أول أضلاع مثلث تدمير الديموقراطية الكويتية يكمن في المطالبات بتعديل الدستور لفرض أن يتم اختيار رئيس الحكومة من البرلمان وليس من خارجه، ومنع الوزراء من التصويت وهم من الأصوات العاقلة القليلة الباقية في المجلس التي لا تتأثر بمطالبات الدغدغة الهادفة لإفلاس الخزينة العامة للدولة وتدمير مستقبل الكويت وأجيالها القادمة لأجل البقاء و.. إعادة الانتخاب..!
***
ثاني أضلاع التدمير هو الدعوات المطالبة بإعلان وإشهار الأحزاب التي دمرت وتدمر أوطاننا العربية حيث سينتج عن الحزبية تقنين التخندقات الفئوية والطائفية القائمة ومن ثم بقاؤها الى الأبد، وتحولنا بالتبعية الى لبنان الأمس وعراق وصومال اليوم تتقاتل فيه الأحزاب الطائفية والفئوية على مغانم وجوائز الحكم، ولا يعتد في هذا السياق بالقول ان تلك التعديلات ستمنع خلق أحزاب على معطى طائفي أو فئوي، فجميع دساتير الدول العربية ذات الأحزاب الفئوية والدينية والطائفية بها نصوص مماثلة دون أن يغير ذلك من الواقع القائم على الأرض شيئا، ونظرة سريعة للتجمعات السياسية القائمة عندنا تكشف ما سيؤول إليه حال الأحزاب الكويتية عند السماح بها، وإشكال آخر هو أن الحزب الفائز سيستبيح الميزانية العامة والوظائف العامة ويوزعها على الأتباع والمنضوين تحت لواء الحزب دون التقيد بأي قوانين أو تشريعات ولن يأمن حينها أحد على مصدر رزقه حيث سيجد نفسه في اليوم التالي للانتخابات الحزبية محاربا ومطاردا وملقى على قارعة الطريق.
***
ثالث أضلاع الدمار هو مشروع التحول الى الدائرة الواحدة المدمر غير المعمول به في الديموقراطيات الأكثر تقدما وإنجازا من ديموقراطيتنا المتعثرة، حيث ستصبح جائزة الانتخابات 50 كرسيا نيابيا محملا بالمكاسب والجوائز في مجتمع لا ترتبط فيه العملية الديموقراطية بالود والتسامح بل بالاستحواذ والاستباحة والعداء الشديد للآخر، لذا سيسبق انتخابات الدائرة الواحدة حملات انتخابية ستصل بمجتمعنا للتقاتل والتناحر، وسيتلوها طغيان وظلم وديكتاتورية التحالف الفائز بـ 51% من الأصوات لـ 49% الباقين من الكويتيين.
***
آخر محطة:
(1) ذهبت الجمعة الماضية لميدان التحرير في القاهرة لمتابعة «المليونية» التي أعلنت عنها أحزاب الثورة، وأول ما لاحظته هو انه لا مليونية في المليونية بل أعداد لا تزيد على آلاف قليلة في وسط الميدان تشبها على الأرجح بعدم وجود وزة في شاي الوزة أو أسد في شاي الأسد(!) فلماذا يكبر ويضخم الإعلام المخادع تلك الحشود الصغيرة ويعطيها تلك المسميات الكاذبة التي ترعب السائحين وتخوّف المستثمرين؟! لست أدري..
(2) أمر مهم آخر، واضح ان تلك الجموع الصغيرة لا تأتي للميدان بمحض إرادتها عن طريق سياراتها الخاصة أو المواصلات العامة للتعبير عن رأيها فيما يدور، بل يتم إحضارها بالعشرات بالباصات المكيّفة المستأجرة بمئات آلاف الجنيهات من الضواحي والقرى والنجوع، وقد علمت ان أغلب المشاركين يتسلمون في طريق العودة مبالغ مالية كبدل انتقال وعناء، فمن أين لتلك الأحزاب بتلك المبالغ المالية التي تدفع كل جمعة؟! ومن يرفض عرض حضور مجاني لزيارة القاهرة وفوقها مبالغ مالية لقاء رفع لوحة هنا او هناك.. لزوم التصوير والخداع؟!