الانتقاص من السلطة الثالثة في الدولة، فالكويت وكل دول الخليج ليست مستثناة من أحكام الربيع العربي، لكن على الكتلة أن تفكر قليلاً، فما قد يتصور أنه ربيع للشعوب قد يكون خريفاً مغبراً يدفن الدولة بمن فيها في أتربة الدمار.
اليوم نواجه تحدياً خطراً، وعلى كتلة الأكثرية أن تعيه جيداً، فالدولة هنا وباحتمال كبير ستجد نفسها في حالة مزرية بعجز مالي كبير، لم نعتده من قبل، أمام واقع تدني أسعار النفط لضعف الطلب، وتدهور الأوضاع الاقتصادية في معظم دول العالم، وبمثل حالتنا التواكلية على عمل الغير والسفه الإنفاقي والفساد المالي وغرق الشعب في مستنقع الاستهلاك ستنعكس تلك الأوضاع الاقتصادية على الحالة السياسية، وعلى استقرار الدولة… فهل سنكون على مستوى ذلك التحدي أم سنمضي مهرولين بدروب مراهقة سياسية لن تقودنا لغير الخراب الكامل…!

احمد الصراف

في الزيارات والنظافات (2-2)

هنالك من يعد الشيعة مثلا مشركين ويجب العمل على إفنائهم، وهناك من يعتقد أن الأقباط يجب أن يتركوا مصر ومسيحيي لبنان يجب أن يهاجروا منه، وآشوريّي العراق وكلدانه يجب التخلص منهم، وهكذا، وهذا ليس أمرا بائسا فقط بل مضحك أيضا، وإن كان ضحكا كالبكاء، فكيف يمكن أن يفكر أي طرف في إفناء غيره، ولو كانوا يعدون بالملايين، لمجرد أنهم يتبركون بمقابر أئمتهم مثلا؟ وتصبح المسألة أكثر استحالة عندما نعلم أنه لا توجد دولة عربية واحدة لا يوجد فيها مزار مقدس أو قبر يتبرك به او رمز يطلب منه الشفاء والخير، فهذا ما نراه شائعا في مصر وتونس والسودان وموريتانيا والسنغال والهند وباكستان وغيرها العشرات، فهل سيقوم هؤلاء المتطرفون المجانين بإفناء مسلمي كل هذه الدول ليثبتوا للعالم أنهم على حق، ولكي ترضى نفوسهم المريضة؟
وبهذه المناسبة يقوم صديق مغرم، منذ أكثر من نصف قرن، بزيارة «الأضرحة» والمدن المقدسة من اليابان مرورا بتايلند وإيران والعراق وحتى سيدنا البدوي في مصر، والأوزاعي في لبنان والسنوسي في ليبيا ومولاي عبدالله في المغرب. ويقول صديقنا انه لاحظ أن غالبية أماكن العبادة في العالم عادة ما تكون نظيفة ومرتبة، وترحب بشكل عام بالسائح والزائر، وحتى الفضولي، وتوفر للجميع الخدمات المناسبة، بصرف النظر عما إذا كانو زواراً عاديين أو متعبدين. ويقول إن الصورة تختلف تماما في أماكن العبادة والقداسة في الدول الإسلامية بشكل عام، حيث نجد أن غالبية هذه الأماكن تفتقر الى خدمات المواصلات السهلة والرخيصة وأماكن الاستراحة لكبار السن، وأن أوضاعها متهالكة، والأسوأ أن أماكن قضاء الحاجة فيها هي الأقل نظافة في العالم والأكثر سوءا، فلا خدمات عامة ولا مياه ولا نظافة، هذا إن وجدت أصلا! كما أن هذه المناطق تفتقر بشكل عام الى خدمات البنية التحتية بصورة مخجلة، فلا مياه جارية ولا مقاه ومطاعم نظيفة، وقال ان الأمور لم تتحسن كثيرا فيها منذ نصف قرن، عندما بدأ اول زياراته لمدن العراق. ويقول إنه لاحظ أمرا أسوأ وهو أن الوضع العام لهذه المدن في ترد مستمر بالرغم من الزيادة الكبيرة في عدد زائري تلك المدن، وبالتالي زيادة مدخول «المشرفين عليها» من السياحة الدينية، فلا فنادق نظيفة ولا مقاه ولا خدمات مواصلات يعتمد عليها ولا حمامات وهكذا، وهنا يتساءل عن سبب هذا الوضع المزري!؟ وبالرغم من جهلي بما يتحدث عنه قلت له ان الأمر ربما يعود بصورة أساسية إلى تخلفنا العام وإلى عدم اهتمامنا بما يكفي بالسياحة الدينية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يكمن السبب في أن غالبية هذه الأماكن يتوارث الإشراف عليها، وتحصيل ما يتم التبرع به من أموال، أسر معروفة، وحلت مؤخرا أحزاب وعصابات قوية محل البعض منها، وليس من مصلحة هذه الجهات أو من أولوياتها الاهتمام بالمرافق العامة ولا بالخدمات الأرضية وما تحتها، خصوصا ان هذه المناطق كانت تاريخيا منسية من قبل الحكومات المركزية، واستمر الإهمال والنسيان «المفيد» إلى يومنا هذا. حتى عندما حاول البعض الاستفادة ماديا من النقص الشديد الذي تشكو منه هذه الأماكن في الخدمات والفنادق والمطاعم، لحقت بهم خسائر مادية بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في تلك الدول، وقد تتعدل الأمور معهم «إن» استقرت الأوضاع الأمنية في تلك الدول، ولكن هل هناك أمل في ذلك؟.

أحمد الصراف

د. أحمد الخطيب

الدولة الفاشلة!

لا وزارة ولا مجلس أمة… المحكمة الدستورية عرّت وضعنا المأساوي، تم هدم كل أسس الدولة فعمّت الفوضى واستشرى الفساد، وتفتت المجتمع وتحول إلى دويلات طائفية وقبلية، ومزارع مافياوية على مرأى بل بمشاركة أطراف مهمة في النظام، وضعت مصلحتها الخاصة فوق مصلحة الوطن، مؤكدة عداءها للنظام الديمقراطي.

لقد وصلنا إلى وضع فقدت فيه الوزارة صلاحيتها وأصبحت تنفذ ما تؤمر به، فلا برنامج واضح ولا تجانس موجود، ولا شيء يجمع الوزراء غير حبهم للتوزير، إلا ما ندر. متابعة قراءة الدولة الفاشلة!