حضرت في اليومين الماضيين مؤتمراً لتأسيس منتدى وحدة الخليج والجزيرة العربية في مملكة البحرين الشقيقة، شاركت فيه نخبة من المفكرين والسياسيين والإعلاميين والادباء من أبناء دول مجلس التعاون. وكان محور الحديث عن أهمية الوحدة الكونفدرالية لدول مجلس التعاون في ظل المتغيرات في المنطقة، وأدهشني شبه الاجماع في الرؤية على أهمية هذه الوحدة وضرورتها، والتي ربطوها بخطوة مهمة لا بد من اقترانها بها، وهي اجراء اصلاحات سياسية في دول مجلس التعاون الخليجي تتيح للمواطن الحرية المنضبطة والممارسة الديموقراطية السليمة.
واستوقفني طرح غريب وحقيقي في الوقت نفسه، ففي الوقت الذي اثنى الجميع على التجربة الديموقراطية الكويتية فإن البعض انتقد هذا الثناء وطالب بالاتعاظ من هذه التجربة، وعدم الخوض فيها، لأنها اوقفت التنمية وشرذمت المجتمع! وهذا حق أريد به باطل، لان العيب ليس في الديموقراطية الكويتية ولا في الدستور الكويتي ولا في النظام البرلماني ـــ وان شابه بعض القصور ـــ لكن العيب في الممارسة من قبل الحكومة والنواب، كل وفق اختصاصه، مما ادى إلى هذا القصور وهذا التشويه.
ان اعداء الحرية والديموقراطية ارادوا استغلال ما تشهده الساحة الكويتية من صراع محتدم بين اطراف هذا الصراع ليستخدموه بعبعاً يخوفون به شعوبهم من هذه الممارسة، وتناسوا ان خداع الشعوب في هذا الزمان قد ولى الى غير رجعة، وتشويه وسائل الاعلام الرسمية للحقائق وقلبها ونقلها بصورة مخالفة للواقع لم يعد لها تأثير في زمان الـ «فيسبوك» والـ «تويتر». الأمر الآخر الذي استوقفني في هذا المؤتمر هو معلومة كانت غائبة عن ذهني، وهي وجود عدد كبير من سجناء الرأي في دول الخليج ومن دون محاكمة! وكنت اعتقد ان العلاقة بين الحاكم والمحكوم تغلفها المحبة والاحترام المتبادل في هذه الدول. وهنا اقول ان على اغلب حكامنا الافاضل ان يستمعوا الى نصائح المحبين لهم من شعوبهم لا الى المستفيدين منهم من حاشيتهم، ان التصالح مع الشعوب هو صمام الامان لبقائهم، فاليوم شعوب الخليج تطالب باصلاح النظام فقط، لكنها غداً ـــ إن طال الانتظار ـــ ستطالب بتغيير النظام متأثرة برياح التغيير التي تجتاح العالم ولا تبقي ولا تذر.
لم يعد النظام البوليسي صمام امان للحكام، ولم تعد القبضة الحديدية كافية لحفظ النظام، الشعب والتصالح مع الشعب واحترام ارادة الشعب وإنسانيته هي الضامن الوحيد.
ختاما.. نهنئ شعوب الخليج تأسيس المنتدى الذي سيكون انطلاقة للوحدة الخليجية التي انتظرناها منذ عقود وهي بلا شك تفيد الانظمة الحاكمة مثل ما تفيد شعوبها، حفظ الله خليجنا وشعوبه من كل مكروه.