يردد الصداميون ويردد معهم بعض الكويتيين بغفلة أو حسن نية ان هناك مطالبة عراقية «دائمة» بالكويت تتمثل حسب قولهم بما حدث في عهود عراقية ملكية وجمهورية مختلفة كحال – ما يدعون – انها مطالبات «بضم وتبعية» الكويت للعراق في عهود الملك غازي ونوري السعيد وعبدالكريم قاسم واخيرا صدام ما يعني ان هناك مطالبات تاريخية قائمة ومستمرة الى اجل غير مسمى.
*****
واذا ما فهمنا اسباب ترديد اعلام ايتام صدام لتلك الاقاويل الكاذبة كوسيلة لتبرير غزوه الغاشم لبلدنا عام 1990 بل وليشكره التاريخ والعراقيون على ذلك الفعل «المجيد» ما دام ما قام به هو فقط تحقيقا لرغبات شعبه ومطالبه التاريخية بالكويت كما يقول بذلك الصداميون وبعض الكويتيين ومعروف ان تحقيق رغبات الشعوب من قبل الحكام هو امر يحسب لهم لا عليهم، ومن ثم ففي هذا القول الذي سنثبت خطأه الجسيم اعطاء الطاغية صدام صك البراءة من تلك الجريمة الشنعاء.
*****
والحقيقة التي قلتها قبل اسابيع قليلة امام جمع من المثقفين الكويتيين والعراقيين هي ان ادعاء وجود مطالبة تاريخية مستمرة من العراق بضم الكويت ساقطة كونها غير حقيقية وتبرر لصدام جريمته، كما انها تحرث الارض لمطالبات ولربما اعتداءات لاحقة قادمة ما دمنا نقرها مع الصداميين ولا ننكرها في وقت ينكرها الشرفاء من أهل العراق ممن يحرجهم اصطفاف البعض منا مع تلك الفرية والكذبة الكبرى.
*****
ان الحقيقة الجلية تظهر ان الملك غازي لم يستند الى حقيقة تاريخية للمطالبة بضم الكويت بل طالب وبتأثير من المفتي امين الحسيني بوحدة عربية تكون العراق هي بروسيا العرب فيها تضم العراق وسورية وضمنها لبنان الكبير والاردن وفلسطين والكويت، اما نوري السعيد فقد طلب من بريطانيا العظمى ان ترفع سمو الشيخ عبدالله السالم الى رتبة ملك وتمنحه الاستقلال تمهيدا لقيام وحدة بين ثلاثة ملوك هم ملوك الكويت والعراق والاردن اي اتحاد ثلاث دول مستقلة ومن ثم لا توجد مطالبة ضم او تبعية للعراق.
*****
ومع عبدالكريم قاسم فقضية عدم التبعية اجل واوضح حيث استقبل قاسم سمو الشيخ عبدالله السالم في المطار كحاكم دولة عام 1958 وليس كشيخ لقائمقامية قضاء الكويت واستمر تعامله مع الكويت كدولة حتى اسبوع واحد فقط من مطالبته عام 1961 التي كانت بتأثير من الاتحاد السوفييتي بقصد احراج عدوهم الرئيس عبدالناصر، والأمر كذلك مع الطاغية صدام الذي استقبل سمو الشيخ جابر الأحمد كحاكم الكويت المستقلة قبل شهرين فقط من الغزو الغاشم الذي بدأه بأكذوبة الانقلاب العسكري وتبعه بأكذوبة التبعية والضم، والسؤال: هل من مصلحة الشعب الكويتي ان يصطف مع الصداميين بدعواهم ان هناك مطالبة شعبية عراقية بالكويت؟ ام نقول عكس ذلك مستشهدين بالحقائق التاريخية الثابتة ومن ضمنها أنه لا يوجد حزب عراقي واحد في العهود الملكية او الجمهورية وضع ضمن اجنداته او «المانيفستو» الخاص به المطالبة بالكويت، كما لا يوجد في الشعر العراقي و«بوذياته» الحزينة ما يعكس مطالبة شعبية عراقية بالكويت فلماذا نسعى لخلق إشكال من عدم؟!
*****
آخر محطة:
1ـ نكتب تلك الحقائق خدمة للكويت في اعيادها الوطنية وردا على كاتب خط مقالا بالامس لم يسألنا عما قلناه في اجتماع عام بل استند الى ما ادعى ان احد الاخوة العراقيين الافاضل قد نسبه لنا فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه كما قال الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
2ـ لا احد يزايد علينا في تصدينا لصدام وفيالقه الاعلامية خلال سنوات طوال والتي يعلم بها الشعب الكويتي قاطبة وندعو الكاتب المعني الى ان يشرح لنا ولشعب الكويت ما فعله هو تحديدا تصديا لصدام وفيالقه خلال تلك السنوات؟!
3ـ هل نذكر ذلك الكاتب كيف كافأنا على توسطنا ـ دون غيرنا من زملائه ـ لإعادته للصحيفة التي كان يكتب بها بعد توقيفه عن الكتابة بها وما قاله مسؤولها عن سبب التوقيف ثم هجومه في اول مقالاته اللاحقة التي كان يرسلها بالفاكس على من توسط له.. كفو!
4ـ يمكن للكويت ان تستبدل مداخيل النفط وعوائد الاستثمارات الناضبة بتصدير فوائض الحقد والحسد ونكران الجميل لباقي ارجاء المعمورة قاطبة وهي ثروات متجددة تنبع من بعض النفوس والقلوب مع اشراقة كل صباح!