هل كان الطاغية صدام يتصور وهو يهدد ويتوعد ويغزو الكويت ان تنطلق من الكويت الدولة الصغيرة جحافل التحرير التي ستسقط حكمه البغيض وتجعلنا نزور القصور التي بناها بدماء وأموال ودموع الشعب العراقي المظلوم؟ في هذا السياق، أخبرتنا مرافقتنا العراقية ان علينا ان نزور في المرة المقبلة قصور الطاغية في الشمال، وتضيف: ان قصر الثرثار قادر وحده على استضافة قادة العالم ومرافقيهم، حيث يحتوي على أكثر من ألفي جناح وغرفة وصالة، وقد تسلى الديكتاتور ببنائه إبان الحصار!
***
رغم الأوامر بالتزام الوفود الزائرة حدود المنطقة الخضراء، إلا ان السياسي العراقي الشهير د.أحمد الجلبي دعانا للحديث والعشاء في بيته الكائن بمنطقة المنصور بالقرب من نادي الصيد، وأرسل إلينا السيارات المصفحة وقوى الحراسة كي تقلنا ذهابا وإيابا، وقد تواصل الحديث معه لمدة 5 ساعات امتلأت بالأسرار والأحداث التاريخية التي تعرف وتبقى ضمن الغرف المغلقة.
***
تمتلئ سيرة د.الجلبي العلمية والمهنية والشخصية بالحقائق، كما تمتلئ سيرته السياسية والاقتصادية بالاتهامات، فمن حقائق سيرته أنه ولد لعائلة عراقية ثرية وكان جده رئيسا للوزراء إبان العهد الملكي ووالده رئيسا للبرلمان، كما حصل الدكتور على شهاداته في الرياضيات من جامعتي هارفارد وM.I.T الأميركيتين، ولا يختلف اثنان على ذكائه الحاد وذاكرته الحديدية ودوره الفاعل في تاريخ العراق ما بعد هزيمة 1991 حتى قيل إنه السبب الرئيسي في إسقاط صدام، ويقول صديقه ريتشارد بيرل: ان من يعرف د.الجلبي لا بد ان يحترمه ومن لا يعرفه لا بد ان يكرهه.
***
في المقابل، يتهمه خصومه بأنه ضلل الإدارة الأميركية فيما يخص أسلحة الدمار الشامل العراقية، مما تسبب في دخول العراق عام 2003، وان له علاقات خاصة ومميزة مع الولايات المتحدة (وتحديدا مع صقور الكونغرس والپنتاغون والمخابرات) وإيران وإسرائيل، وتتهمه مملكة البحرين بالعداء الشديد لها لحساب الآخرين، في وقت يشيع فيه د.الجلبي ان وزير خارجية البحرين هو من يقف وراء إصدار قرار احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة (القرار 1483) وهو اتهام يقول كثيرون ان من الصعب تصديقه!
***
ومن الأمور التي تحدث عنها د.الجلبي تفاصيل تزويده جريدة «المدى» العراقية بقوائم رشاوى صدام النفطية التي اشتملت على أسماء كثير من الساسة والإعلاميين في العالم ومساعدته في القبض على صدام وإعلانه عن تلك الواقعة قبل إعلان الأميركيين عنها، وما جرى إبان لقائه الشهير مع صدام فور القبض عليه، وحادثتي مقتل السيدين الخوئي ومحمد باقر الحكيم وحكايات الفساد في بغداد وقانون اجتثاث البعث، وختم اللقاء بتسمية طريفة أطلقها على الحكومة القائمة وهي «الحكومة التلفزيونية»، حيث يرى ان بقاء الحكومة في المنطقة الخضراء جعلها ترى الشعب من خلال التلفزيون ويراها الشعب من خلال التلفزيون كذلك.
***
آخر محطة:
لمصلحة الكويت لا مصلحة غيرها، نطرح بعض التساؤلات المحقة حول حادثة حرق العلم الإيراني التي كادت ان تشعل البلد، أولها: هل يقبل البعض فيما لو كشف يوما عن إلحاد مسلم سني كويتي ان تحرق أعلام دول سنية خليجية أو عربية كنوع من الاحتجاج على ما فعله الملحد؟ وما دخل إيران أو غيرها من دول خليجية بتعدي مواطن كويتي سني أو شيعي على رسول الأمة صلى الله عليه وسلم وأهله الطاهرين؟
والتساؤل الآخر هو: إذا كان حرق العلم يعاقب عليه القانون، فهل يجوز القبول بطلبات تجعلنا نتحول من دولة قانون ومؤسسات الى منهاجية شريعة الغاب؟ وهل يراد لشعبنا ان يفرز من جديد فيصبح هناك من هو تحت القانون وهناك من هو فوقه؟!