عندما سمحت القبس لنفسها أن تطلب من خالد السلطان أن «يركد» لمطالبته بإلغاء النظام الربوي، فإنني أجد من الأولى أن نقولها للدكتور احمد الخطيب، الذي تعمد تشويه التاريخ وقلب الحقائق، وكأنه الوحيد الذي كان يعيش على هذه الأرض طوال الخمسين سنة الماضية!
ابتداء نؤكّ.د أن ما نذكره اليوم تعليقاً على مقال د. احمد الخطيب المنشور في القبس في عددها يوم الأربعاء الماضي، لا يقدح في تاريخ الرجل وعطائه ومساهماته في بناء النظام البرلماني في الكويت منذ مطلع الستينات، كما لا ننكر لتياره الوطني دوره البارز في حادثة تأميم النفط في مطلع السبعينات، وهي الفترة التي كان التيار الإسلامي منشغلاً فيها عن العمل السياسي، بالعمل الدعوي والتوجيه والإرشاد، ومعالجة الخلل في الجانب السلوكي والأخلاقي في المجتمع.
غير أنّ الدكتور الخطيب دأب منذ فترة ليست بالقصيرة، على نشر مقالات وإلقاء ندوات فيها من المغالطات وتحريف الحقائق الشيء الكثير، وكان آخرها المقال المذكور.
يذكر الدكتور أنّ التيار الإسلامي شارك الحكومة في ضرب القوى الديموقراطية، عندما أراد التخلص من دستور 62، ويقصد هنا مشاركة العم الفاضل يوسف الحجي في الحكومة، بعد حل البرلمان عام 1976! وهذا المثال بالذات يكررونه منذ ذلك التاريخ الى اليوم، كلما أرادوا انتقاد التيار الإسلامي، وهو حق يراد به باطل! نعم.. العم يوسف الحجي (رئيس جمعية الاصلاح الاجتماعي آنذاك)، كان ضمن التشكيل الحكومي في 1976/9/6، والذي ضم رموز العمل الوطني وقادته امثال عبدالعزيز الصقر، حمود يوسف النصف، عبدالله المفرج، عبدالله يوسف الغانم، سليمان حمود الزيد الخالد، وآخرين. والسؤال الآن: ما الذي يحلل لرموزكم المشاركة في حكومة ما بعد حل البرلمان ويحرمها على غيرهم؟!
يقول الدكتور الحكيم إنّ الحكومة «سلمت «الإخوان» وزارة التربية والأوقاف والمساجد والاعلام وبيت التمويل» هكذا ومن دون رتوش! وسؤالي للحكيم الذي خلط الحق بالباطل: من هم «الاخوان» الذين تسلموا وزارة التربية ووزارة الاعلام؟ ومتى؟ هل تذكر اسماء الوزراء الذين تناوبوا على وزارة التربية، ام تحتاج إلى من يذكرك بها، بعد ان أنساك طول الزمن الذاكرة؟ سجّ.ل معي: عبدالله الجابر، خالد المسعود، صالح عبدالملك، حسن الابراهيم، أنور النوري، احمد الربعي، يوسف الابراهيم، عبدالله الغنيم، عبدالعزيز الغانم، نورية الصبيح، موضي الحمود ..! هؤلاء هم وزراء التربية الذين بسببهم وصل التعليم الى ما وصل اليه، وهم في اغلبهم يمثلون تيارك أيها الحكيم! فكيف تدعي أنّ الوزارة تم تسليمها إلى «الإخوان»؟ اتق الله يا دكتور عندما تتحدث عن التاريخ، فما زال بيننا من يذكر!
تدعي في مقالتك أنّ «الإخوان» لم يكن لهم دور في الحراك الشعبي الداعم للحفاظ على الدستور، وهذه أكبر من أختها! فهل تريد أن تعرف دور «الإخوان» في حماية الدستور، والحفاظ على المكتسبات الدستورية؟ إليك بعضاً مما لا تريد أن تسمعه أو تتذكره:
ـــــ عندما قرر «الإخوان» ولوج العمل السياسي في عام 1981، كان اول أعمالهم تشكيل لجان في جميع مناطق الكويت لمواجهة مقترح الحكومة بتنقيح الدستور، وذلك بالضغط على النواب لرفض مقترح الحكومة، وكانت مواقف نوابها في مجلس 1981 متميزة في هذا الجانب، وفعلاً سحبت الحكومة مقترحها، بعد أن شعرت بصعوبة تمريره. ويعتبر هذا الحدث من أفضل إنجازات المجالس البرلمانية قاطبة، ولو كان تيارك يا دكتور ممثلاً في ذلك المجلس لجعلتم من هذا الحدث معلقة، تتحدثون بها بمناسبة وبغير مناسبة.
ـــــ في مجلس 1985 شارك الإخوان في استجواب وزير العدل الشيخ سلمان الصباح، ونجحوا في حشد التأييد الشعبي لطرح الثقه بالوزير.
ـــــ منذ اليوم الاول لظهور نتائج انتخابات 1985 زار وفد الاخوان (حمود الرومي – عبدالله النفيسي – مبارك الدويله) مرشح الرئاسة ـــــ آنذاك ـــــ السيد جاسم الخرافي، وكان من المقربين للكتلة الاسلامية في مجلس 1981، وأخبروه أن المرحلة الحالية تستدعي وجود السيد احمد السعدون رئيساً، فتقبل هذا الرأي وانسحب من السباق.
ـــــ بعد حل مجلس الامة في 1986 شارك الاخوان في تشكيل جبهة معارضة سياسية للمطالبة بعودة الحياة السياسية، وكان لهم تمثيل في مجموعة الخمسة والأربعين، وساهموا بفعالية في دواوين الاثنين، وقاطعوا المجلس الوطني، ومع كل هذه الاعمال، وتقول إنهم لم يكن لهم حراك شعبي لدعم الديموقراطية! على مَنْ يا دكتور؟!
ـــــ بعد التحرير ترشّح لرئاسة مجلس الأمه عام 1992 كل من جاسم الصقر واحمد السعدون وعبدالعزيز العدساني ومبارك الدويله، ثم انسحب جاسم الصقر، وكان بمقدور ممثل الحركة الدستورية الاسلامية ان يفوز بالرئاسة لو أراد، لكونه ضَم.ن أصوات الحكومة وعددها احد عشر صوتا، حيث كانت الخصومة بين الشيخ سعد والسعدون في قمتها، لكنه لم يكن وصولياً او ميكافيلياً، وقال امام النواب «لن أتشرف بكرسي تكون الحكومة هي صاحبة الفضل فيه علي» فدخل في تصفية مع السعدون قبيل الجلسة الافتتاحية، حيث فاز الاخير بفارق اربعة أصوات فقط.
عزيزي الدكتور احمد.. الدلائل على بطلان اتهاماتك للاخوان لا تحصى، خصوصاً في موضوع الدفاع عن الدستور، بل إن الوقائع تؤكد أنّ تيارك هو من وقف ضد الممارسة السليمة للدستور، حيث كنتم حلفاء للحكومات الاخيرة بشكل علني وواضح، ووقفتم ضد معظم الاستجوابات التي قُدّ.مت في مجالس الامة المتعاقبة، بينما كنا نحن نستجوب أبناء الاسرة الوزراء من دون اي اعتبار لمصالح او مكاسب مع النظام. في انتخابات 2009 خسرنا معظم مرشحينا، ولم ننعت الشعب بعمى الألوان كما فعلتم في الانتخابات الاخيرة، بل تعاون نائبنا الوحيد مع التيار الوطني بحق، وليس التيار الذي يدعي الوطنية، وهو أبعد ما يكون عنها، لقد أثبتت ردات فعلكم على النتائج الاخيرة أنكم اول مَنْ يكفر بالديموقراطية إن لم تأت على مقاسكم، بينما كنّا نحن نتقبلها بحلوها ومرها. مشكلتكم يا دكتور أنّ خصومكم الاسلاميين سبقوكم في مجال العمل الوطني، وأبدعوا فيه، وكشفوا للناس زيف ادعاءاتكم، فلم يعد لكم ما تقدمونه للناس سوى البكاء على الأطلال وتذكيرهم بتأميم النفط!