عندما طالبنا بالأحزاب السياسية لوقف هذا العبث السياسي الذي يمارس يوميا من قبل بعض السياسيين والإعلاميين، كنا ندرك خطورة العمل الفردي العشوائي، الذي بدأنا نشعر بسلبياته هذه الأيام. وقد يقول قائل إن الكتل السياسية البرلمانية تفي بالغرض، فنقول إن بلانا من بعض تصرفات هذه الكتل! خذ مثلا كتلة العمل الشعبي، التي تعتبر أكثر الكتل شعبية في الدائرتين الرابعة والخامسة، فتصريحات ممثليها سببت الكثير من الاحتقان السياسي، وأفكار عرابها الذي حولها إلى قوانين مثل قانون الشركات المساهمة وقانون B.O.T تسببت في الركود الاقتصادي وتعطلت التنمية، مع يقيني بالنية الطيبة في تبني هذه القوانين. أما كتلة التنمية والإصلاح فواضح فيها الفردية في التصرفات، ففيصل المسلم ووليد الطبطبائي يتبنيان أفكاراً يلزمان بها الحربش وهايف، وتسير الكتلة على طريق وعر أحيانا، مع يقيني بأنها الكتلة التي تمثل الفكرة الإسلامية والرؤية الإسلامية.
ثالثة الأثافي كتلة العمل الوطني، وهي تجمع لحزبين يمثلان التيار الشيوعي والتقدمي، وعدد من المستقلين المحافظين الذين لم يرغبوا في المحافظة على استقلاليتهم خوفا من الضياع السياسي، فانضموا لهذه الكتلة!
هذه الكتلة بهذه التركيبة العجيبة صارت مثل الزئبق في مواقفها، لا تستطيع أن تحدد لها خطا ومنهاجاً، فتارة هنا وتارة هناك، حسب تأثير نواب التيارات اليسارية والقومية فيها (العنجري والملا وأسيل)، وحسب مصالح أعضائها التجارية، لذلك تجد الغرابة في تباين مواقفها.
من العوامل الرئيسية في الاستقرار السياسي ضبط الحس السياسي عند رجل الشارع، فإن كان رجل الشارع موجها توجيها سليما وفقا لرؤية محددة ومنهج واضح، كانت ردة فعله إيجابية بغض النظر عن الموقف، وإن كانت الأمور «سايبة» ولا يوجد توجيه واضح للشارع، ولا توجد رايات محددة تلعب بالساحة، عندها سيكون الشارع عاملا مساعدا على الفوضى السياسية والعبث السياسي، وفي أفضل الأحوال.. السلبية.. والبقاء في البيت والديوانية لمزيد من التحلطم واللطم. وهذا ما يحدث اليوم في غياب الموجّه لهذا الشارع، ألا وهي الأحزاب المنظمة.
أما دور الإعلام المنظم في توجيه الشارع ودور رجل الإعلام الفالت في تغييب الحقائق وتضليل هذا الشارع، فسأترك له مقالا آخر، لكن لا يفوتني مثال قرأته بالأمس عندما قال أحد هؤلاء الفالتين الذين لم يعد يوجههم منهج وفكر، بل حقد وضلالة: إن من اسباب انتشار الرشوة سيطرة الجماعات الدينية على الجمعيات التعاونية.
لماذا ناصر المحمد؟
يتساءل البعض: لماذا ناصر المحمد؟ لماذا ليست الحكومة كاملة؟ لماذا شخص واحد يتحمّل كامل المسؤولية؟ وأفضل اجابة سمعتها هي ان المآخذ على سمو الشيخ ناصر المحمد هي علاقته برجل اعلام ايراني، وما نتج عنها من تقارب عجيب مع ايران وتنافر واضح مع دول الخليج. كذلك طريقة كسب المؤيدين من النواب على حساب المصلحة العامة، والثالثة طريقة ادارته لمجلس الوزراء وميانته على الجميع فيه، كلها بلا شك يتحملها شخص سموه.