كلما دخلت ديوانية هذه الايام استمعت لسؤال مهم هو «احنا وين رايحين؟» وعليه قررت كتابة هذا المقال لعل وعسى أن ننجح في الاجابة عن هذا السؤال المهم وأن نساهم عبر تلك الاجابة في تغيير المسار قبل وقوع الضرر لا بعده.
***
أول الأمور التي نلحظها في بلدنا أننا لا نتعلم قط من أخطائنا، بل نكررها، ولا نستمع للرأي السديد، بل نسارع في الأغلب الأعم الى نقضه وتسخيفه والتشكيك في نوايا قائله، لا نوقف في العادة مسارنا الخاطئ مهما نبهنا الآخرون منه حتى نسقط في الحفر المميتة أو المؤلمة جدا والتي ما ان نخرج منها حتى.. نعاود المسار الخاطئ «من تاني».
***
وأستذكر شخصيا تكفيرنا وطنيا عام 86 عندما طالبنا آنذاك بإحضار قوات أميركية لحماية البلد من الحرب المستعرة على حدودنا الشمالية بين العراق وإيران، وتكفيرنا وطنيا مرة أخرى بعدها بعشرين عاما عندما انفردنا تقريبا عام 2006 بمعارضة التحول الى الدوائر الخمس.
وقلنا حينها إنها ستزيد ما يشتكى منه ولن تقلله، والعجيب أن من يشتكي هذه الايام من مخرجات البرلمان الحالي، أي برلمان الدوائر الخمس، ويعتبرها الأسوأ في تاريخ الكويت هو من صرح على رؤوس الاشهاد في حينه بأن التحول سيوقف الرشاوى والفساد النيابي والطائفية والفئوية ولم يقبل في حينه الاستماع للرأي الآخر (خوش ديموقراطية) وقد عاد البعض لتسويق وترويج مشروع الدائرة الواحدة غير الدستوري وتكفير معارضيهم في الرأي وهذه هي الديموقراطية في أجل صورها ولاّ.. بلاش!
***
من يفخر باجتماع جدة أكتوبر 90، هل لنا أن نسأله لماذا لم يعقد ذلك المؤتمر «قبل» الغزو لا «بعده»؟! فلو تنازلت القوى المتباينة والمتنافرة آنذاك بدلا من المناكفة لما أطمعنا الطامع بنا ولما ـ ربما ـ حدث الغزو، إن تعلم درس الغزو الأليم يفرض على القوى الحكومية والمعارضة التنازل قليلا هذه المرة لأجل الكويت ومستقبل شعبها واللقاء دون شروط مسبقة «قبل» وقوع الضرر لا «بعده»، فقد امتلأت رؤوس الكويتيين بـ «الفلعات» من كثرة السقوط بالحفر المتكررة التي انفردنا بها دون الآخرين.. وصرنا بسببها بحق «طماشة للخلق».
***
آخر محطة: (1) سجن الشباب والإضرار بمستقبلهم خطأ، وإطلاق سراحهم وكأن اقتحام المجلس النيابي أمر عادي يحدث كل يوم، خطأ، الحل هو حجزهم ثم أخذ التعهد منهم بعدم العودة لذلك الخطأ الكبير وحفظ القضايا مسجلة ضدهم بعد الاعتذار للشعب الكويتي عن اقتحام بيته!
(2) الرجاء من الفضائيات الموالية والفضائيات المعارضة أن تكون القدوة للشباب الغر عبر عدم التخندق وضرورة استضافة من يمثل الرأي والرأي الآخر في برامجها الحوارية.
(3) والرجاء من قوى المعارضة وقوى الحكومة إرشاد أتباعهم لمبدأ القبول بالآراء المختلفة وحقيقة عدم وجود احتكار للحقيقة، ثم التركيز على استخدام الحوار ـ لا العنف والعصيان ـ لحل المشاكل فتلك أسس المجتمع الديموقراطي الذي نحلم به، ودون ذلك فلا ديموقراطية لدينا مهما قلنا وطننا، وادعينا بدءها منذ 50 عاما.