خلال سنوات 1968 ـ 1970 استبدلت قيادات وزعامات مسالمة في عدة دول عربية بقيادات إبادية قمعية، بدأت منذ أيامها الأولى بنصب المشانق وفتح أبواب السجون وشن الحروب بالداخل والخارج، وحولت ثروات بلدانها العامة الى حساباتها الشخصية، وكان لسان حالها يتمثل بمقولة «اتيلا» الرهيب: «حيث يمر حصاني لا ينبت العشب أبدا»!
***
وقد يصعب فهم التوجه السياسي «الحقيقي» لتلك الأنظمة المدمرة، فقد ادعت الوطنية والقومية واليسارية وحتى الإسلامية في حين امتلأت سجونها بالوطنيين والقوميين واليساريين والإسلاميين، وتناقضت أقوالها مع أفعالها، فالعداء الزائف للغرباء بالخارج والعداء الحقيقي المعمد بالدم للأقرباء بالداخل.
***
هذه الأيام نرقب تساقط او «تقاعد» تلك الأنظمة تباعا بعد ان تسببت في إفلاس دولها وخواء خزائنها، وغيبت عن شعوبها التنمية السياسية الحقيقية التي تجعلها تتعايش مع بعضها البعض، وتركت خلفها ثارات وأحقادا ودماء تهدد دولها بالانفصال والانقسام والحروب الأهلية القادمة لا محالة بعد ان انفصل جنوب السودان الذي تفوق مساحته 15 ضعف مساحة فلسطين التاريخية التي قامت «انقلابات» الامس بحجة نصرتها وتناستها بالمطلق «ثورات» شعوب هذه الأيام لكثرة ما تعرضت للقمع والإبادة تحت راياتها.
***
وللحقيقة والتاريخ ثارت إبان الحكم الاستعماري دير الزور السورية السنية في العشرينيات فتجاوب معها الفرات العراقي الشيعي في ثورته الكبرى، وتم تبادل خطب الجمعة بين المساجد الشيعية والسنية في بغداد، وتآخى الهلال والصليب في مصر، ومنح الفرنسيون الدروز دولة مستقلة حاكمها سليم الأطرش فأسقطها الدرزي الثائر سلطان الأطرش بالتعاون مع أهل دمشق بقيادة الدكتور الشهبندر، كما منحوا العلويين دولة أسقطها الثائر العلوي صالح العلي بالتعاون مع الكردي السني إبراهيم هنانو، أما إبان الحكم الوطني هذه الأيام فقد باتت دولنا مهددة بالانشطار لعشرات الدول المتقاتلة و.. ألا ليت الاستعمار يعود يوما فنخبره بما فعله الحكم الوطني الثائر بنا من جرائم يندى لها جبين الانسانية!
***
آخر محطة: (1) أيهم أكثر رحمة ورأفة بالمواطن السوري من يتظاهر في الجولان المحتلة أم في حمص المحررة؟!
(2) ما موقف قيادة حركة حماس مما يحدث في بلاد الشام هذه الأيام؟!