اقتداء بمناظرات مرشحي الرئاسة في الولايات المتحدة جرت مناظرة الخميس الماضي بين السيدين عمرو موسى وعبدالمنعم ابوالفتوح، وتشتهر الديموقراطية الأميركية، وهي الأكثر تقدما في العالم، ليس فقط بالمناظرات بل بقيام ناخبيها في الأغلب باختيار ديموقراطيين للمجلسين التشريعيين وجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة لتحقيق توازن استراتيجي يفيد الأمة (منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1865 تم انتخاب 18 رئيسا جمهوريا و9 ديموقراطيين)، كما لا يغفر الشعب الأميركي للرئيس او مرشح الرئاسة أبدا عدم صدقه وقد عزل الرئيس نيكسون لا لقلة كفاءته أو نقص خبرته أو لتجاوزه على المال العام، بل.. لكذبه على الشعب الأميركي.
***
وكانت المناظرة قد تأجلت من 3/5 إلى 10/5 بطلب من المرشح ابوالفتوح ثم تأخرت ساعتين لتأخر وصوله بسبب زحمة السير (!) والمناظرة بذاتها وقبل ان تبدأ نصر لعمرو موسى وخسارة لابوالفتوح الذي اتهم منافسه بأنه من «الفلول» الذين يرفض لقاءهم او العمل معهم بل طلب في لقائه مع جريدة «الأنباء» في 9/5 تحويلهم إلى محاكم «ثورية» وتعليقهم على المشانق وهو نفس طلب سيد قطب في أغسطس 1952 من الثورة آنذاك وهو أمر تحقق ودفع ثمنه الشهيد قطب والاخوان والشعب المصري قاطبة، وكان ابوالفتوح قد رفض مناظرة مرشحين آخرين أمثال حمدين صباحي الا انه قبل بمناظرة ومصافحة من اتهمه بكل الموبقات مما يعني عدم جدية أو صدق تلك الاتهامات.
***
وقد تعرض د.أبوالفتوح للسجن لمدد طويلة في دول عالم ثالث لا يشكل المعتقل فيها «تهذيبا، وإصلاحا» بل إخراج اسوأ ما في الإنسان من كذب وتلاعب وإخفاء ما يعتقده وحقد أسود على الأوضاع والمجتمعات التي تخلت عنه وتطرف وتشدد مبطن في الآراء «حوّل المعتقل الشهيد سيد قطب من مفكّر إلى مكفّر».
لذا لاحظ الجميع كم الحقد والكراهية التي تعكسها أقوال ولقاءات ومواقف أبوالفتوح تجاه المؤسسة الأمنية والجيش ورجال النظام السابق ما يعني انه سيشغل مصر والشعب المصري بعمليات تطهير واجتثاث وانتقام للأربع او الثماني سنوات المقبلة تكرارا لـ«روشتة» ما حدث في العراق بعد عام 2003 عندما فكك وعزل الجيش ورفع شعار التطهير والاجتثاث فعم القتل والخراب والدمار ارض الرافدين ورفعت رايات القاعدة السوداء (ظهر في أحداث ميدان العباسية التي أيدها أبوالفتوح رايات القاعدة السوداء وحضرها محمد الظواهري شقيق أيمن الظواهري محاطا بالملثمين)، ولنا عودة في مقال الغد لما يقوله أبوالفتوح وما تظهره في المقابل الحقائق وهل كانت المناظرة محايدة ام ان هناك دلالات على تسريب محاورها لأحد الطرفين ما يعطيه أفضلية على المنافس بعكس ما يحدث في مناظرات أميركا وأوروبا الملتزمة بالحياد وعدم التسريب.
***
آخر محطة:
(1) في عام 2010 وقبل ان يفكر بالترشح لرئاسة مصر، اصدر د.ابوالفتوح كتاب «شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر» روى خلاله قصص ظلمه وتعذيبه واساءة معاملته التي قلنا انها احالت سيد قطب من مفكر الى مكفر وقسمت الاخوان الى معتدلين من اتباع الإمام حسن البنا ومتشددين، ويظهر ابوالفتوح ضمن صفحات الكتاب تشدده وتطرفه الذي يحاول اخفاءه الى هذه الأيام حيث يقول: «ان من اقدار الله الطيبة ان نلتقي أولا بأفراد التنظيم الخاص من المتشددين قبل لقائنا مع القيادات الأكثر اعتدالا أمثال الأستاذ عمر التلمساني، الذين لو التقيناهم أولا ما انضممنا لجماعة الاخوان المسلمين».
(2) في آخر ذلك الكتاب يضع صوراً مختارة له مع شخصيات عامة يرى بالطبع اهميتها حيث وضع صورته مع الشيخ القرضاوي والمرشد مأمون الهضيبي.. الخ، وجميع تلك الشخصيات خصها بصورة واحدة لهم معه عدا شخصية اختصها بصفحة كاملة من الكتاب وصورتين – لا واحدة – معها، ما يعني عقلا ومنطقا اعجابه الشديد بها وقد كانت هاتان الصورتان ـ للعلم ـ للسيد.. عمرو موسى!
(3) كيف يستقيم بعد هاتان الصورتين، والصورة الواحدة كما يقال بألف كلمة، تصديق ما يقوله ابوالفتوح في حملته ضد شخصية جل ذنبها انها نافسته على مقعد الرئاسة؟! أي ان كان موسى بهذا السوء فلماذا وضع صورته؟! وان كان شخصية مصرية وطنية كان يفتخر بها حتى عام 2010 فلماذا «يتبلى» عليها هذه الأيام؟!