في البدء كثر اللغط والكلام عن نتائج استفتاءات دائرتنا الثالثة، والحقيقة التي يجب ان تقال هي ان تلك الاستفتاءات لا تصدر عن جهة محايدة مراقبة من الدولة، كما ان سجل نتائجها للانتخابات الماضية لا يدل على الصحة او الدقة على الإطلاق ولم توضع على شكل جداول تتوقع الفائزين من الواحد حتى العشرة كي يمكن مقارنتها مع النتائج النهائية للانتخابات، بل وضعت بطريقة يغلب عليها العموم عبر اختيار أكثر من عشرين مرشحا محتملا للفوز في كل دائرة وهو أقرب لحال تنبؤات المنجمين مع بداية كل عام والتي تتكلم عن كل شيء ولا شيء في الوقت ذاته.
****
ولا يمكن معالجة المرض دون «التشخيص الصحيح» للحالة وعليه أقول ان ما يشتكى منه في الدائرة الثالثة هو «رد فعل» وليس «فعلا» بذاته لسنوات طوال من استقصاد شريحة كبيرة من الكويتيين بالشتم والتجريح (سراق، كلاب.. إلخ) واستقصاد وزرائهم ومسؤوليهم بالاستجوابات الكيدية القائمة على «الهوية» لا «القضية» والتي يتعرضون من خلالها هم وعائلاتهم للإهانات لدغدغة أصوات بعض الناخبين ودون النظر لمتطلبات الوحدة الوطنية، في وقت يتم السكوت فيه عن مسؤولين آخرين كانوا يتجاوزون جهارا نهارا على المال العام.
****
والحقيقة لم يكن البعض من مرشحي دائرتنا الثالثة، شديدة التسامح والرقي والتي تنجح وتوصل للبرلمان عادة كل ألوان الطيف الاجتماعي والسياسي الكويتي، يأمل في حصد حفنة من الأصوات كي يحلم هذه الأيام بحصد أصوات الآلاف للوصول للكراسي الخضراء، ان ظاهرة مناطحة الصوت بالصوت، والأذى بالأذى والشتم بالشتم والصياح بالصياح هي نتاج لممارسات خاطئة تراكمت في مجالس ما بعد عام 1992 واعتمدت على دغدغة المشاعر المتعصبة والمتخندقة للفوز حتى لو دمرت وحدتنا الوطنية، وها نحن ندفع ثمن تلك الممارسات الخاطئة.. المستمرة.
****
والمؤسف بحق ان من يلوم تصدر بعض مرشحي الدائرة الثالثة غير المثبت وغير الحقيقي، حيث يتم انتقاد هؤلاء المرشحين في أغلب دواوين الدائرة ومن سيخذلهم على الأرجح ناخبو الدائرة يوم الانتخاب هم ذاتهم من يصدر ويحمل على الأعناق من يشتم أبناء الكويت بالاتجاه الآخر ويصفهم بأرذل الصفات والأسماء من سراق وكلاب.. إلخ، وفي هذا السياق، لماذا يشتم الشيوخ والتجار الفاسدون فقط بدلا من انتقاد الفساد بشكل عام دون تخصيص مخل أي انتقاد الوزير الفاسد والنائب الفاسد والدكتور الفاسد والتاجر الفاسد والطبيب الفاسد والإعلامي الفاسد والموظف الفاسد.. إلخ، ان المهم ليس ما يرسل من كلمات نارية في الندوات الانتخابية بل كيفية استقباله من قبل الآخرين من شركائنا في الوطن.
****
وكلمات نضعها فوق المجاملات، وهي ان مستقبل الكويت ووحدتها الوطنية يفرضان استحقاقات مهمة على الجميع، ومنها إصدار قانون «تجريم دعوات الكراهية» ووقف الفرعيات والتشاوريات المحرمة شرعا والمجرمة قانونا خوفا من ان تنتقل آجلا أو عاجلا الى الدوائر الثلاث الأولى كوسيلة للانتقام والتعامل بالمثل مادامت لا تلقى العقاب المناسب، ان الوحدة الوطنية على محك الاختبار يوم 2/2/2012 حيث تجرى أخطر انتخابات في تاريخ الكويت فإما إبعاد وإسقاط كل من يقتات على فرقتنا وتشتتنا ودغدغة أحط مشاعرنا في كل الاتجاهات، أو إنجاحهم واستبدال مشروع التعمير والإنماء الذي نحلم به بمخطط التدمير وإسالة الدماء القادم لا محالة.. والخياران في أيدينا لا في أيدي الآخرين.
****
آخر محطة: صديق شيعي مقرب جدا تظهر مواقفه المعلنة وطنية كويتية خالصة ندر ان نجد مثلها عند السنة أو الشيعة قال لي بأسف وأسى شديدين انه مضطر هذه المرة وفي ظل التخندقات السافرة لأن يصوت لأربعة مرشحين شيعة وهو أمر لم يقم به قط في الماضي، لا سامح الله المتخندقين والمؤزمين والفاسدين على ما فعلوه في وطننا المعطاء وتدميرهم لكل حسن وجميل فيه.