يحق لمن يريد ان يختلف مع اي وزير او مع رئيس الوزراء بشرط الا يفجر بالخصومة وألا «يدمر» الدستور واللعبة الديموقراطية في سبيل الوصول لذلك الهدف، فالدستور هو اعراف وممارسات قبل ان يكون نصوصا جامدة، فما نرتضيه هذه الأيام من ممارسات كوسيلة للوصول للغاية يعني القبول باستخدام نفس الأدوات في الغد حتى لو سخر لنا يوما رئيس يجمع بين دهاء بسمارك وحكمة درزائلي وحنكة تشرشل وقدرة مهاتير وذكاء لي كوان.. اي سنبقى ضمن دائرة الأزمات الطاحنة كائنا من كان الرئيس وشخوص وزرائه (مقال «ديموقراطيتنا سمكة بين الأشجار» المنشور في 24/10/2011).
***
واضح استمرار ممارسات سياسية مدمرة تقتل الديموقراطية كما يقتل الهواء السمك كاستجواب اي رئيس وزراء على اعمال الوزراء الآخرين ممن سينضمون حسب هذا الفهم العقيم «للنواب المعصومين» ومن ثم سيفسدون كحالهم حيث ان السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، ومن الممارسات القاتلة للعملية الديموقراطية التعسف في استخدام الأدوات الدستورية وعلى رأسها الاستجواب، ومن الممارسات الخاطئة إعطاء النائب مرتبة من لا يحاسب قط عما يفعله عبر رفض انشاء «لجان قيم» والعمل بمبدأ غريب مضمونه ان أخطأت الحكومة فهي المخطئة وان أخطأ النواب بسبب غياب آلية الحساب والعقاب فالحكومة مخطئة كذلك (نفس المقال السابق ذكره).
***
أمر يجب أن يعيه الأحبة من الشباب وهو ان الغايات مهما حسنت وصحت فلا يقبل ان يتم الوصول اليها بالطرق الخطأ لذا فعليهم اظهار احترامهم الشديد للقانون ورجال الأمن، وان يحرصوا على منشآت الدولة ودخول البيوت من أبوابها الشرعية وغير ذلك يعني الفوضى العارمة التي ستكتسح الجميع لا فرق حينها بين حكومة ومعارضة والتي سيكون الخاسر الأكبر فيها أنتم.. الشباب! مرة أخرى نذكر بأن الشد والمناكفة لن يوصلا سفينة الكويت التي تقلنا جميعا من شيب وشبان، حكومة ومعارضة الى بر الأمان، وان استهداف الناطور ـ اي ناطور ـ بدلا من العنب أمر لا حكمة فيه، ومن يقول ان نفس اسلوب الشد والمناكفة لن يتكرر مع الناطور الذي يليه والذي يليه والذي يليه ومن ثم يبقى بلدنا وشعبنا على صفيح ساخن حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا؟! (من مقال «على أعتاب الفوضى» المنشور في 28/11/2011).
***
هناك حقيقة واضحة جلية وهي ان الاضرابات والاعتصامات تدمر الكويت، ولن نتحول الى «مركز مالي وسياحي» بوجود مثل تلك الاضرابات، فلا المستثمرون العرب والأجانب ولا حتى الكويتيون مستعدون لخسارة أموالهم وتعطيل مصالحهم بسبب الاعتصامات ولا السائحون قابلون للبهدلة في المطارات والنوم في الحر والظلام.. الخ، خاصة في ظل وجود دول خليجية منافسة لا اضرابات ولا اعتصامات فيها ومن ثم سندفع جميعا كمواطنين 135 مليار دولار على منشآت وبنى أساسية لن يستخدمها أحد وسنخسر مستقبلنا ومعه أموال البناء وأموال التشغيل دون عائد! (مقال «كلكم رابحون والخاسر الوطن» المنشور في 1/10/2011).
***
آخر محطة: (1) بدأ العد التنازلي لدخول عام 2011 الذي قد يصبح الأخطر في تاريخ العرب مما قد ينسينا معه كوارث أعوام 1948، 1967، 1975، 1990، 2001 مجتمعة فنحن الأمة الوحيدة التي تنتقل أوضاعها من سيئ الى أسوأ والتي تنتهي أمورها عادة بما يفوق أكثر سيناريوهاتها المتصورة رعبا، فلعبة الأمم ستكون على أشدها في المنطقة العربية العام المقبل، المشاركة في اللعبة ليست اختيارية بل ان الجميع لاعبون فيها رضوا ام أبوا والمنتصر في تلك اللعبة ـ ان وجد ـ لا يحصد الجوائز بل يكفيه فقط ان يكون قادرا على.. تحمل خسائرها (مقال «2011 أخطر أعوام العرب» المنشور في يوم الاثنين 10/5/2010 اي قبل 7 أشهر من الربيع العربي الذي ابتدأ مع بدايات عام 2011).
(2) سأكتب قريبا مقالات عن السيناريوهات المرعبة للفترة الممتدة من 2012 الى 2015 اي السنوات القليلة القادمة والتي ستشهد النتائج الكوارثية لأكذوبة الربيع العربي حيث ستشهد العديد من دوله حروبا أهلية طاحنة ومجاعات وعمليات تهجير وانقسام وانشطار أغلب تلك الدول.
(3) كما ستشهد نفس الفترة تداعيات وكوارث غير مسبوقة في بعض الدول الخليجية حيث ستجتمع عليها.. حروب الخارج واضطرابات الداخل وستهب على الخليج تلك الزوابع والأعاصير ونحن.. مشغولون بأزماتنا السياسية.. كالعادة!