سامي النصف

يا سمو الرئيس.. ابدأ بدحرجة الرؤوس!

  خسارة إلغاء صفقة «الداو» على المال العام الكويتي بحدها الأدنى هي 2.5 مليار دولار قيمة الحكم، اضافة الى الفوائد وأتعاب المحاماة، وبحدها الأعلى ما يفوق 6 مليارات دولار إذا ما حسبنا الأرباح التي حققتها شركة الداو منذ عام 2008 ولم تستفد منها الكويت بسبب إلغاء الشراكة، فإن مرت قضية بهذا الحجم دون حساب أو عقاب (كما هو معتاد في مثل هذه الحالات) وجب علينا القول ان على البلد السلام وضرورة البدء بتوزيع مداخيل النفط أولا بأول على أفراد الشعب كافة.. استعدادا للرحيل!

***

إن التسلسل المنطقي للمحاسبة الجادة والواجبة يبدأ بالتحقيق مع وزراء النفط المتعاقبين منذ ذلك الحين (عام 2008) لمعرفة أسباب القبول بشرط جزائي يثير الشبهات مما تسبب في صدور أحد أكبر أحكام التعويض في التاريخ، وسبب إلغاء العقد وأسباب عدم الوصول لتسوية مع شركة الداو «قبل» صدور ذلك الحكم لا بعده، وبديهة إن كانت هناك عمولات ورشاوى ضخمة بالصفقة قاربت 850 مليون دولار كما أشيع في حينها مما أدى الى إلغائها، كما قيل، فلماذا بقي المسؤولون التنفيذيون الذين قاموا بالتفاوض في مواقعهم الإدارية بالنفط بل تمت ـ ويا لسخرية القدر ـ ترقية البعض منهم كي يعيثوا في الأرض فسادا؟!

***

كما يجب أن يسأل النواب الذين وقفوا ضد مشروع «الداو» وضد إنشاء المصفاة الرابعة عن خفايا ودوافع مواقفهم، فإذا كان الموقف قائما على معطى ما ذكروه في حينه من عمولات ضخمة بتلك العقود فأين أدلتهم كي يحاسب السراق فيها؟! ولماذا التزموا الصمت مع قرار الإلغاء المفاجئ وقبلوا بالتبعية استمرار من أشاروا لهم تلميحا أو تصريحا بتهم الفساد الشديد وقبض العمولات في مواقعهم؟! وبالمقابل إن كانوا لا يملكون أدلة على فساد تلك الاتفاقيات أو وجود رشاوى فيها فلماذا اتخذوا تلك المواقف المريبة التي أضرت بالكويت أفدح الضرر ولم يرتاحوا ويهدأوا إلا بعد إلغاء الاتفاقية رغم علمهم بتضمنها تلك الشروط الجزائية المجحفة؟!

***

إن أمام الحكومة الجديدة القائمة فرصة تاريخية ذهبية لإظهار الرغبة الحقيقية في الإصلاح وحصد تأييد الشعب الكويتي قاطبة خلفها مما سيحصنها بأفضل الطرق ضد أي أزمات أو استجوابات قادمة وذلك عبر محاسبة المتسببين في خسارة الكويت ذلك المبلغ المهول بسبب «حرمنتهم».. أو«حمرنتهم».. أو الاثنين معا، وأولى الخطوات الواجبة هي إيقاف مسؤولي البترول المعنيين وإيقاف بونصاتهم ورواتب الأربعة شهور الإضافية التي يستولون عليها دون وجه حق من مال الشعب الكويتي واحالتهم للجهات القضائية مقيدين، فما يفعلونه من فساد مالي وإداري يستحق العقاب والحساب والسجون لا البونصات والمكافآت وتسبيل الأهداب والجفون، وقد قال درزائيلي أشهر رئيس وزراء بريطاني «السياسي الجيد هو القصاب الجيد»، ولم يقل ان السياسي الجيد هو من يضع المتهمين والمشبوهين فوق أكتافه ليغرقوه في البحر ويبقوا هم فوق الماء سالمين.. أخي بوصباح أمامك فرصة تاريخية نادرة للإصلاح فلا تفوتها ودع الرؤوس الملطخة بزيت النفط ورشاواه تتدحرج، فالأمر جد خطير.. والدين النصيحة!

***

آخر محطة:

(1) كل هذه المليارات وقبلها فضائح التعيينات والمكافآت والزيادات والبونصات والتجاوزات في النفط ولم تتكحل أعين المواطنين بتصريح واحد من ادارة القطاع النفطي يبدد الغموض ويكشف الحقائق، فهل هي مشغولة بقضايا أهم؟! وما هي تلك القضايا؟!

(2) ما كتبه أحد «المختصين» بالقانون من ان الحكم الدولي في قضية «الداو» لا قيمة له كونه لم يصدر عن المحاكم الكويتية.. هو في رأينا عبث قانوني!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *