مبارك الدويلة

الحرية المفترى عليها

دول وأنظمة وأحزاب وجماعات ومؤسسات وأفراد تتباهى بدعمها للحرية، حرية الكلمة وحرية الرأي وحرية التعبير!!
هذه الادعاءات أثبت الواقع كذبها، وان الحرية التي يعرفونها ويطالبون بها هي الحرية التي تتفق مع مصالحهم وتأتي على مقاسهم، أما ما عداها فهو خطوط حمراء لا يجب تجاوزها، أو أنه ثوابت لا يجوز التعدي عليها!!
ولنبدأ بالمجتمع الغربي الذي يدعم سقوط أنظمة في العالم الثالث، بحجة دعمه للحريات العامة والديموقراطية، فها هي فرنسا قبلة الحريات ونموذجها تذبح الحرية الشخصية بحجة العلمانية التي تتبناها كدستور عندما تمنع المرأة الفرنسية من لبس النقاب، وتضيّق على المحجبات في رزقهن ولقمة عيشهن!! وليت الأمر توقف عند فرنسا بل تبعتها ألمانيا وبلجيكا والنرويج وعدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني الغربي.
أما عندنا في الوطن العربي فحدث ولا حرج!! الأنظمة القومية والتقدمية ما تعرف ربها إلا لما يجيها الموت!! عندما يتحرك المارد الشعبي ويرفع صوته بالله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.. تتسارع قرارات ومراسيم الحرية الاعلامية، وحرية تشكيل الأحزاب، والتعددية، وعدم التجديد لولاية سادسة. واذا جئنا الى الكويت وجدنا العجب العجاب!! أدعياء الحرية وحماتها هم أول من يذبحها ويدوس عليها!! عندما نكتب مقالاً عن شخصية طائفية عاثت في الأرض فساداً وآذت أهل الكويت وحكامها واحرجتهم مع الاشقاء واثبتت الأجهزة الأمنية ارتباطها بالخارج.. عندما تتحدث عن هكذا نموذج يتم التضييق عليك بحجة قانونية المقال!! وعندما يكتب زميل لك عن ملك دولة شقيقة بالنقد ويتهمه بالفساد يعتبر هذا شكلاً من أشكال احترام حرية الكلمة!!
عندما يتقدم تيار إسلامي في البرلمان باستجواب لشخصية سياسية في الحكومة يكون الاستجواب طائفياً شخصياً انتقائياً!! وعندما يتقدم تيار آخر باستجواب للشخصية نفسها يكون استجوابا مستحقاً!!
عندما يطالب الإسلاميون بتطبيق قانون اللباس المحتشم في قاعات الدراسة يعتبر هذا تعديا على الحريات الشخصية!! وعندما تتقدم طالبة للدراسة في كلية الطب يرفض طلبها اذا كانت منقبة!! عندما يطالب التيار المحافظ في الكويت بمنع البرامج التي تمتلئ بالمناظر الفاضحة والمخلة بالآداب تقوم القيامة تباكيا على الحرية واحترام الرأي الآخر، وعندما يبدي أحد المشايخ رأيه في قضية عامة في برنامج تلفزيوني يتسابقون ـــ اياهم ـــ بالمطالبة بإخراسه ومنعه من الاستمرار في الحلقة القادمة بحجة أفكاره التي يبثها وفتاواه التي يطلقها!!
بالمناسبة.. بعض المناضلين القدامى والتيار القومي آنذاك وأكثر المطالبين زورا وبهتانا بحرية الكلمة واحترام الرأي الآخر، كتب مقالاً بالأمس يعتبر الجهاد ضد اليهود والمطالبة بتحرير فلسطين خدعة!! ويطالب بمواجهة المتواجدين في ساحة التغيير ويتهمهم بالكذب على الناس في مطالبهم، عش رجبا.. تر عجبا!!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *